انتفاضة 3 جانفي 1984

انتفاضة 3 جانفي 1984

هو يوم لا يمكن أن يُمّحى من ذاكرة كل من عاشه من الشعب التونسي ،

ففيه خرجت الحشود الغفيرة من أفراد الشعب إلى الشوارع احتجاجا على

الزيادة في أسعار الخبز و غيره من المواد الغذائية حيث ارتفعت الأسعار إلى

أكثر من ضعفها دون سابق انذار أو تمهيد . خرج الشعب و تجمهر و تظاهر

و تصادم مع الأمن و سقط عشرات القتلى و الشهداء و خربت البلاد و دمرت

الإدارات و أحرقت المؤسسات . خرج الشعب بطريقة عفوية محتجا على

ما آل إليه الوضع السياسي من فساد و تحيل و نصب في ظل حكومة هرمة

و رئيس يحكم البلاد مدى الحياة . و لم يكن الشعب البسيط في وعيه

مدركا لأبعاد هذه الزيادة في الأسعار و خاصة سعر الخبز ، لم يكن يعلم أن

ذلك مرده الإنخراط اللامشروط في مشروع العولمة بما تفرضه من رفع الدعم

عن المواد الأساسية ، لم يكن الشعب يعلم أن هذه الزيادة هي في الواقع

وجه من وجوه الإستعمار الذي وجد في وكلائه المحليين خير خادم له ينفذ

تعاليمه و يجمع له ثروات البلاد لاستغلالها و استثمارها . كان الشعب جاهلا

لأنه لا يجد من يؤطره و يقوده إلى التحرر من سلطة الحزب الواحد و الرئيس

الأوحد الذي يتحكم في مصير العباد .

لقد مضى الآن 26 عاما على ما يسمى انتفاضة الخبز ، و في هذه السنوات

تعددت الأحزاب و نقح الدستور و تعددت الجمعيات ، و لكن في هذه السنوات

أيضا تضاعفت أسعار مختلف المواد مرات و تقلص دور الدولة في تقديم

الخدمات للمواطن و في الحفاظ على التوازن الإجتماعي و تدهورت القدرة

الشرائية للمواطن نتيجة ارتفاع الأسعار الذي لا يتماشى مع زيادة الأجور

و تضاعف عدد العاطلين عن العمل مرات عديدة و ارتفعت الفوارق الإجتماعية

نتيجة لانقراض الطبقة الوسطى التي كانت تمثل الأغلبية . فهل استطاعت

هذه الأحزاب تأطير المواطن و جعله واعيا بحقوقه و واجباته الوطنية ؟ أم أننا

بعد كل هذه السنوات نجد أنفسنا في نقطة الصفر ؟

قام الشعب التونسي بثورة الخبر الذي اطاح برئيس الوزراء حينها
لكن افتقار الشعب الى النخبة التي تديره وتؤطر حركته اضاع نتائج الانتفاضة الشعبية
وللاسف الشديد فقد الشعب كل المنجزات وكانت اغلب الاحزاب الناشئة حركات تهدف الى الاستيلاء على السلطة او اقتناص فتات من المناصب والمال من صاحبها الحزب الحاكم فانضوت تحت لوائه
والاحزاب الحقيقية غائبة اما بسبب النظام او بسبب فقدان الدافع الحقيقي وهو الولاء الشعبي

الأخ العزيز بسام

إن ذكرى اتفاضة الخبز في تونس تؤكد أن الشعوب قادرة على تغيير

الأوضاع متى شاءت ، و أن الأنظمة الحاكمة مهما جيشت أسطول

أمنها الذاتي لا تستطيع فعل أي شيء أمام حركة الشعوب ، و لكن

الإشكالية التي تبقى مطروحة هي : من سيؤطر هذه الشعوب إذا

كانت الأحزاب المعارضة للأنظمة الحاكمة غير قادرة على تأطيرها

و قيادتها و ذلك لأسباب عديدة ذكرت بعضها ؟ . و هل أننا ننتظر من

الشعوب أن تتحرك بطريقة فجئية و غير مدروسة ليقع احتواءها من

جديد دون أن تفرض البديل الذي ترتئيه ؟ . و كيف يمكننا أن نتحدث

عن النخبة في واقع انعدم فيه الحراك السياسي فأصبحت النخب لا

تمثل إلا نفسها أو بعضا من أتباعها لا يمثلون ثقلا أو وزنا جماهيريا

فاعلا ؟ .

شكرا على اهتمامك بالموضوع

و دمت بخير و سلام

» انتفاضة أنثى