لحظة كاذبة

لحظـــــة كــــاذبة

يوم ممطر وبرد يزداد بوثيرة عالية، أناس يزدحمون تحت بعض المنصات المتفرقة، والقطار كما عادته دائما متأخر.
ظهرت من بين الزحام كحورية بحر بشعرها الطويل المموج المبلل، وارتعاش جسدها الممشوق المغطى بثوب رقيق يكاد يستر بعضا منه، شعرت بضيق من الطقس الغريب الذي تغير فجأة وأضاع مخططاتها ليوم العطلة، يراقبها بعينين تكاد تأكل جسدها بنهم، يمسح ببصره كل جزء فيه، وصوت رعد مدوي لم تتمالك نفسها فصرخت وجرت لا تدري إلى أين؟ أحست بدفء غريب وشيئا يحيط جسدها ويتحسس شعرها المنسدل على ظهرها، فتحت عينيها فوجدت وجها غريبا مبتسما لها، حاولت الانفلات فأطبق عليها بشدة وحنان غريبين، فتلاشى جسدها مع همهمات صوته الواثق، تبعثرت كل الأصوات وتلاشت في فضاء اللامكان واللازمان، رنين صوت ساحر ادفأ روحها الباردة، بهمساته المتلاحقة وزفراته الساخنة، أحست بالأمان وبذوبان كيانها كجبل من جليد فانهارت بين يديه ما عادت تشعر بقدميها على الأرض وتاهت في شرود وذهول لذيذ.
صفير قطار آت من بعيد، وانفلات سريع ليدين طوقتاها للحظات، كادت من شدتها أن تسقط أرضا، وشبح يجري نحو القطار قبل أن يبتعد.[