الكلمـــــة الحـــــرّة
الكلمـــــة الحـــــرّة
الكلمـــــة الحـــــرّة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الكلمـــــة الحـــــرّة

منتدى ثقافي عام
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أريد حريتي

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فاتحة
الكاتبة القصصية



عدد المساهمات : 617
نقاط : 16749
تاريخ التسجيل : 12/11/2009
الموقع : سلا/ المغرب

أريد حريتي Empty
مُساهمةموضوع: أريد حريتي   أريد حريتي I_icon_minitimeالجمعة فبراير 19, 2010 3:27 am

السلام عليكم ورحمة الله
أريد حريتي


كانت زبونة دائمة للمقهى،منتظمة في مواعيدها، دائما في نفس التوقيت وبلباسها الرسمي والذي ينم على أنها موظفة كبيرة و سيدة أعمال لها مكانة ونفوذ، متوسطة العمر، يغزو شعرها بعض الشيب والذي لم تهتم بإخفائه كما تفعل باقي النساء، رزينة، تبدو عليها الهيبة والوقار مشيتها جادة ، ملامحها فيها قوة وصرامة، ربما صرامة اكتسبتها من موقعها في عملها كصاحبة قرار، توقف سيارتها دائما في نفس المكان، مكان قريب من المقهى الذي تعودت على ولوجه، وعندما تنتهي من شرب قهوتها الصباحية، تمتطي القطار في رحلة إلى عملها، وذلك بسبب الاكتضاض الذي تعرفه الطرقات والذي يجعلها تتأخر عن عملها الذي لا يقبل منها ولو ثانية تأخير، نفس الروتين كل يوم وعلى نفس الوتيرة.
كان المقهى الذي تتردد عليه بشكل يومي كبيرا ويوجد وسط المدينة، يدخله فقط علية القوم لانه كان مقهى غال جدا، ولا يستطيع أيا كان دفع ثمن فنجان القهوة الذي يعتبر ثمنه مضاعفا بثلاث مرات، يقولون أنه يعمل قهوة إيطالية فاخرة الصنع وراقية الجودة ولذيذة المذاق.
لم تكن تجد فضاء أكثر حرية منه ولا أوقر منه، في البداية كان دخولها للمقهى ملفتا للانتباه، الكل يتساءل كيف بها وهي امرأة ويظهر عليها الوقار والهيبة أن تسمح لنفسها أن تقتحم عالم يحتكره الرجال، لكن بعد ترددها أياما وأيام خفت حدة الفضول وقلت نظرة التطفل في عيون مريدي المقهى.
كانت كل صباح وقبل أن تستقل القطار للذهاب إلى عملها الموجود في مدينة أخرى، تزور المقهى تطلب فنجان قهوة وتفتح الجريدة متصفحة في البداية العناوين وعندما تجد عنوانا يشدها تنغمس في قراءته وكانت دائما ما تتمتم بكلام مبهم وكأنها تحدث كاتب المقال أو تفكر بصوت مرتفع.
كانت ترتشف قهوتها بسرعة لتتمكن من اللحاق بالقطار قبل أن يتركها ويذهب لأن ليس لها وقت كي تنتظر ساعات، ريثما يجيء قطار آخر..
وعندما إطمأنت أن كل زوار المقهى بدأوا يستأنسون لوجودها، طلبت ذات مرة من الناذل طلبا غريبا، طلبا لم يتخيل أبدا أنه سيسمعه من امرأة رزينة، متزنة وملتزمة، فلقد طلبت منه على استحياء بالسماح لها بالتدخين، طبعا المقهى للجميع وليس محظورا التدخين فيه، فأكد لها أن لا مشكلة عنده، وعلامات الاستغراب بادية عليه، لم تلتفت لاستغرابه، فقد فتحت حقيبتها بسرعة وأخذت سيجارة من النوع الرفيع وبدأت تدخن بطريقة تنم عن خبرة وتجربة وباع طويل في ارتشاف السجائر فهي متمرسة تاخذ نفسا طويلا وكأنها تريد إحراق ما يعتمل بداخلها من تعب أو مرار أو ماشابه لتخرجه دخان يتصاعد أمامها وتتأمله طويلا ، طبعا كانت الدهشة هي سيدة الموقف حينها فعالم الرجال، اقتحمته امرأة بل وليس أي امرأة ومدخنة ايضا.
أصبحت المسكينة حديث الساعة وكل ساعة في المقهى، إلى أن علم الكل وبالتدريج أصبح الأمرعاديا جدا، بل الأكثر من هذا أن هناك رجالا بدأوا يلجأون لها إذا فرغت علب سجائرهم، ورغم ذلك فهي لم تفقد احترامها فمازالت هي هي تلك السيدة الوقور التي ترتشف فنجان قهوة بهدوء مع قراءة الجريدة وحيدة لا تتكلم بكلام غير لائق ولا تشارك في الحوارات الرجالية أبدا، تنهي سيجارتها وتحمل حقيبتها وترحل.
وفي يوم دخلت كعادتها المقهى، طلبت نوع القهوة المفضل لها، أشعلت السيجارة وفتحت الجريدة، وفي أول صفحات الجريدة هناك عنوان كبير جدا وقع نظرها علىه فانتفضت منه ورمت الجريدة ومن شدة غضبها وتوترها سكبت فنجان القهوة على الطاولة وخرجت مسرعة على غير عادتها مزمجرة ساخطة وهي تقول فليقيدوا جميع حرياتنا وليأخذ الرجال كل شيء ، طبعا تصرف كهذا ومن إنسانة بطبعها هادئة خلف ردود أفعال عند من يعرفها ومن لا يعرفها، عندما التقط الناذل الجريدة التي لازالت مطوية على الصفحة التي أغضبت أختنا وجد قانونا يلزم كل مريدي الأماكن العمومية بعدم التدخين.
ففهم الكل أن المسكينة كانت تجد ضالتها في المقهى، فليس هناك مكان أبعد من عيون الناس وأبعد من التقاليد والعادات والأعراف من المقهى كانت تجد في المقهى متعة ستحرم منها النهار كله، لأنها لاتستطيع التدخين أمام الناس حتى لا ينعتوها ب..... ولا تتستطيع التدخين في عملها حتى لا تفقد احترام من يعمل معها أو عندها ومنذ ذلك الحين اختفت من المقهى ولم يرها أحد بعد ذلك.
لكن بغضبها وعصبيتها دفعت الكثير للتساؤل، لو كان التدخين حراما فسيكون حراما على الرجل والمرأة سواء؟فلماذا هو ينعم بحريات زائدة، أما هي فتبقى حبيسة الأعراف والتقاليد وكلام الناس ونظرتهم هذه النظرة التي تصبح لصيقة بالانسان فإما علو وإما انحدار إلى أسفل سافلين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كريم الراوى
مشرف منتدى البوح و القصة
كريم الراوى


عدد المساهمات : 92
نقاط : 15725
تاريخ التسجيل : 14/02/2010
العمر : 35
الموقع : قاهرة المعز- مصر

أريد حريتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: أريد حريتي   أريد حريتي I_icon_minitimeالجمعة فبراير 19, 2010 4:45 pm

السلام عليكم ورحمة الله
اختى فاتحة شكرا لك على هذه القصة البديعة
فنعم يا فاتحة فى مجتمعنا الذكورى اصبحت المرأة وتصرافتها تحت المجهر
الكل ينتظر منها اى فعلة حتى لو كانت عادية ليحولوها الى غير مسارها الطبيعى
ويأولها الى ما يهواه من امور ...
تطرقت الى كبت المرأة وحبس حريتها لكن موضوعك انعش ذاكرتى , فتذكرت ان ما يوجه الى المرأة من ملاحقة ما هو إلا حلقة من مسلسل طويل من الكبت وحبس الحريات وقتلها لمعظم فئات المجتمع سواء كان للمرأة او الشباب او المُصلحين كأنهم ارادوا لنا ونجحوا فى ان نتولى نحن خنق حريتنا فكل منا ينتظر من الاخر رأيا حتى يصدر عليه الحكم بالخروج منا ومن جماعتنا
قاتحة قصتك ممتازة تحمل معانى جديرة بالمناقشة والتأمل
دمت مبدعة لنا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهادي الزغيدي
مدير الموقع
الهادي الزغيدي


عدد المساهمات : 4023
نقاط : 23465
تاريخ التسجيل : 08/11/2009
العمر : 49
الموقع : تونس

أريد حريتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: أريد حريتي   أريد حريتي I_icon_minitimeالسبت فبراير 20, 2010 1:24 am

الأخت العزيزة فاتحة


إن قصتك تجعل القارئ يتساءل : هل أن المرأة إذا تشبهت

بالرجل و فعلت ما يفعله تُدان و تصبح امرأة غير متخلقة

و امرأة مخالفة للشرع ؟ . و هل أن القانون يحمي المرأة

و يحمي الرجل ؟ و هل أن نواضعي القوانين يفكرون في

نفسية المواطن و مدى تجاوربه معها ؟.

لقد استطاعت هذه المرأة رغم سلوكها المتحرر و اجتياحها

لعالم الرجال أن تنال احترامهم فلم يقولوا عنها سوء لأنها

كانت تحترم نفسها ، و لكن هل أن سلوكها مقبول من

الناحية الإجتماعية ؟ و إذا كان غير مقبول و نحن نعلم أن

المرأة إنسان فلماذا يُقبل نفس السلوك من الرجل مع

أنهما ينتميان إلى الجنس البشري ؟


شكرا لك أختي العزيزة على ما تنشرين من إبداع يجعلك

متميزة

و لك تحياتي و ودّي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elkalima-elhorra.ahlamontada.com
 
أريد حريتي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حريتي ...أطلقت ...
» أريد ترحيب خاص
» البرادعي: أريد أن أكون وسيلة للتغيير

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الكلمـــــة الحـــــرّة :: منتدى القصة-
انتقل الى: