فارقتني الأحلام

موضوع: فارقتني الأحلام السبت يوليو 30, 2011 6:31 pm

فارقتني الأحلام

أحلام الطفولة رائعة و جميلة ، و لكني عندما

أتذكرها أشعر بالغربة . فما أبعد الماضي عن

الحاضر ، و ما أبشع شراسة الواقع ، فلقد

زاح بجبروته و طغيانه تلك الأحلام الجميلة و عوّضها

بمرارة الأيام و اجترار روتين السنوات . كانت

أحلاما رائعة تجعل الحياة تنضح شعرا و بهاء

و تحيل قتامة العيش إلى بياض ناصع و نور مشرق

يضيء جميع الدروب و يعمّر جميع الفيافي و الصحاري ،

و يمنح القلب دفئا يقيه من جليد الزمن و تبلّد

اليقظة . كانت أحلاما لذيذة تنعش الصدر و تملأ

الكون خيرا و نورا فاستحالت مع الأيام ذكرى

بعيدة و تحولت الأحلام فيها إلى كوابيس مرعبة

تدمر الذات و تحولها إلى شظايا مرمية في غياهب

النسيان.

لقد هاجرتني الأحلام دونما عودة ، و فارقتني مع

فراقها الأفراح و السعادة ، فانكفأت على

نفسي ألوك عذابات السنين و أحتسي ظلمات الليالي

و أرتدي لون الحداد فلا تزيدني الذكرى إلا لوعة

على لوعتي و جراحا يتسع مداها مع الزمن.

قتلوا فينا الكبرياء

أماتوا جذوة الإنتشاء

و اغتصبوا أحلامنا في المهد

داسها الجلاد بالحذاء

اتهمونا بالإرهاب و بالفوضى

و نحن - في الواقع - أبرياء

لا نملك غير الحلم

و الحلم تمزّق ..صار أشلاء

نأبى طأطأة الرؤوس

و نحن في أوطاننا غرباء

و نمسك زمام الحرف

و غيرنا يفضل الإختفاء

شجعانا كنّا و مازلنا

و نحتقر الجبن و الجبناء

و نناضل من أجل الحق

و نغنّي ملاحم الشهداء

و نسعى لتحرير الشعوب

و لا نُفرحُ الظالم بالولاء

للحلم مساحة لا يتخطّاها

و أحلامنا انحسرت

فلم نعد نراها

اغتالوا ألق القصيدة

و أخمدوا نبض القلب

و الروح غادرها لظاها

كيف الحلم ....

و النوم هاجر العيون و جفاها ؟

كيف الحلم و القادم أحجية

دنّسها الزمن و أخفاها ؟

أحلامي صارت كوابيس

حاصرها الشرطيّ

و طوّقتها النّواميس

يغزوني الخوف من القادم

و تتبعني الجواسيسُ

أسير أسيرا من الألم

و ذاتي ابتلعتها الدّواميسُ

ا

الأحلام لا تخاف

و لا تبالي

و كلما ازداد القهر

اتجهت نحو الأعالي

لكن الأحلام فرت

و هذا ما أثار انشغالي

و زاد الظلام ظلاما

و تهاوت قمم الجبال

فكيف أحلم وحدي ؟

أجيبيني عن سؤالي

رتّقت حلمي طويلا

إلى أن ضاع في أسمالي

و تمسكت بالحياة كثيرا

إلى أن تأكدت أن الموت مآلي

روحي مازالت في جسدي

تتوق إلى العالي

هو زمن تسود فيه السحالي

و يدفن الأحرار تحت الرمال

صبرنا كثيرا كصبر الجمال

و حلمنا طويلا .. أنرنا الليالي

غير أن الأحلام استحالت كالمحال

و غرقنا جميعا في بحر من الأوحال

أجول بخاطري في نداها

أتخيل همساتها

أسترجع وقع خطاها

فأنساب مع هدير البوح

أقتات من شذاها

ينتابني الحنين إلى لفحاتها

و إلى بريق الشوق يتوج محيّاها

أحتضنها بعنف

ألتهمها بشغف

فتزهر الحياة عندما ألقاها

دارت الايام ففرّت

سافرت بعيدا عن مداها

لله درّها كيف لي أن أنساها ؟؟

ما عادت تسعدني الدنيا

و شمسي لا اعرف من أخفاها .

بالأمس راودتني الأمنيات

فأزهرت صحراء القلب

في غمار الغفوات

رأيتها تُذيب جبال الشوق

فتدين لها السّموات

عندما داعبتها

رقص القلب على وقع النغمات

و اليوم تهت عنها

حاصرتني الظلمات

و القلب أضحى ساكنا

أين تلك الخفقات ؟

زائر

تشرق و تغيب
تظهر و تحتجب
تداعب و تبتعد
نحسها قريبة
و لكنها أبعد ما يكون
يثيرنا لهيبها
بنارها نحترق
و لكنها ستظل أحلامنا
بها تستمر الحياة

» فارقتني الأحلام
» يا هوى الأحلام يا عزّة
» الأحلام منجم لم يستثمر بعد