إن الاعتداء الإجرامي الذي وقع في باريس يوم الأربعاء الماضي ضد مجلة «شارلي إيبدو»، وبغض النظر عن الأسباب التي كانت وراء ذلك الاعتداء، هو جريمة إرهابية بكل ما تعنيه هذه الكلمة وما تحمله من مدلولات قانونية وسياسية.
والإرهاب هو الإرهاب، سواء وقع في فنادق عمان، أو في جبل محسن في طرابلس او على مدارس الأونروا في غزة أو ضد «شارلي إيبدو» في باريس. إلاّ ان ما هو لافت للنظر هو هذا التجييش الذي قاده الرئيس الفرنسي، حيث كان على رأس مظاهرة من ثلاثة ملايين شخص ومشاركة أربعين شخصية من ملوك وزعماء وقادة، بمن فيهم ـ وللعجب- بيبي نتنياهو الذي حضر المظاهرة في حملة انتخابية، بينما دماء أطفال غزة لازالت على يديه. ونشرت الحكومة الفرنسية على نحو غير مبرر أو مفهوم هذه ألآلاف العديدة من الشرطة والجيش، وتمّ تخصيص ألآلاف الاخرى لحماية المدارس والمؤسسات اليهودية، مع ان الاعتداء على «شارلي إيبدو» لم يكن يستهدف يهوداً او مسلمين او مسيحيين، بل كان يستهدف مجلة أساءت للرسول محمد بنشر صور كاريكاتورية له. ودق الرئيس الفرنسي طبول «حرية التعبير»، كما كان يدق رؤساء امريكا المتعاقبين على طبول «انهم لا يحبوننا»، لذلك يستهدفون (الارهابيون) «نمط حياتنا وديمقراطيتنا».
وقد ساير الرئيس الفرنسي العديد من قادة الرأي العام والجماهير الغفيرة في فرنسا من أن «حرية التعبير» هي التي أصبحت مهدده على يد الارهاب، ولم يقل لنا الرئيس الفرنسي، كما لم يقل لنا رؤساء امريكا قبله ، لماذا «حرية التعبير» في السويد، مثلاً، لم تتعرض لما تعرضت له «شارلي إيبدو»، ولم تتعرض فنلندا، مثلاً، او «نمط حياتها» لهجوم إرهابي؟
د : أنيس فوزي قاسم : محلة القدس العربي جانفي 2015