حَسْناءُ قالَتْ في مُكَالَمَةٍ لَها
قَدْ نِلْتَ مِنِّي في قريْضِكَ مَقْتَلا
فَسألتُها : مَنْ أنْتِ ؟ قالَتْ : إنَّني
خَمْرٌ تَعَتَّقَ في الغَرامِ فَأَذْهَلا
كَرَّرْتُ أسألُها : رَجاءً أوْضِحِي
إِنْ كُنْتِ حَقَّاً تَطْلُبِيْنَ تَوَاصُلا
مَنْ أنْتِ ؟ قَالَتْ غَيْرَ آبِهَةٍ وَقَدْ
أَضْحَيْتُ بالصَّوْتِ الرَّخِيْمِ مُكَبَّلا
قَالَتْ : أَنَا هَمْسُ النَّسِيْمِ وَنَسْمَتِيْ
فِي حَوْضِ خَدِّكَ تَسْتَحِمُّ تَدَلُّلا
تَاجُ الْجَمَالِ يَخَافُ إِنْ أَقْصَيْتَهُ
يَوْماً غَدَا تَاجَاً رَخِيْصَاً مُهْمَلا
وَالثَّلْجُ وَشَّحَنِي نَقَاءَ بِيَاضِهِ
وَالْكُحْلُ طَوَّقَ مُقْلَتَيَّ وَكَحَّلا
وَكَذَا الأُمُوْمَةُ طُهْرُهَا مِنْ فِطْرَتِي
والْكِبْرِيَاءُ عَلَى مَقَاسِيْ فُصِّلا
أَعَرِفْتَنِيْ وأنَا الَّتِي لا أشْتَكِي
قَتْلِيْ لأَنِّيَ قّدْ عَشِقَْتَكَ قَاتِلا ؟
فَأَجَبْتُ لا ، لَمْ أُعْطَ عِلْمَ النَّجْمِ أَوْ
بَصَّرْتُ يَوْماً أوْ ضَرَبْتُ المَنْدَلا
فَتَهَدَّجَ الصَّوتُ الذي أَلْقَى وَقَدْ
أَحْسَسْتُ دَمْعَاً مِنْ هُنَالِكَ هَاطِلا
وَتَوَحَّدَ الدَّمعُ الكَئيْبُ بِجُمْلَةٍ
يا قَيْسُ عُذْراً إذْ وَجَدْتُكَ أَهْبَلا
أُلقي إليكَ بِمُهجتي فتردَّها
مذبوحةً تقتاتُ منكَ تساؤلا
أَتَجُوْبُ بَحْرَ الْغَانِيَاتِ كَعَاشِقٍ
وَتَرُوْمُ فِي حَرَمِ الْبَتُولِ تَبَتُّلا ؟
أَنَسِيْتَنِيْ ؟ أَنَسِيْتَ لَيْلاكَ الّتِي
أَمْطَرْتَهَا شِعْرَ الْغَرَامِ مُغَازِلا ؟
قُلْ لِيْ : أَتَذْكُرُ حِيْنَ جِئْتَ تَزُوْرُنا
وَرَمَيْتَ سَهْماً فِي فُؤادِيَ أَوْغَلا ؟
فَسَرَقْتَ مِنْ لَيْلِيْ نُجُوْمَ طُفُوْلَتِيْ
وَأَسَرْتَ أَحْلامِي وَكُنْتَ الشَّاغِلا
وَقَطَفْتَ مِنْ حَقْلِ الغَرَامِ زُهُوْرَهُ
وَعَصَرْتَهَا فِيْ خَافِقِيْ كَيْ أَثْمَلا
قَدْ كُنْتُ فِي عُمْرِ الْوُرُودِ وَلَمْ أَكُنْ
نِسْرِيْنَ أُهْدِي لِلْهَوَى وَقَرَنْفُلا
فَغَدَوْتُ صَيْداً فِي الشِّبَاكِ وَلَمْ أَكُنْ
أخْشَى وَصَيَّادِي أتَى مُتَوَسِّلا
فَأَسَرْتُهُ مِنْ بَعْدِ أَسْرِي إنَّمَا
فِي خَافِقٍ قَدْ كَانَ يَوْمَاً مُقْفَلا
حُلْمُ الْحَبَارَى أَنْ تَكُونَ أَسِيْرَةً
إِنْ كَانَ آسِرُهَا عَرِيْسَاً عَاقِلا
أَوَ أَنْتَ صَيَّادِيْ وَتَسْأَلُ مَن أنا ؟
أَهَجَرْتَ عِشَّ الْمُقْلَتَيْنِ لِتَسْأَلا ؟
رِفقاً بِمَنْ تهواكَ لا تَغْدُرْ بِها
يكفيكَ قد أدْمَيْتَ قلباً أعزلا
آنَسْتَ نَاراً غَيْرَ نَارِيْ رُبَّمَا
فَأَتَيْتَ دَارَكَ زَاهِداً مُتَذَلِّلا
أَخَذَتْكَ مِنِّي الْمُلْهِماتُ وَلَمْ أَعُدْ
بَحْرَ الْقَصِيْدَةِ " رَجْزَهَا " و" الْكَامِلا "
ارْجِعْ فَمَا نَارِيْ بِحُبِّكَ قَدْ َخَبْت
أَوْ كَانَ عَهْدِيَ بِالْوِدَادِ تَبَدَّلا
ارْجِعْ حَبِيْباً لا أُرِيْدُكَ شَاعِراً
وَهَبِ القَصَائِدَ " عَنْتَراً " وَسَمَوْءَلا "
إنِّيْ وَإِنْ أَنْكَرْتَنِي وَهَجَرْتَنِي
مَازِلْتُ فِي نِيْرَانِ حُبِّكَ أُصْطَلَى
حَتَّى أُوافِيْ خَالِقِيْ لَنْ أَرْتَضِيْ
إلاَّكَ حُبَّاً يا حَبيبي الأوَّلا
فَهَمَسْتُ وَالْعَبَرَاتُ تَخْنُقُ أَحْرُفِيْ
لَكِنَّنِي أَسْمَعْتُ صَوْتِي لِلْمَلا :
يا زَوْجَتِيْ وَصَدِيْقَتِي وَحَبِيْبَتِي
لازِلْتِ فِي رُوْحِي رَبِيْعاً مُقْبِلاَ
لازِلْتِ مُلْهِمَتِيْ وَنَسْغَ قَصَائِدي
لازِلْتِ سَيِّدَةَ الْجَمَالِ وَأَجْمَلا
لا زِلْتِ لِيْ وَطَناً أُقَدِّسُ تُرْبَهُ
وأرَاهُ فِي عَيْنَيَّ أَعْظَمَ مَنْزِلا
وَطَنِيْ إذَا أَوْجَزْتُ فِيْكِ قَصَائِدِي
وَافَى إِلَيَّ مُصَوِّباً وَمُكَمِّلا
وَطَنِي وَأَنْتِ كَمَا دِمَائِي أَيْنَمَا
تَسْرِيْ فَمَا بَرَحَتْ فُؤَادِيَ وَالْكِلَى
لا فَرْقَ بَيْنَكُمَا سِوَى طُوْلِ الْبَقَا
فَلأَنْتِ زَائِلَةٌ ، وَلَمْ يَكُ زَائِلا
لَوْ لَمْ تَكُوْنِيْ فِي هَوَاهُ شَرِيْكَتِي
لَرَأَيْتِ قَلْبِيَ فِي هَوَاكِ مُعَطَّلا
يَكْفِيْكَ يَا وَطَنِي فَخَاراً أَنْ تَرَى
نُوْرَ الشَّرَائِعِ مِنْ رِحَابِِكَ مُرْسَلا
وَطَنِي وَمُوْسَى مِنْكَ نَاجَى رَبَّهُ
رَبَّاهُ عَفْوَكَ مَا اسْتَطَعْتُ تَحَمُّلا
وَطَنِي وَمَرْيَمُ فِيْكَ هَزَّتْ جِذْعَهَا
فَأَتَى الْمَسِيْحُ يُضِيءُ فِيْكَ المِشْعَلا
وَمُحَمَّدٌ أّرْسَلْتَهُ مِنْ كَعْبَةٍ
فِيْهَا يَطُوْفُ مُكَبِّراً وَمُهَلِّلا
وَطَنِي وَأَنْتَ طُفُوْلَتِي وَرُجُوْلَتِيْ
وَلَكَمْ عَشِقْتُكَ لِلْعُرُوْبَةِ مَوْئِلا
وَطَنِي وَأَنْتَ حَبِيْبَتِي وَبُنَيَّتِي
وَالْوَالِدَانِ وَمَنْ بِحُبِّكَ يُبْتَلى
إِنِّي إِلَيْكَ لَقَادِمٌ مَا رَدَّنِي
إِنْ كُنْتُ فِيْ نَعْشِ الْوَدَاعِ مُحَمَّلا
فَالْحُرُّ مَهْمَا غَابَ عَنْ أَوْطَانِهِ
فَلَسَوْفَ يَرْجِعُ لِلتُّرَابِ مُقَبِّلا
المحامي منير العباس
0947613808
حمص – 6 – 5 -2011