أبي فوق الشجرة

أبي فوق الشجرة

الكل يتذكر الفيلم المصري للعندليب الأسمر الذي مثله مع ( لم أعد أتذكر) والذي كما يقول المصريون كسر الدنيا وكان نجم الشباك، فهذا الفيلم رجع إلينا في حلة جديدة حلة سنة 2009/2010 وهذه المرة على الطريقة المغربية وطبعا المغربي أحلى لأنه بلدي الغالي، ولأن النسخة المغربية الجديدة من أبي فوق الشجرة ( أي النسخة المغربية) هي من صميم الواقع وليست مجرد سيناريو مستوحى من الخيال فهو أكثر مرارة وبؤس.
المهم هو أن إحدى الجرائد المغربية ساقت لنا صورة فيها أبشع مستويات تدني المروءة والشهامة والإنسانية على حد سواء لأحد المسنين الذي اتخذ من الشجرة ملاذا ومسكنا بعد أن طرده الأبناء ورفيقة حياته وتنكروا له، وجعلوه يفترش الثرى ويمد يده سائلا المعونة والحاجة بعدما كان يوما ما هو صاحب المعروف والكرم،اختار جذع شجرة كانت ملاذا له واحتضنته بحنان بعروشها وأغصانها بعد أن فقد الحنان من أقرب المقربين إليه، وهذا طبعا أمام مرأى ومسمع من الجميع وهنا أنا لا أحمل الدولة وحدها مسؤولية ما وصل إليه هذا المسن من حيف وجور حتى بدأ يستجدي الرحمة من جماد، بل أحمل المجتمع المدني بكل أطيافه من جمعيات ومؤسسات حقوقية وحتى الأسر العادية، ألم يرق قلب له وهو منذ سنة يتخذ الشجرة مسكنا له، أين النخوة وأين الطيبة التي كنا نعرف بها منذ سنين وأين إكرام الضيف واليتيم والمسكين وابن السبيل أم أن هذه فقط أصبحت في عرفنا مجرد مصطلحات تقال في المنابر الإعلامية وفي المساجد، أين هي الرأفة والرحمة؟ التي وضعها الله تعالى في قلوبنا، لكن عندما فكرت وجدت أن هذا المسن قد وجد على الأقل غصن شجرة آواه واحتضنه من الكلاب الضالة على وجهين، فهناك الآلاف ممن يهيمون على وجهههم يفترشون الثرى ويقتاتون من الأزبال. هناك من سيقول بأن صورة هذا المسن هي بالملايين في أمريكا وهي الدولة العظمى وهذه الصورة موجودة في أحسن الدول وأرقاها، أقول لهم نعم هذه الصورة موجودة وكثيرة لكن أمريكا ليس لها ديننا الحنيف وقيمنا الإسلامية السمحة، هذا الدين الذي يوصينا بالوالدين والعجزة خيرا.
لكن الصورة الأدهى والأمر حتى ذلك الحضن الدافئ قاموا بطرده منه، انتزعوه انتزاعا من أحضان شجرة أسعدها وجوده معها واستأنست به لمدة عام من الزمن.
ستتساءلون وأين سيذهب؟ فليذهب حيث يشاء فلا أحد يهتم، فمن طردوه من الشجرة لن يكونوا أحن عليه من أبنائه وذويه.