الكلمـــــة الحـــــرّة
الكلمـــــة الحـــــرّة
الكلمـــــة الحـــــرّة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الكلمـــــة الحـــــرّة

منتدى ثقافي عام
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 البراغماتية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
????
زائر




البراغماتية Empty
مُساهمةموضوع: البراغماتية   البراغماتية I_icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 15, 2009 11:46 am

البراغماتية (PRAGMATISM)
البراغماتية (PRAGMATISM) اسم مشتق من اللفظ اليوناني ومعناه العمل ويترجم هذا المصطلح إلى العربية بمصطلح (الذرائعية) ولكن هذا المصطلح لا يغطي معنى البراغماتية ولا يعطي فكرة شاملة عنه ولا يعكس جوهر الكلمة الأجنبية أما المصطلح العربي الأقرب إليها هو " النفعية " .
الأصل اللغوي للمصطلح يرجع إلى الكلمة اليونانية (rogma ) وتعني (عمل) أو (مسألة علمية), ولقد استعار الرومان المصطلح واستخدموا عبارة(rogmaticus) فقصدوا بها "المتمرس" وخاصة المتمرس في المسائل القانونية.
أما من ناحية تاريخ الفكر فالمصطلح يشير إلى تلك الحركة الفلسفية التي ظهرت في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين وارتبطت بأسماء الفلاسفة الأمريكيين بيرس ووليام جيمس وجون ديوي والتي تتمركز فلسفتها حول مقولة مؤداها:‏ لا يمكن التوصل إلى معاني الأفكار, ومن ثم لا يجب تفسيرها, إلا بالنظر إلى النتائج المترتبة عليها, كما أنه لا يمكن تحديد المعتقدات أو تبرير التمسك بها إلا بالأخذ في الاعتبار النتائج العملية المترتبة على الإيمان بهذه المعتقدات,‏ فالحقيقة إذن ثانوية إذا ما قورنت بالممارسة العملية, ذلك أن الحقيقة وفقاً للنظرية البراغماتية ما هي إلا الحل العملي والممكن لمشكلة ما, كما أن المبرر الوحيد للإيمان بأي شيء هو أن التمسك به والعمل وفقاً له يجعل الفرد في وضع أفضل مما لو كان إذا لم يتمسك به.‏
أما بصورة أوسع فالمصطلح يستخدم للإشارة إلى أي مدخل يركز بالأساس على ما يمكن عمله في الواقع لا على ما يجب عمله بالنظر إلى عالم المثاليات.....‏ فالبراغماتية بدلاً من أن تركز على مقدمات الأفكار فإنها تركز على النتائج المترتبة على تلك الأفكار, فهي الاهتمام بالأشياء النهائية وبالنتائج ومن ثم, هي لا تعني بالسؤال عن ماهية الشيء أو أصله بل عن نتائجه, فتوجه الفكر نحو الحركة ونحو المستقبل........ ولكن لا يغرّنكم هذا المعنى الظاهري الفضفاض لأنه محاولة لإخفاء جوهرها، القائم على قياس كل عمل أو شيء، أو حالة، بما تحققه من فائدة أو ضرر، فالشيء جيد وصالح إذا كان نافعاً، وهو سيء إذا كان ضاراً. والمشكلة هنا هو أن من يقرر الفائدة والضرر هو الشخص المعني معتمداً على معاييره الخاصة كأداة لتقويم الأعمال والأشياء، ومن ثم يفقد الشيء خصائصه الموضوعية، « مثلاً الحق يصبح نسبياً، حسب الشخص المتعامل معه، وليس حالة تحددها عوامل موضوعية»، ويصبح عرضة لثقافة ومزاج ومصالح ونوعية قيم الشخص ذاته!‏.
للبراغماتية معاني و تعاريف عديدة تصل إلى التناقض في أحيان كثيرة منها ،ولعل هذا التنوع في الأصول الفكرية لمذهب البراغماتية هو الذي جعل وضع تعريف شامل جامع لمفهوم البراغماتية مهمة صعبة للغاية, وليس أدل على ذلك من أن آرثر لوفجوي قد نجح في عام 1908 في تجميع ثلاثة عشر معنى مختلفاً للبراغماتية بل ودلل على أن بعضها يضاد البعض الآخر، حيث تعرّف بأنها طريقة حل المشاكل والقضايا بواسطة وسائل عملية ، وتعرّف بأنها مذهب فلسفي سياسي يعتبر نجاح العمل المعيار الوحيد للحقيقة ، وتعرّف بمقولة " الغاية تبرر الوسيلة " ، وتعرّف بأنها " خيار الواقعية " ........ الخ
تبرز المعاني المختلفة السائدة للبراغماتية في المجالين الاجتماعي والسياسي ، وتختلف في الغرب عنها في الشرق ، ففي الغرب بشكل عام، يضعون البراغماتي مقابل الإيديولوجي، وكنقيض له، فحينما تقول «هذا الإنسان إيديولوجي»، فإنك تقصد انه يتقيد بمنظومة أفكار وأهداف ثابتة تحدد مواقفه العامة سلفاً، كالوطنية والقومية والدين. مقابل هذا النمط يقال «هذا الرجل براغماتي»، ويقصد بذلك انه متحرر من كل إيديولوجيا، أو موقف مسبق، ويتصرف وفق اللحظة أو الظرف، مستهدياً بما ينفعه ويضره هو شخصياً. لذلك فالبراغماتية، أساسا، هي منطلق فردي، وتجمع هذه المنطلقات عددياً، أي دون أن تصبح ذات مصدر جمعي واحد، لتعبر عن « مصالح مشتركة» بين أفراد توجد بينهم اختلافات وتناقضات جوهرية وثانوية كثيرة .
فالسياسي البراغماتي يدّعي دائماً بأنه يتصرف ويعمل من خلال النظر إلى النتائج العملية المثمرة التي قد يؤدي إليها قراره، وهو لا يتخذ قراره بوحي من فكرة مسبقة أو أيديولوجية سياسية محددة ، وإنما من خلال النتيجة المتوقعة لعمل . والبراغماتيون لا يعترفون بوجود أنظمة ديمقراطية مثالية إلا أنهم في الواقع ينادون بأيديولوجية مثالية مستترة قائمة على الحرية المطلقة ، ومعاداة كل النظريات الشمولية وأولها الدين و الماركسية.
وازدهار هذه الفلسفة في أمريكا يفسر وبوضوح جوهرها, فأمريكا ليست دولة ذات هوية قومية, كفرنسا وايطاليا مثلاً, بل هي ملاذ تجمعات مهاجرين, تركوا بلدانهم الأصلية من أجل الرزق, أو تم نفيهم إليها من السجون التي اكتظت بالمجرمين, أو من الهاربين من الاضطهاد الديني, لذلك كان طبيعياً أن تختلف, بل وتتناقض, ثقافاتهم ودوافعهم, وهنا برزت أهمية وجود فلسفة تلبي رغباتهم المختلفة, فازدهرت البراغماتية لأنها تخاطب, وتستجيب, للمصلحة الفردية وتمنحها غطاء المشروعية الذاتية.‏.... إذاً المعنى السائد في أمريكا ،هو الذي يطبع البراغماتية بطابع الذات المطلقة السيادة على المجموع، أو « النحن » . هذا في أمريكا فماذا عن أوربا ؟
ثمة مفهوم آخر اقل ذاتية ظهر في أوروبا، ويعد امتداداً للفكر البراغماتي، هو الذي طوره وبلوره في إطار فلسفي «ميكيا فيلي»، والمتجسد في مقولة « الغاية تبرر الواسطة». إذ إننا مهما حاولنا أن ننسب هذا النمط من التفكير إلى فلسفات معينة، فإن جوهره يكمن في البراغماتية. إننا حينما نقول بأن عقيدتنا كذا نوصف بأننا إيديولوجيون في الغرب، لكننا حينما نفصل الهدف العقائدي عن قدسيته وجودته، ونستخدم وسائل لا أخلاقية، أو تناقضية، نقع في بئر البراغماتية.
هذه الازدواجية «هدف نبيل ووسيلة وضيعة»، هي ابرز ما يميز الانتهازية السياسية، وشقيقتها التوأم: الانتهازية الاجتماعية، لأن الميكيافلية تؤمن الزواج غير الشرعي بين نقيضين، استناداً لمفهوم محدد، هو تحقيق المصالح الخاصة، سواء بفرد أو جماعة. لقد تلوث الهدف النبيل بالوسيلة الفاسدة، الميكيافلي يعرف تماماً إن التلوث قد وقع في صلب هدفه، الذي كان نبيلاً ونظيفاً، ومع ذلك يستمر في إتباع وسائله القذرة! ما هي النتيجة؟ بالطبع سيضطر الميكيافلي لإعادة النظر، تدريجياً بأهدافه وإعادة تفسيرها وكتابتها بطريقة تفصلها عن أصلها، عملياً، وتجعل الأصل مجرد غطاء شكلي لفكر أخر مختلف تماماً. وهكذا نجد هذا الإنسان وقد صار «مركزاً للكون»، وليس جزءً أو ذرة منه ويخضع لقوانينه المطلقة، رغم انه في قراره نفسه يدرك انه مازال ذرة تافهة في كون عظيم، سيده رب أعظم، يقرر كل شيء!
تلك الحقيقة تقرر طبيعة الانتهازي البراغماتي، فهو، مهما تظاهر بالقوة واليقين يمتلك عموداً فقرياً يسند موقفه مصنوعاً من نفايات مزابل الورق، لذلك سرعان ما يتمزق، ويسقط، عند مواجهة موقف صعب يهدد حياته، مصالحه الأنانية، فيتراجع وينقلب ... ورغم أن البعض يؤمن أن البراغماتية ما هي إلا أحد أشكال الأمبيريقية, إلا أن البراغماتية تجد جذورها في أفكار ومذاهب متعددة مثل فكرة العقل العملي لكانت, وفي تمجيد شوبنهور للإرادة, وفي فكرة داروين أن البقاء للأصلح, وفي النظرية النفعية التي تقيس الخير بالنظر إلى مدى نفعيته, وبالتأكيد في المفاهيم الأمبيريقية للفلاسفة الإنجليز, وكذا في طبيعة المجتمع الأمريكي الجديد.. فالبراغماتية تُعَد بحق رد الفعل الدفاعي للمفكرين الأمريكيين تجاه الفكر الأوروبي, خاصة الفكر الألماني المغرق في الميتافيزيقا.‏
يقدم البعض لدينا ( في الشرق ) تفسيراً آخر للبراغماتية، عماده وصفها بأنها «خيار الواقعية». لنشرح هذا الوصف بمثال : ففي غمرة مواجهة تحديات خطيرة، كالتي نواجهها في كل الوطن العربي، خصوصاً في العراق،طفا على سطح السياسة والفكر عدد من مدّعي الفكر والتفكير الذين يقولون (( يجب إن نكون واقعيين، وان لا نناطح الجبل بقرون من طين، لأن ذلك انتحار، وعلينا إن نقبل بالاستسلام لأمريكا وإسرائيل، حفاظاً على حياتنا ومصالحنا))...... فالبراغماتية الواقعية هذه تقذفنا آلاف السنين إلى الخلف، إلى مرحلة ما قبل الإنسانية، حينما كان الحيوان المسمى الآن «إنسان»، يعيش كما يعيش الخنزير البري أو الضبع، بلا قيم أو رادع، وهدفه غريزي صرف: حفظ البقاء......
أخيرا .... يطول الحديث في شرح هذا المصطلح إلا أننا إذا أردنا وضع خلاصة لهذا المصطلح والمفهوم الأكثر رواجا له يأخذنا إلى أن البراغماتية ليست فلسفة خاطئة فقط، بل هي ممارسة وضيعة، تُسقط الإنسان في وحل سلوك الحيوانية وما قبلها، فالإنسان لم يصبح إنساناً إلا بفضل تطويره منظومة قيم، وحينما يتخلى عنها يرتد إلى الحيوانية وما قبلها فالبراغماتية من نواقض الاستقامة وهي «تفاحة الخطيئة» الأولى التي توقع الإنسان في فخ الشيطان حتما ً؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
البراغماتية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الكلمـــــة الحـــــرّة :: المنتدى السياسي-
انتقل الى: