أين يطيب العيش؟

أين يطيب العيش؟
إجابة سريعة و عفوية ربما سنجدها عند البعض و التي تتمثل في : أريد أن أعيش في بروج مشيدة و قصور فخمة و و و....
لكن هل هذا ينطبق على الكل ؟
طبعا لا
ففئة من الشعراء و نخص بالذكر فئة شعراء المهجر -نذكر منهم إيليا أبو ماضي جبران ,نعيمه شفيق المعلوف و غيرهم- تحبذ عيش الغاب لأنّها تمثل طريق السعادة فهي رمز للبساطة الإنسانية و الحياة الحرة في آفاقها البعيدة فهذه مقتطفات من مواكب جبران يدعو فيها إلى عيش الغاب
العيش في الغاب و الأيام لو نظمت في قبضتي لعدت في الغاب تنتثر
لكن هو الدهر في نفسي له أرب فكلما رمت غابا راح يعتذر
***********************
هل اتخذت الغاب مثلي منزلا دون القصور
فتتبعت السواقي و تسلقت الصخور
هل تحممت بعطر و تنشقت بنور
و شربت الفجر خمرا في كؤوس من أثير؟
هل جلست العصر مثلي بين جفنات العنب
و العناقيد تدلت كثريات الذهب
فجبران يجسد المثالية في الطبيعة أو بالأحرى في الغابة لأن المدينة عنده الرمز الأغنى لحقيقة التوتر المتأجج في الأعماق فلم يتحدث عن المدينة بإعتبارها من صنع الإنسان بقدر ما تحدث عن المدينة رمزا لخضوع الإنسان و انسحاقه و كفره و زمنه المغتصب لبراءة فطرته
و قد سار على دربه شعراء المهجر فنجد إيليا أبو ماضي يدعو محبوبته إلى العيش في الغاب فيقول:
تعالي,إنّ رب الحب يدعونا إلى الغاب
لكي يمزجنا كالخمرة في كاس
و بالمقابل نجده يتحصر على ما حلّ بغابته فيقول
لا غابتي اليوم كعهدي بها و لا التي أحببتها فيها
قد بدل الإنسان أطوارها و اغتصب الطير مآويها

و قد تنوعت آراؤهم في عيش الغاب فنجد ميخائيل نعيمة يقول:
هو ذا أترابي قد سرحوا في الغاب يقودهم المرح
و بقيت أنا وحدي سكرانا يرقص في قلبي الفرح

أمّا نسيب عريضة فنجده يهيم بحياة الغاب فيقول
أصبت يا نفس,, فاتبعيني فليس كالغاب من مقام

أمّا القروي فيقول
هيّا إلى الغاب إنّي قد بنيت لنا من الرياحين عشا لينا عطرا

و بهذا تكون الغابة في شعر المهجريين قد مثلت إحساسا ممتزجا بالنفس متصلا بالوجدان لتصبح جسرا يصل بين ما في أغوار نفوسهم من حس إنساني و نزعة متألمة و هروب نفسي و تعويض شعوري عما يفتقد في دنيا الناس

[right][b][center]

شكرا لك زمردة

موضوع منتقى بعناية وروعة
النفس البشرية النقية التي لم تلوثها ادران الحضارة وسلبياتها تتوق للعيش في احضان الطبيعة
فكما وجدت شعراء المهجر الذين هم من لبنان وسوريا يتوقون لحياة الغابات
نرى شعراء البادية يحلمون بالعيش في البراري ويتوقون الى حياة الصحراء ويتغنون بها

شكرا لك سيدي الكريم على مرورك

و عباراتك التي تحفزني على الاجتهاد أكثر

تقبل فائق الاحترام و التقدير

الأخت زمرّدة

إنّ الدعوة لحياة الغاب و لحياة الطبيعة ليست مقتصرة على شعراء

المهجر بل هي دعوة كل الشعراء الذين ينتمون إلى المدرسة

الرومنطيقية سواء في الغرب أم في الشرق ، و لقد دعا أبو القاسم

الشابي إلى حياة الغاب أيضا بالرغم من أنه لم يغادر أرض تونس

و ليس من شعراء المهجر إذ يقول :

" إلى الغاب يا ابن الحياة التعيس **** ففي الغاب صوت الحياة الرخيم

شكرا على الموضوع

و لك تحياتي و ودّي

شكرا لك على مرورك الكريم

و لكن فقط أريد توضيح بعض الأمور فأنا في البداية قلت أن ّهناك فئة من الشعراء تحبذ عيش الغاب أو بالأحرى الطبيعة أي عممت ثم خصصت شعراء المهجر
لأنّ الأسبقية كانت إليهم فجبران خاصة كان المؤثر الأول و الموجه الفكري الحقيقي في الأدب الحديث و يقول في هذا الصدد الدكتور مارون عبود جبران مؤسس مدرستين في لغة الضاد الرومنتيكية و الرمزية

و هو كذلك لأنّ مدرسة الديوان دعت إلى التجديد دون تغيير فقد نظّرت أمّا مدرسة المهجر فقد طبقت

و نحن نعلم أنّ الشابي كان من أشد المعجبين و المتأثرين بالشعر المهجري

تقبل سيدي المحترم تحياتي و تقديري

أتفق معك أخت زمردة في ما ذكرت ، و ردّي كان تأكيدا لما قلت

بأنه يوجد من الشعراء من يدعو لحياة الغاب تأثرا بالمدرسة

الرومنطيقية . و ردّك الأخير يدل على ثقافتك في مجال الأدب

و النقد الأدبي .

لك تحياتي و ودّي

زائر

طاب عيشي

في الغاب أشدو بألحان خَلدي
أنُظم الشعر ..أغردْ
أعدو بأشجاني أسابقُ ... ذاكرتي
لا البيت مني فيه يؤنسني
ولا الديار عني تؤنس وحشتي
ولا الأم مرضعتي أحنو بوصلها
في الغاب أكتب الريح غرامي ... أعشقها
تلك ... بلادي ضاقت من عشقي وحبّي لها
رمتني ومقلة العين تزرف الدمع ... من دمي
في الغاب أسرد الوحوش
إلهام... ملحمتي
يوم غدوت عاشقاً على الموت... في نحري
في الغاب أخلد ... للحُلم مهربي
أرى فسيح الغاب شِرعة ... أأمن ظِلّها
فيها عدلاً... ليتهمْ فَعلوا