فشلت المفاوضات قبل ان تبدأ

فشلت المفاوضات قبل ان تبدأ

رأي القدس

اعلنت الحكومة الاسرائيلية يوم امس بناء 1200 وحدة سكنية جديدة في احدى مستوطناتها القريبة من بيت لحم في الضفة الغربية المحتلة، في الوقت الذي كان السناتور جورج ميتشل مبعوث السلام الامريكي يجري مباحثات مع الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، للاعداد للجولة الجديدة من المفاوضات غير المباشرة.
هذه الخطوة الاستفزازية الاسرائيلية من حيث توقيتها ومن حيث مضمونها توجه ثلاث رسائل رئيسية:
' الاولى: للسلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس تؤكد ان حكومة بنيامين نتنياهو ماضية قدما في خططها الاستيطانية، ولن ترضخ لاي ضغوط تستهدف وقفها، ولن يكتب لها النجاح.
' الثانية: الى الادارة الامريكية تؤكد ان الوعد بتجميد الاستيطان لعدة اشهر غير ملزم على الاطلاق، وعلى المبعوث الامريكي للسلام ان يتخلى عن طموحاته بتركيز الجولة المقبلة للمفاوضات غير المباشرة على تحديد حدود الدولة الفلسطينية المقبلة، لان اسرائيل هي التي تقرر حدود هذه الدولة ووفق منظورها الخاص، دون تدخل اي اطراف اخرى.
' الثالثة: موجهة الى الحكومات العربية ولجنة متابعة مبادرة السلام العربية المكونة من وزراء الخارجية، وهي اللجنة التي اعطت الرئيس الفلسطيني الغطاء العربي للعودة الى المفاوضات، وتفيد بان هذه الحكومات ليس لها اي وزن، وان مبادرتها للسلام لا قيمة لها، ولن تحظى باي احترام من الجانب الاسرائيلي.
المنطق يقول بان وزراء الخارجية العرب الذين ايدوا عودة السلطة الى المفاوضات، يجب عليهم التحرك فورا وتحويل ضوئهم الاخضر الى ضوء احمر، اي سحب هذا التأييد فورا، ومطالبة الطرف الفلسطيني بعدم التراجع عن مطالبه السابقة بالتجميد الكامل والحقيقي للاستيطان. ولكن الحكومات العربية لن تقدم على اي خطوة في هذا المضمار، وستدفن رأسها في الرمال مثلما جرت العادة.
الدكتور صائب عريقات وزير الخارجية الفلسطيني الحقيقي، وأحد مهندسي خطة المفاوضات غير المباشرة، والمؤيدين للعودة اليها، قال في تصريحات لفضائية 'الجزيرة' ان القرار الاسرائيلي باستئناف الاستيطان موجه الى الوسيط الامريكي الذي يجب عليه ان يتحرك لمجابهته، ولكنه يبدو متفائلا في هذا الطرح، لان الجانب الامريكي لا يعير الفلسطينيين اي اهتمام، وباتت الادارة الامريكية الحالية تتبنى الخطوات الاسرائيلية بالكامل لسبب بسيط، وهو ان ملف المفاوضات، وبالاحرى ملف الصراع العربي ـ الاسرائيلي بشكل عام يحتل مرتبة متدنية على سلم اولوياتها بالمقارنة مع الملف النووي الايراني، والازمة الاقتصادية والهموم الداخلية الامريكية الاخرى.
كنا نتمنى لو ان السيد محمود عباس قد تصلب في موقفه السابق، اي عدم العودة الى المفاوضات الا بعد الزام اسرائيل بالتجميد الكامل للاستيطان، ولكنه تراجع بسرعة استجابة للضغوط الامريكية والتلويح بوقف المساعدات المالية، وذهب الى شرم الشيخ طالبا مساعدة الرئيس المصري لتسهيل عودته الى المفاوضات بضوء اخضر عربي، وهو ما كان.
العيب ليس في اسرائيل وانما في السلطة الفلسطينية التي تقبل ان تتحول الى 'شرابة خرج' اي اداة طيعة في يد الادارة الامريكية، دون ان يكون لها اي وزن او احترام. فطالما ان اسرائيل مستمرة في تنفيذ خططها وتهويد الارض والمقدسات دون اي اعتبار لاحد، فلماذا المفاوضات ولماذا الاستمرار في وهم السلام، فلترحل هذه السلطة التي باتت عبئا على الشعب الفلسطيني، ولتفسح المجال امام خيارات اخرى ومن بينها خيار المقاومة باشكالها المتعددة. فهل هناك مؤشرات اوضح من كل هذا على فشل خيارها التفاوضي؟
ان السلطة الفلسطينية واستمرارها في ظل وضعها الحالي اكثر ضررا على الشعب الفلسطيني من بقائها، ولذلك فان ذهابها بات مصلحة وطنية فلسطينية.

» لماذا فشلت الثورة التونسية ؟؟
» مصر تبدأ بوضع أبراج فولاذية
» روسيا تبدأ احتفالاتها بعيد النصر
» نجاح المفاوضات في استئنافها فقط
» استئناف المفاوضات.. مبروك