لماذا يقع بعض الدعاة في السلبية؟ ما هو السبب الذي جرهم إلى ذلك، مع أن المنطلق كان صحيحا ؟ هذا يرجع في الحقيقة إلى عدة أسباب منها :
الجو العام الذي توفره الحركات الإسلامية:
عندما لا تعتمد الحركة الإسلامية في عملها إلا على الأوراق والمخططات والحملات تصنع من الفرد الانتظارية دون شعور. فيألف عدم الصيام إلا إذا جاءت مذكرات تأمر بالصيام ولا يعتني بأسرته دعويا إلا إذا جاءت حملة الالتفات للأسر....
القدوة القيادية:
إن إيجابية القيادة وكيفية حرصها على التواصل مع الأفراد والسؤال عنهم وتفقد الأعمال وتتبع المسؤوليات لمن شأنها أن تغرس في كل الأفراد نمط الجدية والاقتحام والإيجابية.
عدم الفهم الصحيح للعقيدة الإسلامية:
كأن يتصور أن الدخول في عقد الإيمان، يعني أن يكون حاله حال دراويش الصوفية، الذين يقبعون في الزوايا، ولا ريب أن هذا فهم خاطئ أساساً. فالعقيدة الإسلامية عقيدة تقوم على الإيمان الصحيح بالله عز وجل، وما يقتضي ذلك من الدعوة إليه، والصبر على الأذى فيه. قال تعالى:"إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ "وتواصوا : صيغة مفاعلة، أي أوصى بعضهم بعضاً. فعلى كل واحد أن يصحح معتقده، ويفهم دينه على الوجه الصحيح .
اعتقاد الإنسان أن من شروط الإيجابية حصول الكمال:
وهذا عذر مشهور يعلق عليه كثير من الناس تقصيرهم، وتقاعسهم. يقول أحدهم: ومن أنا حتى أفعل كذا، ويتواضع، ويتمسكن، ويعتذر بقلة العلم، وضعف الإيمان هذا ليس تواضعاً شرعياً، وإنما هو تواضع بارد مذموم. نعم لا تتكلم بما لا تعلم، بل تكلم بما تعلم. ولو تأملت لوجدت أن ما تعرف خيراً كثيراً، تملك أن تدعو إليه. وفي نفس الوقت، اسعَ لتكميل علمك، وعملك، وكلما زاد علمك وعملك زادت مسئوليتك، وفضلك.
دعوى أن المبادرة، مدعاة للرياء:
هذه حيلة شيطانية، تحول بين الإنسان وبين العمل الصالح. إذا صلحت نيتك الأولى لم يضرك ما قد يقع من ثناء الناس، أو حصول مغنم، بادر في هذا المشروع الطيب، وكن رأساً فيه، فإذا رأيت من هو أولى منك، فكن عوناً له. ولكن لا يجوز أن ينظر بعضنا إلى بعض، ونقول: (من يعلق الجرس)؟ كل منا مطالبٌ أن يعمل قدر وسعه، فلا يتعلل الإنسان بهذه العلل المقعدة.
التربية الرخوة:
قد يتربى بعض الدعاة على منهج تطغى فيه الوسائل على الغايات، فلا يتربى على منهج جاد، بل يُنشَّأ على برامج خفيفة، بسيطة، ليس فيها حزم، ولا صبر، ولا جلد. لابد من الصبر، والمصابرة في تحصيل العلم، والتربية، والدعوة.
كثير من الناس من سلك درب الدعوة بواسطة (الأناشيد الإسلامية) والبرامج المشوقة، والجذابة، فكان من العيب على الداعية الشاب أن يكبر وهو لا يعيش إلا على صدح الأناشيد، والمسرحيات، والرحلات، ونحو ذلك، ويستثقل حضور مجالس العلم، وحفظ كتاب الله . إن هذا المنهج الرخو يخرِّج أفراداً لا يقوون بعد ذلك على المواصلة، ويكونون سلبيين، ولا يملكون رؤيةً واضحة. فيجب أن نفرق بين الوسائل و الغايات.
موضوع: أسباب السلبية 
الخميس نوفمبر 12, 2009 11:25 am