| الشاعرة اللبنانية آمال نوّار | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الثلاثاء ديسمبر 29, 2009 2:55 pm | |
| موسوعة الشاعرة آمال نوّار
آمال نوّار، مستوحدة تشعل نار القصيدة
عبده وازن (لبنان)
كان من المفترض ان يصدر الديوان الأول للشاعرة اللبنانية أمل نوار قبل نحو خمسة عشر عاماً, لكن اغترابها الأميركي حال دون صدوره. غادرت هذه الشاعرة الشابة لبنان في بداية نضجها وانقطعت عن المعترك الشعري والأدبي الذي كادت أن تطأ أرضه في ثمانينات القرن الماضي ودخلت نوعاً من العزلة الاغترابية منصرفة الى الكتابة ولكن بصمت ومن دون نشر. عادت أمل نوّار قبل شهر الى بيروت لتنشر ديوانها الأول ثم رجعت بسرعة الى الولايات المتحدة الأميركية من غير أن تعيد عقد صداقة مع بيروت التي تبدّلت تماماً خلال فترة غيابها. لكن الشاعرة التي حمل ديوانها عنوان "تاج على الحافة" (دار الفارابي) تدرك جيداً ان "كلامها" بجروحه, كما تعبّر في إحدى القصائد, بات "لا أرض له ولا نغم". هذا "اللاإنتماء" سيصبح انتماء الى مملكة الشعر الذي ليس هو إلا رديف الحنين والشوق, ومثيل "النواة" الداخلية التي ستلجأ الشاعرة إليها في غربتيها: المكانية والروحية. لم تنتم أمل نوّار الى أي جيل شعري في لبنان على رغم أنها جايلت بضعة شعراء من عمرها. والقصائد التي توالت على نشرها في الصحف قبل "هجرتها" لم تتمكن من تصنيفها, فظلّت شاعرة مستوحدة, لا تتفق مع "الشعر النسوي" ولا مع شعراء الحرب أو ما بعدها. وبدا صوتها خاصاً جداً كما لو أنه آتٍ من زمن يصعب تحديده. وعندما قرأ الشاعر شوقي أبي شقرا ذات مرة قصيدة لها توسّم فيها موهبة حقيقية وكان يقول دوماً أنها ستكون شاعرة مهمة. حينذاك فتح شوقي أبي شقرا أمامها الصفحة الثقافية في "النهار" مشجعاً إياها على المضي في تجربتها. هذه بضع من ذكريات مضت, والفتاة التي غادرت من غير أن يحسّ بها إلا القليلون, عادت سيدة (وأماً) حاملة إلى أصدقائها ديوانها الأول ونصوصاً أخرى كثيرة قد تنشرها لاحقاً. أنها الآن في أوج نضجها وإن بدت كأنها عائدة مما يشبه "الغياب" الذي يسم الكثير من قصائدها: "كثير من الغياب في يدي" تقول. وفي قصيدة أخرى تعلن عودتها من "الفراغ" بعدما عثرت "على شمعة نصف الحكاية" وكأن "النصف الآخر" يصعب العثور عليه أو لعله لم يوجد أصلاً ليُعثر عليه. فالعالم هو دوماً نصف عالم في شعر أمل نوّار والحياة وهم حياة والحب طيف حب واللقاء شبه ذكرى. ما أعمق هذه الغربة التي يكتمها شعر آمال نوار حيناً ويفصح عنها حيناً. إنها غربة مزدوجة: غربة في المكان وعنه, غربة في الجسد والروح, غربة في الحاضر والذاكرة. كأن شعرية أمل نوّار تولد في لحظة مزدوجة أيضاً أو لنقل متناقضة: لحظة الفراق هي لحظة شوق مستعر, ولحظة الانفصال الكلي هي لحظة عودة, ولحظة الغياب هي لحظة حضور آخر: "يسكنني الشوق مثل محطة" تقول, لكنه "الشوق الذي غالباً لا يزهر", يسكنها وتسكنه في آن واحد. انه الشوق الى ما كان والى ما سيكون أيضاً, فالماضي هو الحاضر والمستقبل, مثلما المستقبل هو الحاضر والماضي: "ما عدت موجودة/ أورثت الحنين أعشاباً ورغبات" تقول الشاعرة. وفي قصيدة أخرى تقول: "الليل امّحى فيّ وخلّف ورائي ما يشبهني لأتذكّر". يحضر الليل هنا يحضر في معناه المباشر وليس في معناه الباطني أو الرمزي مثلما استخدمه الشاعر الألماني نوفالس أو المتصوف الاسباني يوحنا الصليب. انه الليل الحسّي, ليل العالم وليل القلب, الليل المظلم أو المضاء لا فرق. وتقول الشاعرة في هذا الصدد: "أستيقظ بعد أن يتشرّبني الليل/ مضيئة,/ وأكوّم مشاعري على العتبة". وسيكون الليل "مرآة صماء" و"العيون" هي التي "ترصّع سكونه". وسيكون الليل كذلك صنو الماء الذي "تمّحي" الشاعر فيه كما تعبّر, "إذ لا داعي لجسد يحدّه العماء/ لجسد يُكتم". ولعل الجسد الأعمى هو جسد الليل الأصمّ, الجسد المكتوم. الغربة أنضجت حتماً شعر آمال نوار, أيقظت فيه إحساساً آخر بالأشياء والأمور وأشعلت في خضمّه ناراً هي نار الألم والحنين واللوعة والعزلة. لكن الشاعرة كانت عاشت أصلاً غربة أقسى من غربة المنفى, عزلة الإقامة وعزلة الاقتلاع الروحي والمعنوي وهو أشدّ فتكاً من الاقتلاع المكاني أو الزمني. فالماضي ماضٍ واحد كما الحاضر حاضر واحد. فـ"الصوت القديم لا يخلو من تراب" كما تقول و"المقصلة دائماً الشجرة الأعلى" (ما أجمل هذه الصورة!) و"زهر اللوز لا يدوم بياضه/ والثلج يشعر بالإثم... والفضاء تلبّد بالأوهام" و"العمر شيّع النسيان/ في عيني المطبقة". يشعر قارئ ديوان "تاج على الحافة" ان صاحبته تكتب قصائدها لتودّع حياة بكاملها وزمناً بكامله. فالعنوان أصلاً يوحي بالهجران والرحيل, فالتاج الذي يرمز الى المجد والسؤدد تُرك على الحافة من غير أن يتضح من الذي تركه هناك على الحافة المجهولة بدورها والتي تجعله عرضة للسرقة. حتى اللؤلؤ نفسه موعود بالخيبة كما تعبّر الشاعرة في قصيدة, و"الألوان ماتت" كذلك, والوردة باتت مفتتنة بـ"القبر", وفي "الخشب ينام الناي" ومن "البكاء الغامض تنهض الأنثى". لكنّ وداع الحياة لا يعني التخلي عنها مقدار ما يعني الإيغال فيها بغية هدمها وهجائها والبحث عن وجهها الآخر. إلا أن الشاعرة لا تعلن لحظة أنها عثرت على هذا الوجه الآخر. فالعيش انقطاع عن العيش والحب ذكرى حب: "يدي في يدك/ كما لو في ذكرى", والعاشقة بات في إمكانها "مقايضة النار بعصفور ثلج" وأضحت "الكآبة تشبه روحها التي بـ"لون الظمأ"... في ديوان "تاج على الحافة" كثير من قصائد الحب, لكنها ليست قصائد غزل أو أناشيد حبور وصفاء وخلاص. فالحب هنا لا يخلو من الكآبة والألم وربما اليأس. فهو مرتبط بحياة أولى أو زمن أول تمعن الشاعرة في توديعهما وفي رثائهما. الحب ينتمي الى الذكرى, والذاكرة التي يقتضي بها أن تحييه هي ذاكرة "مبددة تماماً". وحال "التبدد" هذه تؤكد ان "ما من شيء حقيقي". ولعل هذا الاحساس المأسوي بالحقيقة يجعل "مرأى النهر بمياهه الخافقة" أقرب الى "ذكرى تستكين عميقاً". هكذا يصبح فعل "الخفقان" نظير فعل "الاستكانة". وهذا التناقض سيرد في أكثر من جملة شعرية ولكن ليس في غاية "بيانية" وإنما ترسيخاً لأحوال الحيرة والتردد التي تحياها الشاعرة على غرار الشعراء المتصوّفين أو الرؤيويين: "أنا البيضاء المعتمة/ أنتظر النهار على حافة يدي" تقول, أو: "كأن روحي معدن" أو: "تنشقناه عميقاً/ الزجاج الذي لم يكتمنا". يحتلّ الحب إذاً حيزاً مهماً في ديوان "تاج على الحافة" لكنه الحب الخالي من الحب أو الحب الذي لا يشبه الحب, ليس لأنه من طرف واحد كما يقال دوماً, بل لأنه يقع دوماً في حال الخيبة أو النقصان فيستحيل وجداً وهياماً محاطين بهالة من الجوى. وقد تكمن عظمة هذا الحب في نقصانه أو خيبته العميقة, الخيبة التي تصنع الحب الحقيقي الذي يعرفه "العاشق" على خلاف المعشوق بحسب النفري: "ولعل الماء الذي أجهشناه/ لم يكن إلا ظلاً/ لماء خفّ فينا" تقول الشاعرة, وأيضاً: "نغترب أكثر في قربنا/ ولا يجدينا اللقاء" وأيضاً تقول: "سمعت الصباح في صوتك/ عند صخور الموت النهري", أو: "لحركتك جذور الموتى في الماء". وعوض أن تساهم خيبة الحب في جعل القصائد تنثال على طريقة الشعر الرومنسي أو العاطفي نلفي القصائد على قدر كبير من القوة والكثافة (حتى وإن طالت في أحيان) وكأنها تأسر في داخلها نار الشعر الذي هو هنا خليط من التجربة والحلم والوعي والفطرة والحكمة... بل إن بعض القصائد إذ تقترب من الرومانسية تغدو ضد - رومانسية (أو أنتي - رومانسية). ولا يعني هذا ان الشاعرة قاسية أو صلبة بل هي تضطرب حباً ولوعة وأسى وتتخبط في حال من الرقة والشفافية وفي مقام الوجد والفتنة. أكثر ما يلفت في شعر آمال نوّار قدرته على اختزان المعاني والأحوال والأفكار والرؤى وكذلك على مزجها بعضاً في بعض حتى لينجم عنها نسيج متماسك وحيّ في وقت واحد. فهذه الشاعرة التي لا تنتمي الى أي مدرسة شعرية والتي يصعب تصنيف قصائدها تبعاً لنظام جاهز, تنتمي في الحين عينه الى مدارس كثيرة. إنها شاعرة رؤيا وليست شاعرة رؤيا, شاعرة سوريالية من دون أن تكون سوريالية, رومانسية ولكن على طريقتها, واقعية ولكن شديدة الذاتية أيضاً, شاعرة الحياة والموت, شاعرة العزلة والضوضاء, شاعرة ترثي وتسخر (سخرية سوداء) وتتأمل وتبصر, شاعرة الجسد ولكن المفتوح على الروح, شاعرة الشهوة والنقاء شاعرة الحلم والقسوة, شاعرة اللهو والحكمة... هكذا يحار القارئ أمام شعرها الذي يدفق كنهر من الأحاسيس والأفكار والرؤى والصور... لكنه لن يلبث أن يألف الى هذا الشعر الهادر والصامت والهائج والشفاف والقادر على جرف كل السدود التي قد تعترضه. عادت آمال نوّار الى المعترك الشعري بقوة وديوانها الأول هو بمثابة ديوان ثالث أو رابع نظراً الى ما يحمل من نضج في التقنية الشعرية واللغة والوعي علاوة على ما يختزن من مادة شعرية فريدة أو "مضمون" ان جاز القول - عميق ومشرع على الأسئلة الوجودية. ولعل عودتها من غربتها الأميركية - التي تبدو كأنها قدرها - عبر هذا الديوان هي أولاً وأخيراً عودة شاعرة الى وطنها - المقتلعة منه ("بترت جذوري" تقول) والى مدينتها التي تغيرت كثيراً والى الحركة الشعرية في لبنان التي صنعتها وتصنعها أجيال عدة. وديوان آمال نوار سيكون له حتماً زاويته في المكتبة الشعرية وسيكون له حضوره الجميل ليس كديوان أول وإنما كمجمــوعة قصــائد جمــيلة تخاطــب القلب والعقل مقدار مخاطبتها الروح والمخيلة. الحياة
عدل سابقا من قبل bassam65 في الثلاثاء ديسمبر 29, 2009 3:07 pm عدل 1 مرات | |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الثلاثاء ديسمبر 29, 2009 2:57 pm | |
| قراءة في قصيدة "في حبر النوم" لأمال نوّار منصف الوداعي صالح حقا النوم لا يخون اللغة كما يخون الحبر الصدور. الحبر يخون الرفات إذما تكلم منقطعا عن الحلم . القصيدة مدوية باللفظ الذي لا يولد من اللفظ . خطأ تقول القصيدة في بيانها الملحمي أن نعتقد أن اللغة تتوالد من اللغة بل تولد من حبر يسبقها بصمت السائل الرحمي في عمق الإنسان. النوم في نظري راحة الذات المصغية إلى سائلها الشفاف . نعرف أن الإنسان بدون نسك الإصغاء العميق إلى نفسه لا يمكن له أن يحرر المعنى. عندما نكون تلك الراحة التي توقظ النوم نصبح حبرا للكل المادة المحيطة بنا و المركبة لنا و نصبح قادرين على السفر الأكبر في مدارج الرؤيا . نعرف فلسفة باشلار في استكناه الراحة الخلاقة التي تجعل من الإنسان حبر الحبر . الحبر أيضا في روح القصيدة هو الإحساس … و النوم هروب من اللغة المنفصلة عن الحلم و هو أيضا بحث عن اللغة القديمة، اللغة الأصل التي من خلالها فقط يمكن للصدر و للنفس أن يتجددا. يجب التأكيد على شيء جوهري في القصيدة، النوم في راحة الإحساس لا يجمد الماء و النار. الراحة ليست إلغاء الضد ولكن تحييد الجمود في ذاته . عندما تتحدث القصيدة عن اللغة القديمة في عصور النوم تستطرد كلمة التمزيق التي بها تتحرر في حدود واضحة براحة باشلار و تحتضن في حدود غير واضحة المعنى التراجيدي، الباسكالي pascalien للحياة. بعض الفلاسفة يسمون السائل الرحمي في عمق الإنسان الحدس. وأسميه أنا أيضا الحدس مع إضافة بسيطة في سمك الكلمة او الفعل بمدلوله التيولوجي théologique، هذه الإضافة هي نفس الروح . يتعلق الأمر إذن وبدون مفاجأة بالاكتشاف الكانطي : الحدس المتعالي l’intuition transcendantale في كل حمو لتها الروحية المتحررة. عندما نرجع إلى القصيدة في المعاني الرمزية للنوم يتضح لنا جليا أن النوم هو المدلول المتعالي للروح وكحلقة تركيبية تابعة ان الحبر هو المدلول المادي للحياة و الوجود . لا تركز القصيدة على العلاقة الثنائية بقدر ما تركز على الجدلية و الاحتواء. كلمة الفخار في القصيدة تبين الإنسان الشامل الذي يمزق إنسانيته ليس انتحارا و لكن توليدا لذاته و من هنا يتضح أن التمزق هو المعايشة العميقة للذات في الاحتواء ( l’immanence) في اللغة الفلسفية . و في التعالي … التمزق هو شرط ما يسميه الفيلسوف الألماني هوسيرل تجاوز الذات و أسميه صنا عة القدر . أحب أن اختم هذا الحديث بالقولة الرائعة للفيلسوف الألماني هايدغر: ” الإنسان وحده وجود لأنه وحده نشوة الذات extas. بعد سبعة عشرة كلمة، بعد هذا العدد الكثيف والثقيل بالرمز وبالمعنى التيولوجي تأتي أهم كلمة في رأيي بشكل قوي ولكن بدون استقلالية تركيبية و خصوصا بدون كيان مستقل entité . هذه الكلمة هي ” جنين”. تأتي مرتبطة بالنار دلالة على العمق الوجودي الذي أرهصها وتجسدها في كلمة التمزق… لا يمكن في نظري أن نتصور أانطولوجيا التمزق خارج علاقة السيطرة، علاقة الانحباس. القصيدة ليست وهم الحرية المطلقة في النوم ولكن عملية تخصيب قاسية للانحباس الذي يتكرر في القصيدة بألفاظ متعددة : الصدر، العمق، التمزيق… بعد الجنين كلمة النار، و العد تسعة عشر … ” عليها تسعة عشر ” . تذهلني المفاجأة وتصعقني رائعتي و لكني لا أومن بالصدف بل أضحك من القولة التي تقول إن الجمال هو الانسجام بين الصدفة و الخير… هذا الجمال إن استعصى النفي فإنه يبقى دائما على هامش المعنى الحقيقي للجمال (الإبداع) بدون روح … أو كما تقول الشاعرة بدون حبر… هنا أطرح سؤالا : هل كل ما سبق من الكلمات هي ملائكة النار؟ لا أظن ذلك . كل ما سبق نوم يأتي بلغة أركيولوجية archéologique تتجاوز اللفظ، تتجاوز اللغة، تتسامى، تتعالى في الفطرة كمعين الصمود لتبقى اللغة لغة . و لماذا نبدع ؟ بكل بساطة لتبقى اللغة لغة . لتبقى اللغة شعلة و يبقى جنين النار جنينا . أركيولوجيا اللفظ عند الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكولا تتجاوز التاريخية الرمزية للدلالة في إطار الاكتشاف الحسي و العقلي للإنسان . عندما نرجع الى القصيدة نجد المعنى و الإنسان أكبر من ذلك بكثير . نجد الإنسان ـ الجنين بتلك الذاكرة النومينية numen أي الروحية التي نسميها الفطرة . الطينة الأولى التي انتشت بروح الإله . نجد القصيدة محاولة لقراءة تلك الذاكرة الخالدة التي لا ينطقها إلا نبي أو ملهم من طينة أمال نوار. ما معنى أن نلهم ؟ ما معنى الإلهام ؟ أن نصبح حبرا تقول القصيدة نسري بالرؤيا في اللاممكن، في المستحيل بين حدود الروح و الجسد، حدود منقبضة و منفلتة في آن واحد . أن نبدع دليل التحول métamorphose من الصمت إلى الكلام . أن نحقق شمولية الذات بالتمرد على اللغز و جعله حبرا جامحا في الحياة والذاكرة والموت … والتمرد على اللغز هو التمرد على الذات : يمزق قلبه، يتقد… لمن يقرأني في روح نوار أقول له باقتضاب يخيفني كما يخيفني الإمتداد أن نوار هذه الشاعرة التي تتبنى الحرية في التشييع الأقصى للذات هي كتابة الألم بالكيمية الزئبق… تعطي للحرية روح التنكر للذات لأنها وعت جيدا أن كنه الذات موضوعي…و كنه الحرية موضوعي… وهذا بالضبط ما تقوله استعارة أفلاطون المسماة استعارة الكهف l’allégorie de la caverne . فلا يمكن للذات أن تتلذذ حريتها دون ذلك الترحال الذي يسميه باسكال باختصار المستبصر : الإنسان يعبر الإنسان…l’homme passe l’homme . هذه صورة مجازية قوية تبين ضرورة الدينامية الحية، الفاعلة في الذات لكي يتمكن الإنسان من اختراق ما يسميه إرنست بلوش ernst bloch مقاومة الموضوع . إن اقتحام سمك الموضوع من خلال الترحال، السفر هو سر ا لرقة اللامتناهية التي تجسد ثراء الحرية في شعر أمال نوار…لا يجب أن ننسى دور الألم في هذا السفر…دور الألم في زئبق الحرية. تكتب أمال نوار منافذ السفر لأن الزئبق في روحها كهوة باسكال abîme . بقدر ما تروضه يتفلت . بقدر ما تراوده يستعفف. حلم في عتمة النهار، من سينتصر، إرادة ترويض الزئبق، إرادة قراءته و تحويله من أجل أن ينكشف لذاته بسخاء يحول ماهيته الى حبر ألكيمي يتحقق فيه الذوبان و التطويع الميتافيزيقي و المادي للقلق . تطهير ليس قلق الروح وقلق الجسد في التتالي والتلاحق و لكن في الإتحاد، في التشارك الآني المطلق للطهارة. تطهير الروح من قلقها المستعصي الضائع في الجسد و تطهير الجسد من قلقه الغائر في الروح …توحيد القلق يمكن أن يوحد التطهير … هذه القناعة تشكل حجر الزاوية في المنصوص و اللا منصوص من شعر أمال نوار . والحق كل الحق معها في ذلك لأن الخطيئة هي مركب العصيان بين الروح و الجسد…ليست هناك براءة منفردة و فردية كما ليست هناك خطيئة منفردة وفردية. ما تبحث عنه أمال نوار بكل كيانها حدسا و روحا وجسدا و خيالا، الحدس الحسي و اللاحسي… الروح الأرضية والسماوية، الجسد المحسوس و المتحسس،اللين و الصلب، والخيال الكلي هو أن تجعل من الزئبق ضمير الذبيح الكلي من اجل أن يتحقق الخلاص في طهارة تعرف قدر البراءة … من سينتصر الشق الثاني من السؤال أعلقه مؤقتا لأنظر في علاقة السؤال بالشعر عند أمال نوار. الشعر لا تهمه بلاغة السؤال لأنه دائما يأتي السؤال من النفي … ما يهم الشعر هو لامنتهى السؤال وبلفظ آخر اللاسؤال …موريس بلانشو maurice blanchot الذي أتبنى مدرسته النقدية بعقوق الحرية، يطالب بضرورة تحويل السؤال الى تسأل questionnement من اجل أن ينتقل السؤال من معرفة التوسل الى معرفة انطولوجية مهووسة بالانتزاع …بمعرفة التواصل . أمال نوار تتجاوز بلاغة السؤال لنتقل مباشرة من الاستفهام الى الاستلهام.حيلتها في ذلك قلب السؤال و عقره و تعقيفه حتى يصبح عينا واسمة للإنبهار … ما يهم الشعر في قصائد أمال نوار هي الفجوة، المنحنى الذي يحرر الانبهار من السؤال . كل شعر آمال نوار هو نفي عمودي لبلاغة السؤال . لماذا هذا النفي ؟ سبق شيء من الإجابة . السؤال نصب صخري، صنم المحدود، تواطؤ على الحدس و انخزال للعفوية، السؤال هو فقط منعكس الظل الذي لايمكن ان يكون هوة حقيقية تفلق المطلق بالاقتحام الكلي، بالانصهار العنيف… فعندما نتحدث عن الفيلسوف كطاقة تهويس السؤال، نتحدث عن الشاعر كطاقة تغييبه و التنكر له… وأول ما يستعصي على السؤال هي ذات الشاعر نفسها…شعر أمال نوار لا يهمه السؤال لأنه يبحث عن كلية الظل و الضوء بسمو يتطلب في نفس الآن فناء و سرمدية الانبهار…الفناء لأن الانبهار تجدد و السرمدية لأن التجدد انبهار…الشاعر يترك السؤال لقراءة الشعر و ليس لكتابته… يأخذ الإنسان في قصائد أمال نوار صورة واحدة لكنها متكسرة الحنايا والجوانب، متعددة الأبعاد و الأنحاء. هذه الصورة تمثل الإنسان معتركا معقدا ومتكسرا fractal للزائل و العرضي . الإنسان يعترك الزوال في عدمية باطنية يجذرها الإحساس بالمصير الحتمي للقدر المنهزم أمام الموت. إن البعد التراجيدي لهيولى الموت تجعل الإنسان يندفع بعنف لانتحال مطلق ما يخلصه من إحساس التلاشي الذي يسكنه. و في غالب الأحيان لا يجد إلا التلاشي نفسه ليؤسس عليه ما يمكن ان اسميه بمركب الإسقاط : هيولى الموت تتفوق على روحانيته…مما يضع الإنسان أمام خيارين . خيار الانطباع بالعدمية بمعنى مادي خالص : تبني مبدأ الموت الإرادي le suicide او تبني الانفلات الديونيسي dionysos وهذا أسميه مبدأ الحياة العدمي او خيار تبني العدمية بمعنى روحي له ايضا اشكال متعددة أهمها الإفناء الذاتي الصوفي الذي يحول الموت من عالم مجهول و مخيف الى عالم مأنوس و متأنس به من خلال الانطباع بالموت الإرادي كفداء sacrifice . يمكن القول هنا ان مركب الإسقاط يبقى في كل الأحوال تشخيصا إن لم اقل تأنيسا humanisation راديكاليا للوجود و للمصير أيضا … السؤال الذي يطرح نفسه هنا : أين مكان أمال نوار من هاذين الخيارين… الصمت يبقى طوفانا . الصمت أيضا يبقى خيارا راديكاليا للوجود و المصير لأنه قادر على خلق التحول …تحولا لا زمانيا و لكنه انساني . يقول موريس بلانشو :” الزمان تحول الزمان”…التحول بمعنى الانقلاب، وأقول الصمت تحول الإنسان…انقلاب الذات على الذات من اجل الإنسان. الصمت هو الثورة اللامرئية على المفتعل وبذلك هو ثورة الثورة من أجل التميز …منذ مدة و انا أجادل في صمت قولة جيل دولوز التي مفادها : المفتعل هو البنية التي تضم الاختلاف في ذاته la différence …سأقترب منه أكثر وأضيف الاختلاف الجوهري . اذا فهمنا أن الذات هي بنية المفتعل تطابقا مع النفي البنيوي و التاريخي لمنطق الحداثة التي تفصل بين الذاتي le subjectif و الإنساني l’humain نجد في قولة دولوز حقيقة كبرى تقول المفتعل بنية التميز لأن المفتعل بنية الذات بمعنى الرغبة le désir . نفهم من هذه العلاقة بالتلاحق العام أن الصمت هو رغبة ذاتية وهو بذلك أقرب الى جوهر الذات من الخاصية الموضوعية لحقيقة الإنساني l’humain . يبقى أن نضيف أن الصمت هو ثورة الذات على المفتعل …الشعر في هذا الإطار ـ لا داعي لتنظير انتمائه على الأقل في هذه العجالة، هو ثورة الرغبة على المفتعل من اجل الذات و الإنسان…يأتي الشعر في كل هذه العلاقات المتراكمة بمعجزة كبرى توحد الإنسان : يجعل من الصمت حاجة جوهرية في ذات الرغبة من أجل تقليص و إلغاء المسافة بين الذات و الإنسان . يصعب علي أن أتنكر لأستاذي في الحلم و الروح باشلار و لكن لمقتضيات الاستنباط توابع ضرورية تستدعي مني التنكر، تنكرا حالما، لأبين حقيقة الإنسان الفردي و حقيقة الفرد الإنساني . أقول ليس هناك داعيا للقول ان الإنسان هو كائن الرغبة و ليس الحاجة …يمكن أن نكتفي دون إخلال بالعمق و الحقيقة بالقول أن الإنسان هو كائن الاستشعار الشمولي لذاته و حاجته…و الشعر هو تجسيد الرهبة في الحلم و السفر من أجل استشعار الشمولية القادرة في نفس الآن على تنحية و تزكية المفتعل…يمكن لنا في نفس المنحى بارتباط مع الشاعرة الكبيرة أمال نوار أن نقول بعبارة التطهير الراديكالي …و كل شعرها يجب أن يقرأ من زاوية الاقتراف الراديكالي للتطهير… سأقتضب سفري هذا في العلاقة بين المفتعل و الشعر لأعود إلى مفهوم الألم في شعر أمال نوار. كنت دائما أترقب ولادة أنثوية عربية تكسر فحولة الوأد…ولادة أنثى من طراز سيمون فايل simone weil . كنت اقترف الترقب كما تقول شاعرتنا الكبيرة و انتظر قي أسفار العرب سيمون فايل العربية من أجل ان ارى قبل موتي الوأد ينبعث ما خلده الفيلسوف الألماني جوته ك mater glorisias أو الأنثوي الخالد . عندما قرأت لأول مرة قصيدة “أغمض علي القلب …” رأيت مهديي يتحول الى أنثى خالدة في تجربة الاستثناء. الألم هو كل اثر للنار على جسم العارض l'éphémère. هو كل أثر للنار يصبح روحا يتقمص بها الزائل معنى ذاتيا لوجوده. يتقمص بها الانبهار بذاته . يتقمص بها انبهارا صميميا قادرا على قراءة اللغز في التباساتة الناذرة و العسيرة . قادرا على قياس المستحيل و عبره و جعله علامة ثابتة في العارض : إحلال المستحيل من اغترابه … هذا الألم هو ألم أمال نوار… ألم مهووس بالمستحيل في جدلية الصخر والنار. الصخر في ماهية النار حب …مسافة الإختراق لصخر المستحيل و النار في ماهية الصخر صمت . الجدلية بين الإختراق و الصمت هو ألم أمال نوار. هذا الألم يخترق بروح الاستشهاد ألمه . وفي عمق الحياة الاستشهاد في روح الزائل أكبر من الاستشهاد في روح المطلق…يجب التأكيد هنا على شيء مهم: في هذا الغور الخارق ليس هناك مجال للمنطق. المنطق الوحيد القادر على قراءة روح أمال نوار هو قراءة سطح النار بعينين متفتحين بزهو الإصطلاء، بكبرياء الاحتراق، بعبقرية النار…يقول ألبان لوفغان عن هولدغلين : ” هولدغلين افتتان بالآني “. الافتتان بالآني هو افتتان بالمطلق لأن الآني قنطرة الانفصال عن الزمان. أمال نوار لا تتكلم لغة المطلق المنفصم ولكن لغة المطلق المنساب، المطلق الانسيابي ـ رمزية الماء و السائل الرحمي في شعرها يبين ذلك ـ الذي يشق النار افتتانا بالعرضي…أمال نوار هي عمق النار المفتون بالزائل و يمكن أن أضيف بالسائل . لم تعذبني كلمة في قصيدة “حبر النوم” كما عذبتني كلمة “حجر” . فاجأتني كثيرا لأنها انشقت عن حدسي بل و حدس القصيدة نفسها…هذه الكلمة لم تخرج من خيال الجمال . هي استثناء في القصيدة لأنها خرجت من خيال الألم لتجعل الحجر منبع النار …ليس هناك أكثر احتراقا بالشمس من الحجر. أتكلم عن الحجر في عمق أمال نوار . و يستحيل على الهواء أن يخترق الصخر. هل يستحيل على النار ؟ الجواب في عمق البركان . نرى الآن أن نسق المحتمل عميق و نسق مركب الإسقاط صريح … أمال نوار لم تعترض للنار اعتباطا …تتعرى للنار بلهفة جسد يتكنه العطش من أجل أبدية النار . و نرى هنا أيضا عمق اختيار الزائل من أجل العطش…ـ يبدو هنا ملحا البحث في العلاقة الإتيمولوجية للزوال بالأزل . أترك هذا الأمر لموعد آخر. كل روح آمال نوار اجتراح النار و كل جسدها ليس إلا ذريعة اكتواء . مشيق الظل، نحيف السطر، كثيف العطش و كله مطر، سحابة هف، فحيح و لفيف . حرف ناعم و كأن بو جوده الحريري يريد أن يكون مؤامرة نبيلة مع النار و العطش لتكون أمال نوار روحا للنار. كل النار كيان السطح كالزائل تماما. النار بطبيعتها اجتراح السطح و اجتراح العطش . احتقان السطح بالعطش . أتأمل على جسم نوار احتقانا لا يتهم أحدا … لأن النار لا تتهم أحدا . هل انكشف الأجيب.التغز؟ لا أملك أن أجيب. و لكني أستريح من موضوعي هذا بحقيقتي هذه: ليس هناك في المصير و القدر عمقا ناريا أقوى من عمق أمال نوار. ليس هناك اتحادا أعمق من اتحادها بالنار … عندما يقول المرء أنا لست شيئا يصبح كما قلت في قصيدة بعنوان ” تلاحق” حدس الذات الذي يستشعر الحقيقة من روحها . ينفجر المعنى في تلاشي الذات و تتلاشى الذات في انفجار الجوهر …هذه الحقيقة الروحية تتجسد بشكل فارق و مثير في شعر أمال نوار . تتجلى في الخيال روحا للخيال يمكن المعنى من السفر الاستثنائي في الذات لدرجة تصبح الحقيقة تلك الكلية التي كلها حضور و في نفس الوقت كلها تمنع عن الحضور. أسميت التمنع عن الحضور في الحضور في موضع آخر اللاملموس l’insaisissable . أثارني كثيرا في شعر أمال نوار قدرتها على تبني الحضور الصارخ حد العنف الاستشهادي في عمق متحرك أسميه رغبة التخفي . جدلية التكشف و الاختفاء في خيال خصب مهووس بالحركي الأفقي. الأفق يمثل تلك العلاقة الحميمية لأمال النوار بالحلم . من خلال الأفق تتمثل أمال نوار حرية الإتحاد السرابي للصراعات الكامنة بداخلها . يمكن أن نقول إن الإسقاط المنقبض للنفي من خلال الأفق يجسد الإسقاط التحرري للحلم في بنية مركبة للخيال جوهرها الإتحاد السرابي مع الذات . هناك إذا نوع من تسريب الذات عبر الخيال الناري في اتحاد الأفق . نستشف من هذا التسريب وجود سرار عميقة لغياب ما، غياب ليس ككل غياب في روح أمال نوار . كنت كتبت قصيدة أسميتها السفر و أحس الآن و كأني كتبتها بروح أمال في أفق أمال : كثيرون يحلمون كثيرون يسافرون في كل ذاكرة حلم و سفر و في ذاكرتي شقاق … في حلم و سفر و ذاكرة أمال شقاق على هيئة اتحاد مصيري و جوهري مع الأفق. أمال تبحث عن أثرها الذي هو حنين الطفولة الناذر، حلم الطفولة بدون إسقاط، فقط بروح الغياب البريء الذي لا يحتاج الى حدس الذات لأن كل الطفولة هي حدس فقط …في عمق هذا الحدس الساكن، الوادع كانت هناك يقظة ما في حلم ما ـ أرجح ان يكون بين دفتي كتاب، هذه اليقظة التي أخرجت أمال نوار من حدسها الطفولي أنشأت علاقة تراجيدية لأمال بالحلم ستحدده بشكل نهائي في خيال الأفق . إلا أن الغياب الأكبر هو ذاتها في ذاتها و ليس غياب الآخر. كل شعر أمال نوار يبحث عن الأثر…في يقظة لا تريد أن تكون خائنة. حلمها ليس بوفاريا bovary على شاكلة البطلة الشهيرة للرواية الأتونيمية لفلوبير و لكنه تقصي البراءة التي ضاعت في يقظة بريئة عبر الإتحاد المنفلت كذاكرة الطفولة… في الأفق تتداخل الطبيعة لتصوغ الخيط المتحرك لروح تجعل من الإتحاد أسطورتها الذاتية …كنت على حق عندما تحدثت سابقا ( و أنا أقرأ أمال بحدسي قبل عقلي ) عن محتمل الإسقاط كمفتعل دينامي وو ضعت بذلك روح أمال في عاطفتها الطفولية. المفتعل أرضية للانفعال خارج اليقين العقلي من اجل اليقين العاطفي . وليس هناك يقينا عاطفيا أكبر من اليقين العاطفي للطفولة … في أفق أمال نوار توجد روحا لطفولتها تجعلها المبدعة الناذرة للسفر و الحلم في جسم الغياب و الإتحاد… هذا الإتحاد هو الذي يتحول نارا في حب ينتشي بتجربة المستحيل في اللاملموس . لن يقدر أحد على قراءة أمال دون فيض التماهي في الحلم مع البلور . من لا يحقق الأثر الملتهب في روحه من أجل مخاض ينبض بالحياة ملؤها الفداء لن يتمكن من النفاذ الى روحها المستعصية على الثلج… أتحسس خطاها بيدي النارية فتصبح رمادا على رمادها …حبها استباق الاحتراق و لن يقدر على قراءته إلا من روحه تستبق الاحتراق . نار كنار لويس ماسينيون louis massignon لا تحتمل … لا يحتملها إلا الاحتراق نفسه الذي بقدر ما يحترق بقدر ما يحلم، بقدر ما يحترق بقدر ما ينصهر البلور و يصبح حبرا للحلم، للأفق . هنا نفهم لماذا تشكل النار رمزا خياليا للإتحاد من أجل الولادة الجديدة …من أجل الطفولة الجديدة : هناك حيث الفخار يمزق قلبه ليظل جنين النار التمزيق يأتي في البيت انصهارا مأساويا يستعمق النار في إحساس ميتولوجي بالفداء و يأتي الفعل “ليظل” بالمعاناة المزمنة التي ينحصر بها القلب في الدلالة الجنينية للحلم، للحب، للتقمص : تقمص النار للبراءة . تقول أمل نوار من خلال البيت : لا يمكن للبراءة أن تتقمص الحب و لا يمكن للحب أن يتقمص البراءة إلا بالانصهار الذي يخرج منه الإنسان الجنين السرمدي للحب … الحب هنا لاينفصل عن الوحدة الأنطولوجية للألم . ما يشكل عند الفيلسوف الدنماركي كيركجارد تمزق الروح في الجسم ينتهي بخلاص الروح عن طريق الجسم : الألم يحرر من ذاته … نجده عند أمال نوار تمزق الروح بألم متعالي من الوهلة الأولى بلغة الفداء...بهذا يتحرر ألم أمال نوار من اليأس و القلق الوجودي الكيركجاردي بالانصهار في ألم الأمل…تحسست الخطى و تحسست الأفق فوجدت نارا كلها فداء الحب . كل الأثر، كل الفداء، كل الرماد و كل الحرية فداء الحب في روح الكبيرة أمال نوار كبر سيمون فايل simone weil في أمل الحقيقة من أجل الحقيقة. علمتني سيمون فايل أن منتهى السفر هو حقيقة واحدة للإنسان : الإنسان مصير حقيقته و علمتني أمال نوار أن الحقيقة مصير الحب …من انتصر ؟ الأملين معا في إنسان الفداء … يقول لويس ماسينيون عن ناره : ” هذه النار من الحب الأبدي، لاترحم و لا تحتمل أي صفة من صفات الدناسة، التي تجعل كل جروحنا متقدة، تتعمق تردداتنا، و ضعفنا و نزعات رفضنا، هذه النار ستجعلنا في آخر العمر نقف أمامها لنعرف حكمها فينا ” . هذه النار الروحية للويس ماسينيون تتحدث عن نوع من التطهير في تقابل منصهر، في تقابل صراعي بين الحب الداخلي و الحب العلوي . هناك نوع من إفناء الذات في الأثر عكس الفلسفة الروحية التي ينصح بها ابن عربي : تغييب الأثر المادي من أجل الأثر الجوهري ليتحقق السكون الأبدي بدون احتمال الرجوع … أقوم بهذه المقارنة لأبين العمق العميد لنار أمال نوار في تجلياتها الروحية . نار أمال نوار تتقمص الحب الأبدي في تماه أنثوي روحي لا يجزأ و لا يقطع الأثر . فالحب بالنسبة لها هو الأثر على الجسد ينفذ الى شغاف الروح ليعرج بالجسم و الروح معا الى اتحاد أبدي موسوم بالذاكرة الحية التي لا تعرف الموت . فأمال نوار هي مسيحة النار من أجل الذاكرة المخصبة بالإتحاد بين الروح و الجسد في الحب . حقيقة هناك العديد من علامات الرغبة في التلاشي في قصائدها تتقمص خصوصا استعارة النفس و الهواء ….و لكني أرى فيه التلاشي في الأثر و ليس تلاشي الأثر. و تختلف أمال نوار عن لويس ماسينيون بتقديس الإتحاد في الحب و هي بذلك لا تتحدث عن التطهير القسري و عن الغفران la rédemption انطلاقا من انتصار جوهر الجسد على جوهر الروح أو العكس… كنت قلت سابقا أن الأسطورة الذاتية لأمال نوار تتجلى في الإتحاد و أضيف الآن الإتحاد الرحمي الذي لا يبحث عن التزكية la rédimation المبددة لجوهر الجسم او جوهر الروح. بالإتحاد يستطيع الحب الانتشاء بأسراره و أسرار الكون من حوله . بالإتحاد يصبح الحب تلك المسافة الذي يتنفس فيها الجوهر الناري للألم الانتشاء العميق حد الاغتراب : يتجلى هذا في شعرها من خلال ايزوتوبيا isotopie السائل الذي هو في نفس الوقت الماء البارد و السائل البركاني la lave . في شعر أمال نوار الانتشاء هو استثناء في المفتعل . الاستثناء في الانفعال . الاستثناء في التفاعل …الاستثناء في الفعل … استثناء يمشي أثرا للإتحاد المعجزة بين الألم و النور، بين النار والنور. الإنسان هنا يتجاوز الإنسان في بلاغة باسكال تجاوز القابض لحقيقة و جوهر الإنسان : من هنا الانتصار الخفي للحب في المعاناة للامنصوص الخطاب في شعر أمال نوار. كل أثر الإنسان في الإتحاد الملحمي بالألم و الفداء هو كل الإنسان الأثر لأنه ينبثق من الحب الصادق الذي يعتق الحب … يتكرر الحلم في الصدى كما يتكرر الصدى في الأفق. و ينبع الإتحاد من الارتداد في تجاويف النار و ثنايا الموج . في المادية المنحلة بالتعدد و التكرار بالمنطق النقيض لمنطق الإتحاد من أجل اتحاد يختلف بجوهر الصراع عن الإتحاد الذي يتساكن فيه الذاتي و المغترب… في شعر أمال نوار الإتحاد هو تمحيص للصراع في الذات المغتربة بين الوجود و العدم . صيغتان من صيغ التكرار و التكوير للأفق و الحلم يؤسسان الإتحاد على الصراع الممزق المتحرك بين الرغبة في الامتلاك و الرغبة في النفي …الإتحاد هو جدلية الامتلاء والفراغ التي تتجاوز الإتحاد نفسه من أجل الصراع الذي يرسم الخطوط العبقرية لاستقلاليتها …في عمق شعر أمال نوار “أسطورة ذاتية” تتجاوز الإتحاد الى الصراع من أجل العبقرية الذاتية كإنتماء يحبر الذات جوهرا للحرية . هذا ما أقرؤه في صيغة الجمع لكلمة “نايات” …أما الجمع في كلمة “مناماتي” فيجسد الإرتماء العنيف في النفي الغير الصريح للآخر، للحجر الذي يشكل مصدر وعي اغترابي بالذات … البنية المتعددة للرؤى في عمق الإتحاد يمثل عند أمال نوار انبعاثا لرغبة دفينة أن يتحول النوم المهووس بالحبر الى يقظة مهووسة بالامتلاء الوجودي بالذات المنتصرة على الغياب و النكران . الجمع في كلمة “جرار” التي تأتي ممتلئة بالصدى تبين الرغبة في فك الاختناق في قلب الإتحاد من أجل شرود - الشرود هنا بمعنى الحرية الفاعلة للإبداع - منطبع بالتغييب فقط كتحفيز للصراع و الانتصار. الانتصار على الصمت و الإتحاد … الحبر ينساب و يكلم من خلال الفناء ( يجب أن لا ننسى العلاقة الرمزية للنوم بالموت …و الطبيعة الإفتدائية للذات الحالمة من أجل الذات اليقظة التي تمسك بمعناها كلية فيما وراء الفداء…) الحجر بعد أن وضع في أمواج نارية منفتحة على الروح و الجسد، السماء و الأرض، الواقع و الرؤى …بين المطلق السماوي لوهج الحب و المطلق الأرضي للأمل . الحبر ينساب في عمق الحجر ليكلم نواة الصمت بلغة الإختراق الممزق الذي يتعدد التمزيق و يتعدد الفداء من أجل اتحاد صميمي بالذات في عمق الحجر . يمثل الحجر في قصيدة أمال نوار مستحيل الوأد وهو بذلك أمل نواتي يرسخ في الحلم اليقظة كسفر في منتهى الألم من أجل الذات المنتصرة في كنه الحجر . أمال نوار لا ترغب في الحب أملا واثقا بالسطح، أملا سهلا بليونة التراب، بذاكرة الوأد الذي يتسنى فيه للموت أن ينسى و يتجرد من ألمه…أن ينسى فداءه و اجتراحه للمستحيل بل تسني المستحيل بالفداء المتكرر ليكون جديرا بالإتحاد الصميمي و المطلق مع العمق الأبدي للحب الذي هو وحده يحقق تجاوز الإتحاد من أجل انتصار العبقرية… من أين تنمو عبقرية هذا الحب ؟ من الفداء المسكون بالفراغ كخيار وجودي يبني الإتحاد على التحول ...
| |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الثلاثاء ديسمبر 29, 2009 2:59 pm | |
| في حِبْر النوم أمال نوّار (لبنان/أميركا)
هناك في العمق البلّوري لصدركَ أرقدُ لغةً قديمة في عُصور النّوم. هناك حيث الفخّار يُمزّقُ قلبَه ليظلّ جنينَ النار، وحيث حجر البحر يتقد بحجر السماء كلما تشظّى في ضلوعكَ موجٌ دوّتْ في مناماتي جِرار وهوى ألمي فوق جذوعِ ألمك غابةً تُوقظُ في صمتكَ فأساً وفي شرودي نايات. برموشي أنبشُ شهقاتِ الرمال، ما تخطّه أنفاسكَ باللهب أقرأه بالقصب، أسمعكَ تناديني "يا سرّي الأخير" فأنضحُ بأحاسيس عنبٍ شاختْ قلوبُه قبل الأوان. شرراً أتطايرُ من حواسّ بحرٍ، ويعتريني هديرُ الدماء في شجرةِ لؤلؤ، من ذهنِ الماء تقطفني فاكهةَ جمرٍ بفمٍ فجٍ يسكبُ حليبُه من عطشٍ. لا تخوم لجسدٍ سُحقتْ نجومُه برفةِ جَفنٍ، ولا قيعان للمسةٍ غرقتْ مراكبُها في غَبَشِ الزجاج، وحده الهواء يقدحُ حُلمكَ بحُلمي، وحدهما عيناك شمسا عينيّ، إذ أغمضهما أضوءُ كما القلبُ بحجارةِ قمر، وأراني امرأةً تحملُ قنديلاً من ذهبِ الحُبّ ليرى جسدُكَ جسدَها في غيابه، وأرى ملاكاً من ريش أصابعنا يضمّ الخرائطَ بجناح والزمنَ بجناح ليضيّق الفضاء بيننا، فأروح أُحصي مناديلي والهديل البعيد ليديكَ ولحروفِ الغيب، وتروح أنتَ للغيوم تُشرّعُ دفاتر صمتكَ، تنفخُ ورقاً في الهواء فيرفُّ في خاطري يمام وتنام وأنام سرّين يغتربان في المَحْبرة ذاتها، هناك تعزفنا الوَحْشة على قضبان الكون، فََيسَْمَعُ خوائي صداه في حديدِ خوائك، كلما أيقَظَنا موتٌ من لُبَابِ موتٍ افترشنا له شهوةً في لُغةِ أجسادِنا وأغمضتُ عينيّ في شغافِ عينيك حتى يغشى غيابي غيابكَ. هناك في حِبْر المستحيل تُضيئنا ظلماتُ البلّور. ********** | |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الثلاثاء ديسمبر 29, 2009 3:00 pm | |
| على صهوة النسيان رأيتكَ في سماء أعماقي
وقد غشَيتْ عينيكَ لهفةُ الرمال، تشقّ فمكَ من تحت حجارة نومي
وتشربني من أهدابي.
وكان جسدكَ في حديد توقي
يدوّي،
عاصفة في صمتِ محبرة،
تطلقُ عطشكَ في ذاكرة يدي
علّه يُوقظ جذور الشلل.
وكم شريدة بدتْ
روحي في زجاجك،
مكتوبة بتيه الغيم،
لا أجداد لحنينها
ولا أعشاش فيها
إلاّ وهجرتها معانيها،
وكم مُعتمة نظرتي،
حتى ليُضاء بحزنها قمر.
وكانت خيولكَ الزُرق تقتفيني،
وقلبكَ يُوقظ الموت بصهيله.
لكنْ
على صهوةِ النسيان كنتُ أمضي
في غُربةٍ تسكنني في كلّ أرضٍ،
لا نافذة لي غيرالضباب،
ولا أثر للغاب على جلدي.
الحُلُم لم يعد مأوى آمنا،ً
والغيب،
تكبرني زرقته بجناحين،
فما عساني أكون لطيفك،
لمركبٍ يسبق الغياب..
القليل والكثير واحد
في معنى السراب.
أمال نوّار / شاعرة من لبنان | |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الثلاثاء ديسمبر 29, 2009 3:01 pm | |
| الآن أرضٌ خائفة من مبخرة ينبعثُ نُعاسُ ذاكرتي إلى حقيبةٍ ملأى: خيوط عجائز¡ صوراً وفراشاتٍ ميّتة. وكما يُريقُ رأسي نشوته¡ يُريقُ ذكرياته التي بقيتْ أرواحُها.
لن يكفَّ المَلَلُ وكلُّ نظرةٍ لم تَمّحِ جريمتُها عن أزهاري. إنّ الليل مرآةٌ صمّاء ترصّعُ العيونُ سكونَه وما من جدوى كثيرة الأجنحة التي تُورثنا الشَلَل.
الليلة سأتبعُ الساحرة إلى بستانٍ ما وإلى بركةٍ وسطه¡ سأقذفُ حَجَرَ خجلي. لن يُقيّضّ لعُنقي أنْ يُزْهرَ¡ المقصلة دائماً الشجرة الأعلى. ليس بسببي تسلّ الريحُ أحزانها¡ وحَجَرُ الرَحَى يَفتلُ روحَه¡ في القاع تصعبُ كلّ الخفقات. وإنْ كانت الضحكة صاخبة¡ فلأنها تتفتقُ في جرحٍ أعمق. هيّا نشطرُ الليل بأهدابنا¡ الإناءُ نصف فارغٍ أبداً¡ والأحلام عادةَ تُنسينا ما المسروق من القمر.
مراوغٌ ثوبُ الرقص¡ لن أربكَ البحر ثانيةً لن تشتهي عيناي عُرياً لئلا تدوخ أشرعتي. أخالكَ بُرجَ دُخان وذراعيكَ عُوديْ ثقاب¡ وإذ يذوي جسدكَ خادمة في الضباب تنطفىء.
إبرةُ الخياطة انكسرتْ ويدي في يدكَ¡ جِرار الحماسة هَوَتْ إلى مُحْتَرفي الصيد. لم تكن آمنة الغابات¡ ولا عُلَبُ النبض.
كثيرون يتوهّمون أنّ الريح في غنىَ عن وداعتهم¡ وأنّ النسيان ينزفُ كلّ الخيانات. كثيرون مثلي يطمرون خوفهم بأيدٍ كزهور المقابر.
الرقّة هذه فخُّ الشيطان. إنّ أشباحكَ التائبة بلا انقطاع تجعلكَ مضحكاً يا قلبي الماكر! ربما القادرون على الحبّ في النهاية أشرار.
بقسوةِ الماء أنفخُ في النار كآبةَ أجيال. الموتُ ألفظه من رَدَنِ الساحر¡ والضحكات مغاراتي الخاوية. غاضَ زهو النبع. إنكَ تُومئين لأهدافٍ جمّة: دعسات لمسات همسات وأضلع الشلاّل الحرّة هذه تكفي.
بئرٌ لم أُوَدّعها بعد تشرب الوقتَ وعتمةَ الوجه. لستُ سوداء لروحي لونُ الظمأ وهناك تُشكلُ النجمة. غير أنّ العزاء دائماً يحطُّ على الشجر وهذا ما أخشى.
تستيقظُ طواحينُ الَهَضَبة إنّه الجسد يعزفُ لثعابينه. الآن أرضٌ خائفة؛ عيني المفتوحة في الماء وثغري ورقة هذا اليباس. مرفقاي على الطاولة بابان لسماءٍ محتجبة أقول: الغيمُ ليس لي دربه إنما صاعدٌ بخار السنين وآن لي أن أمطر. سعادةُ العنكبوت ربما الخواتم نوارس في المنام أو صوت يدوّر رَيْبته، راكعةً أُرنّحُ يداً في بئر ويداً للخيبة أطلقها. وفاتني أنّ في سلّتي مُغنيّة كانتْ تحني زهرتها مُنصتةً إلى أصابع عمائها كيف تُفلتُ المفاتيح.
ثمة سنبلة على الطاولة أو في السرير تخصّ ألمي، ويومٌ طويل يحصدُ بقية العالم في العين. ثمة لؤلؤة في عُمرٍ أضعته تريّثاً حين كان قلبي يطفو على البحر، والغد يتكوّر في الصَدَفة.
أيّها السكّير، بما أنّكَ مثلي تشكُّ في عُذرية القمر، وأنّني لم أعتلِ العَتَبة أو قبعة يومكَ السعيد، فلا داعي لنعاسكَ أبداً، الليل الذي ترسمُه على جسدي يكفيكَ لتنام. أيّها السكّير، حين تحلم، ينبُتُ على العَتَبة حشيش ويلتفتُ بخفة. حتماً لن ننجوَ لو رفعنا إصبعَ الهاوية إلى ضحكتنا ومَحوْنا آفاقها الكئيبة. غاية الودّ ثرثرة الينبوع، إنما لن نفهم!
إنّي إذ أغلق الوقت بخنصري قرب نوافذ تفغرُ بؤسها، فهذا أشبه بتقبيِ فوهة بركان. ما زلتُ على بساط الوحدة أقطفُ رغبتي بخارَ شموع وسلسلة حول عنقي ظننتها زّبَداً. 'إنّي لا أبحث عن زمني الضائع' بل عن زمنٍ لا ظلّ لي فيه البتّة. بكلمات المطر أستضيف ملوكَ الرمل متعبة من الريح التي اقتلعتْ حظوظي وأوكلتْ بها الطواحين، أكانَ الشتاءُ لَدُنَ الباب المخلوع؟
مُنحنيةً على سفحِ جبل أُخمّنُ ما بين الجمال والموت، الصعوبة في صدى حَصَاةٍ متدحرجة. مُنحنية كنصفِ يوم، أحلم بحبّة رملٍ شاردة، لا شيء يعلقُ بالصنّارة.
الخوف هذا ما أعنيه حين أكتب، وأنفضُ شباكاً لبثَ الماءُ في مُخيلة أسماكها. بتُّ أخشى سعادة العنكبوت، وإذ أخونُ وجهي ليلةً في سرير لا أجرؤ على الإعتقاد أنّي الزاوية.
دمعتي خيطٌ يجرحُ السكون، معاً ننزف كالوردة واليد التي تقطفها. خِلتُني أعبرُ جسد الوحدة، خِلتُ سرعة النبضات ستوقف عقرب الثواني، وفاتني أنّ في سلّتي مُغنيّة كنتُ كلما أكتمها تنبتُ في حواسّي خِفيةً.
الرخام
حدي على أرصفتكِ، يا روما ثمرةَ نسيان... عظامكِ تعصفُ بالذاكرة، وأنا حبرٌ يمّحى عن ذهنِ الشطآن جئتكِ حاضنتي، كي أغيبَ في نبيذكِ وأتعشّقَ جسدكِ كدعسةِ فرسٍ في الريح، جئتكِ أقايضكِ وهمَ السنابل بدخانٍ غجري صاعدٍ من قبلةِ ظمآن جئتكِ أتلوّى بين المناديل، من أصابع قدمي حتى قرميدِ قلبكِ وأسحقُ جمراتِ فمكِ، بشفاهي المُمَزّقة من الضَجَر،
| |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الثلاثاء ديسمبر 29, 2009 3:02 pm | |
| للهِ ما أعطشني إلى السُكْر وأنتِ بحليبِ ليلكِ، تفيضين من حَلََمةِ حجر. جئتكِ يا دمعة البراكين وفي أحشائي عطشٌ من بردٍ وسعير، ورحتُ أعانقكِ بئري تشهقُ في بئركِ، ووتري يغمضُ قلبَه فيطير... ورحتُ أجري في نَفَسَكِ أتشرّبُ صهيلَ نشوتكِ حتى أشفّ أشفّ فيبانُ نَسْغي من خلل الفساتين، ما خشيتُ فيكِ تيهاً ومشيتي فيكِ من أثير، كأنما سرّي من معدنِ سرّكِ وغدركِ من حرير، كأنما في مسامِنا تدورُ الأرضُ، جناحُكِ الفجر وجناحي الأصيل تسيلُ أحزاني على أعمدتِكِ، فيرتعشُ أرغنٌ في عَصَبِكِ أحمراً قانياً يخطرُ للرسام أنْ يلطّخني بعد أن يبتلّ ريشي بشجوكِ، يا غابة منامها صلبانٌ في رخامها، وصحوها بخور تعصرين دّمكِ من عنبِ أجراسكِ، وتقيمين الصلاة عند قرعِ الكؤوس، أيتها الغانية الخاشعة، كيف تتغاوين بجموحِ الجَمْر؟ وتترهّبين بأناةِ الشموع؟ قُبَلي تجوعُ في أعشاشِها، إنْ تطعميها بَرْداً كالببغاء تلفظكِ حريقاً حريقاً من بين الضلوع، روما أيها المستحيل الأقرب من سربِ عصافير على خنصر، ما من حجرٍ فيكِ لم تسوّدُ روحُه بدّمِ الدهر عمري فيكِ صار خمراً، وصمتي شَفَقاً من أرجوانٍ وتيه يحسبني المارّة جذوة لفرطِ شُرودي، أنا الهَشّة، يقيسونَ بي الحنين، في الذروة يُسمعُ فيّ جرحُ هاوية روما أيتها الدمعة الذهبية على خدّ البحر، جئتكِ مُترعة بسرّ الحجر وفسيفساء الحرمان، لا تتعجبي لشبقيةِ قلبي وعفّته عذراؤكِ تحبلُ بالأفق من خلفِ الجدران رخامٌ أنتِ بفمٍ أَمْلس، وتذبحينَ من الحَنَان
صلاة للحالم بجنيّة البحر
آيا أنتَ يا نجمة بعيدة تغمسُ قلبَها في ماءِ روحي خُذني كما تُؤخذ البحيرات في رشفةِ قلب، كما شجرة تأخذُ شجرة بشهوةٍ تخترقُ الريح، كما مصباح سهر يغرورقُ حزنكَ بزيتِه خُذني فأنا أرضٌ مذبوحة بشفرةِ أُفق تفصلُ قُبلاتنا غُربة الزجاج. يا أنتَ يا روح الشجر في القُبلات خُذْ رغبتي من حواسّ الحجر يختلطُ فيها دمّ الشمس بدمّ السواد، يا بكاءً تكدّسَ في نهديّ من قبلِ أنْ يصيَر دمعتكَ اعتصرْ قلبي من جوعِ قلبكَ وبحري من فمِ النبع وخُذْ جسداً يُشرقُ من عتمةِ جسدكَ ولئن يرتعشُ خيطُ غبارٍ في ضوءِ ذاكرتِك يكونُ بَرْدي دفأك ورعشةُ الخيط رغبتي في الهواء. يا أنتَ يا روح الماء في الحزن وجهي عذب فسيّله يصيرُ حنانَ جلدِكَ. يا أنتَ يا روح النار في الثلج فمي فحمٌ وأصابعي تهبُّ بلهفةِ النُعاس اضرمْ بي غابات صمتكَ. يا أنتَ يا روح التراب في الظل إرادتي صُداعُ الصخر فتتني حجارةً في لمستكَ، وذرْ أحاسيسي في تراتيل خُطاكَ. يا أنتَ يا روح الهواء في الغصن أزرقٌ قانٍ دمّي اغمدْ ريشاتكَ في فمي، وحبّرني سماءً فوق مرآةِ نومكَ. يا أنتَ يا روح الحبّ في الغمام صيّرْ الحُبّ من صلصال، صيّره ورقة عاصفة على رصيف، صيّره طيراً يجرحُ بريشه المنام، صيّره صلاةً ترتفعُ منْ مزمارِ بحر، لحظةً يفيضُ من كأسها دهر، اجعلْه يحيا بثياب الغيم، بجلدِه، فأنا بمشاعري يتمزّقُ جلدي، ومنْ كثافةِ روحي يُولدُ الألم. | |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الثلاثاء ديسمبر 29, 2009 3:03 pm | |
| يراني الوهم حين أشفُّ ما ظننتُه آتياً كان مركباًَ راحلاً مُحمّلاً بمَحَاراتِ عينَيّ ما ظننتُه ينبوعَ الأزل كان فُقاعةً في بؤبؤ الغياب لكأنّي كنتُ أعدو ونظرتي فرسٌ من ورق وميضُ البحيرات على أديمِ مشاعري ورمالي تغصُّ بدمِ الغسَق ملءَ غفواتي تفاقمَ فيّ السراب البئرُ لا يَسبرُ عماءها حِبْر والعينُ التي نُبِشَتْ قبورُها انفصدَ نورُها لكأنّي كلما شفِّ زجاجُي تعتّقِ فيّ الَوَهْم مكتومٌ عِنبي في خَوَاء نظرتي يتقد ّوفمي طافحٌ بالثلج مُتراصٌّ حناني ظمأ إلى ظمأ في قسْوةِ الخشب وما مِنْ بحرٍ تسكبُ فيه الوَحْشةُ دمَها يتشرّبُ النهرُ خريرَ حواسّه يُجففُ ذاكرتَه في الهواء ولا يبقى في جَوْفه غير مرارةِ حصى يَسْوَدُّ بالنسيان صِنّارتي لا يطالها ضوء قستُ خيالَها بحُطامي لكنْ لا جذور لمَنْ لفظَ جرحي من جرحه ومشى عَطَشاً على ماء يجفُّ واحدهما في قلبِ الآخر وما ظننتني نَسْغه أغورُ فيه منذ عصور أحبّرُ النومَ والظلال ما ظننتني نَفَسَه من رقّتي يتفتّحُ فيه ياسمينُ العظام ما كنتُ له سوى وهمٍ يُربّيني في جِلْدِه كمن يُربّي فأساً في جذعِه ويقسو به مثلما السرُّ يزدادُ يباسُ قلبه كلما شربَ البحار. | |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الثلاثاء ديسمبر 29, 2009 3:05 pm | |
| غابةُ الرخام وحدي على أرصفتكِِ يا روما ثمرةَ نسيان… عظامكِ تعصفُ بالذاكرة، وأنا حبرٌ يمّحى عن ذهنِ الشطآن. جئتكِ حاضنتي كي أغيبَ في نبيذكِ وأتعشّقَ جسدكِ كدعسةِ فرسٍ في الريح. جئتكِ أقايضكِ وهمَ السنابل بدخانٍ غجري صاعدٍ من قبلةِ ظمآن. جئتكِ أتلوّى بين المناديل، من أصابع قدمي حتى قرميدِ قلبكِ وأسحقُ جمراتِ فمكِ، بشفاهي المُمَزّقة من الضَجَر، للهِ ما أعطشني إلى السُكْر وأنتِ بحليبِ ليلكِ، تفيضين من حَلََمةِ حجر. جئتكِ يا دمعة البراكين وفي أحشائي عطشٌ من بردٍ وسعير، ورحتُ أعانقكِ بئري تشهقُ في بئركِ، ووتري يغمضُ قلبَه فيطير… ورحتُ أجري في نَفَسَكِ أتشرّبُ صهيلَ نشوتكِ حتى أشفّ أشفّ فيبانُ نَسْغي عبرالفساتين. ما خشيتُ فيكِ تيهاً ومشيتي فيكِ من أثير، كأنما سرّي من معدنِ سرّكِ وغدركِ من حرير، كأنما في مسامِنا تدورُ الأرضُ، جناحُكِ الفجر وجناحي الأصيل. تسيلُ أحزاني على أعمدتِكِ، فيرتعشُ أرغنٌ في عَصَبِكِ أحمرَ قانياً يخطرُ للرسام أنْ يلطّخني بعد أن يبتلّ ريشي بشجوكِ. يا غابة منامها صلبانٌ وفي رخامها وصحوها بخور تعصرين دّمكِ من عنبِ أجراسكِ، وتقيمين الصلاة عند قرعِ الكؤوس… أيتها الغانية الخاشعة، كيف تتغاوين بجموحِ الجَمْر، وتترهّبين بأناةِ الشموع؟ قُبَلي تجوعُ في أعشاشِها، إنْ تطعميها بَرْداً كالببغاء تلفظكِ حريقاً حريقاً من بين الضلوع. روما أيها المستحيل الأقرب من سربِ عصافير على خنصر، ما من حجرٍ فيكِ لم تسوّدُ روحُه بدّمِ الدهر عمري فيكِ صار خمراً، وصمتي شَفَقاً من أرجوانٍ وتيه يحسبني المارّة جذوة لفرطِ شُرودي؛ أنا الهَشّة يقيسونَ بي الحنين، وفي الذروة يُسمعُ فيّ جرحُ هاوية. روما أيتها الدمعة الذهبية على خدّ البحر، جئتكِ مُترعة بسرّ الحجر وفسيفساء الحرمان، لا تتعجبي لشبقيةِ قلبي وعفّته عذراؤكِ تحبلُ بالأفق من خلفِ الجدران رخامٌ أنتِ بفمٍ أَمْلس، وتذبحينَ من الحَنَان. بياتزا نافونا 3 تموز 2005
| |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الأربعاء ديسمبر 30, 2009 4:32 am | |
| صلاة للحالم بجنيّة البحر
آمال نوّار::. 19 نوفمبر 2005 (ثناء ونور ما أكثرني في فم سنبلة أنا القليلة بين النوم والعتبة) آيا أنتَ يا نجمة بعيدة تغمسُ قلبَها في ماءِ روحي خُذني كما تُؤخذ البحيرات في رشفةِ قلب، كما شجرة تأخذُ شجرة بشهوةٍ تخترقُ الريح، كما مصباح سهر يغرورقُ حزنكَ بزيتِه خُذني فأنا أرضٌ مذبوحة بشفرةِ أُفق تفصلُ قُبلاتنا غُربة الزجاج. يا أنتَ يا روح الشجر في القُبلات خُذْ رغبتي من حواسّ الحجر يختلطُ فيها دمّ الشمس بدمّ السواد، يا بكاءً تكدّسَ في نهديّ من قبلِ أنْ يصيَر دمعتكَ اعتصرْ قلبي من جوعِ قلبكَ وبحري من فمِ النبع وخُذْ جسداً يُشرقُ من عتمةِ جسدكَ ولئن يرتعشُ خيطُ غبارٍ في ضوءِ ذاكرتِك يكونُ بَرْدي دفأك ورعشةُ الخيط رغبتي في الهواء. يا أنتَ يا روح الماء في الحزن وجهي عذب فسيّله يصيرُ حنانَ جلدِكَ. يا أنتَ يا روح النار في الثلج فمي فحمٌ وأصابعي تهبُّ بلهفةِ النُعاس اضرمْ بي غابات صمتكَ. يا أنتَ يا روح التراب في الظل إرادتي صُداعُ الصخر فتتني حجارةً في لمستكَ، وذرْ أحاسيسي في تراتيل خُطاكَ. يا أنتَ يا روح الهواء في الغصن أزرقٌ قانٍ دمّي اغمدْ ريشاتكَ في فمي، وحبّرني سماءً فوق مرآةِ نومكَ. يا أنتَ يا روح الحبّ في الغمام صيّرْ الحُبّ من صلصال، صيّره ورقة عاصفة على رصيف، صيّره طيراً يجرحُ بريشه المنام، صيّره صلاةً ترتفعُ منْ مزمارِ بحر، لحظةً يفيضُ من كأسها دهر، اجعلْه يحيا بثياب الغيم، بجلدِه، فأنا بمشاعري يتمزّقُ جلدي، ومنْ كثافةِ روحي يُولدُ الألم. ****** | |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الأربعاء ديسمبر 30, 2009 4:33 am | |
| غُربةِ الظلّ بأيّ حِبْرٍ أُدفىءُ شعورَالليل وبأيّ كلمة أُصيبُ وترَ البئر، ثمة محيطات تفصلُ زجاجي عن الحُلُم وما من جسرٍ بين الهواءِ وظلّي. أراني في مرآةِ الغياب تطفو نظرتي ويغرقُ بحري ولا يبانُ من لمستي غير الزََبَد ولا من روحي غير الزيت. بعيدة المراكب عن ذهنِ المياه وها الحجر يشعُّ بعماءِ سرّه. الدخان هذا ما يبقى من حدائق رغبتي وطعم الملح على لسانِ الوهم الكيانُ لا يُسمعُ حفيفُه في صخبِ الصمت؛ الجسدُ أيضاً يدور ولا تشعرُ به الأرض. *** | |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الأربعاء ديسمبر 30, 2009 4:37 am | |
| من أجل الإنتظار
انتظرتكَ طويلاً وكان لعينيّ حفيف رغبةٍ وقُبلةٍ إذ ترتعش فيّ الريشات والألوان، وكان نبيذُ قلبي نبيذ صُوّان نارُه في جوفي وجليدُه مَلْمسي. انتظرتكَ وأنا في غيمةٍ يحتضرُ فيها الماءُ والعطشُ، وكنتُ أشتعلُ بحُمرةِ بحرٍ يموتُ وفي عينيه سواد الرمال. أنتظرتكَ وكان للوقت رائحة العِنَب إذ يتلوّى في الصُدُور، وأنا في نُعاس غُرفتي تتقصّفُ فيّ الغابات، وكنتُ على طول لحظتي أتمدّدُ كمركبٍ أسْكره الحنين. انتظرتكَ وفي يدي حُزن الرماد، لا نهاية لأصابعي إذ تلامسُ الزجاج؛ بغنائِها البعيد كانتْ تُشتهى دونَ أنْ تُقطفُ أو يرتعش فيها زَغب. لا لون للأزل إذ يبرقُ في نظرتي وأنا أخترقُ بصمتي الجَمَاد. الدروبُ السوداء يُضاء عُشبُها تحت دَعْسَتي، والمسافات يتقطّرُ دّمُها من نُقطةِ أمل. انتظرتكَ وأنا في الأقاصي من البُحيرات، بجعة هائمة بين قصب الشفاه تنحني لضوء مساءكَ، بجعة تغرفُ الأزرقَ من الكلمات لتحبّرَ فضاءَ نومكَ. انتظرتكَ ولم أسمعْ لخُطاكَ نُواحاً بين حجارِةِ قلبي، ولم أسمعْ قلبي البلا خُبز يستغيث. انتظرتكَ من أجلِِ الإنتظار فقط، من أجل فحمِ الأرض وجُوع السماء، من أجلَ تزيين قُلوب الموتى على العَتبات، ومن أجلِ سرقةِ الوَرْد من ذاكرةِ الأيدي. انتظرتكَ ولم أكنْ أنتظركَ ولم أكنْ أعرفكَ، وكان جميلاً أنْ لا تأتي فآتيكَ بقصيدة. *** | |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الأربعاء ديسمبر 30, 2009 4:42 am | |
| محو
أخطو بعيدةً في سواد الحجر. هدوءٌ كافٍ لاختراقِ صفحاتِ جرحي عميقاً حيث الموتُ يُثقَبُ قلبُه. * لذةٌ صافية، وعيونٌ لا يسعها التوغّل في الصدوع حيث ترقدُ جثةُ العاصفة. * لا أموتُ إلاّ لأولدَ من رِحَمٍ أشدّ اخضراراً. * مَنْ يهبُ حبّات الرمل أسماءها؟ وهل بغير الزُرقة يحصي البحر غصّاته؟ قد تفاقمتُ في دَمي سَكْرةَ ألم حتى قاربَ لوني لون العدم. * عيني مُضاءة بالنوم لا يُرى منها غير ليلها. * لي شكل الكلمات، أنا الممحاة. * أصمتُ من أجل أن أُسمَع. أتعرّى من خُضْرتي وأعشاشي وحفيفي حتى قاع النبع، فلا يبقى في الشجرة غير الشجرة. * ما أكثرني في فَمِ سنبلة أنا القليلة بين النوم والعتبة. * ما أكثركِ أيّتها النواة على حُلْم البريّة.
| |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الأربعاء ديسمبر 30, 2009 4:44 am | |
| فراشـة من ذهـن الحُطـام
مصفوفة منذ فجر الماء؛ عظامٌ تربّيها الأحلام، حتى إذا هجرتْكَ نارُك، جئتُكَ فراشةً من ذهن الحُطام. * ماذا ستفعل الآن بهذا الَفقْد غير أن تطبقَ عليكَ أجفان الحديد. كأنّي لم أرحلْ، كأنّ البابَ لم يشحبْ لونُه، كأنّي الأقربُ أنا المطرحُ البعيد. * المطرُ غزيرٌ فوق صباحي ... إذاً، سأذهبُ إليكَ بالطريقة ذاتها، فقطاري ولّى وسلّتي سُرّة التيه. وبعد قليل، سيتوقّف المطر، فأعود ملتفحة بشالي أجرح الدرب من الحنين. * أنتَ لا تعرف وأنا لا أعرف وهذا يكفي... كي لا ينال منا المعنى. كي نظلَّ زجاجاً في مهبّ التأويل. كي تبقى لنا فتنةُ الرمز وشهوةُ النوم مع أسرارنا. * مع هذا، لا أريدني حُلْمك بل "إيثاكا" الوحيدة في الكون الأجمل من الرحلة إليها.
| |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الأربعاء ديسمبر 30, 2009 4:48 am | |
| خُضـرةُ الوهـم
إسمُكَ أذكره لأنّي لا أعرف عن الوهم غيره وقليلاً عن الحياة. تعال... عنواني هو نفسه، لا هو تغيّر ولا الشخص أو صرير الباب. * أخضرُ هو السحاب أخضرُ هو الغياب أخضرُ هو العذاب أينما تلمسني أصيرُ غاباً من يباب. * تفيضُ كأسُها ظمأ؛ قُبْلتنا. ندورُ متشبّثين بلبّها القاسي ونارنا تهبُّ من دَمِ عتمتها. * احضنّي بعينيك وأجّجْ في جسدي خُضْرة الوهم. قبّلني هناك... في المطرح الذي أفقد فيه الوزن. | |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الأربعاء ديسمبر 30, 2009 4:50 am | |
| من عُمْر الجليد
رأيتكَ وأنا في زجاجة تائهة فيك
أهفو إلى سمائك من شِبَاك ماضيك
رأيتُ قلبي جنينًا أزرق
يسبحُ في أحشائك
من قبل أن أُولَد.
لو لم أكنْ عُشبةً في قديم صوتك
غزالةَ دَمٍ في أنينِ الحديد
لما ارتعشتْ طيوري باِسمك
كأنَّها الموتُ يغشاه الحنين.
أحبُّك
مُذْ كان صدى المطارق
يسيلُ على خدِّك
مُذْ شاختْ بكَ الشمس
تُقَلِّبُ أرواحًا نَفَخَها فيكَ الطين
مُذْ أحاطتْكَ الكواكب
وجِهاتي كلُّها، الشمالُ في كفِّك،
كنتُ في عَدَمِك وأنتَ بَعْد
زُرْقةُ احتمال
نبضاتي فيكَ مَحَارٌ من عُمْر الجليد
قُبُلاتنا الآن
أصلُها لؤلؤ
أحبُّك
ولا تسألْني كم متُّ كم عشتُ
أخضرُ النار في ذاكرة الريح
اقرأْني بين حريقين
اِغمسْ ريشكَ في زَبَد أعماقي
تذكَّرْ...
غريقًا كنتَ في جمرةِ الينابيع
تحلِّقُ من سماءٍ إلى سماء.
أحبُّك
من قبل أن ينهضَ من نومكَ حِبْر
ومن قبل كلِّ معدنٍ أو زيت
كنتُ صغيرة
أشربُ الحليبَ من ثماركَ الفجَّة
وأُطيِّرُ أفكاركَ بخيط.
وكم ركضنا في ضلوعِ الأزقَّة
وخلفنا فراشاتُ ملحٍ وماء
خبزُ شقائنا نحملُه حيًّا
كأنَّما تركْنَا جسدَيْنا في البحر
وعدنا قلبَيْن في السِّلال.
أحبُّك
ولا يهمُّ إنْ كنتُ عشْتُك في حياةٍ أو مَمَات
أنا حُلُمٌ بلا شواطئ
وموجي يعودُ إلى الوراء.
*** *** *** | |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الأربعاء ديسمبر 30, 2009 2:29 pm | |
| تاجٌ على الحافّة ديوان يحتوي
أخف من النسيان كينونة الصفر على شفاه يومي ليس هوساً وحدةٌ بلا غصن جيرة الأموات ربيعٌ تحت حجر كأني ألقاك سعادةُ العنكبوت مع أنًه لا أمل الآن أرضٌ خائفة عِظة آثار صيّاد حُلُم الهلال بين ارتباك العصافير سبعٌ عِجاف لا أثر من أجل أن أرى يدٌ لعازف الكمان تألُّق تنهضُ في الفجر شعور من طرفِ واحد أنمو مُنصتة كلام لا أرض له ليلٌ لم ينم بعد كما لو في ذكرى حين فمي نقطة بَرْد وجه المجهول | |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الأربعاء ديسمبر 30, 2009 2:31 pm | |
| أخفُّ من النسيان يسكنني الشوق مثل محطّة تعبقُ روحها بالصقيع ويرشحُ فخّارها بغصّاتِ عنبٍ وُزِّعتْ حبّاته في حقائب وأُهرق دّمه في خاطرة. يسكنني الشوق العميق المتحدِّر ربما من نظرة، أو من بذرة، أو من حفيف ما، الشوق الذي غالباً لا يُزهر ولا يَزْرقُّ به الخيال إنما تُستوحى رائحته من القشرة وأحياناً تنتابني رغبة في التنقيب عن آثاره علَّني أجدُ عصفوراً ميّتاً أو كِسْرة خبز في بريق العين المُوحشة. يسكنني وأسكنه مثل سؤال عميق يذريه العابر على الشجر، وحين يعود تتفتَّحُ الذكرى ويرى كيف أنَّ الرصيف يعانق المِشية، وكيف أنَّ الأفكار تتدحرج على الأغصان لتتسلقه هو، الجذْع الأوفى. في البعيد سفنٌ تصدّعت من القسوة وقلوبٌ بلغت عتمتها الشاطئ، ومع ذلك فإنّ البحر لا يقوى على الذكرى ولا على أن تُحْبَس أنفاسه لحظة يغرق في موتاه. في البعيد كنتُ أنا غابة هذا البحر وخريفه، غصنه يتألم في غصني ونَفَسه في نَفَسي، وكنا معاً نُسْتشفُّ من العمق ذاته كحياةٍ في أحشاء ما بعد الحياة، لكنّنا لم نجد أثراً لملحٍ تقاسمناه ولا لعصفورٍ طالما ازْرقَّ فينا، ولعلّ الماء الذي أجهشْناه لم يكن إلاّ ظلاً لماءٍ جفّ فينا ولهذا بقينا نحلم، أُدخله في النوم، فيدخلني في المنام، وليومٍ كامل كنا نظلّ صُبحاً، ولدهرٍ كامل كنا نظلُّ صِفْراً، وكنا نكبر ولا نكبر العمرُ شُيِّع في النسيان وفي عيني المطْبقة. أيتها الدروب بأيِّ عصفور أجرح طبيعتكِ الهامدة، وبأيةِ ظلال أتفاقم لأُتقن الغَبَش؟ سأخلط رغبتي بمطرٍ ثقيل وأدعُ المرارة تشتدُّ في حبيبات، سأتوارى في طيّات الألم وفي القصب العميق للخواء. وأنتِ أيضاً يا سلسلة من المتاهات بأيّةِ حكمة سأرتقي سماءَكِ ونظرتي هي الأكثر انخفاضاً بين الأجنحة، والأكثر التباساً من فلاة؟ ها قد تماهى فيكِ الباطن بالظلّ والحجر بكلِّ أديانه، فكيف لي بعد أن أستجليكِ وأنتِ تغشين قلب البداهة وتغبِّشين الوجه والقسمات؟ كيف لي بعد أن أنفذ إلى دّمكِ وإلى ما وراء الشكّ والبَرْد؟ الأجدى أن أتناهى في نواتي كصوتٍ يتعرّى من لفيف أوراقه حتى العَظْم، أو أن أكون نَفَساً يُبعث من زَبَده ليقترفَ ذروةً تليها الشطآن. الأجدى لتلك القافلة أن تسير بأقدامها وحدها وأن لا تلتفت إلى الخلف حيث بعوض ورموز وخرافات أخرى تنتظر عند قدميّ في الظلّ الراكد بلا رحمة. ماذا لو أتبدّد كأقدم صوتٍ للأمل، ماذا لو تقتفي الشجرة أفكاري، ماذا لو لم تُبالِ بأن يسقط جذْعها من تعبي وخريفها من رعشتي وبأن يصيبها نسياني بسهامه في أعمق ذكرى في غصنها حيث كانت تحطُّ أطياف بعيدة وغريبة؟ ما عدتُ موجودة أورثتُ الحنين أعشاباً ورغبات بعدما امّحى الجسد عن خَزَفهِ، بعدما تحطّمتْ عينُ الفلاح الكبيرة. أيتها الذاكرة ها أنتِ تأبين أبوَّتنا وتطرديننا حين لم يعد لذنوبنا غير طَعْم ثمرتكِ، ولا في عروقنا غير نَسْغ شجرتكِ الملعونة. ها أنتِ تتبدّدين تماماً كأوهامٍ بلا أيّ إرث، وها إنّ الخريف هو الآخر يخرجُ من شجرتكِ فارغ القلب واليدين. ما عدتُ موجودة شربت العصافير من يدي وشاخت، مرّ الليل في زورقه الحجري، منْ يجرؤ بعد على ملامسة الغابات؟ وحدَه الحُلُم في القفص وجثة العالم في جلده، وحده الثلج ولكي يستوي خيط النهار كان لابدّ من عادةٍ قديمة كالانحناء على الحافات والانتظار. ما من شيء حقيقي مرأى النهر بمياهه الخافقة أقرب إلى ذكرى تستكين عميقاً ما من شيء سوى خفّة هذه المياه؛ كفّة ترجح بالنسيان مُذْ أحدٌ لم يأتِ مُذْ أحدٌ لم ينتظر. الجبين على الرُكَب والأيدي شبه مُرَفْرفة: لوحة رمليّة تهمُّ بالطيران. لا يعنيني ما تنتظره السماء من نظراتي، الأبنية تحيا بقلبٍ واحد والشجر لشدّة سكونه مأهول بالنسيان، حتى الأشياء البريئة تتشابه. لا يعنيني شيء ما دامت عيناي تحفظان الغائب. ولأصحو على رصيفٍ آخر عبرتُ نوم السماء: عمياء تحُلُم برائحة يزرقُّ حِبْرها في القَعْر. أيتها البلاد لا ليل فيكِ يتلمّس جسده أو يتشرّب بَرْده، ليلكِ قطعة واحدة صلبة وينغلقُ القبر. يطلع العميان بأغصانٍ طويلة من لبِّ الظلمة ويُحَرَّفون الحُلُم. لم تعد عيناي الكلام الفاصل ولا يداي انعكاسه الفِطْري، كلّ معنى بات مهدّداً في خاطري كلّ زورق رغم هذا القلب الهادئ والإشارات. بين شفتيْ البَرْد لم يعد للصدْفة أيّ احتمال. بين الكائنات الصامتة تنفذ عيناي إلى جذور لم تقتلعها بعد روح الصحراء في الهواء. أخيراً أهتدي إلى مساري؛ المسار الأكثر خفّة من قلبٍ يابس، ومن ذكرى الدخان المنسوب إليه. لا ظلّ للمارة الوهميين وهم يتبعون خطاي؛ لم تكنْ خطاي الليل امّحى فيّ وخلّف ورائي ما يشبهني لأتذكر... ثمة سماء أخمّن ذلك، وطيور أثقل من البحر ثمة أشجار وأسوار ومدافن... الليل نفسه خلف كلّ الأبواب. ها قد شاخ الليل واسودّت أحلامي بنسْغِه، وبتّ أَعبْق بالرائحة الوثنيّة لقتلاه حين وبهدوء، يصعد الدخان من مصابيحهم المهملة على الشرفات ويكسو جثثهم قُبِلاً. ورحتُ أنحني للسقوط قافلةَ ندمٍ، أنحني وفي دّمي خيانة لوردٍ لم يهرم ولوجوهٍ انشطرتْ أنصاف أقمار وهي تغيب في خيالي، ولحكايات هي الأخرى جمّدها البَرْد عقدة عقدة أنحني وما من أرضٍ في الأسفل. ******
****** | |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الأربعاء ديسمبر 30, 2009 2:32 pm | |
| كينونةُ الصِفر سأقبع في حجمي الطبيعي: اللاشيء ويا لخوف النور إنْ رآني، سأكون نقطة في طول السؤال وعرضه وأعلم أنّ الألم لن يزيد أو ينقص. وسأتبدّد مثلما الدهر في النهر مثلما العواء مثلما حِبْر الأفكار المرتقبة وسينساني هذا الذي ذاكرته مَرْعى، يقلع الطحالب في عُطلته، ثم يجلس ليتشمّس بين النهارات خاوياً من أيّة فكرة. أما البحر فعينُه أوسع وستبتلع المشهد لكن، مَنْ يصطاد عيني من بين الأعشاب، وقلبي من قلوب الحيتان؟ مَنْ يمسكُ بالخيط المؤدي إلى القدم؟ ومَنْ تخطر بباله بقيّة العتمة؟ حياةُ الصفْر لا تحتاج إلى كبرياء، ولا إلى شراع أو جرس، ربما إلى طاقة تدير محرِّكه في الهواء. لن أنتظر أحداً سأنتشل الجسد إلى الضفّة، وسأحفر السنين بأظافري، ولن تلتمع في الأفق أيّة علامات فالورق كلّه أصْفَر. | |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الأربعاء ديسمبر 30, 2009 2:33 pm | |
| ليس هَوَسا
كنتَ وما زلتَ وستبقى كرْسيّاً يخرج من الغابة بحثاً عن جدار. انظرْ إلى قوائمكَ في المرآة ليس من أثرٍ للوحل ولا لكلماتٍ صدَّقها الجذع، لستَ الوحيد مَنْ افتقد معنى الوقوف، الغابة أيضاً، لكنّكَ، ومذ ذاك الزمان ولم تنزحْ أبداً وحتى بعدما تبدّل المنزل، بقيتَ مستلقياًّ على الأرض ترمق السقف والتماثيل والكتب باحثاً عن جدار. ****** | |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الأربعاء ديسمبر 30, 2009 2:34 pm | |
| جيرة الأموات
إنّهم لا يكذبون، الضباب وحده إنّهم لا يضجرون، الظلّ وحده إنّهم لا يتأخّرون، الموت وحده إنّهم لا يحيون، الساعة فقط. لا أنا ولا الضباب ولا الظلّ ولا الموت نضبط الساعة. أنتَ جاري من سنين ولا أعرفك غرفتكَ تَضُوءُ وتُظْلم، ونباتاتكَ تزهو، والزينة تتبدّل وِفْق الأعياد، وعشبكَ أخضر وخالٍ من ناب الأسد أنتَ تحيا إذن! أنت تحيا في هذه المقبرة. ******
| |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الأربعاء ديسمبر 30, 2009 2:36 pm | |
| كأنّي ألقاكَ
غريبان كقمرِ حظيرةٍ في عين المغنِّي، كاحتمال أخير افتقدناه. غريبان وباقيان على العهد منذ فجر السباق، حصانكَ الأسى وحصاني الوهم الذي أحرز الكأس بأُمنية. نفترق كلما نَعِسْنا وصادتنا الأوتار على عجل، تعزفني من بعيد جازاً للحقول والحيوانات شبه الميِّتة، فأستيقظ كأنّي أعرفكَ. الحياء إزاء الحياء؛ افتتان الحجر بالشعاع، والوردة بالقَبْر نغترب أكثر في قُربنا ولا يُجدينا اللقاء. ****** | |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الأربعاء ديسمبر 30, 2009 2:37 pm | |
| مع أنّه لا أمَل
ليكنْ هذا الألم وليسقط الساقطُ من جناحيْه الزائلين، لن يجهده مصيره الخطير ولا خيبته إنْ تهشّم في فجر يومٍ ما لم يعد فيه راغباً بيديه ولا بتفسير النجوم الضائقة بحراكه. ليكنْ هذا الألم ولتمخرْ أفكاره أقدامٌ مشلولة وطاقات بلا معنى تترنّح صاخبة وحسب، وليعوِ في جِلده عموُه المحطَّم بصوتٍ هائل كالحبْر؛ أمَلَه الوحيد. سوف يعرف من جديد الأمور القديمة، ووقْع قلبه في لحظةٍ كان ينبغي أن يموت فيها ولم يعرف. وسوف لن يقتله أحد، لأنه سيعيش طويلاً ليقتلَ هذا الألم. ******
| |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الأربعاء ديسمبر 30, 2009 2:38 pm | |
| عِظَة
هَبْنا أيّها العشب سيرةً في التأمل، فذواتنا هَوَت بعُلُوّ قممٍ ارتقتها نَفَساً فوق نَفَس من وحشةٍ وأمل. النائي يُعَتِّمُ قلبه بحجر علّه يضوء من باطن كلمة، أو يدخّر عَطَشه ليَعْذبَ النبع. النائي تتقاسم السنوات نظرةً أطلقها الأمس، طويلة وبعيدة مثل عينٍ ميّتة. أيّها العشب، شَعْركِ أبيض مثل إحساسٍ نسيتُه على المُنحدر وطفقتُ أتأمَّلُه من عَلٍ. ******
| |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الأربعاء ديسمبر 30, 2009 2:39 pm | |
| حُلُم الهلال
مثل أصابعكِ حين حلمتُ بها على ضفافي لم يكتملْ قمرُ تلك اللحظة، ولم يَسْتدِرْ في جسدي غير عينيكَ الساهرتين. نتصادفُ على ما لا نفكّر فيه؛ نحن الأشياء المؤجّلة إلى وقتٍ آخر نلتقي عند فواته وهناك، عند العتبة، نفهم. أسمعكَ فوق هضبة النوم تغنِّي ليدي الحيّة ويدي الميّتة؛ أنتَ الذي لم يعرف أنّي الهلال بينهما. يوماً ما حين لا يعود للهواء ضفيرة وللأرض عُنُق طويل، سأسطعُ من نافذتكَ وعُنُقي الفضاء. ****** | |
|
| |
bassam65 عضو ماسي
عدد المساهمات : 3455 نقاط : 20893 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 العمر : 59 الموقع : سوريا
| موضوع: رد: الشاعرة اللبنانية آمال نوّار الخميس ديسمبر 31, 2009 3:21 am | |
| سَبْعٌ عِجَاف
يدقّّون على بابي ينقرون الذراع حتى سابع حبّة، يلهبون الصدْر بأنفاس الخبّازين وقد استدار رغيفهم على جثة. "يا ماما لا تنامي في الحقْل فإنّه كلمات... آوي إلى الحجر وقَبِّليه فهو يسمع، طريٌّ قلبُه مثلكِ ويغفو في نصْف القصة". يرقٌّ لحياة المناجل وألتصق أكثر بالجدار فتتطايرُ السنابل من شفتيّ إلى المقصلة. ******
| |
|
| |
| الشاعرة اللبنانية آمال نوّار | |
|