بغداد (ا ف ب) - قررت السلطات العراقية العودة الى الطرق التقليدية في البحث عن المتفجرات ومن اهمها استخدام الكلاب البوليسية وذلك بعد الفضيحة التي اثيرت حول عدم فعالية اجهزة بريطانية للكشف عن المتفجرات.
واعلنت الشرطة البريطانية الشهر الماضي توقيف رجل الاعمال جيم ماكورنيك (53 عاما) مدير شركة "ايه تي اس سي" بتهمة الاحتيال بالتزامن مع اصدار قرار يمنع تصدير منتجات هذه الشركة من اجهزة الكشف عن المتفجرات.
وقد اشترى العراق كميات كبيرة من هذه الاجهزة لاستخدامها في حواجز التفتيش الامنية.
واضطرت القوات العراقية للبحث عن خيارات اخرى بعد ان اكدت الفحوصات البريطانية والاميركية عدم جدوى وقدرة اجهزة الكشف عن المتفجرات على حماية المواطنين من التفجيرات الدموية.
وعند احدى نقاط التفتيش انطلق نيل الكلب الالماني من فصيلة الشيبرد البالغ من العمر 18 شهرا والذي وصل مؤخرا من الخارج، يتفحص احدى السيارات بحثا عن متفجرات، وبعد لحظات سمح مدربه للسائق ان يمضي في طريقه.
ويقوم الكلب نيل الذي يرافقه مدربه العراقي بشم المقاعد الامامية والخلفية بالاضافة الى البدن وصندوق السيارة، الامر الذي يزعج السائقين. ولا يحبذ الكثير من العراقيين استخدام الكلاب، ويتجنب الكثير منهم لمسها.
ويقول ضابط في الشرطة العراقية "نحن نتحقق فقط من السيارات المشبوهة". ويضيف هذا الضابط الذي رفض الكشف عن اسمه، ان السائقين من الذين نخضعهم للتفتيش هم من الذكور نظرا لانهم من الاكثر ترجيحا لارتكاب هجمات انتحارية.
ويعد استخدام الكلاب البوليسية في الحواجز الامنية ردا مباشرا على عجز اجهزة كشف المتفجرات التي اثيرت مؤخرا. ويقول العميد محمد مصحب، مدير وحدة الكلاب البوليسية التي يطلق عليها (كي 9) في كلية الشرطة في بغداد "لدينا 47 كلبا مدربا للعثور على المتفجرات".
والكلاب المستخدمة في العراق هي من فصيلة الشيبرد الالمانية، والبلجيكية (مالينويز) واللابرادور والتي يبلغ عمرها عاما واحدا وتبلغ كلفة كل منها ما بين 8000 الى 9000 دولار وتصل من الولايات المتحدة او هولندا مدربة تدريبا كاملا وامامها عشر سنوات متوقعة من العمل.
وتعد اسعار الكلاب بسيطة مقابل سعر جهاز كشف المتفجرات الذي يطلق عليه "العصا السحرية" حيث تصل تكلفته ما بين 16500 دولار الى 60 الف دولار.
وعلى الرغم من حظر بريطانيا تصدير هذا الجهاز الا ان السلطات العراقية لا تزال تواصل استخدامه في الحواجز الامنية.
ويواجه مصحب (48 عاما) الذي تدرب لخمسة اعوام في كلية الطب البيطري في بغداد قبل ان ينضم الى وحدة كلاب الشرطة في عام 1986، مهمة صعبة. واوضح الضابط الذي يرتدي زيا يحمل شارة الشيبرد الالماني "نحن بحاجة الى 1000 كلب حتى تغطي البلد باكمله، وذلك يستغرق وقتا لكننا وضعنا خطة لذلك".
ووضعت السلطات العراقية تقضي بنشر ستة كلاب في 18 حاجز تفتيش رئيسيا حول العاصمة بغداد في نهاية 2011، بالاضافة الى نشر عشرين كلبا في مراكز الشرطة الواقعة في شرق وغرب المدينة، وعدد اخر في المحافظات ال17 المتبقية.
وتتزايد المخاوف الامنية في الفترة الاخيرة خصوصا في الفترة التي تسبق الانتخابات البرلمانية المقررة في السابع من اذار/مارس المقبل.
وتتعرض الحكومة ايضا لضغوط شديدة من خصومها الذي اتهموها بفشل خططها الامنية بعد سلسلة الهجمات الانتحارية المنسقة التي راح ضحيتها اكثر من 400 شخص في بغداد خلال الستة اشهر الماضية.
ويدرك مصحب تماما المزاعم التي اثيرت حول اداة جهاز الكشف عن المتفجرات، واوضح "هذا الجهاز تسبب في مشاكل كثيرة (....) لكن حل المسألة بيد الحكومة".
ومع تزايد تقنيات التفخيخ وانواع المتفجرات المستخدمة والتي تضم اخفاء المتفجرات في داخل اطارات السيارات ما جعل من المستحيل اكتشافها بالعين المجردة، اصبحت الكلاب اكثر موثوقية في الكشف عن المتفجرات.
ورغم ان الكلاب تصل الى بغداد مدرة تدريبا كاملا، الا انها تحتاج الى فريق متخصص للعناية بها يضم بيطريين وفنيين ومدربين ياخذون دورات تدريبية لمدة تسعة اسابيع لزيادة قدرتها.
ويدرك عمار علي نجم (31 عاما) وهو من سكان محافظة كركوك في شمال العراق، وقضى عاما في اكاديمية الشرطة، خطورة عمله تماما. ويقول "لو انفجرت قنبلة، فربما ستودي بحياتي وحياة كلبي، ولكننا يمكن ان ننقذ حياة 12 او 15 شخصا اخرين".
وتعد الكلاب مصدر قلق للمسلمين الذين يعتبرونها نجسة ولا يرغبون التعرض للتفتيش بها، بينما يقوم الجنود الامريكيين والشركات الامنية الاجنبية الخاصة الاجنبية باستخدامها.
ويعتقد عسكريون اميركيون، وهم اول من اثار الشكوك حول عدم فعالية اجهزة كشف المتفجرات، ان الكلاب وعربات اشعة اكس وهي اعلى سعرا، هي افضل وسيلة للوقاية من التفجيرات.
ويستغرق نيل دقيقتين ونصف لتفتيش سيارة، بينما تصطف نحو سبعين سيارة اخرى بينها شاحنات وحافلات كبيرة في طابور في انتظار دورها. ويقول السائس حسين اسماعيل "لا يمكنك استخدام الكلب في مثل هذه الطريقة في الشوارع". [center]