الكلمـــــة الحـــــرّة
الكلمـــــة الحـــــرّة
الكلمـــــة الحـــــرّة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الكلمـــــة الحـــــرّة

منتدى ثقافي عام
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 موسوعة الشاعر محمود درويش

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3 ... , 9, 10, 11  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالسبت يناير 09, 2010 3:33 am




سماء صافية وحديقة خضراء



ألسماء الصافية تفكير بلا فكرة كحديقة

كلها خضراء. قصيدة لا عيب فيها سوى

إفراطها في الوضوح. تفتقر السماء إلى

غيمة ولو عابرة لتوقظ الخيال من خَدَر

الأزرق. وتفتقر الحديقة الخضراء إلى

لون آخر، أحمر أو أصفر أو ليلكي،

وإلى بنات آوى، لكي يحار القلب بين الأنواع.

فالجهاز خصم الحافز. والقصيدة

محتاجة إلى ما يشبه الخلل الماكر لكي

نصدُّق الشاعر حين يكذب ويكتب عن حيرة الروح

بين سماء صافية وحديقة

خضراء، فما حاجتنا للشعر إذا قال

الشاعر: إن السماء صافية. وإن

الحديقة خضراء؟


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالسبت يناير 09, 2010 3:34 am




كلمة واحدة



هسيس الكلـمة في اللامرئي هو موسيقى

الـمعنى، يتجدد في قصيدة يظن قارئها، من

فرط ما هي سرية، أنه كاتبها !


كلـمة واحدة، كلـمة واحدة فقط، تشع

كماسة أو يراعة في ليل الأجناس، هي ما يجعل

النثر شعراً !

وكلـمة عادية يقولها لا مبال للا مبال

آخر، على مفترق طرق أو في السوق، هي

ما يجعل القصيدة ممكنة !

وجملة نثرية، لا وزن فيها ولا إيقاع،

إذا أحسن الشاعر استضافتها في سياق الملائم،

ساعدته على ضبط الإيقاع، وأضاءت له

طريق الـمعنى في غبش الكلـمات.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالسبت يناير 09, 2010 3:39 am




بيت القصيد



ألشيء الناقص في القصيدة ، ولا أعرف ما

هو ، هو سرها المشع، وهو ذلك

الناقص، ما أسميه "بيت القصيد"

*****

حين تكون القصيدة واضحة في ذهن الشاعر,

قبل كتابتها، من السطر الأول حتى الأخير,

يصبح الشاعر ساعي بريد, والخيال دراجة!

*****

ألطريق إلى المعنى، مهما تشعب وطال,

هو رحلة الشاعر. كلما ضللته الظلال

اهتدى !

*****

ما هو المعنى؟ لا أعرف. لكني قد

أعرف ما هو نقيضه. نقيضه هو استسهال

العدم !

*****

ليس الألم موهبة. هو امتحانها: فإما أن

تقهره... أو يقهرها !

*****

كل شعر جميل ... مقاومة

*****

ألتراث الحي هو ما يُكتب اليوم ... وغداً

*****

ألشاعر الكبير هو من يجعلني صغيراً حين

أكتب ... وكبيراً حين أقرأ !

*****

أمشي بين أبيات هوميروس والمتنبي

وشكسبير ... وأمشي وأتعثر كنادل متدرب

في حفلة ملكية !

*****

ألغيمة في خيال الشاعر ... فكرة

*****

الشعر ... ما هو؟ هو الكلام الذي نقول

حين نسمعه أو نقرأه: هذا شعر!

ولا نحتاج إلى برهان.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالسبت يناير 09, 2010 3:41 am




هجاء



لا يستقيم مديح السلطانة إلا بقصيدة

عمودية: الصدر للصدرية. والعجز للعجيزة !


ورثاء السلطان مديح تأخر لأسباب

بروتوكولية: لم يأذن الحاجب للشاعر

بدخول القصر وتأدية الواجب. لكن أذن

له بزيارة القبر.


لا أكره شاعراً يكرهني. لكني أعتذر

عما سببت له من ألم !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالسبت يناير 09, 2010 3:42 am




في الخطابة والخطيب



ألخطابة, في معظمها الآن هي فنّ ابتذال

المهارة. طبل يناجي طبلاً في ساحة كلما

اتسعت, وجد الصوت متسعاً لامتلاء

الصدى بضجيج الفراغ. يتلقفه الخطيب

ليحشوه بمزيد من هباء المعنى. الصوت,

لا الكلام , هو السيد مرفوعاً على صدى

تحميه الأكف من خطر السقوط على الحقيقة.

الخطابة ليست ما يريد الخطيب ــ المهرج قوله,

فالصوت يسبق القول الغائب, والخطبة

هي الغاية ... هي ما ترتجله الغريزة

من حماسة الفتك بالخصم, وما يعجب

مشاهدي مصارعة الثيران الساديين من

نصال فارس بلا فروسية. الخطابة هي

إعدام المعنى في ساحة عامة. المبتدأ يبدأ

بعد استراحة الصوت القصيرة لارتشاف جرعة

ماء. أما الخبر المتأخر فهو متروك للارتجال

المتبخر الذي تسنده آية قرآنية أخرجت

من سياقها, أو بيت شعر قاله شاعر في

مدح أمير أمويّ ظنه الخطيب عباسياً, فأثار

التصفيق. التصفيق هو المبتغى والقصد,

يستعيد خلاله الخطيب اللاأفكار القادمة عليه

من المشهد, فيبتسم كمن يكافئ جمهوره

على حسن ظنهم بذكائهم المكتسب من فائض

ذكائه, ويمنحهم نكتة تنوس بين الفكاهة

والتفاهة, فيضحكون ويضحك. الخطابة هي

تأليب الضجر على الضجر ببلاغة الشكوى مما

لحق بالأمة من خطر الضجر. يخلع الخطيب

معطفه ليدل الجمهور على موضع ضميره الحي.

يضع يده في جيب بنطاله بحثاً عن فكرة,

ويتحرك يميناً ويساراً لأنه حائر في تمايز

القوم. فإن كانوا يمينيين صدقوه, وإن كانوا

يساريين صدقوه. ثم يعود إلى منزلة بين

المنزلتين. ولا يكف عن ترديد كلمة : صدقوني !

الخطابة هي الكفاءة العالية في رفع الكذب

إلى مرتبة الطرب. وفي الخطابة يكون "الصدق

زلة لسان" !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالسبت يناير 09, 2010 3:43 am




مناصفة



تحيا مناصفة،

لا أنت أنت، ولا

سواك

أين ( أنا ) في عتمة الشبه ؟


كأنني شبح

يمشي إلى شبح

فلا أكون سوى شخص مررت به


خرجت من صورتي الأولى

لأدركه

فصاح حين اختفى:

يا ذاتي انتبهي !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالسبت يناير 09, 2010 3:44 am




أظن



أظن

ولا إثم في مثل ظني

ولا وهم،

أني

بخيط حريرٍ أقُصُّ الحديد

و أَني

بخيط من الصوف

أَبني خيام البعيد

و أَهرب منها

ومني

لأني ... كأني !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالسبت يناير 09, 2010 3:46 am




السطر الثاني



ألسطر الأول هبة الغيب للموهبة، أما

السطر الثاني فقد يكون شعراً أو خيبة

أمل [فروست]. السطر الثاني هو صراع

المجهول مع المعلوم. خلاء الطرق من الإشارات،

وامتلاء الممكن بالأضداد، فكل ممكن ممكن,

وهو حيرة تقليد المخلوق الخالق. هل

الكلمة تقود قائلها، أم قائلها يقودها؟ السطر

الثاني لا يوهب، بل يصنع بكفاءة ترويض

اللامرئي. فأنت ترى ولا ترى من شدة

التباس الضوء مع العتمة. وأنت ... أنت

الذي منحك الإلهام إشارة البدء. وتخلى

عنك لتمضي وحدك في مغامرة بلا بوصلة.

أنت كمن يخرج إلى غابة دون أن تعرف

ما ينتظرك: قطاع طرق، أم طلقة، أم

صاعقة، أم امرأة تسألك: ما الزمن ؟

فتقول لها : "توقف الزمن فمري" [بيسّوا].

الممكن غابة. فعلى جذع أية شجرة تسند

خيالك، ومن أي وحش تنجو؟. إذا

اهتديت إلى السطر الثاني في متاهة الممكن،

عرفت الطريق المعبد إلى موعد مع المستحيل !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالسبت يناير 09, 2010 3:47 am




أعلى وأبعد



رطب هواء البحر/

عذب شدو عصفور على الشباك/


هذا ما تبقى من كلام الحلم ...

حين صحوت، عند الفجر، قلت:

لعل لا وعيي البريء يفضّل الإيقاع

حين يقول لي :

"رطب هواء البحر

عذب شدو عصفور على الشباك"

لكن, كان وعيي يرشد المعنى إلى الإيقاع

[أو بالعكس]

حين يقول لي :

صعب صعود التل ... فاصعد

أعلى وأبعد !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالسبت يناير 09, 2010 3:48 am




الكناري



قرب ما سيكون

استمعنا إلى ما يقول الكناري

لي ولك :

ألشدو في قفص ممكن

والسعادة ممكنة ...


والكناري حين يغني

يقرّب ما سيكون

غداً تنظرين إلى اليوم ــ أمسِ

تقولين: كان جميلاً

وكان قليلاً

ولا تفرحين ولا تحزنين


غداً, نتذكر أنّا تركنا الكناري

في قفص, وحده

لا يغني لنا

بل يغني لقناصة عابرين ...


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالسبت يناير 09, 2010 3:50 am




في مركب على النيل



مركب علي النيل‮. ‬يوم الثلاثاء‮. ‬قهوة‮

‬وشاي ودخان سجائر‮. ‬وكلام عن الدنيا

التي لا نعرف‮ ‬غيرها‮. ‬أما ما يتخيله كل‮

واحد من المتحلقين حول نجيب محفوظ عما

وراء الدنيا،‮ ‬فيتقاسمه سرا مع طيور

تحلق فوق نهر الأبدية‮. ‬وهو،‮ ‬هو

المستمع بأذن انتقائية،‮ ‬تأخذ الكلمات وقتها في

الوصول إليه،‮ ‬لا يريد للمريدين أن

يفسروا كلامه المتقشف بأكثر مما فيه.

يعرف من المدائح ما يكفي ليجعل العبث‮

‬زهدا‮. ‬ولا يريد لأحد أن يحدق إلى

صنم أو منحوتة‮. ‬لكننا نحج إليه،‮ ‬لا

لنعرفه‮... ‬فقد امتلأنا برواياته وتقمصنا

شخوصها،‮ ‬بل لنحييه علي ما كتب،‮ ‬ولنحيي

أنفسنا جالسين بحضرة أسطورة حية خرجت

من مخطوطة فرعونية‮. ‬رأيت نساء قادمات

من أقاصي حرف الضاد يقبلن يده،‮ ‬فيخجل

ولا يعرف السبب،‮ ‬كأنه هو ولا هو

في آن واحد‮. ‬ثم يضحك ضحكة عالية،‮ ‬ويطلب

سيجارة حان وقتها ليبدد بسحابة

دخانها قداسة لا يصدقها ماكر مثله،‮ ‬

وللناس التأويل‮. ‬عاش ليكتب‮. ‬ومنذ

طعنه خنجر في الرقبة تخلّى عن سرد

التفاصيل بدأب النملة،‮ ‬واختار تقطير

النحلة‮. ‬من يومها،‮ ‬ونحن نجيء إليه

مودعين،‮ ‬فالحياة انتبهت إلي نقصانها وسئم الموت

التأجيل‮... ‬دون أن نشي بذلك،‮

‬ونحن من حوله في مركب علي النيل،‮

‬يوم الثلاثاء‮ ! ‬لكن يوم الثلاثاء لم يعد موعدنا‮ !‬


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالسبت يناير 09, 2010 3:53 am




إدمان الوحيد



أستمع إلى أم كلثوم كل ليلة، منذ

كان الخميس جوهرتها النادرة, وسائر

الأيام كالعقد الفريد. هي إدمان الوحيد .

وإيقاظ البعيد على صهيل فرس لا تروض

بسرج ولجام. نسمعها معا فنطرب واقفين،

وعلى حدة فنظل واقفين ... إلى أن تومئ

لنا الملكة بالجلوس فنجلس على متر من

ريح . تقطعنا مقطعاً مقطعاً بوتر سحري

لا يحتاج إلى عود وكمان ... ففي حنجرتها

جوقة إنشاد وأوركسترا كاملة , وسر

من أسرار الله. هي سماء تزورنا في

غير أوقات الصلاة, فنصلي على طريقتها

الخاصة في التجلي. وهي أرض خفيفة

كفراشة لا نعرف إن كانت تحضر أم

تغيب في قطرة ضوء أو في تلويحة

يد الحبيب. لآهتها المتلألئة كماسة

مكسورة أن تقود جيشا إلى المعركة ...

ولصرختها أن تعيدنا من التهلكة سالمين.

ولهمستها أن تمهل الليل فلا يتعجل قبل

أن تفتح هي أولا باب الفجر. لذلك

لا تغمض عينيها حين تغني لئلا ينعس

الليل. هي الخمرة التي تسكرنا ولا تنفذ.

الوحيدة الوحيدة سعيدة في مملكتها

الليلية ... تجنبنا الشقاء بالغناء, وتحبّبنا

إلى احدى حفيدات فرعون, وتقربنا من

أبدية اللحظة التي تحفرها على جدار معبد

ينصاع فيه الهباء إلى شيء ملموس. هي

في ليلنا مشاع اللا أحد. منديلها،

ضابط إيقاعها, بيرق لفيلق من عشاق

يتنافسون على حب من لا يعرفون.

أما قلبها, فلا شأن لنا به ... من

فرط ما هو قاس ومغلق كحبة جوز

يابسة !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالسبت يناير 09, 2010 3:56 am




في الرباط



في مدينة الرباط، المرفوعةِ على أمواج

الأطلسي العالية، يمشي الشاعرُ على الشارع

بحثاً عن مُصَادَفَة المعنى وعن معنى المصادفة.

يعرف النخيل جيّداً، و يسأل المارة عن

أسماء الأشجار الأخرى، حاملةِ الجَمْر، دون

أن يحصل على جواب واحد، كما لو أَن

الشجر وجهةُ نظر أو استعارة. لكن المارة يسألونه عن

وجهة الاستعارة في قصيدةٍ

ما نسي أنه كاتبها، فلا يقدّم جواباً واحداً،

كما لو أن الاستعارة شجرةٌ مجهولة الاسم.

من تحية إلى تحية، يمشي الشاعر على

الشارع كأنه يمشي في قصيدة غير مرئية،

يفتتحها شيخ مغربي ينحني على كسرة خبز ... ينفض

عنها التراب، و يقبِّلها و يَدَّخرها رزقاً

للطيور في ثغرة جدار. و لي ... في

مدينة الرباط مكان شخصي هو مسرح محمد

الخامس. هناك تمتلئ نفسي بما ينقصها

من ضفاف. ما أَعرفه عن نفسي -وهو قليلٌ- يكفي

لأن أتوحَّد مع هذا المعبد المفتوح لمفاجآت

الإلهام. كأني هناك لا أَقرأ و لا أُنشد،

بل أَرتجل ما يملي عليَّ الصمتُ والضوء الخافت

و العيونُ التي ترسل الإشارات، فأصوغها في

عبارات و أعيدها إلى أَيدٍ تمسك بها

كما لو كانت مادة شفَّافة، مصنوعةً من

هواء. كأني أقرأ شعر غيري، فأطرب

لأنه شعر غيري. و أنا لا أنا إلا بقدر

ما يكون الشعر هو الشاعر. لكني أسترق

النظر إلى فتاة تضحك و تبكي في ركن

القصيدة القصيّ، فأبكي و أَضحك لها

متواطأ معها على فتح أبواب المسرح

للتأويل. و للمغاربة أن يقولوا: نحن

مَنْ أوحى إليه !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالسبت يناير 09, 2010 3:58 am




وصف



مرّت كحادثة,

على الكتفين صقران استراحا في العلوّ ...

وصدرها يعلو ويهبط مثل فعل الحب،

يحمل توأمين تغامزا وتقافزا فوق الرخام ...

وركبتاها ترسلان البرق للأعمى ...

وساقاها عمودا هيكل من مرمر

يتبادلان الريح والإعجاز ...

والقدمان عصفوران شريران جويان ـــ بريان

والشعر المبعثر في مهب الريح

بيرق عسكري يفتح الصحراء ...

والعينان لا تتطلعان إلى ضحاياها

فلا أحد رأى العينين كي يروي

بأي بنفسج صرعته

تلك المرأة ــ الجنية ــ القدر

التي مرت كحادثة ...

ولكني نجوت، ولم يصبني أي سوء

غير ضعف الوصف في هذي القصيدة !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالسبت يناير 09, 2010 4:00 am



في سكوغوس


سكوغوس، من ضواحي ستوكهولم. غابة من

أشجار البتولا والصنوبر والحور والكرز

والسرو. وسليم بركات في عزلته المنتقاة

بمهارة المصادفة التي تهبُّ بها الريح على

المصائر. لا يخرج منها منذ صار جزءاً

من المشهد، محاطاً بطيور الشمال:

العقعق والغراب وكسّار الجوز ونقّار

الخشب والزرياب والقُرْقُف والشحرور الأسود

والسمَّان والذيل الحرير. صادقها ريشاً

ومنقارا وذيلا وهجرة، ومنحها صفاتٍ

كردية من مشتقات القلق، لا ليكسر

العزلة، بل ليؤثث شروط الإقامة

في البعيد ... بعيدا عما يفعل الكُتّاب

بالكتاب إذا غاروا من بلاغة المنفي ...

وقريبا من أُلفة السناجب، والأرانب

والغزلان والثعالب التي تلقي عليه التحية

عبر النافذة، وتهرب وتلعب خلف تمارينه

اللغوية. يستيقظ على تحرُّشات الطير

بزجاج البيت المبنيّ بالطوب والخشب.

يجرُّ عربته الصغيرة إلى سوق اللحم :

نداءِ الحسّيّ للحسّيّ. يختار منه الصريح

المتعطش إلى تدريب المتوحش على آداب

الطهو. ويختار، لتأجيج الرغبة بين

الآكل والمأكول، توابلها الحارقة الحاذقة...

الفُطْر المخصص لمذاق التورية، ونبيذاً

شيرازي النَّسَبِ يوقظ في الشاعر نزعته

إلى الطرب في خريف المنفى. يجر عربته

الصغيرة وسط الغابة برفقة طيور الشمال

التي تعرفه من فانيلته المبللة بالمطر والعرق.

فلا أحد سوى كردي مثله يتجاسر على

مناخ البلطيق. وهو إذ يهجس الآن

فلا يهجس إلا بالطهو: قصيدة نهاره

المرئية. الطهو موهبة اليد المدربة

على وضع الملائم في الملائم، وعلى

إدراك المتخيل الشعوري بالرائحة والطعم،

وعلى إبداع المعنى الحسي مما كان بدائي

الشكل. الطهو شعر الحواس إذا

اجتمعت في يد... قصيدة تؤكل ولا

تتحمل خللاً في التوازن بين العناصر.

وسليم بركات لا يتحمل الثناء، منذ

صار سريع البكاء !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالسبت يناير 09, 2010 4:01 am



جهة المنفي



يتلفت المنفي نحو جهاته

وتفرّ منه المفردات - الذكريات

ليس الأمام أمامه

ليس الوراء وراءه

وعلي اليمين إضارة ضوئية

وعلى اليسار إضارة أخرى

فيسأل نفسه :

من أين تبتدئ الحياة ؟

- لا بدّ لي من نرجس

لأكون صاحب صورتي !

ويقول : إنَّ الحرّ من يختار منفاه

لأمرٍ ما ...

أنا حرٌّ إذن

أمشي ... فتتَّضح الجهاتُ


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالسبت يناير 09, 2010 4:04 am



بوليفار سان - جيرمان



يقول لي جورج شتاينر: على الشاعر أن

يكون ضيفاً ...

أقول: ومضيفاً !


*****

الأوراق الذابلة, النازلة من شجر يتعرى,

كلمات تبحث عن شاعر ماهر يعيدها إلى

الأغصان !


*****

كلما تخفى الإيقاع في الصورة صار موسيقى

مصاحبة للفكرة !


*****

جالساً مع بيتر بروك, تحلق فوقنا طيور

أرسطوفان وفريد الدين العطار في رحلة مشتركة

إلى تخوم المعنى.


*****

منفي؟ يحن إليه الزائر, لأنه نزهة

الطائر في رحلة لا يسأله فيها أحد: ما

اسمك؟ وماذا تريد؟


*****

في الحافلة, أتطلع إلى الرصيف, فأراني

جالساً على مقعد المحطة في انتظار حافلة !


*****

ألتظاهر بالحياد الصعب، في القصيدة والرواية,

هو الجريمة الأخلاقية الوحيدة التي تغتفر!


*****

كسر الإيقاع, بين حين وآخر, هو ضرورة

إيقاعية.


*****

أترك الجانب الآخر من حياتي, حيث يريد

الإقامة. وأتبع ما تبقّى من حياتي بحثاً عن الجانب

الآخر منها.


*****

إحساسي يقفز مني, يحمل مظلة ويسير

تحت المطر. إحساسي فعل خارجي كالمطر.


*****

رياح الخريف تكنس الشارع, وتعلمني مهارة

الحذف. الحذف كتابة.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالسبت يناير 09, 2010 4:08 am



يكون الأمر مختلفا



لا. لن يكون الأمر مختلفاً كما

كنا نظن ... لو انتظرنا ساعة أخرى -

يقول لها ... ويذهب/


- ربما، لو حط عصفور على كتفي

لكان الأمر مختلفاً -

تقول له ... وتذهب/


يذهبان معاً. وينفصلان عند محطة المترو

كنصفي خوخة، ويودعان الصيف ...


يعبر عازف الجيتار بينهما, ويضحك

عندما يبكي. ويبكي عندما يضحك قائلاً :

لا. قد يكون الأمر مختلفاً لو استمعا

إلى الجيتار في الوقت المناسب.

قلت: كلا! قد يكون الأمر

مختلفاً لو التفتا إلى ظليهما يتعانقان

ويعرقان ويسقطان على الرصيف

كمثل اوراق الخريف !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالسبت يناير 09, 2010 4:09 am



حياة مبتدئة



في حانوت خبز, على ناصية شارع باريسي

ضيِّق... أَحتسي قهوتي الأولى. صباحاً

تختلط رائحة الخبز برائحة القهوة، و توقظان

فيَّ شهية على حياة طازجة .. حياة

مبتدئة، و على سلام طوعي مع الأشياء

الصغيرة، و مع حمامات تُؤْثِرُ المشي بين

المارة و السيارات على الطيران. لا أَجد غيري

يجلس وحيداً إلا من دفتر يوميات.

لكني أحس بأني أشارك السيدات المتقدمات

في العمر حماستهنّ تجاه تفاصيل يروينها عن

حياةِ غيرهنّ. وأُشارك بائعات الخبز والنادلات

الجميلات حيادهنَّ اللبق تجاه مغازلات الزبائن

المتقدمين، أكثر مني، في السن. أَتباطأ في

احتساء قهوتي لأحافظ على صحبة مفترضة

مع ما حولي، فليس للغريب إلا اختراع

أُلفة ما مع مكان ما. و أَنا اخترت هذا

الركن من حانوت الخبز لتأليف عادة يومية،

كأني على موعد مع ذكريات مجتهدة تعتمد

على نفسها في النمو. و أَسترسل في التفكير

بتاريخ الخبز: كيف اكتُشِفَتْ حَبَّةُ القمح

الأولى في سنبلةٍ خضراء مجدولةٍ كضفيرة.

و كيف راقبها شخص ما إلى أن نضجت و اصفَرَّتْ؟

و كيف خطر على باله أن يطحنها و يعجنها

و يخبزها حتى وصل إلى هذه المعجزة ؟ أَرى

حقولاً بعيدة في زمن بعيد، و أتساءل :

كم استغرق هذا الإبداع من الوقت؟ تعلو رائحة

الخبز الطازج، وأنظر في ساعتي .. ثم أَعود

من آلاف السنين إلى حياة مبتدئة !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالسبت يناير 09, 2010 4:10 am



يد التمثال



يد التمثال, تمثال الجنرال أو الفنان,

ممدودة ... لا لتحيّة الشمس والمطر,

أو الجنود القدامى والمعجبين الجدد.

يد التمثال ممدودة كيد متسول نبيل

يطلب تبرعات من العابرين, لا لمساعدته

على المشي .. بل لدفع نفقات الخلود.

فلا تحظى يد الغرانيت الممدودة,

لا تحظى في أحسن الأحوال, إلا

بباقة ورد حملها رجل إلى امرأة ...

تركته وحيداً قرب التمثال !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالسبت يناير 09, 2010 4:11 am



في بيروت



بيروت: شمس ومطر. بحر أزرق/

أخضر وما بين اللونين من قربى ومصاهرة.

لكن بيروت لا تشبه نفسها هذه المرة.

تنظر إلى صورتها في المرآة, وتسأل :

لماذا تريدين أن تشبهي غيرك يا جميلة ؟

تضع جمالها على موجة قلقة, وتخفي

أدوات الزينة في الأدراج. تسرح

شعرها بيدين نزقتين وتنتظر, دون

أن تعرف ما تنتظر كوردة على قارعة

الطريق العام. لكن المناخ مكتظ بأسرار

الغيوم القادمة من جهتين: من الصحراء

ومن البحر ... ولا سيطرة للخيال على فوضى

المفاجآت. تضع خيالها جانباً, وتسلم

نفسها لأغنية تمدح اللامعنى دون أن

ترقى إلى شرف العبث. بيروت محرومة

من نسيان جرحها, ومحرومة من تذكر

غدها المتروك لرمية نرد في لعبة بلا

قواعد, كتجريبيّة شعر ما بعد الحداثة

في مقاهيها الخالية من الروّاد. لا أحد

يربح, والكل خاسر, حتى لو قال صديقي

أنسي الحاج "والرابح يخسر والخاسر

يربح". بيروت الحزينة تخدر حزنها

بأغنية سابقة عن زمن سابق: عن

ريف وأرز وبراءة ومبارزة بين عاشقين

على عروس. فينام الحزن لساعات, لكن

الخوف لا ينام. بيروت خائفة على نفسها

ومن نفسها, ومما تعدّ لها العاصفة

من معلوم في صورة مجهول !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالسبت يناير 09, 2010 4:13 am



عودة حزيران



أربعون حزيران: دبابة في الطريق إلى

البيت. برج مراقبة عسكري لرصد الطيور.

حمام يحلق في نصف دائرة. نخلة عاقر

ضجر فاجر يقتل الأخ فيه أخاه, ويهرب

من أمه. وشعار يضيء الشوارع: "نحن

نحب الحياة ونكره أعداءها". شارع ضيق

لا تمر به الفتيات. مظاهرة للتلاميذ

ضد الخرائط. "لا رب ينزل عن

عرشه" ــ قال لي عابر ساخر: ليس

لي بطل منذ جاء حزيران مسترسلاً.

أنا والله صرنا وحيدين! ما الزمن

الآن؟ ــ في ساعتي خلل ــ قلت.

قال: وفي ساعتي خلل مزمن. مرّت

الشاحنات تقل بضائع عبرية التسميات:

صناديق ماء. فواكه. قمحاً وخمراً. فقال:

كأنّا نسينا ينابيعنا والكروم وأسماءنا،

وكأن القناع هو اسم الهوية: أن لا

نُرى واضحين نَرى الغامضين هنا جيداً.

وهنا أربعون حزيران. أرض تقل وسكانها

يكثرون ... يفيضون عن حاجة العشب للفقراء،

وعن حاجة الإشكناز إلى العمل العربي.

ولكنهم يصمدون, ولو مرغمين, ولا يرحلون

إلى كندا. هذه أرضنا, والسماء حقيقية

لا مجاز ... وعالية مثل آمالنا, قال لي:

هل حزيران ذكرى؟ فقلت: هي الجرح

ينزف حياً وحيا, ولو قال صاحبه: قد

نسيت الألم!


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 12, 2010 11:21 pm




ليتنا نحسد


تلك المرأة المهرولة المكللة ببطانية

صوف وجرة ماء ... وتجر بيدها اليمنى

طفلا، وبيدها اليسرى أخته، ومن

ورائها قطيع ماعز خائف. تلك المرأة

الهاربة من ساحة حرب ضيقة إلى ملجأ

غير موجود، اعرفها منذ ستين عاما.

إنها أمي التي نسيتني على مفترق طرق,

مع سلة خبز ناشف وعلبة كبريت

أفسدها الندى.

وتلك المرأة التي أراها الآن في الصورة

ذاتها على شاشة تلفزيون ملون ... أعرفها

جيداً منذ أربعين عاماً. هي أختي التي

تكمل خطى أمها ــ أمي في سيرة التيه:

تهرب من ساحة حرب ضيقة إلى ملجأ

غير موجود.

وتلك المرأة التي سأراها غداً في

المشهد ذاته, أعرفها هي أيضاً. إنها

ابنتي التي تركتها على قارعة القصائد،

كي تتعلم المشي فالطيران إلى ما وراء

المشهد. فلعلّها تثير إعجاب المشاهدين

وخيبة القناصة. إذ إن صديقاً ماكراً

قال لي: آن لنا أن ننتقل, إذ ما

استطعنا, من موضوع يشفق عليه ...

إلى ذات تحسد !

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 12, 2010 11:37 pm



أنت، منذ الآن، غيرك


هل كان علينا أن نسقط من عُلُوّ شاهق،

ونرى دمنا على أيدينا... لنُدْرك أننا لسنا

ملائكة.. كما كنا نظن؟

******

وهل كان علينا أيضاً أن نكشف عن عوراتنا

أمام الملأ، كي لا تبقى حقيقتنا عذراء؟

******

كم كَذَبنا حين قلنا: نحن استثناء !

******

أن تصدِّق نفسك أسوأُ من أن تكذب

على غيرك !

******

أن نكون ودودين مع مَنْ يكرهوننا، وقساةً

مع مَنْ يحبّونَنا - تلك هي دُونيّة المُتعالي،

وغطرسة الوضيع !

******

أيها الماضي ! لا تغيِّرنا كلما ابتعدنا عنك !


أيها المستقبل: لا تسألنا: مَنْ أنتم؟

وماذا تريدون مني؟ فنحن أيضاً لا نعرف.


أَيها الحاضر! تحمَّلنا قليلاً. فلسنا سوى

عابري سبيلٍ ثقلاءِ الظل !

******

ألهوية هي: ما نُورث لا ما نَرِث. ما نخترع

لا ما نتذكر. الهوية هي فَسادُ المرآة

التي يجب أن نكسرها كُلَّما أعجبتنا الصورة !

******

تَقَنَّع وتَشَجَّع، وقتل أمَّه.. لأنها هي ما

تيسَّر له من الطرائد ... ولأنَّ جنديَّةً

أوقفته وكشفتْ له عن نهديها قائلة: هل

لأمِّك يا ابن الزانية ... مثلهما ؟

******

لولا أن محمداً هو خاتم الأنبياء، لصار

لكل عصابةٍ نبيّ، ولكل صحابيّ ميليشيا !

******

أعجبنا حزيران في ذكراه الأربعين: إن لم

نجد مَنْ يهزمنا ثانيةً هزمنا أنفسنا

بأيدينا ... لئلا ننسى !

******

مهما نظرتَ في عينيّ، فلن تجد نظرتي

هناك. خَطَفَتْها فضيحة !

******

قلبي ليس لي... ولا لأحد. لقد استقلَّ

عني، دون أن يصبح حجراً.

******

هل يعرفُ مَنْ يهتفُ على جثة ضحيّته -

أخيه: "الله أكبر" أنه كافر إذ يرى

الله على صورته هو: أصغرَ من كائنٍ

بشريٍّ سويِّ التكوين ؟

******

أخفى السجينُ، الطامحُ إلى وراثة السجن،

ابتسامةَ النصر عن الكاميرا. لكنه لم يفلح

في كبح السعادة السائلة من عينيه. ربما

لأن النصّ المتعجِّل كان أَقوى من المُمثِّل.

******

ما حاجتنا للنرجس ... ما دمنا فلسطينيين؟

******

وما دمنا لا نعرف الفرق بين الجامع والجامعة،

لأنهما من جذر لغوي واحد، فما حاجتنا

للدولة... ما دامت هي والأيام إلى مصير

واحد؟

******

لافتة كبيرة على باب نادٍ ليليٍّ: نرحب

بالفلسطينيين العائدين من المعركة. الدخول مجاناً.

وخمرتنا... لا تُسْكِر!

******

لا أستطيع الدفاع عن حقي في العمل، ماسحَ

أحذيةٍ على الأرصفة, لأن من حق.

زبائني أن يعتبروني لصَّ أحذية ـ هكذا

قال لي أستاذ جامعيّ !


"أنا والغريب على ابن عمِّي. وأنا وابن

عمِّي على أَخي. وأَنا وشيخي عليَّ". هذا

هو الدرس الأول في التربية الوطنية الجديدة،

في أقبية الظلام.

******

من يدخل الجنة أولاً؟ مَنْ مات برصاص

العدو، أم مَنْ مات برصاص الأخ؟ بعض

الفقهاء يقول: "رُبَّ عَدُوٍّ لك ولدته أمّك" !

******

حار الفقهاء أمام النائمين في قبور متجاورة:

هل هم شهداء حرية؟ أم ضحايا متناحرة في

عبث المسرحية؟ حار الفقهاء واتفقوا على

أمر واحد هو: أن الله أعلم.

******

القاتل قتيل أيضاً!

******

سألني: هل يدافع حارس جائع عن دارٍ

سافر صاحبها، لقضاء إجازته الصيفية في

الريفييرا الفرنسية أو الايطالية.. لا فرق.

قُلْتُ: لا يدافع !

******

وسألني: هل أنا + أنا = اثنين

قلت: أنت وأنت أقلُّ من واحد.

******

لا أَخجل من هويتي، فهي ما زالت قيد

التأليف. ولكني أخجل من بعض ما ورد

في مقدمة ابن خلدون !

******

أنت، منذ الآن، غيرك !



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16356
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 10 I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 12, 2010 11:42 pm



أَنت، منذ الآن، أَنت



أَنت، منذ الآن، أَنت


الكرملُ في مكانه السيِّد... ينظر من علٍ إلى

البحر. والبحر يتنهَّد، موجةً موجةً، كامرأةٍ

عاشقةٍ تغسل قَدَميْ حبيبها المتكبِّر!

******

كأني لم أذهب بعيداً. كأني عُدتُ من

زيارة قصيرة لوداع صديقٍ مسافر، لأجد

نفسي جالسة في انتظاري على مقعد حجري

تحت شجرة تُفَّاح.

******

كل ما كان منفى يعتذر، نيابةً عني،

لكُلّ ما لم يكن منفى !

******

ألآن، الآن... وراء كواليس المسرح،

يأتي المخاض إلى عذراء في الثلاثين،

وتلدني على مرأى من مهندسي الديكور،

والمصوِّرين !

******

جرت مياه كثيرة في الوديان والأنهار.

ونبتت أعشاب كثيرة على الجدران. أَمَّا

النسيان فقد هاجر مع الطيور المهاجرة ...

شمالاً شمالاً.

******

ألزمن والتاريخ يتحالفان حيناً، ويتخاصمان

حيناً على الحدود بينهما. الصفصافةُ العاليةُ

لا تأبه ولا تكترث. فهي واقفة على

قارعة الطريق.

******

أَمشي خفيفاً لئلاَّ أكسر هشاشتي. وأَمشي

ثقيلاً لئلاَّ أَطير. وفي الحالين تحميني

الأرض من التلاشي في ما ليس من صفاتها !

******

في أَعماقي موسيقى خفيَّة، أَخشى عليها

من العزف المنفرد.

******

ارتكبتُ من الأخطاء ما يدفعني، لإصلاحها،

إلى العمل الإضافيّ في مُسَوَّدة الإيمان

بالمستقبل. من لم يخطئ في الماضي لا

يحتاج إلى هذا الإيمان.

******

جبل وبحر وفضاء. أطير وأسبح، كأني

طائرٌ جوّ - مائي. كأني شاعر !

******

كُلُّ نثر هنا شعر أوليّ محروم من صَنعَة الماهر.

وكُلُّ شعر، هنا، نثر في متناول المارة.

******

بكُلِّ ما أُوتيتُ من فرح، أُخفي دمعتي

عن أوتار العود المتربِّص بحشرجتي، والمُتَلصِّص

على شهوات الفتيات.

******

ألخاص عام. والعام خاص ... حتى إشعار

آخر، بعيد عن الحاضر وعن قصد القصيدة!

******

حيفا ! يحقّ للغرباء أن يحبُّوكِ، وأن ينافسوني

على ما فيك، وأن ينسوا بلادهم في

نواحيك، من فرط ما أنت حمامة تبني عُشَّها

على أنف غزال !

******

أنا هنا. وما عدا ذلك شائعة ونميمة !

******

يا للزمن ! طبيب العاطفيين .. كيف يُحوِّل

الجرح ندبة، ويحوِّل الندبة حبَّة سمسم.

أنظر الى الوراء، فأراني أركض تحت المطر. هنا،

وهنا، وهنا. هل كنتُ سعيداً دون أن أدري؟

******

هي المسافة: تمرين البصر على أعمال البصيرة،

وصقلُ الحديد بنايٍ بعيد.

******

جمال الطبيعة يهذِّب الطبائع، ما عدا طبائع مَنْ

لم يكن جزءاً منها. الكرمل سلام. والبندقية نشاز.

******

على غير هُدىً أمشي. لا أبحث عن شيء. لا

أبحث حتى عن نفسي في كل هذا الضوء.

******

حيفا في الليل ... انصراف الحواس إلى أشغالها

السرية، بمنأى عن أصحابها الساهرين على الشرفات.

******

يا للبداهة ! قاهرة المعدن والبرهان !

******

أُداري نُقَّادي، وأُداوي جراح حُسَّادي على

حبِّ بلادي ... بزِحافٍ خفيف، وباستعارة

حمَّالةِ أَوجُه !

******

لم أَرَ جنرالاً لأسأله: في أيّ عامٍ قَتَلتَنِي؟

لكني رأيتُ جنوداً يكرعون البيرة على الأرصفة.

وينتظرون انتهاء الحرب القادمة، ليذهبوا إلى

الجامعة لدراسة الشعر العربي الذي كتبه موتى

لم يموتوا. وأَنا واحد منهم !

******

خُيِّل لي أن خُطَايَ السابقة على الكرمل هي

التي تقودني إلى «حديقة الأم»، وأَن

التكرار رجع الصدى في أُغنية عاطفية لم تكتمل،

من فرط ما هي عطشى إلى نقصان متجدِّد !

******

لا ضباب. صنوبرة على الكرمل تناجي أَرزة

على جبل لبنان: مساء الخير يا أُختي !

******

في قلبي منطقة ما، غير مأهولة، ترحب

بالصغار الباحثين عن حيّز غير محتل، لنصب

مخيّم صيفيّ !

******

أعبُرُ من شارع واسع إلى جدار سجني

القديم، وأقول: سلاماً يا مُعلِّمي الأول في

فقه الحرية. كُنتَ على حق: فلم يكن الشعر

بريئا !

******

هل قال أحدهم : إن سيد الكلمات هو سيّد

المكان؟ ليس هذا زهوا ولا لهوا. إنه أسلوب

الساعر في الدفاع عن جدوى الكلمات، وعن

ثبات المكان في لغة متحركة !

******

لرائحة الشجر الصيفية نكهة إيروسية. هنا

تداخلت في العشب والزّغب والنّمش وسواه،

تحت ضوء القمر !

******

حيفا تقول لي : أنت، منذ الآن، أنت !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
موسوعة الشاعر محمود درويش
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 10 من اصل 11انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3 ... , 9, 10, 11  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» شعراء - قصائد صوتية
» موسوعة الشاعر بشارة الخوري **الاخطل الصغير**
» موسوعة الشاعر / خليل مطران
» موسوعة الشاعر نزار قباني
» موسوعة الشاعر/أحمد بلحاج آية وارهام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الكلمـــــة الحـــــرّة :: منتدى الكتب و المخطوطات-
انتقل الى: