المعتز بالله مشرف على المنتدى السياسي
عدد المساهمات : 178 نقاط : 16428 تاريخ التسجيل : 14/03/2010
| موضوع: من خيال الأسطورة...!!! الأحد مارس 21, 2010 6:59 pm | |
| من خيال الأسطورة...!!!
الأسْطورةُ وليدةُ الخيالِ الإنْسانيِّ، وفِكْرِهِ، وتَجرْبتِهِ في ميادينَ شتّى، وهي ذاتُ طبيعةٍ تعلو فوقَ أيّ عصرٍ بذاته أو أيِّ شخص بعينه، وقد اكتسبت بذلك لنفسها الصفةَ المطلقة : صفة الخلود، فهي لا ترتبط بزمان أو مكان، بل هي حاضرة في كل زمان ومكان، تمتلك القدرة على الحضور المتجدد، والاقتراب من الإنسان، والالتصاق بتجاربه عبر عصوره المختلفة، وبهذا أمست صورةً واضحةً للنفس البشرية في علاقتها بالواقع.
فالأسطورة بسحر خيالها، وإنسانيّة معانيها تُمثّل ملاذاً آمناً للنّاس مِنْ واقِعٍ مُثْقلٍ بأسبابِ القَهْر والظُلْمِ، ومَجالَ تعويضٍ عن رغباتٍ إنسانيّة أحْبَطها الواقع المُضني، وأداةَ تعبيرٍ عن طُموحِ الإنْسانِ إلى التحكُّمِ بما فُرضَ عليه مِنْ حَيْفٍ، ومَسَاسٍ بإنسانّيتِهِ، لتغييره وتبديله خروجاً إلى واقعٍ أفُقُهُ الحريَّةُ والكرامةُ.
والأسطورةُ في الَّلغةِ العربيةِ تُجْمَعُ على أساطير، وهي أحاديثُ لا نظام لها، ويُقالُ: فُلانٌ علينا يُسَطِّرُ إذا جَاءَ بأحاديث تشبهُ الباطِلَ . إنَّ الاتّجاه الغالب على الأسطورة هو اللاّمنطق واللامعقول، وهذا الاتّجاه لا يتلاءم مع التّصورات عن الحقائق التجريبية التّعليميّة لأنّه لا يُقدّم عللاً منطقيّةً، وإذا كان منهج الأسطورة خياليّاً، فكان لابدَّ أنْ يصرف همّه إلى اختراع ما يبهر الناس من خوارق ومعجزات تجافي الواقعِ.
ومع أنّ كل أمَّةٍ لها نصيبها من امتلاك الأساطير والأعاجيب التي لها دورها وتأثيرها في حياتها فإنَّ هذا التُّراث لم يَلقَ مِنَ الباحثينَ غَيْرَ الإهمَال والازدِراءِ لامتيازهِ بالسّلبيّةِ، ولدلالتهِ على غير ما هو حقيقيٌّ: "وعلى مر العصور، لم تحظ الأسطورة بشيء من الاعتراف، أو التّقدير، على الرَّغم من استمرار بروزها في حياة المُجتمعات، وتأثيرها الكبير.
فقد كانت تَحملُ دائماً معنىً سلبيّاً، وتدل حيثما استعملت، على ما هو غير حقيقيّ، أو غير واقعيٍّ، وعلى ما هو مختلقٌ ومصطنع" لكن أسبابَ التّقدُّمِ والتّطوُّرِ الإنسانيّ، دفعت الكثيرين من الباحثين والمثقفين في أممٍ شتّى إلى درجةٍ عاليةٍ من الاهتمام والعناية بالأسطورةِ.
وبدأ بذلك التّحُّول نحو فهْمٍ مُناقِضٍ لما سبقَ يرْبطها بالحقيقة العلميّة، ويعدُّها رافدةً وليست منافِسَةً لها بالاخْتِلاق والاصطناع للخوارق والمعجزات: "ولكنْ مع جهود (فيكو) في فهم الأسطورة، بدأ التّحوّل نحو فهمٍ آخر لها، وهو الفهم الذي أكّده الرُّومانتيكيّون، فأخذت تعدُّ لها كالشّعر، تحملُ حقيقةً كليَّةً، خاصّةً بها، ليست منافسةً للحقيقيّة التّاريخيّة أو العلميّة، بل رافدةً لها".
وهذا الاهتمام والاحتفاء بالتُّراث الأسطوريّ يجعلنا "نجد الدُّول المتقدّمة تتوفّر على معاهد ومدارس، وباحثين ومختصيّنَ بهذا التُّراث سواءٌ داخلَ بُلدانِهمْ أم خارجَها".
ويَرْقى الاهتمام بدراسةِ الأسطورةِ إلى مُسْتوى الحاجَّة الماسَّةِ إلى اسْتيعابِ مختلفِ جوانب هذا الاهتمامِ وقَدْ تضافرتِ الجهودُ، وتعدَّدَت الاجتهاداتُ لاسْتِكمالِ المعرفةِ التّامّةِ بالأسطورةِ حتّى نشأَ عِلْمٌ خاصٌّ بالأساطيرِ:"ومنذ نهاية القرن التّاسعَ عشَرَ، أضْحَتِ الأُسطورةُ مجالاُ خصباً لعلومٍ شتَّى، تَذْهبُ فيها مَذاهبَ مُختلفةً، وتخرُجُ بنتائجَ، في عِلْمِ الاجْتماعِ وعِلْمِ الإنْسانِ، وفي اللُّغَةِ والدّينِ والفولكلور، وفي الفلسفةِ والتاريخِ والأدب، وكانَ من الطّبيعيِّ أنْ ينشَأَ بَعْدَ ذلكَ عِلْمٌ خاصٌ بالأساطيرِ، وهو الميثولوجيا"
| |
|
رقة ورد عضو
عدد المساهمات : 15 نقاط : 16216 تاريخ التسجيل : 12/02/2010
| موضوع: رد: من خيال الأسطورة...!!! الإثنين مارس 29, 2010 3:20 pm | |
| | |
|