السلام عليكم ورحمة الله
ابني حبيبي
حلمت بالأمومة دوما، لكنها تأخرت عن الإنجاب، طرقت جميع الأبواب في الداخل والخارج لتحضى بكلمة ماما.
لم تصدق نفسها عندما اعلمها طبيبها المعالج أنها حامل وفي شهرها الثالث كاد يغمى عليها من الفرحة بعدالاستسلام، مرت الشهور كأنها حلم، وقفت بالساعات أمام المرآة تتأمل بطنها المنتفخ وتحلم باقتراب الموعد، حدثته كثيرا عن حياتها وطفولتها والأمل الذي زرعه من جديد في نفسها،وملئه للفراغ العاطفي الذي كانت تحس به دائما، عرفت أنه ذكر،واختارت له من الأسماء ما يليق بشخصية مرموقة في المجتمع، اختارت له الكلية التي سيدرس بها والتي تمكنه من ولوج قمة المناصب في الدولة. تمنت وحلمت أن يدرس القانون ليصبح وزيرا تفتخر به أمام رفيقاتها.
جهزت له غرفته ووضعت له مكتبة كبيرة،أرادته أن يفتح عينيه على الكتب ويتعلق بها، وحلمت به وهي واقفة معه في حفل التخرج.
سهرت الليالي وهي تحكي له القصص وتتحدث معه وتغني له وتضع يدها على بطنها بحنان لافت وكأنها تلمس جسمه الصغير.
في يوم شعرت بانقباض شديد تلاه ألم بالغ، لم يحن الوقت بعد، لم تكمل شهرها السابع، لا يمكن أن تلد الآن... أخذها زوجها على عجل للطبيب، فطمأنها بأنها حتى ولو أنجبت الآن فلا خوف على الجنين، فسوف يعيش.
كانت تصرخ وتتألم وتبكي بخوف على وليدها، وتتمنى أن تسمع صرخاته، لا تريده أن يصبح وزيرا،لا تريده أن يتخرج من الكلية، تريد فقط أن تراه وتحمله بحب بين ذراعيها، تشم رائحته الطيبة، تقبله، تسعد به،وتقول بصوت مسموع هذا ابني قطعة من نفسي. تذرعت إلى الله أن ينقذ ابنها، وفي لحظة فقدت الوعي ولم تعد تدري ما يحدث.
عند استفاقتها، سألت عن ابنها، فجاءها الجواب صادما:
"آسف لقد ولد ميتا"
"مات الأمل انطفأ النور دفن الحلم للأبد"