هجرة المثقفين و أسبابها

هجرة المثقفين و أسبابها

العديد من المفكرين و الباحثين و العلماء و رجال

السياسة و المبدعين ... من مصر و من كافة أنحاء

الوطن العربي قد هاجروا إلى أوروبا و غير ها من

بلدان العالم ليس حبّا في هذه البلدان ، و إنما

نتيجة التهميش و القهر و انعدام فرص العمل

و عدم تشجيع الخبرات ، علما بأنّ هؤلاء العرب

قد أسسوا جمعيات و أحزاب و صحف معارضة يدافعون

فيها عن هويتهم العربية الإسلامية و يرفضون فيها

الإستغلال الأجنبي ، فلا يجب أن ننظر لذواتنا على

أساس أننا محور الكون و أن ننظر للآخر على أنه يمثل

السلبية ، فلا أحد ينكر تطوّر الغرب علينا ، و لا

أحد ينكر تخلفنا على جميع المستويات . و نقدنا

لذواتنا يجب أن يكون هدفه السعي إلى الإرتقاء

بأنفسنا لا أن نقف عند نقطة لا نودّ مغادرتها . علما

بأن الذين ينتصرون للغرب انتصارا أعمى موجودون

و انتصارهم يعكس قلة وعيهم لأنهم لا يدركون أن ما

نعيشه من تخلف هو نتيجة الإستعمار الغربي الذي يسعى

إلى حدّ الآن إلى تهميشنا و تشتيتنا لابتزازنا و استغلالنا .

و هذا لا ينفي أن للغرب مزايا يجب أن نسعى لاكتسابها.

زائر

أخي الهادي

نحن لا نستطيع أن ننقد ذاتنا..ولا نقدر أن نرى أنفسنا على مرآة الآخرين..نحن استسلمنا للتقليد..وأصبحنا نأخذ من الغرب كل شيء الذي أصبح مثلنا الأعلى ..وأن نسعى للارتقاء فهذا صعب لمكنونات الشعب العربي من الانهزامية التي تعشش في ذات كل عربي.
لي رأي مخالف، أنا لا أنكر دور المستعمر في الشرذمة التي تعيشها الأمة العربية من خليجها إلى محيطها اليوم، لكن ألا ترى معي أن في ذات كل عربي منا مستعمر بل وألف مستعمر...فالمستعمر كالشيطان يغوي الفرد وإذا غوى أصبح الفرد شيطاناً..هكذا العربي اليوم وصله المستعمر لذاته وأنسحب، ثم ترك المستعمر ذاته في داخلنا، فحطم كل الإبداعات التي كانت تسمى أمة، وكل المقومات التي كانت تسمى إنسان عربي...
وأما المهجرين الذين شكلوا مجموعات ثقافية وأحزاب ومعارضة وغير ذلك..إني أعتبر صوت المعارضة بمثابة تنفيس تساعد على الغواية فقط، ثم إظهار الدول المضيفة على أنها الحرية بذاتها، وترك المعارضة كأوراق ضغط من الغرب على حكام العالمين الإسلامي والعربي، ومتى شاء الغرب كانت المعارضة معارضة وإن لم تشأ كانت مجموعات إرهابية فكرية أوغير ذلك. وحقيقة في الأمر أيضاً أن الكثير من المهجرين أصبحوا من التركيبة الاجتماعية لكل بلد أوربي تواجدوا فيه ولم تجمعهم إلا المصالح كنسبة مرتفعة منهم، وما المعارضة من هؤلاء سواء كانت لنظام البلد المضيف بعد التجنس، أو معارضة لأنظمة بلدانهم الأصلية، فإنها ومع احترامي الشديد لها دون جدوى وفعالية لأسباب كثيرة أهمها عدم وجود برنامج سياسي واضح كمعارضة وطنية، وعدم وجود مرتكزات شعبية لها داخلاً وخارجاً، هذا إن كانت معارضة لأنظمتها العربية، وأما إن كانت معارضة نظام دولة المضيف، بالطبع تكون من خلال أحزاب معارضة محلية وبالتالي معارضة هؤلاء لاتسمن ولا تغني العرب من جوع.. أنا لا أنكر التعسف في بلاد العرب، وانعدام فرص العمل، إضافة للتهميش والعديد من منغصات على المثقف العربي، لكن في ذات الوقت هذا ليس مبرر، فهؤلاء يرون في الغرب الخلاص، لتحسين معيشتهم ومكانتهم في أوطانهم، أي لأسباب شخصية وليست وطنية، وبالتالي نعود لقصة المستعمر الذي عشش فينا.. بلادنا تحتاجنا جميعا، ولو هاجرنا لمن تبقى البلاد ومن سيعمل لأجلها، نحن نشكو الفساد.. والظلم.. والتعسف... والكثير الكثير من السوء على العباد..لكن لنتمسك بالأرض...ولنحافظ على هويتنا في أوطاننا مهما قست علينا الظروف، فالمستعمر الذي في داخلنا هو الذي يهجرنا خارج الأوطان، ولا نعطي الفرصة لأحد بتهجير عقولنا ومثقفينا وكفاءاتنا ، ففي المهجر يستغل الإنسان ويكون إبداعه على العموم للغير لا لذاته ووطنه الأصلي، ولا نذهب كما ذهبت معارضة العراق إلى الجحيم وأغرقوا بلادهم في براثن الاحتلال....ليكون العراق اليوم أكبر سجن جماعي في التاريخ....عموم هؤلاء كانوا من المهجرين والمفتونين بالغرب، والديمقراطية الأمريكية، هؤلاء ماذا جلبوا لأوطانهم وكيف غدوا اليوم...أين الوطنية التي كانوا يتشدقون بها وأين الإسلام الذي تستروا من وراءه.

لك تحياتي واحترامي

الأخ المعتز بالله

أولا : كل عام و أنت بخير .

ثانيا شكرا على اهتمامك بالموضوع .

ثالثا : لقد أكدت في ردّك على أن الإستعمار ماثل فينا و أننا لم

نتخلص منه و هو بالفعل كذلك لأن الإستعمار المباشر تحول إلى

استعمار غير مباشر أو ما يسمى بالإستعمار الجديد . و لم يخرج

الإستعمار إلا بعد أن نصب في مكانه وكلاء محليون يسهرون على

خدمته و تلبية رغباته و تطبيق سياسته . و لا تقتصر هذه السياسة

الإستعمارية على الحاجات المادية و الثروات الطبيعية بل تعدت

ذلك إلى التدخل في التعليم و الثقافة و الدين و العادات و التقاليد

بما من شأنه أن يساعدها على خلق شعوب مستهلكة تقبل على

بضائعها و تطبق سياستها متناسية بذلك كل ما له علاقة بالعوية

و الدين و العادات و التقاليد و الصناعات المحلية و الوطنية ، و هذه

السياسة التي يعتمدها الإستعمار بدأ في تطبيقها منذ خمسينات

القرن الماضي و وجدت نجاحا منقطع النظير و تشجيعا من الحكومات

العميلة التي تتحصل نتيجة مجهوداتها في خدمة الاستعمار على الفتات.

أما في علاقة بالمثقف العربي فلا يمكن أن نلومه لأه لا يتحمل مسؤولية

في الوضع الراهن و لا يجد سبيلا إلى نشر أفكاره و القيام بدوره في

توعية الجماهير و قيادتها في ظل هذه الأنظمة البوليسية المتشددة مع

كل من يعارضها الفكر و السياسة ، كما أن المثقف لا يجد التشجيع المادي

و المعنوي من طرف هذه الحكومات و بالتالي فإنه أصبح يشعر بالإغتراب

داخل وطنه بين ما يؤمن به و يسعة لتحقيقه و ما يعيشه من واقع مزري

على جميع الواجهات . إن هجرة المثقفين العرب هي نتيجة ضرورية

للواقع الحالي خاصة و أن الهجرة لا تقتصر على المثقفين بل إن الجميع

يفكر في الهجرة . و يكفي أن أخبرك بأني تحدثت منذ أشهر ما شخص

يبدو مجنونا و متسولا و لكنه حدثني باللغة الفرنسية مما استرعى انتباهي

و سألته عن قصته و عن سبب حالته المزرية ، فأعلمني بأنه دكتور في

اختصاص علمي غير موجود بتونس و تحصل على شهادته من فرنسا و حاول

معه الفرنسيون طويلا لأن يبقى عندهم لكنه رفض و أصر على العودة إلى

تونس و لكنه لم يجد عملا و لم يجد تشجيعا من السلط فأصبح فقيرا

معدما لا يجد قوت يومه و فرّت خطيبته منه و تزوجت شخصا آخر نتيجة

لظرزفه القاسية ، فأصبح معتوها و متسولا . و هكذا فإن المجتمع يرمي

بخيرة ابنائه إلى الجنون و الضياع لأنه لم يعد مسؤولا عن التشغيل و عن

التنمية و عن توفير الخدمات للمواطن .

تحياتي إليك

» مجزرة غزّة و أسبابها
» أمراض الكلى.. أسبابها وطرق علاجها