على حساب القصيدة والشاعر الجميل
* بات من المعروف والسائد بأن طرفي العملية النقدية هما: المبدع ـ الناقد والمنقود وجدير بنا أن نتساءل في الساحة الأدبية ـ الشعرية منها ... أهو الناقد الذي يدّعي أنه القدوة مكتشفاً الدروب الحقيقية، أم هو.. يواكب مسيرة الدرب باحثاً، ومتخطياً.؟!وكيف بنا ، إذا فقد الاتصال ما بين الراعي وخرافه..؟! ما بين القائد وجنوده، مابين الناقد..ومنقودة..! ـ قد تقع الطامة الكبرىـ ويعلو " العجاج " جبين الشفق وتعتم الساحة من بعض ما يجلو ما بعد الغبار من إبداعات رائعة تصرخ من وفي دروج المسئولين الثقافيين أن أعتقوا شعراءنا ... وتركوهم يبصرون النور .
* ومن الطبيعي أن يصاب النقد ببعض الأمراض التي هي عينها تصيب الشعر لأن الناقد تخلف عن المواكبة، وفقد المبادرة، بالإضاءة والكشف...! وبأن الأزمة النقدية..هي عبارة تابعة للأزمة الشعرية للحالة الإبداعية، أن شاعراً مبدعاً ذا بصيرة يمكن أن يصير مشروع ناقد باستكمال عدته الأساسية .. وأن الناقد بحاجة إلى آرائه في الخلق والإبداع...! أما ماذا عن الطرف الثالث في المعادلة الإبداعية التي تتمثل بشخصي الشاعر والناقد..، وهو المتلقي، الحضور، الآخرون ، وهل يستطيع هذا الثالث الذي يشكل الحضور ولولاه ما كان الشعراء ضحاياه... إن شعراً بلا جمهور ، لا يساوي شيئا، حتى لو حشد النقاد جهدهم ، لا يستطيعون تقديم شاعر ، فالحركة الشعرية لا تقوم في فراغ... شعبنا العربي ذو ميراث شعري هائل.. وعلى أرضه المعطاءة أبدعت الملاحم الرائعة، مما يفيض في النفوس ويهذب في السلوك اليومي للفرد وللحالة المجتمعية، إن إلغاء الجمهور يعني هذا نوع من الاستعلاء والقفز على الحقائق.. وهل يستطيع أن يتهم الشعراء والنقاد بالتخلف تحت يافطة التجاوز والتخطي والتجريد...!!
* يفترض بعض الشعراء بأن النقاد من قبيلة تتكلم وتتحاور بلسان واحد ، فهذا يعتبر نقدا مجانيا للحقيقة أحيانا ومجانيا للحقيقة ، فما زال حتى الآن نقاد شكسبير المتخصصون حتى يومنا هذا ، يعطون تفاسير متناقضة لشخصيات تناقضهم وليس اختلافاتهم فقط ، مأخذوا يعابون عليها...؟!
فبعض القصائد مغلقة إلى حدود مثيرة ، ومحيرة تحت اسم الرموز فإذا كان الرمز" صاروخاً هائلاً أطلق في سماء الأدب".. كما عبر عنه "أرشيبا لدمكليش" فإن استخدام هذا الرمز بشكل مشوش أو مضطرب أو أحيانا بدافع التقليد... يجعله عنصراً، لا يضيء القصيدة ، ولا يعمق الإحساس بمعانيها ...، أو تراكم الرموز في النص ، بدافع استعراض, أو لمجرد التداعي ، يؤدي إلى إغلاق بوابات القصيدة بوجه القارئ ...، وقد يلجأ بعض النقاد إلى المجاملة، وهذا ما هو مستشري في الساحات العربية الأدبية اليوم..، فهذا من سلبيات النقد فالمجاملة وتحاشي الصراحة تصدر هذه عن عقد شتى تدير دفة الارتزاق.. والعروض السهلة والارتجال..والمكونات الناقصة،.. وسواها...!
* يجب أن يكون هناك لغة مشتركة بين الناقد والشاعر ، ومفاهيم يلتقي حولها المبدعون شعراء ونقاد، فحين توصف قصيدة ما..بأنها مفرطة بالغنائية، وذات نبرة عالية يحس صاحبها أن هذا النقد تهمة، مع أنه ليس على هذه الصورة، فتلك ميزة فنية ، ربما اتخذتها طبيعة الموضوع والتناول...!
إن الغنائية ليست كما يتصور الآخرون"المباشرة" وليست مرادفة لما يعتمل في الوجدان فهذه المسألة تحتاج إلى وقفة خاصة ومتأنية... وكم تكثر في جلسات الشعراء أن يتبادل الشعراء النقد لبعضهم البعض، في قعداتهم .. وسهراتهم، وقتها نشم روائح البخور، وكلٍ يبارك زميله الشاعر.. رادا على مجاملاته بافتراء لغة تقترب أحيانا من الشعر، وتوزيع الابتسامات، والتصفيق أحياناً ، لكن هذا وذلك لا يدخل في باب النقد. على الشعراء ردم الفجوة بينهم وبين النقاد، وان يدركوا الحد الأدنى من وظيفة النقد، كي لا يبدو الناقد أبا يلوح بالهراوة أو قديسا يحرق البخور لمباركة النصوص التي تضج بأصوات شعراء كثر..! على حساب القصيدة المبدعة..والشاعر الجميل.....!