مالك حدّاد.....شهيد اللّغة العربيّة
مالك حداد:
من مواليد: 1927.07.05م في قسنطينة بالجزائر، عمل معلما لفترة قصيرة، تنقل عبر مدن وبلدان عدة منها: باريس، القاهرة، لوزان، تونس، موسكو، نيودلهي وغيرها. اشتهر بمقولته "الفرنسية منفاي".
عاد بعد الاستقلال إلى أرض الوطن وأشرف في قسنطينة على الصفحة الثقافية بجريدة النصر ثم انتقل إلى العاصمة ليشغل منصب مستشار ثم مدير للآداب والفنون بوزارة الإعلام والثقافة. أسس سنة 1969م مجلة آمال، أول أمين عام لاتحاد الكتاب الجزائريين في الفترة ما بين 1974 و1978م.
توفي في: 1978.06.02م.
من مؤلفاته بالفرنسية: الشقاء في خطر (شعر 1956م)، الانطباع الأخير (رواية 1958م)، سأهبك غزالة (رواية 1959م) التلميذ والدرس (رواية 1960م)، رصيف الأزهار لم يعد يجيب (رواية 1961)، اسمع وسأناديك (شعر 1961م)، الأصفار تدور في الفراغ (دراسة 1961م).
ترجمت أغلب الأعمال إلى اللغة العربية
شهيد العربية ..!
ابن الجزائر التي عانت من الاستعمار الفرنسي قرنا و يزيد من الزمان ، حاول الفرنسيون خلال تلك الفترة طمس الهوية العربية و جعل الثقافة الفرنسية هي المصدر في كل شيء . . فكان نتيجة ذلك أن تخرج جيل و هو لا يعرف من لغته العربية سوى أقل القليل منهم كان مالك حدّاد الذي قال ذات يوم أثناء محاضرة له بالفرنسية في دمشق عن الثورة الجزائرية التي كانت في عنفوانها " إن مأساتي تتجلى الآن بشكل أعمق . . إني أقف أمامكم؟ لا أعرف كيف نتفاهم! " . .
كان يحلم بغد أفضل ، بجزائر حرة ، لم يقوقعه حزنه على الوطن المستباح بل انطلق مخاطبا الفرنسيين بلغتهم عبر شعره و ثقافتهم التي استمدها منهم فكانت معوله لهدم القهر و العبودية .. هو من جيل الأبطال الذين لم يرضوا الهوان و لم يتقاعسوا عن خدمة وطنهم و لو بحرف . . !
بعد استقلال الجزائر قرّر ان يتوقف عن الكتابة مصرّحاً بجملته الشهيرة " اللغة الفرنسية منفاي، ولذا قررت أن أصمت" . وهكذا مات مالك حداد بسرطان صمته، ليكون أول شهيد يموت عشقاً للغة العربية.
أحلام مالك ..!
تقول أحلام مستغانمي . . " يوم التقيته في السبعينات، عابراً في ذلك المقر، أذكر، كان أكبر حزناً من أن يكون في متناول فرحتي به، وكنتُ أنا أكثر خجلاً، وأقلّ خبرة من أرد على طلبه المتواضع بترجمة بعض قصائده للعربية ، التي كان يتمنّى أن يسمعها بصوتي في ذلك البرنامج الليلي الذي كنت أُقدّمه ، والذي كان يستمع له بشغف مَن يحبُّ موسيقى اللغة العربية التي حُرم من تعلُّمها. كنت بالنسبة إليه رمزاً للجزائر الفتية ، التي صمت ليستمع لصوتها العربي. وكان بالنسبة إليًّ اسماً كبيرا لم أقرأ له شيئاً، ولكن أدري أن فيه الكثير من فجيعة أبي وحرقة حرمانه من تعلُّم اللغة العربية . "
كان حلمه " العربية " ، أن يصل إلى كل قارئ في هذا الوطن الممتد من الخليج إلى المحيط عبر لغته الأم ، التي جمعتنا كأمة واحدة .
بعد أكثر من عقد على وفاته أنشأت أحلام مستغانمي جائزة مالك حداد الأدبية ، تخليدا لذكرى شهيدها و تكريما للعربية التي أحبها . . فهل يجود لنا الزمان بمثل مالك ؟؟ . .