دلال المغربي...عروس فلسطين وسيدة آذار بقلم:د . محمد ناصر
دلال المغربي...عروس فلسطين وسيدة آذار
قرأت سورة التوبة، وافترشت دمها بهاء حضور لوردة الصباح القادمة كانت دلال المغربي في تلك اللحظات الفاصلة بين الحياة والشهادة، تستحضر تفاصيل الآية ويدها تلملم ما يكفي من الطلقات للمعركة.. ودائماَ هو موج البحر، بين الفلسطيني والبحر لغة وأبعاد من التداخل، البحر هُم... وهم البحر .
" والموجة تجري وراء الموجة ، عايزة أطولها " .... وحتى نغم الأغنية يحوم هو الآخر فوق الرأس الصغير المدقق في مفاجأة الاشتباك القادمة . قدرنا أن ندخل الاشتباك، لنثبت أننا جديرون بالعمر الجميل. ومن وسط البحر تلمس النسمة الآتية من الكرمل تغمض عينيها على صورة الوطن كما رواه لها والدها الجليل ، ولكن ... طردت الفكرة بسرعة ؟ لا لن أستخدم " المنظار " فبعد قليل تكون قدماي على تراب بلدي ، وضحكت وكأنها تجاوب خاطراً غامضاً ، إذا جاء الموت فهو العمر .. أحلى سنوات العمر لجثة قبرها ورق برتقال من ساحل حيفا ...
وتتوارد الكلمات الخواطر، بكثافة في تلك اللحظات الفاصلة، وتواصل الاعتراف القول، وحتى دون إكمال لبلورة السؤال في العقل المشغول بتفاصيل متنوعة، فكتاب البحر رحلة المدى، ورحلة العمر خطوة واثقة إلى الوطن... وتقول الفكرة، كيف يكون انبثاق الدم، يدخل الذهن في تفاصيل الموج.... وتسرح العين إلى خيام الهجرة وظلال الشجر الأخضر الراقد على كتف الكرمل ....
لا حدث هناك
لا صدى هنا...
وقعقعة البحر وصول ، مد يديك إلى دمي ، ينبعث الزعتر ويقطف النعناع ودلال في السفينة قلق على شباب في مثل عمرها ؟
وتسأل .. أيحلمون بمثل ما أحلم ؟ يتواصل السؤال .... والاندفاع ، ورائحة الوطن تسكن في العين حب اغماضة أخيرة ، هو ذا الشط ، هو ذا العمر الأخضر ، الحلم الذي بنانا ، ومن أجله نبض النبض قدر الفدائي ، أن يعرف أسرار خطوته . أن يدرك الانبعاث الكامن في فعله البسيط في دخائل المكان ، وفي جوانُية الروح .
تقترب حبة الرمل الأولى ، هل تكمشها باليد وتأخذها بالأحضان ، ولكن الوقت المتقارب مع تفتيحة العين الأولى التي لصباح جديد . وأضواء السيارات القادمة من البعيد يدفع بالقدم لتكون الأولى التي تلامس أرض البلاد ، آه يا أرض البلاد ، تلم الكلاشنكوف على جنبها ، يشير لها قائد الدورية بالتقدم نحو الجهة الأخرى من الشارع ، تركض بقوة عزمها ، والفكرة تنضج بالفرح ، فرح الوصول إلى الوطن ، تذكر المعادلة الصعبة التي حولت أهلها من أصحاب أرض وبيت إلى لاجئين هناك في بيروت . ربما رصاصاتي لن تغير الكون القاسي الآن ، ولكنها خطوتنا ، التي تبحر مع ماء الأرض وذرات التراب ، وتدخل في نسغ الدم في العروق ، قطرة على قطرة تصنع جدول ماء .
تقترب المعركة من لحظتها ندخل دلال في سورة التوبة تستحضر اندفاع حمزة وجرأة علي ، تدخل الرصاص ، جسدي هو العبور ، ويطلع الحمّام البري في رحلة خاصة من قمة الكرمل حتى خصلة شعر دلال المرمي على ساحل حيفا . ولكنها تحرث الأرض للحقول القادمة، وعلى الوجه براءة الحضور، وترتيل سورة التوبة وابتسامة تبشر بالطريق.