دأب الصحفي الشاب أنس مزور، على تهييئ ملفات الأغلفة لجريدة الأيام بشكل مسؤول، خصوصا تلك الملفات التي تتعلق بكل ما هو إسلامي بالبلاد.. وقد وفق كثيرا في بحوته وتحرياته.. ولعل الخلاف الذي دار بينه وبين مسؤولي الجريدة دفع به للتنقل إلى جريدة المساء ليباشر البحث في نفس الملفات وعلى نفس الشاكلة التي دأب عليها من قبل. فحاولت الأيام ملء الفراغ الذي تركه أنس فاستعانت بكتاب مختلفين منهم المسمى محمد السعدوني صاحب الملف الذي نشر بالأيام عدد344 أثناء الأسبوع الفاصل بين 12 و 18 شتنبر 2008 تحت عنوان " أئمة رمضان بين المخابرات والمعجبات" وهو عنوان يستوقفنا كثيرا لندلي بملاحظاتنا حوله:
*- الشيوخ الذين تحدت عنهم السعدوني ليسوا كلهم أئمة بل فيهم خطباء منابر كذلك.
*- الأئمة الذين تحدث عنهم في ملفه ليسوا أئمة رمضان بل أئمة مساجد وليس في رمضان فحسب بل طيلة السنة.
*- إقحام مصطلحي المخابرات والمعجبات هو لتنفير الناس من المساجد وتشويه صورة الإمام والخطيب.
*- الحديث عن الأئمة كأنهم ممثلين أو مغنيين لهم معجبات يحلمن بلقاء وردي معهم.
*- المعجبات، في حالة وجودهن، والمخابرات أثناء القيام بدورهم، هي أشياء عارضة وعابرة والوقوف عندها والتركيز عليها عوض التركيز على الرسالة العظيمة التي يقوم بها الخطيب والإمام، والدور الذي يلعبانه في حماية البلاد من الفهم السيء للدين تجعلنا نتساءل عن نوايا صاحب الملف؟؟؟؟؟ وسيتبين من خلال ما سيأتي كيف أن السيد السعدوني يٌقول الخطيب أو الإمام ما لم يقله، وأحيانا يأخذ كلام الخطيب أو الإمام فيقف منه موقف "ويل للمصلين" ليا للكلام لينساق وفق ما يشتهي وتحقيقا لشيء ما يروج في نفسه. ولعلنا سوف لا نتحدث عن كل الأئمة وسنكتفي بالحديث عما روجه السيد السعدوني عن الشيخ الخطيب عبد الله النهاري لأننا نعرف الرجل ونعرف مواقفه ومسيرته. والحديث عنه سيكون نموذجا يقاس عليه التحريف والأكاذيب التي ساقها السعدوني لتشويه سمعة باقي الأئمة والخطباء. وإن كان أحيانا يسرد أمورا جيدة في حق الأئمة والخطباء كالتعريف بهم وبحياتهم. فإن الأمر لا يشفع له لأننا لن نسمح بأن ينتقص ولو من إمام واحد نعرفه ونعرف مواقفه وحبه لوطنه وانضباطه للشرع الذي يحسم في مسألتي التكفير والتفسيق. نجد السيد السعدوني يقول في حق الأستاذ ألنهاري قوله" فسياسة شد الحبل بينه وبين الأجهزة الأمنية لا تعرف طريقها إلى الهدنة إلا في السنوات القليلة الماضية فقد عرف الرجل بتشدده وتشنجه وخطبه النارية التي تكفر المسؤولين" لنحدد في البداية أننا لسنا ضد قيام الأمن بعمله من خلال تتبع هوية وخلفية الخطيب أو انتمائه، ولسنا ضد قيام المخابرات بعملها في تتبع ملفات خطباء أو مناضلين وغيرهم.. لأن دور المخابرات ورجال الأمن هو حماية الوطن وتوفير الأمن للمواطنين.. وكثير من الخطباء والأئمة لم يجدوا حرجا في أن يجيبوا عن أسئلة الأمن ويكشفوا عن أهدافهم التي لا تخرج عن كونهم غيورين كل الغيرة على هذا الوطن وهم يمارسون توجيه الناس لما فيه الخير ليكونوا مسلمين مؤمنين صادقين في عملهم متحابين بينهم، وعن سهرهم على تكوين هذا الإنسان الذي يعد العملة الصعبة في عملية رقي وازدهار البلاد. وبمجرد ما يتعرف رجال الأمن خلفيات هذا الإمام ويتلمسون فيه الصدق في ولائه لبلده وملكه وحبه للناس أجمعين.. لا يكفر أحدا ولا يدعو لمنكر ولا يدعو لتطرف حتى يدعونه وشأنه. وهذا ما وقع مع المقرئ الشيخ عمر القزابري حين تكلم عن استدعائه من طرف الأمن فاعتبر الأمر بدهيا على اعتبار أنه حديث عهد بمسجد الحسن الثاني ولارتفاع عدد المصلين بشكل مثير للانتباه ما جعل السلطات تستمع إليه من حين لآخر لتوضيح بعض الأمور ولرسم صورة عنه. وقد حضرت شخصيا أثناء مسيرة مرخص لها لمساندة الشعب الفلسطيني، حيث في الختام قام الأستاذ عبد الله النهاري بإلقاء كلمة ختامية لم يفته فيها أن يدعو مع رجال الأمن بكل خير ويشكرهم على حفظهم على النظام في الشارع العام.
وهذا نسرده ردا على الذين يريدون أن يجعلوا الأئمة والخطباء في كفة ورجال الأمن في كفة أخرى، وكأن بينهم حرب ضروس، أو هم لا يلتقيان أبدا، في حين فالكل مغاربة مسلمون يحبون بلدهم ولكل دور يقوم به لتكتمل الأدوار. فالخطيب عندما يتحدث عن فساد ما مالي أو إداري ويذكره بأدلته فالقضاء و رجال الأمن يتكاملون مع الخطيب عندما يضربون على أيدي المجرمين المتلاعبين بالمال العام أو المرتشين الذي يستنزفون أموال المغاربة الذين هم قبل كل شيء رعايا صاحب الجلالة نصره الله. وما يقال عن الأمن يقال عن السلطات والمخابرات التي لا يقل دورها أهمية عن دور الأمن. خصوصا في وقت صار الإرهاب عملة تصدر وهي عملة لا دين لها ولا جنسية. إ
ذن نقول للسيد السعدوني لا داعي لتضخيم الأمر وافتعال عداء استراتيجي بين الأئمة والأمن..فإن لكل دور ولا يقل دور هذا أهمية عن دور ذاك فالهدف واحد هو حماية الوطن والسعي إلى تفعيل وسائل تقدمه وازدهاره مع اختلاف الوسائل والآليات. كما أن الخطيب في حاجة ماسة لرجل الأمن فقد يلجأ إليه إذا سرق بيته أو تم الاعتداء عليه كما يصطف رجل الأمن في الصلاة وراء الخطيب أو الإمام ليؤدي حق الله. وأي رجل أمن ضيع حق الله فهو دون شك لحق البلاد والعباد أضيع. كما أن السيد السعدوني يصف الشيخ النهاري بأنه رجل متشدد ومتشنج وخطبه النارية تكفر المسؤولين. فيما هذا التشدد؟ وفيما هذا التشنج؟ فإذا كان تشددا في الحق وفي الدفاع عن الوطن، وتشنجا في رفض الظلم والبغي، فإننا نحن المغاربة كلنا متشددون ومتشنجون في الدفاع عن صحرائنا ضد العدو المستعمر لأنه حق. إلا إذا كان السيد السعدوني غير متشنج ولا متشدد وهذا سيجعله عدوا للمغرب والمغاربة أجمعين. وحتى على مستوى المنهج قد سقط السعدوني في خطإ كبير لأنه كان عليه أن يوضح فيما هذا التشدد ومما هذا التشنج. ولعله بعدم توضيحه فهو يستحمر المغاربة لأنه كان يضن أن المغاربة لا يفهمون إلا التشدد السلبي والتشنج المرفوض الذي يقترب من التعصب والتطرف.
أما عن المواضيع التي يتطرق إليها الأستاذ النهاري فهي كما ذكر السعدوني على لسان النهاري نفسه نفس المواضيع التي يتحدث عنها كل الخطباء مع وجود فرق في رفع الصوت حتى يستيقظ الناس من سباتهم ومن بحر المعصية والشهوات. أما كون الشيخ يكفر المسؤولين في خطبه فالبينة على المدعي. وللأسف لم يوضح لنا الشيخ السعدوني في أي خطبة ساق النهاري كلمة الكفر، وحتى المقطع الذي ساقه لا يحمل أدنى إشارة للتكفير، ولست أدري لماذا أغفل الأستاذ السعدوني المقطع الأسبق الذي يحمل الدعاء بالتوبة على الذين يشيعون الخمور في البلاد. ثم هل يؤيد الأستاذ السعدوني أن يتبرع مسؤولو شركات كبرى بالبلاد على نانسي عجرم بمليار سنتيم عوض صرفها في بناء المستشفيات والمدارس والقناطر والطرقات؟ أم ترى أن السيد السعدوني يجهل أن جلالة الملك هو الوحيد الذي يحمل على كتفه تنمية هذه البلاد.. وهو يتنقل دون كل أو تعب بين المدن والقرى رافعا راية التشييد والبناء.. ما كنا نحلم مع مرور كل الحكومات أن نرى المدن المغربية تتنظم وتتزين وتتعمر وتتوسع بمرافق جديدة من جامعات وكليات ومرافق اجتماعية ومدارس للأصحاء وأخرى للمعطوبين...فإلى متى سيظل ملك البلاد يملأ فراغ المسؤولين؟ فإن المهام الكبرى للبلاد تحتاج للتواجد المستمر لملك البلاد ولذا فإن هؤلاء الخطباء فقط يصيحون لينهض هؤلاء المسؤولين من سباتهم ليقوموا بدورهم وليعلنوا عن توبتهم ويعقدوا الصلح مع الله ومع الوطن والمواطنين. وأخيرا اعلم سيدي السعدوني أن جلالة الملك محمد السادس حفظه الله هو أمير المؤمنين وهذه صفة دينية تتناغم مع وجود خطباء وأئمة، ولذلك انسجم دور الخطباء الذين يفضحون الخائنين في هذا الوطن مع ما قام به جلالته من تسريح لبعض الخائنين كعامل خنيفرة والجنرالين بالمستشفى العسكري بالرباط والبقية ستأتي ما دام هناك خطباء يحبون هذا الوطن ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. هناك أمر ذكره السيد السعدوني لابد من الوقوف عنده ويتعلق الأمر بمعجبات القزابري. إذ يقول الأستاذ السعدوني أن الفتيات كن يرمين للمقرئ عمر القزابري أوراقا كتب عليها "زوجتك نفسي" و "وهبتك روحي" فأنا أتساءل هل كان هناك السيد السعدوني واطلع على تلك الأوراك أم أنه هو كذلك رمى بورقة تحمل نفس المعنى؟ فبعيدا عن تلك الأوراق وما تحمله من معنى فما المانع أن تعجب امرأة مؤمنة بصوت مقرئ يزيدها خشوعا وتدبرا لكلام الله. أما بالشكل الكاركاتوري الذي رسمه السعدوني، فإن كان قد وقع، فهي حالة شاذة والشاذ لا يقاس عليه. والأهم هو معرفة رد فعل الإمام من هذا الموقف. أي هل تبادل النظرات وحمل تلك الأوراق وتمايل بجسده بزهو وتبختر؟ فمادام لم يفعل ذاك إذن فهو موقف مشرف يحسب له ومن شأنه أن يزيد ثقة الناس في إمامهم لأنه لم يهتم ولم يأبه بل غض بصره وساق سيارته دون التفات، حفظ الله الأئمة والخطباء فإنهم أكثر من يساهم في تطهير الوطن من الإرهاب والتطرف، وأجل من يساهم في التنمية من خلال بناء الإنسان الذي يعتبر ركنا أساسا في بناء الأوطان.