خطة الدفاع عن بغداد

[

--------------------------------------------------------------------------------

--------------------------------------------------------------------------------


بسم الله الرحمن الرحيم

خطة الدفاع عن بغداد

المقدمة

1- السؤال المهم الذي يطرح نفسه من قبل ا لمتتبع لاحداث احتلال بغداد والمعارك التي حدثت خلالهاهو هل كانت هناك خطة واضحة للمقاومة من قبل القيادة العامة ؟ وهل تم إبلاغها للقادة والأمرين ؟
وكان الجواب على هذا السؤال المحير للجميع ولكثير من التساؤلات والحديث عن الانهيار غير المتوقع للجيش العراقي وحزب البعث العربي الاشتراكي خلال معركة بغداد التي احتلت يوم التاسع من نيسان عام 2003 وأ ُعزَيّ ذلك إلى تقصير القيادة العامة للقوات المسلحة كونها لم تـُعد الخطط الكفيلة للدفاع عن بغداد والتحول إلى قتال المدن وحرب العصابات بما فيها المقاومة والتي كانت من المتوقع حسب تقدير الرئيس صدام حسين أن تطول لأكثر من ستة أشهر يتكبد فيها الأمريكان وحلفائهم حجما ً كبيرا ً من الخسائر والتضحيات. وقد صرح الرئيس صدام حسين قبيل اندلاع الحرب وعلى الملأ وفي كافةوسائل الإعلام بما يلي
أن الأمريكان مغول العصر سينتحرون على أسوار بغداد
إن مثل هذا التصريح لرئيس دولة وقائدا ً عاما ً للقوات المسلحة لم يكن سدى أبدا ً وأنه قد استند بذلك إلى خطة متقنة أعدت مسبقا وجاهزة للتطبيق عندما يحين الوقت المناسب لذلك، ولكن .. . (( تهب الرياح بما لا تشتهي السفن)) وان ما سأذكره أدناه معلومات موثقة وأكيدة مستقاة من قادة أما شاركوا في إعداد الخطط أو ممن وصلته واطلع عليها بالتفاصيل وهم أحياء يرزقون ولا بد أن اذكر بأمانة أن هناك قد تكون بعض الحقائق لم تذكر في هذا المقال أما لاستشهاد من يعرفها أو لم يحين الوقت بعد للكشف عنها.

2- الخطة الأولى للدفاع عن بغداد

بعدالاحداث التي حدث حدثت في العراق وخاصة في جنوبه عام 1991 عمدت القيادة العامة للقوات المسلحة بإعداد دراسة موسعة لوضع خطة الدفاع عن بغداد والمدن الكبيرة ضد إيه أعمال تهدد السلطه أو تأخر قد يحدث في المستقبل في العراق مستفيدين مما حصل في عام 1991 ، وكانت تلك الخطة تتألف من الوحدات والتشكيلات والمقرات التالية.

أ‌- مقرات حزب البعث العربي الاشتراكي.
ب‌- مقرات كافة المديريات والصنوف في بغداد.
ج- قوى الأمن الداخلي
د- فدائيو صدام.
هـ - كافة الوحدات المتواجدة في بغداد وكذلك وحدات الدفاع الجوي والذي أنيط بها واجب مكافحة اعمل الإنزال الجوي.
وكان القائد المكلف بالإشراف على تنفيذ الخطة هو اللواء الركن ن . ش . م عندما كان يشغل منصب رئيس أكاديمية البكر ولكن الخطة بقت حبرا ً على ورق ولم تتطور أبدا ً ولم تمارس على الإطلاق وخاصة بعدما استقرت الأمور كسابق عهدها قبل احداث 1991.

3- خطة الدفاع عن بغداد الثانية

في عام 1995 – 1996 أعدت دراسة من قبل لجنة أخرى للتوصل إلى خطة الدفاع عن بغداد وكان احد أعضائها اللواء الركن ( ق . ا . ن ) ممثلا ً عن مديرية الاستخبارات العسكرية.ومن ابرز ما جاء فيها مايلي

أ‌- قسمت بغداد إلى أثني عشر قاطعا ً بصورة عمودية وليس أفقيا ً بغية عزل مدينة الثورة ومدينة الشعلة وغيرها ذات الكثافة السكانية الشيعية.
ب‌- كل قاطع من تلك القواطع نسب له قائد عسكري وهو احد مدراء الصنوف ويعاونه أمين سر الشعبة لتلك المنطقة أو القاطع.
ج- عين قائدا عاما للإشراف على تنفيذ الخطة وهو قصي صدام حسين ولكن أيضا كما أسلفت سابقا لم تطبق الخطة ولم يمارس عليها كما ينبغي وحين عدلت بعدئذ وقبيل الاحتلال بأكثر من ستة أشهر.

4- خطة الدفاع عن بغداد الثالثة ( المطرقة )

قبل الاحتلال بأكثر من ستة أشهر وضعت خطة جديدة للدفاع عن بغداد وفيما إذا احتلت بغداد فيصار إلى قتال المدن والعصابات المسلحة بما فيها أعمال المقاومة المتنوعة. وسميت تلك الخطة ((بالمطرقة )) وقد تم الاستفادة من الخطط السابقة المعدة عامي 1995 -1999 وأضيفت إلى تلك الخطة الوحدات والمقرات التالية

أ‌- جهاز الأمن الخاص
ب‌- جهاز المخابرات العامة
ج-الأمن العامة
د- مديرية الاستخبارات العسكرية
هـ- وأضيفت أخيرا فرقة من فرق الحرس الجمهوري وهي فرقة ( المدينة المنورة)
و- تشكل باقي فرق الحرس الجمهوري طوق دفاعي حول بغداد بمسافة 50كم عن العاصمة بغداد ومن جميع الجهات
ز- عين قصي صدام حسين قائدا أعلى لتلك الخطة

وقبيل الحرب دخلت جميع فرق الحرس الجمهوري المنسبة لهذا الطوق ( الواجب ) في مخابئها المعدة بعناية للحماية من تأثير القصف الجوي المعادي ، وبقيت فرقة المدينة المنورة داخل محيط بغداد للدفاع عنها.

5- السؤال الذي حير الجميع لماذا لم تنفذ تلك الخطة المعدة بعناية فائقة لهذا الغرض مما سبب احتلال بغداد بسهولة يوم 9-4-2003 من قبل الأمريكان الأوغاد وحلفائهم . وأبين أدناه جزء مهم لأسباب ذلك حصرا لإجابة وفقا ً للسؤال المهم والمحير والذي ورد في المقدمة.

6- الأسباب التي أراها جوهرية في هذا الحدث المؤلم

أ‌- جميع فرق الحرس الجمهوري التي كانت مكلفة بالدفاع عن محيط بغداد بمسافة 50 كم كما بينا سابقا ً خرجت من مخابئها بناءً على أوامر أصدرت إليها من قصي صدام حسين للتقدم باتجاه كربلاء والنجف لملاقاة العدو ودحرهم في تلك المناطق مما سبب تعرضها للقوة الجوية المعادية الجبارة ونتج عن ذلك إبادة أغلب دباباتها وناقلاتها ومواضعها وهي بدون غطاء جوي يذكر مما سبب عدم قدرتها عن حماية نفسها وحطم معنويات مقاتليها لكثرة الخسائر التي حدثت نتيجة القصف الجوي المعادي.
ب‌- اندفاع فرقة المدينة المنورة حرس جمهوري من بغداد باتجاه المحمودية نهارا ً وبدون غطاء جوي أيضا ً وتعرضت لأقسى أنواع التدمير وكانت هي الفرقة الرئيسية للدفاع عن بغداد والمعول عليها ، وكان هذا القرار الذي اتخذه قصي من اخطر القرارات التي اتخذت خلال العدوان على العراق.
ج- أما عنصر المشاة المقاتل الشرس والذي اعد إعدادا جيد لهذا الواجب فهم فدائيوا صدام حيث حصل لهم ما حصل وسوف الخص ذلك بما يلي


أولا اشتراك فدائيو صدام بقيادة الرئيس صدام حسين في ثلاث معارك قتالية في مطار صدام الدولي وفي بداية مدينة اليرموك وقد أبيد اغلب عناصر هذه القوة بعد هذه المعارك الثلاثة الطاحنة وفي المعركة الأولى تمكن الفدائيون من قطع رؤوس الأمريكان أكثر من حمولة ثلاث شاحنات كبيرة وقد صورت تلك الشاحنات الممتلئة بالرؤوس قناة الجزيرة مما أدى بالأمريكان إلى قصف مقر قناة الجزيرة الواقع في بناء قرب من فندق مليا المنصور وهذا الأمر معلوم إضافة إلى هجوم الفدائيون وعناصر من الحرس الخاص بقيادة صدام حسين للارتال الأمريكية في منطقة جامع أم الطبول وأوقعوا بالأمريكان خسائر فادحة بالأرواح باستخدامهم قاذفات R.B.G7 .
ثانيا ً قامت القوة الجوية للتحالف الأسود بقصف جميع مقرات فدائيوا صدام في بغداد وخاصة المقر الرئيسي الكائن في منطقة الراشدية وقتل من قتل من منتسبي تلك القوة.

د‌- لم يقاتل أبدا معظم عناصر حزب البعث العربي الاشتراكي بل تركوا أسلحتهم ومسؤولياتهم وذهبوا إلى دورهم والدليل القطعي على ذلك انه لم يسقط من أعضاء الكادر الحزبي المتقدم اي احد. بل قاتل عوضاً عنهم الضباط وضباط الصف النشامى والغيارى من أهالي بغداد وغيرها من المناطق ببسالة وإقدام وشجاعة متناهية في معارك مع الأمريكان استمرت لمدة يومين يشهد لها التاريخ أن كان هناك إنصاف وتقييم لهم، هذا إضافة إلى الفدائيين العرب النجباء الذين قاتلوا ببسالة متناهية في اغلب مناطق بغداد العاصمة ويسجل لهم التاريخ وقفة شرف فعلا ً. وقد دفن شهدائهم في مقبرة الشهداء ( روضة شهداء الاعظمية ) .

هـ- ولهذا نجد أن الأمريكان قد تمكنوا من احتلال بغداد بسهولة متناهية حيث لم يتواجد إمامهم ايه قطعات عسكرية نظامية بمعنى الكلمة وكان من السهولة بإمكان تصدي الأمريكان لتلك المقاومة وإزاحتها الواحدة تلو الأخرى للقدرات الجوية الفائقة لديهم وبعد أن تخلى أفراد القوات المسلحة وقادتهم عن شرف المهنة العسكرية وتركوا معداتهم العسكرية وأسلحتهم في شوارع بغداد.

7- بعض الملاحظات المهمة

أ‌- لقد تم تصميم خطة ( المطرقة ) للدفاع عن بغداد إلى 9 من القيادات والى مستوى الوحدات قبل احتلال بغداد بأكثر من ستة أشهر بكتاب سري للغاية وشخصي ب‌- توضح الخطة كافة الأساليب والاحتمالات لتقرب العدو نحو العاصمة بغداد وقد قسمت بغداد إلى اثني عشر قاطعا ً موضح ومفصل تحيد القيادة والوحدات المسؤولة عمن كل قاطع.
ج- ومن الغريب في الأمر إن الجهات التي قامت بإعداد وتصميم الخطة لم تكن بقدر المسؤولية ، مما أدى إلى عدم متابعة الإجراءات التي اتخذتها القيادة والأمرين عندما تم تسليم الخطة لهم ، بل حسبما علمت قد ركنت في الدواليب وحفظت فيها ولحد علمي لم تجر ايه ممارسات عليها ولم يتم التأكيد عليها عند بدء غزو العراق.

د- لقد صدرت توجيهات إلى مقرات التشكيلات وكافة الوحدات لإعداد خطط للدفاع عن المقرات وبصورة خاصة مقرات المقر العام بحيث يجب أن تعد خطة من قبل جميع الأمرين وبصورة مفصلة تحدد فيها الواجبات والمهام لكل عنصر فيها ولكن مع الأسف لم تطبق أبدا خلال الحرب

8- هذا وكانت من جملة الأسباب التي أدت بالأمريكان وحلفائهم من احتلال العاصمة بغداد بسهولة أذهلت جميع العالم والتي كان من المتوقع أن يجري القتال فيها وأعمال المقاومة وحرب العصابات لمدة تزيد عن ستة أشهر. ولكن هناك شيء مهم آخر حول الخطة المعنية بالدفاع عن بغداد أن هناك خطة للدفاع عن بغداد أعدت في 18-12-2002 من قبل رئيس أركان الحرس الجمهوري الفريق أول ركن سيف الراوي وقد جرت مناقشتها مساء ذلك اليوم وبإشراف قصي صدام حسين وتتلخص الخطة بما يلي

أ‌- الدفاع عن بغداد بشكل دائري ومن جميع الجهات ومثلت بأربع دوائر بألوان مختلفة تحيط بمدينة بغداد وتشير كل دائرة إلى خط دفاعي دائري تدافع عنه ثلاث فرق من الحرس الجمهوري وإذا ما حقق العدو التماس بالدائرة الخارجية الأولى يتم القتال إلى حين يتم الإيعاز لتلك الفرقة بالقتال التراجعي إلي الخط الذي يليه لحين قبول القتال النهائي داخل مدينة بغداد.
ب‌- كان نصف القطر لتلك الدفاعات الدائرية ولجميع الجهات يبلغ 50-60كم وإذا كان ما ورد في هذا الكتاب صحيحا ً فلماذا لم يشارك وزير الدفاع والقيادة العامة ورئيس أركان الجيش في مناقشته تلك الخطة للتأكد من سلامتها وكونها ملائمة للدفاع عن بغداد ؟ هذا أولا ً والشيء الثاني المهم أن توزيع فرق الحرس في بداية الاعتداء لم يكن يناسب هذه الخطة التي عرضت وللمعلومات أن قيادة الحرس تعمل بعيدا ً عن تدخل وزير الدفاع او القيادة العامة أو رئاسة أركان الجيش ولم يكن هناك أي تنسيق مهما كان الموضع خطيرا ً ومنع منعا ً باتا ً لقادة وأمري وحدات الحرس الاتصال بأي مسؤول أو مقر خارج وحدات الحرس لاعتبارات أمنية شديدة الحساسية وهنا يمكن القول أن قيادتي الحرس والجيش لم يكونا بالمستوى المطلوب من متطلبات القيادة الموحدة وكان يجب إن يخضع الحرس الجمهوري بكافة تشكيلاته ووحداته وجميع فيالق الجيش تحت قيادة موحدة ألا وهي القيادة العامة للقوات المسلحة وهذا لم يحصل خلال الحرب مما شبب الارتباك وضياع مسؤولية صنع القرار وهو أخطر ما في الحروب.

9- وأخيرا ً أؤكد وأنا جازم من هذا القول أن كانت هناك خطة موضوعة بشكل متقن وقد خضعت لدراسات ومناقشات عديدة للدفاع عن العاصمة بغداد ، وكما قلنا سابقا ً إن الرئيس صدام حسين قد صرح قبل الحرب استنادا ً واعتماداً على تلك الخطة بما يلي

(( إن الأمريكان مغول العصر سينتحرون عند أسوار بغداد ))

10 – الخلاصة

أ‌- لقد بينت أعلاه ردا ً مختصرا ً يناسب السؤال عن أسباب أخرى أدت إلى هذا الاحتلال السريع ومنها كما ذكرت سابقا ً تصريح الفريق الأول الركن سلطان هاشم وزير الدفاع قبيل الحرب بأن العدو الأمريكي سيصل إلى أسوار بغداد بعد اقل من عشرة أيام وترك اغلب القادة مسؤولياتهم القيادية بعد ظهر يوم 6-4 ومن الأسباب الرئيسية المهمة إناطة مسؤولية القادة لغير مستحقيها ، وهناك الكثير من الأسباب التي ادت الى احتلال بغداد بهذه السهوله ومن اهمها وابرزها عدم مركزية القياده وتعدد القيادات وانقطاع الاتصال او التنسيق في مابينها.



وفقنا الله جميعا ً لخدمة بلدنا العراق العظيم
وما النصر إلا من عند الله العلي العظيم.
يحيا العراق ..... كلنا فداك ...... المقاومة عز وشرف






--------------------------------------------------------------------------------