فاتحة الكاتبة القصصية
عدد المساهمات : 617 نقاط : 16749 تاريخ التسجيل : 12/11/2009 الموقع : سلا/ المغرب
| موضوع: الراية السوداء الخميس نوفمبر 17, 2011 11:06 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله الرايـــــة الســــوداء الموج اليوم عال جدا، ليس من عادة البحر أن يكون غاضبا هكذا، تعودت الجلوس بقربه بعد صلاة العصر، بيتها قريب منه كثيرا، عند تلك الصخرة كم ذاكرت واستعدت للامتحانات وكم حلمت بالمستقبل المشرق... كم غازلت نسماته وهامت بهذا الجمال الرباني. تحس براحة وهي تحكي له... هو صديق رائع، لا يغدر ولم يكشف يوما سرا من أسرارها الكثيرة التي خبأها بين طيات أمواجه، يحب صحبتها فيتسلل ليلاعب قدميها الحافيتين برفق ودلال. يبدو عليهما الاختلاف اليوم، فموج عينيها و أزيز قلبها لا يكاد يهدأ، تماما مثلما هو هادر يزمجر. مسحت دموعها الحارقة والموج البارد يلطم الصخرة التي اتخذتها دائما ملاذا ومأوى، وكأنه يبعث لها رسالة خفية فلربما يريدها أن ترحل اليوم ألا تجلس في هذا التوقيت لكي لا ترى عصبيته وهيجانه. أحنت رأسها ...دائما هو الآمر الناهي ... مات والدها منذ سنين قريبة... أمها إنسانة رائعة، تحبها وتحنو عليها لكن تلك الأعراف البالية هي ما جعلت منه السيد في البيت ... ظهر الفرق بينهما منذ الصغر... السيارة الحمراء له والحصان المجنح والدراجة والمسدس واللعب المتواصل مع الرفاق... كل شيء له أما هي فبعض دمى، متشابهة، جامدة، ترقبها بعينيها الزرقاوين الباردتين من كل إحساس. ازداد الموج اقترابا وعلوا لم تلحظ العلم الأسود المرفرف من بعيد... إنه دائما نذير شؤم. ليس ذنبه...هكذا تربى وتشبعت بتلك التقاليد المغرضة التي لا ترحم. سيكون امتدادا لعائلتنا ... أما أنت يا ابنتي فسيأتي يوم وتتزوجين وتذهبين بعيدا وستجعلين نسلا آخر يتجدد... سبحان الله يا للسخف... فكم من نسل كان عارا ودمارا . تعودت على الطاعة... وألفت خدمته وتأقلمت على لامبالاة عائلتها. لطالما اشتعل الرفض داخلها وكم اندفعت لترمي بعرشه الأرض... وكيف تفعل؟ فقد فات أوان الثورة على أوضاع جف حبرها منذ سنين. رفعت رأسها قليلا، انتبهت لضوضاء وصراخ من بعيد لم ترى سوى خيالات تتراقص... فعيناها تفيض دمعا منعها أن تستوضح الرؤية... وإذا بموجة عالية تحضنها وتحملها بعيدا لتمسح عنها كل عذاب وقهر.
| |
|