للأمانة الخبرية و الإخبارية كتبت هدا المقال بطلب من صديقي هادي بعد نقاش سريع و معمق حول الخبر مكوناته و صناعته
الخبر بدلالاته المختلفة و المتباينة و ما يحمله من أوجه متعددة هو أحد الأنشطة البشرية القديمة و الموغلة في القدم, رافق الإنسان , نحت مسيرته و دون تاريخه...كل الفئات و الشرائح الاجتماعية تصنع الخبر و تسعى لنقله و تناقله...الراعي, الخباز, الحداد, العامل, العجوز المتطفلة و الطبيب المتفاني, المرأة الحامل و المحامي البارع, الموظف المتبرم و الأديب المتبحر, الشاب المساوم و الكهل المسالم, الفتاة العذراء و البنت الشقراء, الأب الحنون و الولد الخدوم, السيد المتكبر و المسؤول المتجبر, الرسول المبعوث و السجين المنبوذ, المراهق المتمرد و المدان المتهرب, العم الغبي و العاشق الوفي...جميعهم يبتدعون الخبر و يساهمون في ترك الأثر.
و الخبر الذي يصنعه الجمهور و الخالي من الحياد و الموضوعية و القابل للتصديق و التكذيب مختلف عن الخبر الصحفي الذي هو في جوهره صنع الواقع كما يجري أو كما جرى, فالصحفي ينطلق من الواقع و يحترم هدا الواقع, يقدم أحداثا و حقائق تجيب باختزال و دقة عن ستة من الأسئلة و هي: من و مادا و متى و أين و كيف و لمادا؟
و الخبر الصحفي شئنا أم أبينا لا يمكن أن ينفصل عن ذات الصحفي, مواقفه, أهدافه و ميولاته بمعنى أن الصحفي لا يمكن له بلوغ الكمال الحيادي و التمام الموضوعي...فالخلفية الإخبارية و ما تتضمنه من منظومات فكرية و تشكلات ذهنية و رواسب عقائدية مذهبية , متصلة بالصحفي لا تنفصل عن قلمه و تساهم في إثراء الخبر الذي يبدو في أيامنا هده جافا, روتينيا, خاليا من الجدة و الطرافة مبتعدا عن الابتكار و الخلق منساقا وراء متطلبات السوق و قواعد الربح و المادة.
فلكم من الأخبار الجدية و المحورية لم و لا تأخذ حقها من الاهتمام و الكشف الإعلامي...تحتاج لمن ينير غموضها و يستوفي تفاصيلها...أي نعم الكتابة الخبرية لها أسس ممنهجة و قواعد مضبوطة لكنها أبدا أبدا ليست بالسكوت عن الوقائع و إسدال الستائر على الحقائق.