أنشودة السلام
أيهــا السـادرونَ فـي ظلمـة الأر
ض كفـــاكم شــقاوةً وذهــــــــولا
احــملوا نــادمينَ أشــلاء موتـا
كـم ونوحـوا عـلى القبـور طــويلا
ضمّخوهــا بــالعطر لفّـوا بقايـا
هــا بزَهْــر الكنــارِ والياسـمــينِ
واهتفــوا حولهـا بأنشـودة السـلـ
ــمِ ليهنـا فـي القـبر كـلُّ حـزينِ
اجــمعوا الصبيـة الصغـار ليشـدوا
بلحـــون الصفـــاء والابتـــــســامِ
أنقـذوا الميّتيـن مـن ضجّـة الحـر
بِ ليستشــعروا جمــال الســلامِ
فيـم هـذا الصـراع يـا أيهـا الأحــ
ـيـاءُ? فيـم القتـالُ؟ فيـم الدماءُ؟
فيـمَ راح الشُـبّانُ فـي زَهْـرة العُمْـ
ــرِ ضحايـا وفيـمَ هـذا العِـداءُ؟
أهْـو حـبُّ الـثراءِ؟ يا عَجَبَ القلـ
ــبِ! ومـا قيمـة الـثراء الفـانـي؟
فـي غـدٍ رحلـةٌ فهـل يـدفع الأمـ
ـــواتُ بالمـالِ وحشـةَ الأكفـانِ؟
كـل حـيّ غـدًا إلـى القـبر مَغْـدَا
هُ فهــل ثَـمَّ فـي الممـاتِ ثـراءُ؟
افتحــوا هــذه القبــورَ وهـاتــوا
حدِّثونــا أيــنَ الغِنَـى والرخــاءُ؟
انظـروا هـا هنا على الشوكِ والرَمْـ
ـــلِ ثـوى الأغنيـاءُ والمُعْدمونـا
أيُّ فَـرْقٍ تـرى وهل غيرُ صمتِ الـ
ـمـوتِ فـوق القبـور والراقدينـا؟
عجبًـا مـا الـذي إذن سـاق هذا الـ
ـكــون للمـوتِ والأذى والدَّمَــارِ
فيـم تحـدو الشُـعوبَ أطمـاعُ غـرٍّ
يتصبَّــى عينيــهِ وهْـجُ الــنـــار ِ
نشـوةُ النَّصْـرِ؟ يـا لسُـخْرية الألـ
ـفـاظِ! يـا لَلأَوهـامِ يـا لَلضـــَّـلالِ
أيهــا الواهمــونَ حســبكمو وهْـ
ـمًـا وهبُّـوا مـن الكَـرَى والخيـالِ
نحـن أَسْـرَى يقودنـا القَـدَرُ الأعـ
ـمــى إلـى ليـل عـالمٍ مجـهولِ
ليس منــا مــن يســتطيع فكاكًـا
ليس منــا غــير الأسـيرِ الـذليلِ
أبــدًا تــأمرُ الليــالي ونمشــي
ليس يُجْــدي تضــرّعٌ أو بــــكــاءُ
ليس يخشــى الممـاتُ صولـةَ جبّـا
رٍ ومـــا يســـتثيرُهُ الضُّعَفـــــــاءُ
هكــذا المـوتُ غـالبٌ أَبَـدَ الـدهْـ
ـر ونحن الصَّرْعَى الضعافُ الحيارَى
ولــه النصْــرُ والفخــارُ علينـا
فــاندبوا مــا دعوتمـوهُ انتــــصـارا
أيّهــا العــالمُ المخـرَّبُ قـد أسـ
ـفَـرَتِ الحـربُ عـن غلابِ المنايا
شــهدتْ هـذهِ القبـورُ لهـا بـالنـ
ـصْـرِ يـا رحمتـا لتلـك الضحايــــا
ثـم مـاذا يـا سـاكني العـالم المحـ
ــزونِ? مـاذا مـن القتـال جنيتُمْ?
وهـل وصلتـم إلـى النجـوم البعيـدا
تِ وهـل مِـن كـفّ العذابِ نجوتم?
هــل تغلَّبتُـمُ عـلى الفقـر والأحـ
ـــزانِ والسُّــقْمِ أيّهـا الواهمــونـا
أنجـــوتم مــن المــآثمِ أم لــم يَـــزَلِ
العيشُ فتنـــةً ومُجُـــــــــــــــــونــا
أســفًا لـم تـزل كمـا كـانت الأنـ
ـفُسُ تحيــا فــي إثمهـا الأبـديِّ
لـم تـزل خـمرةُ الضلال رجاء الـ
آدمييــنَ فــي الوجــود الشـقيِّ
لـم تـزل فـي الوجـود أغنيـةُ الحز
نِ يغنّــي بهــا الضعـاف الجيـاعُ
لـم يـزل في الوجود مرضى حَيَارَى
أبــــدًا تعـــتريـــــــــهمُ الأوجـــاعُ
كـل شـيء بـاقٍ كمـا كان قبل الـ
ـحــربِ غـير الأيــــــتـام والأمـواتِ
غــير ظـلّ مـن الكآبـة والحَـيْـ
ــرةِ يمشـي عـلى ضفـاف الحياةِ
هــؤلاء الأيتــامُ بـالأمس كـانوا
صــورةَ البِشْـر والمـراحِ الجـمـــيلِ
تحـت ظـلّ الآبـاء يقضـون عيشًـا
مــا دَرَوْا غـير صَفْـوِهِ المعســــــول
وأفــاقوا مــن حـلمهم فـإذا الأقـ
ــدارُ حـربٌ والكـونُ قتـلٌ ونــــــــارُ
يـا عيـونَ الأطفـال لا تسـألي الدنـ
ـيـا عـلام اللَّظَـى? وفيـم الدمارُ?
فـي سـبيل المجـدِ المـزيّفِ هذا الـ
ـهــولُ لا كـان مجــــــدُهم لا كانـا
فـي سـبيل النَّصْـرِ الممـوّه عاد الـ
ـعـالم الحـلو فـي اللهيــبِ دخانـا
هـؤلاء الصَّـرْعَى على الصخْر والشو
كِ شــــــــبابًا وفتـــــيـــةً وكهـــولا
كــيف كـانوا بـالأمسِ آيـةَ رؤيـا
رَسَـــموها فلــم تَهِشَّ طـــــويلا?
أيّهـا الأشـقياءُ فـي الأرض يـا من
لــم تُمتْهــم قــذائفُ النــــــيرانِ
عبثًـــا تــأملون أن يرجــع الآ
نَ أعـــزَّاؤكم إلـــى الأوطــــــــانِ
انظــروا هـا هـم الجـنودُ يعـودو
نَ فُــرَادَى مهشّــمي الأعضــــاءِ
آهِ لـــولا بقيـــةٌ مــن حيــاةٍ
لــم يُعَــدّوا فـي جملـةِ الأحيــــاءِ
عبثًــا يبحــثون فـي هـذه الأنـ
ـقـاضِ عـن أهلهـم وعـن مأواهم
عبثًــا يســألون مــا يعلـم العـا
بــرُ شــيئًا فيــا لنــارِ أســــــــاهم
كـيف ذاقـوا مـرارة الخيبـة السَّـوْ
داءِ بــــــــــــــعــــــــد الآلامِ والأدواءِ
هـل نَجَـوْا من براثن الموت والأسـ
ــر لكـي يسـقطوا أَسَارَى الشقاءِ?
أيّهــا الأشــقياءُ يـا زُمَـر الأحـ
ـيــاءِ فـي كـــــــــــــلّ قريـةٍ وصعيـدِ
آنَ أن نســـتعيدَ مــاضيَ حُــبٍّ
هــو مفتـــــــــاحُ حُلْمنــا المفقــودِ
مـا الـذي بيننـا مـن البغض ماذا
كــان ســــــــــــرُّ القتــالِ والأَحقـادِ
أيّهــا النــاقمون نحــــن جميعًــا
شَـرَعٌ فـي أيـدي الخـطوب الشدادِ
نحـن نحيـا فـي عـالم ليس يُـدْرَى
ســرُّه فهــو غيــــــــــهــبٌ مجــهولُ
تطلـعُ الشـمسُ كـل يـومٍ فمـا كُنْـ
ــهُ سـناها? وفيـم كـــــــان الأفـولُ?
مـا الـذي يُطْلـعُ النجـومَ عـلى الكو
نِ مسـاءً? مـا كنْـهُ هـــــــذا الوجودِ?
أيُّ شـيءٍ هـذا الفضـاءُ وما سر
دُجَــاهُ? هـل خلفــــــَـهُ مـن حُـدودِ?
نحن هل نحن في الوجود سوى الجهـ
ــلِ مصُوغًـا فــــي صورة الإنسانِ?
كـلُّ مـا فـي الأكـوانِ يحكمنـا ما
ذا إذنْ ســـرُّ ذلـــــــك الطُغــــيــانِ?
فيـم نطغـى? وكيف ننسَى قوى الكو
نِ ومـا فـي الوجـود أضــــعـف منّـا
ينخَــرُ الـدودُ مـا نَشِـيدُ ولا تُـبْـ
ـقــي الــبراكينُ والريــــــاحُ علينـا
فيــم نقضـي حياتنـا فـي العـداوا
تِ ونُمْضـي السـنينَ يأسًـا وحزنا?
كــيف ننسَـى أَنّـا نعيشُ حيـاة الـ
ــوردِ سـرعان مـا يمـوتُ ويَفْــنى
لـن تـدومَ الأَيّـامُ لـن يحـفَظَ الدهـ
ــــرُ كيانًــا لكــائنٍ بَشــــــــــَــريِّ
فلنَــدَعْ هــذه الضغــائنَ والأحـ
ـقــادَ ولنَحْـيَ فـي الـودادِ النقـيِّ