المعتز بالله مشرف على المنتدى السياسي
عدد المساهمات : 178 نقاط : 16428 تاريخ التسجيل : 14/03/2010
| موضوع: جنين وأمه ..؟! السبت مارس 20, 2010 1:20 pm | |
| جنين وأمه ..؟!
أمّاه: تضرب مضجعي هزات..! متى كانت الزلازل تختار حجراً صغيرة..؟ نيران تنفث حمم القهر, هل أنت مأوى لبراكين البلايا المتواصلة الخطيرة..؟!. صغيري : تنبثق ينابيع دمك حولي, فتسري مستعرة دانية مني, فكيف سترتوي أحشائي الملتهبة الهجيرة..؟---
أماه: أخبريني متى وكيف سأخرج من هذا الظلام الدامس..؟ علميني كيف أفتح بوابة الحياة للنجاة إذا ما كنت طريدة لفواجع الأيام... فأنا أجهل سبل الهروب ولا أسمع أجراس الإنذار.. أرشديني لعلي أرى عتبة أو محراباً أو أفهم فناً من فنون المواجهة والفرار.. صغيري: لا تخشى.. لا يخامرك ريب, الحياة تطاردني وحدي, منذ طفولتي البائسة الغريقة في وحول الهموم والشقاء, لا أزال أشتبك معها, عراكنا مستمر ولا تني ترميني بسهام نوائبها المؤلمة.. لكنني أبداً لا أجس أو أتحسس مواضع ألمي بل أتلمس مرقدك الطري خوفاً عليك من مساس أذية أو إصابة شرار سوء أو مسيس بلاء.. وما الأصوات والهزات التي تشعر بها بهجوم عليك بل هي أصداء دفاعي عنك... الدماء التي اغتلت غضباً من العذاب وامتزجت سماً من الأحزان تعبت كثيراً كي لا تنهل منها أو تقتات.. بل جعلتها وقوداً لنار تلتهم كل من يدنو منك بخطرٍ, وتدرأ عن مسكنك الأشواك والأوزار.. ولدي الغالي: لن أسلمك إلا راية النصر بعد أن أهزم الرزايا فأنتقل وإياك إلى بر الأمان لنتذوق رحيق الحب والسعادة.. لن أدع المصائب تهدم سنيّ عمرك الذي انتظره بقلب عاشق وروح هائمة وستخبرك برقيات الحياة التي وصلت مواقع فكرك وهي مضرجة بنزيف ماضي المحروم وويلات حاضري المنكوب كم أنا تواقة إلى مستقبلك الذي سيعوضني عن حسرات تلك الأيام فأرمم أحلامي المكسورة وأنتشي بعذوبة العيش فعسى أن ينير مستقبلك غياهب نفسي فتصفو روحي وتجلو أمام عيني مسرات الحياة..
أماه: حرريني من قيودي لأخرج فنخوض المعركة معاً... آن الأوان أن أقرأ الحياة من نافذتي عينيك متطلعاً إلى مستقبلي المأمول من ماضيك المشلول.. أخرجيني لقد ضقت ذرعاً بالمكان. ساعديني لأخرج وأوقف الزمن, سأهزمه, وأصلح ما خربه من مساحة روحك وبناء نفسك.. الاستكانة عار والوفاء من شيم الأبرار.. دقت ساعة المخاض.. أي جسد أنهكه الصراع وهدّته الهموم سيلفظ هذا الوليد بسلام وأمان.. أية شجرة واجهت العواصف المجنونة ستحافظ على فروعها وقواها متماسكة متينة...؟ أية أعصاب فتتها العصاب ومزقها القلق والرهاب ستنظم أفعال العضلات وأعمال الأنسجة ووظائفها باتزان وانتظام..؟ لقد كان المخاض عسيراً.. لم تلفظه إلا بعد جهد جهيد.. ترافق بلفظ أنفاسها الأخيرة.. سقطت صامتة وعلا صراخه بجوارها. أماه.. أين أنت..؟ كل دمعةٍ ذرفتها عيناك تسربت وبللت نفسي.. كل صفعة ولكمة سببتها لك معاول الحرمان تأوهت وصرخت متكوراً لها.. كل نيران الأسى التي تأججت في أعماقك أبكاني دخانها وألهبني لظاها وأربكني رمادها.. وعندما وجدت الزمان لا يكف عن الترصّد ليجلدك بقسوة وتجبر ناشدتك أن أخرج.. للمساعدة.. عسى أن يكون وجودي ذخيرة الأمل لحياتك وشعاع النور لدربك.. وعندما أتيت رحلت.
ثم صرخ صرخته الأخيرة مودعاً, أماه.. لقد صار الماضي وامتداده وصداه فناءً.
| |
|