اعتبر
الاسلام مسألة الجنس والحقوق الجنسية من المسائل الأساسية في حياة الانسان، ووضع
القوانين والقيم اللازمة لاشباع الغريزة الجنسية وتنظيم نشاطها.
ولكي نقدم
وضوحاً أوفر، فلنقرأ بعضاً من أحكام الشريعة الاسلامية، وقيمها ومبادئها التي تحدثت
عن الجنس، والحقوق الجنسية، والمتعة، والجمال، مما يوفر ثقافة جنسية طاهرة، وخالية
من عقدة الجنس، التي تتحكم في بعض المجتمعات والأعراف والتقاليد، كما هي خالية من
التلوث، والانحدار، والسقوط الجنسي.
ويتوفر ذلك بقراءة النصوص القرآنية،
والأحاديث والبيانات النبوية، وما استنبطه الفقهاء من أحكام خاصة بتلك المسألة من
الكتاب والسنّة، والتي احتلت مساحة واسعة من أبواب ومباحث الفقه الاسلامي.
وهذا
الاهتمام الواسع بأحكام الجنس، ليدلّ دلالة واضحة على أهمية الجنس في حياة الانسان،
والى النظرة العلمية والموضوعية التي تعامل بها الاسلام مع المسألة الجنسية وحل
مشاكلها. وتقديم التعريف الكافي بهذا الموضوع، يحتاج الى كتاب مستقل.
وفي بحثنا
هذا سنقوم بعرض لقطات، ومقتطفات من البيانات والأحكام، والثقافة الجنسية في
الاسلام:
قال تعالى:
(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لِتسكنوا اليها
وجعل بينكم موّدة ورحمة). (الروم / 21)
(فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ
أجورهنّ). (النساء / 24)
(وتذرون ما خلق لكُم ربُّكم من أزواجكم). (الشعراء /
166)
(ويسألونك عن المحيض قل هو أذىً فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهنّ
حتّى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهنّ من حيثُ أمركُم الله). (البقرة / 222)
(وأنكحوا
الأيامى منكُم والصالحين من عبادكم وامائكم). (النور / 32)
(فإنكحوهنّ بإذن
أهلهنّ وآتوهنّ اُجورهنّ بالمعروف محصنات غير مسافحات). (النساء / 25)
(نساؤكُم
حرث لكم فأتوا حرثكُم أنّى شئُتم). (البقرة / 223)
(يزوّجهم ذكرانًا واناثاً).
(الشورى / 50)
(وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتّى يغنيهُمُ الله من فضله).
(النور / 33)
وكما تحدّث القرآن الكريم في العشرات من الآيات عن الجنس تحت عنوان
الزواج والنكاح، وعن المرأة، وعلاقتها الحياتية بالرجل، قامت السنّة النبوية ببيان
هذه المبادئ، والعمل على تطبيقها، قانوناً وعملاً بشرياً.
وحين نعرض تلك المبادئ
يجب أن نفهم أنها ليست وصايا ونصائح ومواعظ، بل هي قانون ونظام مجتمع تبنى عليه
الحياة، ويتبناه المجتمع والدولة، والمؤسسات الاجتماعية، كما يتبنّاه الأفراد،
ويسأل الجميع عنها مسؤولية قانونية، كما يُسألون أمام الله سبحانه يوم
الحساب.
ولمزيد من الوضوح نعرض مختارات من الأحاديث الشريفة. روي عن الرسول (صلى الله عليه وسلم)
قوله:
«حبب اليَّ من دنياكم ثلاث: الطيب والنساء وقرّة عيني في الصلاة»
(20).
«من تزوَّج أحرز نصف دينه» (21).
«من أحبَّ أن يلقى الله طاهراً مطهراً
فليلقه بزوجة»(22).
وروي أنّ جماعة من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حرَّموا على أنفسهم
النساء والافطار بالنهار، والنوم بالليل فأخبرت اُم سلمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فخرج الى
أصحابه، فقال: «أترغبون عن النساء، اني آتي النساء، وآكل بالنهار، وأنام بالليل،
فمن رغب عن سنّتي فليس مني. وأنزل الله تعالى : (لا تحرّموا طيبّات ما أحلّ الله
لكم، ولا تعتدُوا انّ الله لا يحبُ المعتدين...)»(23). (المائدة / 87)
ومن
استقراء ما سبق من نصوص نستطيع انّ نلتقط العبارات الآتية المعبّرة عن أهمية الجنس
في حياة الانسان فهي:
(لتسكنُوا اليها..). (الروم / 21)
(.. فما استمتعُتم به
منهنّ). (النساء / 24)
(.. تذرون ما خلق لكم ربّكم من أزواجكم). (الشعراء /
166)
(.. نساؤكم حرث لكم..). (البقرة / 223)
(.. فأتوا حرثكُم أنّى شئُتم..).
(البقرة / 223)
وكل تلك المبادئ تدعو لاحترام الجنس، والاشباع الجنسي المشروع،
في حين تشتد الدعوة، والحث على الابتعاد عن الزنا، والانحراف والشذوذ الجنسي، كما
تشتد العقوبة على العلاقات الجنسية المحرَّمة، كالزنا واللواط وغيرهما. ويمكن من
خلال استعراض الاحصاءات التي سجلتها معاهد الصحة والاجرام نعرف لماذا حرم الاسلام
هذه الممارسات المنحرفة؟ ولماذا شدّد العقوبة عليها؟
فاذا عرفنا الكوارث والمآسي
التي تجرّها تلك الممارسات المحرّمة والشاذّة، اتضح لنا عدالة وحكمة تلك التشريعات،
وأنها وضعت لحماية البشرية، وليست للاستهانة بانسانية الانسان، أو استنكار الحقوق
الجنسية المشروعة للانسان.
يتبع