الكلمـــــة الحـــــرّة
الكلمـــــة الحـــــرّة
الكلمـــــة الحـــــرّة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الكلمـــــة الحـــــرّة

منتدى ثقافي عام
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أشياء لا تباع ولا تشترى

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فاتحة
الكاتبة القصصية



عدد المساهمات : 617
نقاط : 16788
تاريخ التسجيل : 12/11/2009
الموقع : سلا/ المغرب

أشياء لا تباع ولا تشترى Empty
مُساهمةموضوع: أشياء لا تباع ولا تشترى   أشياء لا تباع ولا تشترى I_icon_minitimeالجمعة فبراير 12, 2010 1:47 am

السلام عليكم ورحمة الله

عندما نقرأ عن حياة المشاهير من أهل السياسة والفن، أول ما يتبادر إلى ذهننا أننا نتمنى لو كنا مثلهم نعيش حياتهم المترفة، حياة لا نراها نحن حتى في الأحلام، من فرط المرار الذي نعيشه في واقعنا من فقر وحاجة ومتاعب جمة تلاحقنا وتطاردنا أينما حللنا وارتحلنا، حتى أصبحنا عبيدا رغم أن زمن العبودية قد ولى وراح، لكن ربما أنه يتهيأ لنا أنه اندثر فلا زلنا نعيشه بأدق تفاصيله حتى البيع والشراء ما زلنا نباع ونشترى والمال ضروري لتشتري صك حريتك،ومن لا مال له" يعش أبد الدهر بين الحفر" على رأي أخونا الشابي، هذه الحرية المزعومة التي يا ما تغنى بها الشعراء والكتاب ونحن بيننا وبينها مسافاااااااااات ومساااااااااااافات.
اسمحوا لي فقد أخذتني دفة الحديث بعيدا، كنت أتحدث عن عالم الثراء والترف والغنى الفاحش، فوجدت نفسي أبكي على عالم من زمان وهو يعاني سكرات الموت لكن الروح مازالت لا تريد مفارقته.
إذا لنرجع إلى ذاك العالم الحالم، المخملي، عالم المال والأعمال والذي يحلم كل واحد منا نحن الفقراء أو لنقل " المعذبون في الأرض" أن يدخله ويصبح واحدا من أصحابه ومن مريدي دروبه، عيش فاخر، لباس من أحسن الماركات العالمية، سيارات في منتهى البدخ وفي تجديد مستمر، سهرات وحفلات فيها كل ما تشتهي فحفلة واحدة من حفلات ذاك العالم الذي نسمع عنه ولا نراه نقرأ عنه ولا نستطيع الاقتراب منه، لأنه يلزمنا جواز سفر وتأشيرة مرور، ألا وهو ملايين وملايين في الداخل والخارج في سويسرا وفي أمريكا وداخل أوطاننا كذلك، وملايين في البورصة وأخرى معمول بها مشاريع فوق الأرض وتحت الأرض وعلى الماء ولم لا تحته أيضا .
المهم ، كنت أقول أن سهرة واحدة من تلك السهرات يصرف عليها ملايير، كان بإمكانهم استغلالها في تشغيل شباب ضائع في متاهات البطالة والجريمة بكل أنواعها، في إسكان مئات الألوف من البشر الذين لا مأوى لهم ، مشردين لاجئين في بلدانهم الأصلية، في علاج مرضى يفتت المرض أجسامهم وينخر عظامهم، في إسعاد أطفال ملوا اللعب في الشوارع ببناء مدارس لهم ومدهم بكل الحاجيات المدرسية التي تساعدهم على توديع الأمية وإلى الأبد، في بناء مساجد يذكر فيها اسم الله عوض صرف تلك الملايين في بناء مراقص وخمارات تشدهم شدا نحو الرذيلة والانحطاط، في إنعاش سوق الشغل عن طريق بناء مصانع ومعامل تشغل أكبر عدد من اليد العاملة والتي أصبحت في ازدياد مستمر، في تطوير برامج تعليمية يستفاد منها في المستقبل، في استثمار أموالهم في البحث العلمي ومساعدة عقول وكوادر البلد على السير قدما نحو تحقيق عمل يعود بالنفع على البلد بأكمله، عوض الهجرة للخارج والذوبان بل ربما يتحول حبهم لبلدهم إلى كره دفين له، رغم أن البلد هو الآخر لا حول له ولا قوة فهو أيضا يعاني مثلنا وربما أكثر.
لكن عندما أفكر وأتوغل في التفكير، أجد أن أولئك الذين حلمت أن أصبح مثلهم وأن أحصل على مثل ما عندهم وأعيش أنا أيضا حياة الترف والحرية، أجد أنهم يحتاجون للشفقة أكثر منا، صحيح أن الطائرات عندهم أصبحت وسيلة عادية لتنقلاتهم، صحيح أنهم يذهبون لأرقى دور الأزياء ليشتروا منها ملابسهم، صحيح أنهم يمارسون جميع أنواع الرياضات التي نعرفها والتي لا يعرفها إلا هم، صحيح أنه عندهم فيلات وشاليهات وقصور هنا وهناك، لكن في المقابل، فكروا معي مليا، ماذا اعطوا ليحصلوا على كل ذلك، أعطوا صحتهم التي تعبت من كثرة التفكير في جمع المال فهم يموتون في اليوم ألف مرة إذا ما تعرضت أسهمهم في البورصة إلى مضاربات أو إذا أصاب العالم أزمة مالية، تجدهم لا يرى بعضهم بعضا، لا الأب موجود ولا الام موجودة والأطفال تربيهم خادمة وعندما يكبرون ينسون تقريبا ملامح بعضهم بعضا، الزوجة في حفلة متواجد فيها عشرات الرجال إلا زوحها مرة في أحضان هذا وأخرى في أحضان ذاك ودعارة على أعلى مستوى، وهو في حفلة تضم مئات النساء الفاتنات إلا زوجته، تجدهم يعانون من فساد أخلاقي وروحي،لا يهمهم غير جمع المال، يستفيقون كالخفافيش ليلا وينامون نهارا،تجدهم دائما يعيشون رغم ما يظهر عليهم من هيبة وثقة في رعب وخوف من الموت ومن الإفلاس،ونراهم أو بالأحرى نسمع عن معاناتهم من أمراض مزمنة وخطيرة نتيجة السهر المتزايد والخمر والقلق والشد العصبي وذلك كله بسبب تعلق قلوبهم بالدنيا.
لا أظنني بعد كل ما كتبت، لا زلت أتمنى حياتهم، بل أنا متأكدة من أن اجتماع عائلتي على أكل واحتضان أمي لي وتقبيلي يدها هذه الأشياء التي تظهر أنها بسيطة لكنها تحمل في العمق تراصا عائليا وحبا كبيرا لن أفرط فيه ولو بكنوز الدنيا كلها كما أن راحتي وهناء نومي لو وضعناه في بورصة من البورصات لتهافت عليه الكل من أجل اقتنائه، لكن للأسف هناك اشياء لا تباع ولا تشترى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهادي الزغيدي
مدير الموقع
الهادي الزغيدي


عدد المساهمات : 4023
نقاط : 23504
تاريخ التسجيل : 08/11/2009
العمر : 49
الموقع : تونس

أشياء لا تباع ولا تشترى Empty
مُساهمةموضوع: رد: أشياء لا تباع ولا تشترى   أشياء لا تباع ولا تشترى I_icon_minitimeالجمعة فبراير 12, 2010 3:51 pm

الأخت العزيزة فاتحة


أسعدتني قراء هذا الموضوع كثيرا ، لأنك عالجت في مشكلة كبرى تنخر

هذا المجتمع الذي أسبح يهرول نحو المظاهر الكاذبة ، و لا يبحث عن

راحة النفس و إرضاء الضمير ، هذا العصر الذي أصبحت فيه القيم النبيلة

في حالة اختظار تنتظر الموت في كل آن و حين ، و طغت عليه المادة

التي طوعت الإنسان بدلا من أن يعمل على تطويعها . و لا شك ، أيتها

الأخت العزيزة ، أن من يجري وراء الزيف لن ينال من الحياة و الآخرة إلا

الزيف ، و من لا يعمل على راحته و يرضي ضميره سيتعب في الدنيا

و الآخرة .


شكرا لك على الموضوع الرائع

و لك منّي أجمل تحية و سلام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elkalima-elhorra.ahlamontada.com
 
أشياء لا تباع ولا تشترى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الكلمـــــة الحـــــرّة :: المنتدى العام-
انتقل الى: