| بدر شاكر السياب | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:07 pm | |
| حدائق وفيقة لوفيقة في ظلام العالم السفليّ حقل فيه مما يزرع الموتى حديقة يلتقي في جوها صبح و ليل و خيال و حقيقة تنعكس الأنهار فيها و هي تجري مثقلات بالظلال كسلال من ثمار كدوال سرّحت دون حبال كل نهر شرفة خضراء في دنيا سحيقة ووفيقة تتمطى في سرير من شعاع القمر زنبقي أخضر في شحوب دامع فيه ابتسام مثل أفق من ضياء و ظلام و خيال و حقيقة أي عطر من عطور الثلج وانِ صعّدته الشفتان بين أفياء الحديقة يا وفيقة ؟ تخالها تلوح في القرار من جدول أحاله النهار صدى من المياه مقمرا كأنه عشترت آخى فوقها الحجار صفائحا من الزجاج ، أصبح الثرى ذرّا من الضياء والغبار و الحمام الأسود يا له شلال نور منطفي يا له نهر ثمار مثلها لم يقطف يا له نافورةً من قبر تموز المدمّي تصعد و الأزاهير الطوال الشاحبات الناعسة في فتور عصّرت إفريقيا فيه شذاها ونداها تعزف النايات في أظلالها السكرى عذارى لا نراها روّحت عنها غصون هامسة و وفيقة لم تزل تثقل جيكور رؤاها آه لو روّى نخيلات الحديقة من بويب كركرات لو سقاها منه ماء المد في صبح الخريف لم تزل ترقب بابا عند أطراف الحديقة ترهف السمع إلى كل حفيف ويحها ترجو و لا ترجو و تبكيها مناها لو أتاها لو أطال المكث في دنياه عاما بعد عام دون أن يهبط في سلّم ثلج و ظلام هناك حين يهبط الموت في سكون يسمّر العيون على شموس تنشر الظلام هناك يستنيم ، في محفّة الغصون شذى إذا تنشقته روح ميّت غفا له ، ونام شعوره القديم واستراح للقتام ووفيقة تبعث الأشذاء في أعماقها ذكرى طويله لعشيش بين أوراق الخميلة فيه من بيضاته الزرق اتقاد أخضر أي أمواج من الذكرى رفيقة كلما رفّ جناح أسمر فوقها والتم صدر لامعات فيه ريشات جميلة أشعل الجوّ الخريفيّ الحنان واستعاد الضمّة الأولى و حواء الزمان تسأل الأموات من جيكور عن أخبارها عن رباها الربد عن أنهارها آه و الموتى صموت كالظلام أعرضوا عنها و مروا في سلام و هي كالبرعم تلتف على أسرارها و الحديقة سقسق الليل عليها في اكتئاب مثل نافورة عطر و شراب و خيال و حقيقة بين نهديك ارتعاش يا وفيقة فيه برد الموت باك و اشرأبّت شفتاك تهمسان العطر في ليل الحديقة | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:09 pm | |
| مدينة بلا مطر مدينتنا تؤرّق ليلها نار بلا لهب تحمّ دروبها و الدّور ثم تزول حمّاها و يصبغها الغروب بكل ما حملته من سحب فتوشك أن تطير شرارة و يهب موتاها صحا من نومه الطينيّ تحت عرائش العنب صحا تموز عاد لبابل الخضراء يرعاها و توشك أن تدق طبول بابل ثم يغشاها صفير الريح في أبراجها و أنين مرضاها و في غرفات عشتار تظل مجامر الفخار خاوية بلا نار و يرتفع الدعاء كأن كل حناجر القصب من المستنقعات تصيح لاهثة من التعب تؤوب ألهة الدم خبز بابل شمس آذار و نحن نهيم كالغرباء من دار إلى دار لنسأل عن هداياها جياع نحن و اأسفاه فارغتان كفّاها و قاسيتان عيناها و باردتان كالذهب سحائب مرعدات مبرقات دون إمطار قضينا العام بعد العام بعد العام نرعاها وريح تشبه الإعصار لا مرّت كإعصار و لا هدأت ننام و نستفيق و نحن نخشاها فيا أربابنا المتطلعين بغير ما رحمة عيونكم الحجار نحسّها تنداح في العتمة لترجمنا بلا نقمة تدور كأنهن رحى بطيئات تلوك جفوننا حتى ألفناها عيونكم الحجار كأنّها لبنات أسوار بأيدينا بما لا تفعل الأيدي بنيناها عذارانا حزاني ذاهلات حول عشتار يغيض الماء شيئا بعد شيء من محيّاها و غصنا بعد غصن تذبل الكرمة بطيء موتنا المنسلّ بين النور و الظلمة له الويلات من أسد نكابد شدقه الأدرد أنار البرق في عينيه أم من شعلة المعبد أفي عينيه مبخرتان أوجرتا لعشتار أنافذتان من ملكوت ذاك العالم الأسود هنالك حيث يحمل كل عام جرحة الناريّ جرح العالم الدوار فاديه و منقذه الذي في كل عام من هناك يعود بالأزهار و الأمطار تجرحنا يداه لنستفيق على أياديه و لكن مرّت الأعوام كثرا ما حسبناها بلا مطر و لو قطرة و لا زهر و لو زهرة بلا ثمر كأنّ نخيلنا الجرداء أنصاب أقمناها لنذبل تحتها و نموت سيدنا جفانا آه يا قبره أما في قاعك الطيني من جرّة أما فيها بقايا من دماء الرب أو بذره حدائقه الصغيرة أمس جعنا فافترسناها سرقنا من بيوت النمل من أجرانها دخنا و شوفانا و أوشابا زرعناها فوفّينا و ما وفى لنا نذره و سار صغار بابل يحملون سلال صبّار و فاكهة من الفخّار قربانا لعشتار و يشعل خاطف البرق بظل من ظلال الماء و الخضراء و النار و جوههم المدوّرة الصغيرة و هي تستسقي فيوشك أن يفتّح و هي تومض حقل نوار ورفّ كأنّ ألف فراشة نثرت على الأفق نشيدهم الصغير قبور إخوتنا تنادينا و تبحث عنك أيدينا لأن الخوف ملء قلوبنا و رياح آذار تهز مهودنا فنخاف و الأصوات تدعونا جياع نحن مرتجفون في الظلمة و نبحث عن يد في الليل تطعمنا تغطّينا نشد عيوننا المتلفقات بزندها العاري و نبحث عنك في الظلماء عن ثديين عن حلمة فيا من صدرها الأفق الكبير و ثديها الغيمة سمعت نشيجنا و رأيت كيف نومت فاسقينا نموت و أنت واأسفاه قاسية بلا رحمة فيا آباءنا من يفتدينا من سيحيينا و من سيمةت يولم لحمه فينا و أبرقت السماء كأن زنبقة من النار تفتح فوق بابل نفسها و أضاء وادينا و غلغل في قرارة أرضنا وهج فعرّاها بكل بذورها وجذورها وبكل موتاها وسحّ وراء مارفعته بابل حول حماها وحول ترابها الظمآن من عمد وأسوار سحاب لولا هذه الأسوار رواها وفي أبد من الإصغاء بين الرعد والرعد سمعنا لاحفيف النخل تحت العارض السحّاح أو ماوشوشته الريح حيث ابتلت الأدواح ولكن خفقة الأقدام والأيدي وكركرة وآه صغيرة قبضت بيمناها على قمر يرفرف كالفراشة ، أو على نجمة على هبة من الغيم على رعشات ماء قطرت همست بها نسمة لنعلم أن بابل سوف تغسل من خطاياها | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:10 pm | |
| أغنية السلوان تباعدنا فلا حزن على ما ضاع من قرب و ليس الحب إلا الرحلة استلت قوى القلب و هل يلقي انتهاء السفر الملاح في كرب إذا ما راح يطوي اليم نحو الشاطيء الخصب نفضنا قطرات الوصل بين الورد و العشب إذا ما اهتزت الزهرة ألقت بالندى العذب و أفردنا و في الإفراد بعض الخير للصب تعيش الزهرة الفيناء في المنبسط الرحب و تقضي وحشة الأيام بالتحديق في السحب تنام على وسادة الشوك نائة عن الترب و لا ترمقها عين فتنجو من أذى العطب و إما زهرتان استوتا جنبا إلى جنب سرت نجواهما تنسل بين العطر في السهب فتسمعها الفراشات وراء التل و الشعب فتضرب في الفضاء الرحب نحو المنبت الرطب إذا ما ركض الطفل وراء فراشة السرب فلاذت بصدور الزهر بعد الحوم و الجوب فشأن الزهرتين القطف و الإذعان للخطب عناق الحب فاجأه هوي المنجل الغضب فيا للقبلة المشلولة الأصداء بالرعب و كنا لوحتى نافذة في هيكل الحب فلو لم نقترق لم ينقذ النور إلى القلب و كنا كجناحي طائر في الأفق الرحب فلولا النشر و التفريق لارتد إلى الترب و لولا لم نبتعد لم تسم نفسانا عن الذنب و كنا شفتي هذا القضاء مفرق الصحب فلو ننفرج لم تضحك الأقدار من كربي | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:12 pm | |
| أظل من بشر يا رب لو و جدت على عبدك بالرقاد لعله ينسى من عمره الأمسا لعله يحلم أنه يسير دونما عصا و لا عماد ويذرع الدروب في السحر حتى تلوح غابة النخيل تنوء بالثمر بالخوخ والرمان والاعناب فيها يعصر الأصيل رحيقه المشمس أو تألق القمر يدخلها فيختفي تحت ذوائب الشجر ويقطف الجنى علق في رمانة عصاه وانثنى يأكل أو يجمع الزهر حتى أذا ما انطلقا وراح يطوي الطرقا أحس أو ذكر بأنه بلا عصا سار وما شعر يا رب لو جدت على عبدك بالرقاد لأنه يذكره السهر بأنه أقل من بشر | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:13 pm | |
| سفر أيوب ( 7 ) البرد و هسهسة النار و رماد المدفأة الرّمل تطويه قوافل أفكاري أنا وحدي يأكلني الليل ** و يخب المركب إلى داري برق يتلامح في الآفاق يعرّيها و يذرّيها كرماد المبخرة الثكلى في مقبرة تهب الليلا ألوان الموت و آهات الموتى ** يا ليل لكم طال الدّرب تعب الركب و عراقي شط و سمّاري ناموا و بقيت و لا زاد عندي و ظمئت و لا ماء ظمئ القلب لا سقيا غير شظيات البرق الواري يا أغصان الليل انهمري ثمرا إذ يؤكل يزداد السلة منه سأملأها حتى إن عدت إلى داري فرح الأطفال به هتفوا بابا يا برق أما تخبو فيغيب الدرب و لا يبدو كم منه على الساري بعد ** البرد وهسهسة النار و رماد المدفأة الرمل تطويه قوافل أفكاري أنا وحدي يأكلني الليل . | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:15 pm | |
| جيكور شابت ما نفضت الندى عن ذرى العشب فيها ما لثمت الضباب الذي يحتويها جئتها و الضّحى يزرع الشمس في كل حقل و سطح مثل أعواد قمح فر قلبي إليها كطير إلى عشّه في الغروب هل تراه استعاد الذي مر من غمره كل جرح و ابتسام ؟ أبعد انطفاء اللهيب يستطيع الرماد اتّقادا ؟ و من ؟أين ؟ من أيّ جمرة ؟ يا صباي الذي كان للكون عطرا و زهوا و تيها كان يومي كعام تعد المسرّة فيه نبضا لقلبي تفجّر منها على كلّ زهرة كانت الأرض تلقى صباها لأوّل مرّة كان قابيلها بذرة مستسرة كان للأرض قلب أحسّ به في الدروب في البساتين في كل نهر يروّي بنيها آه جيكور جيكور ما للضحى كالأصيل يسحب النّور مثل الجناح الكليل ؟ ما لأكواخك المقفرات الكئيبة يحبس الظل فيها نحيبه ؟ أين أين الصبايا يوسوسن بين النخيل عن هوى كالتماع النجوم الغريبة أو يجرّرن أذيالهن التي لونتهن أقمار صيف أو شموس خريفيّة عند شط ظليل و الشفاة ابتسامات حب و خوف عجائز أو في القبور عجائز يغزلن حول الصّلاء و يروين عبر الكرى و الفتور أقاصيص عن جنة في بيوت خواء لأحفادهنّ اليتامى و جيكور شابت وولى صباها و أمسى هواها رمادا إذا ما تأوّهن هزّته ريح أثارته حتى ارتمى في صداها هباءا و ذرّا تضيق الصدور به عن مداها أين جيكور جيكور ديوان شعري موعد بي ألواح نعشي و قبري كركرات المياه التي كسّر الشمس منها ارتجاف و الأنين الذي منه كنا نخاف صاعدا مثل مدّ تنز القبور عنه و الشمس تمتصّ من كل نهر و درابك في الأرض تنقرهنّ البذور و هي تنشقّ في كل فجر ذكريات كما يترك الصوت من ميّت في خيال رنينه مثل ناي تشظّى و أبقى أنينه ايه جيكور عندي سؤال أما تسمعينه هل ترى أنت في ذكرياتي دفينة أم ترى أنت قبر لها ؟ فابعثيها و ابعثيني وهيهات ما للصّبى من رجوع إن ماضيّ قبري و إني قبر ماضي موت يمدّ الحياة الحزينة أم حياة تمدّ الرّدى بالدموع ما نفضت الندى عن ذرى العشب فيها . | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:17 pm | |
| مرحى غيلان بابا بابا ينساب صوتك في الظلام إليّ كالمطر الغضير ينساب من خلل النعاس و أنت ترقد في السرير من أي رؤيا جاء ؟ أي سماوة ؟ أي انطلاق و أظل أسبح في رشاش منه أسبح في عبير فكأن أودية العراق فتحت نوافذ من رؤاك على سهادي كلّ واد وهبته عشتار الأزاهر و الثمار كأنّ روحي في تربة الظلماء حبة حنطة و صداك ماء أعلنت بعثي يا سماء هذا خلودي في الحياة تكنّ معناه الدماء بابا كأنّ يد المسيح فيها كأن جماجم الموتى تبرعم في الضريح تموز عاد بكل سنبلة تعابث كل ريح بابا بابا أنا في قرار بويب أرقد في فراش من رماله من طينه المعطور و الدم من عروقي في زلاله ينثال كي يهب الحياة لكل أعراق النخيل أنا بعل أخطر في الجليل على المياه أنث في الورقات روحي و الثمار و الماء يهمس بالخرير يصل حولي بالمحار و أنا بويب أذوب في فرحي و أرقد في قراري بابا بابا يا سلم الأنغام أيّة رغبة هي في قرارك سيزيف يرفعها فتسقط للحضيض مع انهيارك يا سلم الدم و الزمان من المياه إلى السماء غيلان يصعد فيه نحوي من تراب أبي و جدي و يداه تلتمسان ثم يدي و تحتضنان خدّي فأرى ابتدائي في انتهائي بابا بابا جيكور من شفتيك تولد من دمائك في دمائي فتحيل أعمدة المدينة أشجار توت في الربيع و من شوارعها الحزينة تتفجر الأنهار أسمع من شوارعها الحزينة ورق البراعم و هو يكبر أو يمص ندى الصباح و النسغ في الشجرات يهمس و السنابل في الرياح تعد الرّحى بطعامهنّ كأنّ أوردة السماء تتنفّس الدم في عروقي و الكواكب في دمائي يا ظلي الممتد حين أموت يا ميلاد عمري من جديد الأرض ( يا قفصا من الدم و الأظافر و الحديد حيث المسيح يظل ليس يموت أو يحيا كظلّ كيد بلا عصب كهيكل ميت كضحى الجليد النور و الظلماء فيه متاهتان بلا حدود عشتار فيها دون بعل و الموت يركض في شوارعها و يهتف يا نيام هبوا فقد ولد الظلام و أنا المسيح أنا السلام و النار تصرخ يا ورود تفتحي ولد الربيع و أنا الفرات و يا شموع رشي ضريح البعل بالدم و الهباب و بالشحوب و الشمس تعول في الدروب بردانة أنا و السماء تنوء بالسحب الجليد بابا بابا من أيّ شمس جاء دفؤك أي نجم في السماء ينسلّ للقفص الحديد فيورق الغد في دمائي ؟ | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:18 pm | |
| سفر أيوب ( 1 ) لك الحمد مهما استطال البلاء ومهما استبدّ الألم، لك الحمد، إن الرزايا عطاء وان المصيبات بعض الكرم. ألم تُعطني أنت هذا الظلام وأعطيتني أنت هذا السّحر؟ فهل تشكر الأرض قطر المطر وتغضب إن لم يجدها الغمام؟ شهور طوال وهذي الجراح تمزّق جنبي مثل المدى ولا يهدأ الداء عند الصباح ولا يمسح اللّيل أو جاعه بالردى. ولكنّ أيّوب إن صاح صاح: «لك الحمد، ان الرزايا ندى، وإنّ الجراح هدايا الحبيب أضمّ إلى الصّدر باقاتها هداياك في خافقي لا تغيب، هداياك مقبولة. هاتها!» أشد جراحي وأهتف بالعائدين: «ألا فانظروا واحسدوني، فهذى هدايا حبيبي وإن مسّت النار حرّ الجبين توهّمتُها قُبلة منك مجبولة من لهيب. جميل هو السّهدُ أرعى سماك بعينيّ حتى تغيب النجوم ويلمس شبّاك داري سناك. جميل هو الليل: أصداء بوم وأبواق سيارة من بعيد وآهاتُ مرضى، وأم تُعيد أساطير آبائها للوليد. وغابات ليل السُّهاد، الغيوم تحجّبُ وجه السماء وتجلوه تحت القمر. وإن صاح أيوب كان النداء: «لك الحمد يا رامياً بالقدر ويا كاتباً، بعد ذاك، الشّفاء!» * لندن 26/12/1962 | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:20 pm | |
| أسير القراصنة أجنحة في دوحة تخفق أجنحة أربعة تخفق و أنت لا حب و لا دار يسلمك المشرق إلى مغيب ماتت النار في ظله و الدرب دوار أبوابه صامته تغلق جيكور في عينيك أنوار خافته تهمس مات الصبي لم تبق آثار من فجره و انفرط المجلس فالتل لا ساق و لا سامر باق و سمار و أراهم في سفحة الموحش المهجور حفار و تحسد الشحاذ إن لاحا يمشي على عكازه البالي مشلولة رجلاك مشدودة عيناك بالآل و ألف درب دونك انداحا يدعوك أن تقطعه في الدجى و تقطف الأثمار عن جانبيه و أنت لا تملك غير الشجى و دمعة تجري اشتياقا إليه عامان من نزع بلا موت و أنت ما كنت سوى صوت صوت يدوي في قلاع الرياح يا ليتك المشا في صمت لا عازف القيثار باسم الجراح و أنت في سفينة القرصان عبد أسير دون أصفاد تقبع في خوف و إخلاد تصغي إلى صوت الوغى و الطعان سال الدم اندقت رقاب و مال ربانها العملاق وقام ثان بعده ثم زال فامتدت الأعناق لأي قرصان سيأتي سواه و أي قرصان ستعلو يداه حينا على الأيدي و ليأت من بعدي من بعدي الطوفان تسمعها تأتيك من بعد يحملها الأعصار عبر الزمان | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:21 pm | |
| سهر سهرت فكل شيء ساهر قدماي و المصباح و أوراقي أنا الماضي الذي سدوا عليه الباب فالألواح غدي و الحاضر الباقي أنا الغد في ضمير الليل مد الليل ألف جناح عليه فطار لما طار بالظلماء و الشهب أصخت السمع و الظلماء حولي بوق سيارة يبث إلى البغي رسالة الحبّ و يومى للسكارى أن تعالوا ألف خمّارة تكشر تفرج الساقين تقطع نومة الدرب بوهوهة النيون أصخت و الظلماء صفارة و خطوة حارس فذكرت نهر القرية المكسال يسيل لكي يعيش لكي يموت يمصه الجزر فيعرى جرفه الطيني حتى يقبل الفجر فيحمل في سناه المد يحمل زورقا يختال بصياد يعد شباكه و يرود في الماء مسارب كل ناعسة من الأسماك خضراء ذكرت مقابر الأطفال تلوذ بكل سفح نام فيها دون أثداء و لا قمط صغار من حصاد الجوع و الداء لقد رضعوا من الثدي الذي لم تبله الأجيال و ناموا في حمى الأم التي لا يستوي الأطفال و لا الأشياء إلا في حماها في حمى ترب و ظلماء سهرت الليل في بيروت لا بين المواخير (كهوف العالم المتحضّر المغسول بالنور ) هنا يتوكأون على العظام ليصعدوا أفقا من النشوة لينحدروا إلى فجوة تثاءب ظلها و أصيلها بين الدياجير و بين منابع الأضواء تثاءب ظلّها و أصيلها بين العقارب و السنانير و بين المسرج الظلماء و الممتد حتى الله في القدس و في سيناء سهرت يرن صور الموت في أذنّي كالزلزال تهدم حائط الأجيال و كاد يغور إذ لمسته كفي ألف نوح زال و ألف زليخة صيّرت كحل عيونها ظلمة أنا الباقي بقاء الله أكتب باسمه الآجال و ما لسواه عند مطارق الآجال من حرمة هنا في كل موت ألف موت كان في الضمّة و في القبلات في الأقداح تدور الأسطوانة و هو فيها لمعة الضوء يوسوس في تهدّج صوتها فيخادع الأرواح و يلمس جبهة الملاّح في النّوء سهرت لأنني أدري بأني لن أقبّل ذات يوم وجنة الفجر سيقبل مطلقا في كل عشّ نغمة و جناح و سوف أكون في قبري . | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:23 pm | |
| رسالة من مقبرة من قاع قبري أصيح حتى تئن القبور من رجع صوتي و هو رمل و ريح من عالم في حفرتي يستريح مركومة في جانبيه القصور و فيه ما في سواه إلا دبيب الحياة حتى الأغاني فيه حتى الزّهور و الشمس إلا أنها لا تدور و الدّود نخار بها في ضريح من عالم قي قاع قبري أصيح لا تيأسوا من مولد أو نشورا النور من طين هنا أو زجاج قفل على باب سور النور في قبري دجى دون نور النور في شباك داري زجاج كم حدّقت بي خلفه من عيون سوداء كالعار يجرحن بالأهداب أسراري فاليوم داري لم تعد داري و النور في شبّاك داري ظنون تمتص أغواري و عند بابي يصرخ الجائعون في خبزك اليومي دفء الدّماء فاملأ لنا في كل يوم و عاء من لحمك الحي الذي نشتهيه فنكهة الشمس فيه و فيه طعم الهواء و عند بابي يصرخ الأشقياء أعصر لنا من مقلتيك الضياء فإننا مظلمون و عند بابي يصرخ المخبرون و عر هو المرقى إلى الجلجلة و الصخر يا سيزيف ما أثقله سيزيف إن الصخرة الآخرون لكنّ أصواتا كقرع الطبول تنهلّ في رمسي من عالم الشمس هذي خطى الأحياء بين الحقول في جانب القبر الذي نحن فيه أصداؤها الخضراء تنهلّ في داري أوراق أزهار من عالم الشمس الذي نشتهيه أصداؤها البيضاء يصدعن من حولي جليد الهواء أصداؤها الحمراء تنهل في داري شلال أنوار فالنور في شبّاك داري دماء ينضحن من حيث التقى بالصخور في فوهة القبر المغطاة سور هذا مخاض الأرض لا تيأسي بشراك يا أجداث حان النشور بشراك في وهران أصداء صور سيزيف ألقى عنه عبء الدّهور و استقبل الشمس على الأطلس آه لوهران التي لا تثور | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:25 pm | |
| يوم الطغاة الأخير إلى الملتقى و انطوى الموعد و ظل الغد غد الثائرين القريب يدا بيد من غمار اللهيب سنرقى إلى القمة العالية و شعرك حقل حباه المغيب أزاهيره القانية نرى الشمس تنأى وراء التلال و بين الظلال قد رف مثل الجناح الكسير على كومة من حطام القيود على عالم بائد لن يعود سناها الأخير تقولين لي هل رأيت النجوم أأبصرتها قبل هذا المساء لها مثل هذا السّنا و النّقاء تقولين لي هل رأيت النجوم و كم أشرقت قبل هذا المساء على عالم لطخته الدماء دماء المساكين و الأبرياء تقولين لي هل رأيت النجوم تطل على أرضنا و هي حرّة لأول مرّة نعم أمس حين التفتّ إليك تراءين كالهجس في مقلتيك و إذ يستضيء المدى بالحريق فيندكّ سجن و يجلى طريق و يذكي بأطيافه الدافئة محيّاك باللهفة الهانئة تقولين نحن ابتداء الطريق و نحن الذين اعتصرنا الحياة من الصّخر تدمى عليه الجباه و يمتص ريّ الشفاة من الموت في موحشات السجون من البؤس من خاويات البطون لأجيالها الآتية لنا الكوكب الطالع و صبح الغد الساطع وآصاله الزاهية | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:28 pm | |
| سفر أيوب ( 10 ) يا غيمة في أوّل الصباح تعربد الرياح من حولها تنتف من خيوطها تطير بها إلى سماوة تجوع للحرير سينطوي الجناح ستنتف الرياح ريشه مع الغروب يا غيمة ما أمطرت تذوب ** فأبرقي و أرعدي و أرسلي المطر و مزقي ذوائب الشجر و أغرقي السهوب و أحرقي الثمر سترجحنّ بعدك السنابل الثقال بالحبوب و تقطف الورود و الأقاح صبيّة يؤج في وجنتها الجنوب و أنت ذرة من الدماء و الجراح و أنت يا شاعر واديك أما تؤوب من سفر يطول في البطاح تراقص النّهر و تلثم المطر أما سمعت هاتف الرواح خام وزنبيل من التراب و آخر العمر ردى و يطلع القمر فأبرق ارعد أرسل المطر قصائد احتوى مداها دارة العمر يا غيمة في أول الصباح يا شاعرا يهم بالرواح وودع القمر . | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:31 pm | |
| المعبد الغريق خيول الريح تصهل و المرافىء يلمس الغرب صواريها بشمس من دم و نوافذ الحانة تراقص من وراء خصاصها سرج و جمع نفسه الشّرب بخيط من خيوط الخوف مشدودا إلى قنينة و يمدّ آذانه إلى المتلاطم الهدّار عند نوافذ الحانة و حدّث و هو يهمس جاحظ العينين مرتعدا يعبّ الخمر شيخ عن دجى ضاف و أدغال تلامح وسطها قمر البحيرة يلثم العمدا يمسّ الباب من جنبات ذاك المعبد الخالي طواه الماء في غلس البحيرة بين أحراش مبعثرة و أدغال هنالك قبل ألف حين مج لظاه من سقر فم يتفتّح البركان عنه فتنفض الحمّى قرارة كل ما في الواد من حجر على حجر تفجّر باللظى رحم البحيرة ينثر الأسماك و الدم مرغيا سمّا وقر عليه كلكل معبد عصفت به الحمّى تطفّأ في المباخر جمرها و توهج الذّهب ولاح الدرّ و الياقوت أثمارا من النور نجوما في سماء تزحف دونها السّحب تمرغ فوقها التمساح ثم طفا على السّور ليحرس كنزه الأبدي حتى عن يد الظلماء و النور و أرسى الأخطبوط فنار موت يرصد البابا سجا في عينه الصوراء صبح كان في الأزل تهزّأ بالزمان يمرّ ليل بعد ليل و هو ما غابا ففيم غرور هذا الهالك الإنسان هذا الحاضر المشدود بالأرجل ؟ أعمّر ألف عام ؟ ليته شهد الخلائق و هي تعبر شرفة الأزل ألا يا ليته شهد السلاحف تسحق الدّنيا قياصرها و يمنع درعها ما صوّب الزمن إليها من سهام الموت لكنّ الذي يحيا بقلب يعبر الآباد يكسر حدّه الوهن فيصمت عمره أزل يمس حدوده أبد من الأكوان في دنيا هنالك ألف كنز من كنوز العالم الغرقى ستشبع ألف طفل جائع و تقيل آلافا من الداء و تنقذ ألف شعّب من يد الجلاّد لو ترقى إلى فلك الضمير أكل هذا المال في دنيا الأرقاء و لا يتحررون ؟ و كيف و هو يصفّد الأعناق يربطها إلى الداء كأن الماء في ثبج البحيرة يمنع الزّمنا فلا يتقحم الأغوار لا يخطو إلى الغرف كأن على رتاج الباب طلسمه فلا وسنا ولكن يقظة أبد و لا موت يحدّ حدود ذاك الحاضر الترف كأن تهجّد الكهّان نبع في ضمير الماء يدفق منه للغرف إذن ما عاد من سفر إلى أهليه عوليس إذن فشراعه الخفاق يزرع فائر الأمواج بما حسب الشهور وعدّ حتى هدّه البؤس فيا عوليس شاب فتاك مبسم زوجك الوهّاج غدا حطبا ففيم تعود تفري نحو أهلك أضلع الأمواج هلم فماء شيني في انتظارك يحبس الأنفاس فما جرحته نقرة طائر أو عكرته أنامل النّسم هلم فانّ وحشا فيه يحلم فيك دون الناس و يخشى أن تفجّر عينه الحمراء بالظلم و أن كنوزه العذراء تسأل عن شراعك خافق النسم أما فجعتك في طروادة الآهات من جرحي و محتضرين يا لدم أريق فلطّخ الجدران وردّ ترابها الظمآن طينا ردّه جرحا كبيرا واحدا جرحا تفتح في حشا الإنسان ليصرخ بالسماء فيا لصوت ردّدته نوافذ الحجرات و الجدران لأجل فجور أنثى و اتّقاد متوّج بالثار تخصب من دم المهجات حتى سلّم الأفق وحل بلا أوان يومنا و تساوت الأعمار كزرع منه ساوى منجل وهناك في الشفق تنوح نساؤنا المترمّلات يولول الأطفال عند مدارج الأفق هلم فقد شهدت كما شهدت دما و أشلاءا تفجّر في بلادي قمقم ملأته بالنار دهور الجوع و الحرمان أي خليقة قاءا ؟ رأينا أنّ أفئدة التتار و أذؤب الغار أرقّ من الرعاع القالعين نواظر الأطفال و الشاوين بالنار شفاه الحلمة العذراء يا نهرا من الحقد تدفّق بالخناجر و العصي بأعين غضبى نجوما في سماء شدها قابيل بالزند فليتك حين هزّ الموصل الأعصار ( لا دربا و لا بيتا و لا قبرا نجا فيها ) شهدت الأعين الغضبى و ليتك في قطار مر حين تنفس السحر فقصّ على سرير السكة الممدود أمراسا تعلق في نهايتهنّ جسم يحصد النّظر عليه الجرح بعد الجرح بعد الجرح أكداسا ليهوي جسم حفصة لابسا فوق النجيع دما و أمراسا و فيم نخاف في ثبج البحيرة أو حفافيها كواسج ضاريات أو تماسيح التظت لهبا نواجذها الحديدة فيم تخشى كل ما فيها فإن عقارب الرقّاع يضمر سمّها العطبا وتزرع في الجسوم أزاهر الدم و الجراح بلا دم لهبا هلم نشقّ في الباهنج حقل الماء بالمجذاف و ننثر أنجم الظلماء نسقطها إلى القاع حصى ما ميزته العين فيروزه الرفّاف و لؤلؤه المنقّط بالظلام سنرعب الراعي فيهرع بالخراف إلى الحظيرة خوف أن يغرقن في القاع هلم فليل آسية البعيد مداه يدعونا بصوت من نعاس من ردى من سجع كهان هلمّ فما يزال الدهر بين أيدينا لنطو دجاه قبل طلوع شمس دون ألوان تبدد عالم الأحلام تخفت إذ يرن التبر فيها سجع كهان ** يجول التبر فيها مثل وحش يأكل الموتى و يشرب من دم الأحياء يسرق زاد أطفال ليتقد اللظى في عينه ليعيره صوتا يحطّم صوت كل الأنبياء هناك يا لرنين أغلال و يا لصدى من الساعات بالأكفان مسّ رؤوس أطفال وفلّ عناق كل العاشقين و دسّ في القبلة مدى من حشرجات الموت ردّ أصابع الأيدي أشاجع غاب عنها لحمها و ستائر الكله يحوّلها صفائح تحتها جثث بلا جلد هلمّ فبعد ما لمح المجوس الكوكب الوهّاج تبسط نحوه الأيدي و لا ملأت حراء و صبحة الآلات و السّور هلمّ فما يزال زيوس يصبغ قمّة الجبل بخمرته و يرسل ألف نسر نز من أحداقها الشرر لتخطف من يدير الخمر يحمل أكؤس الصهباء و العسل هلمّ نزور آلهة البحيرة ثم نرفعها لتسكن قمّة الجبل . | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:33 pm | |
| جيكور أمي تلك أمي و إن أجئها كسيحا لاثماً أزهارها و الماء فيها و الترابا و نافضا بمقلتي أعشاشها و الغابا تلك أطيار الغد الزرقاء و الغبراء يعبرن السطوحا أو ينشرن في بويب الجناحين كزهرة يفتح الأفوافا ها هنا عند الضحى كان اللقاء و كانت الشمس على شفاهها تكسر الأطيافا و تسفح الضياء كيف أمشي أجوب تلك الدروب الخضر فيها و أطرق الأبوابا أطلب الماء فتأتيني من الفخار جره تنضح الظل للبرود الحلو قطرة بعد قطره تمتد بالجرة لي يدان تنشران حول رأسي الأطيابا هالتي تلك أم (وفيقة ) أم ( إقبال ) لم يبق لي سوى أسماء من هوى مر كرعد في سمائي دون ماء كيف أمشي خطاي مزقها الداء كأني عمود ملح يسير أهي عامورة الغوية أو سادوم هيهات إنها جيكور جنة كان الصبي فيها و ضاعت حين ضاعا آه لو أن السنين السود قمح أو ضخور فوق ظهري حملتهن لألقيت بحملي فنفضت جيكور عن شجيراتها ترابا يغشيها و عانقت معزفي ملتاعا يجهش الحب به لحنا فلحنا و لقاء فوداعا آه لو أن السنين الخضر عادت يوم كنا لم نزل بعد فتيين لقبلت ثلاثا أو رباعا و جنتي ( هالة ) و الشهر الذي نشر أمواج الظلام في سيول من العطور التي تحمل نفسي إلى بحار عميقة و لقبلت برعم الموت ثغرا من وفيقة و لأوصلتك يا ( إقبال ) في ليلة رعد و رياح وقتام حاملا فانوسي الخفاق تمتد الظلال منه أو تقصر إذ برعش في ذاك السكون ذلك الصمت سوى قعقعة الرعد سوى خفق الخطى بين التلال و حفيف الريح في ثوبك أو وهوهة الليل مشى بين الغصون و لعانقتك عند الباب ما أقسى الوداع أه لكن الصبى و لى و ضاع الصبى و الزمان لن يرجعا بعد فقري يا ذكريات و نامي | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:34 pm | |
| قصيدة من درم من درم أكتبها قصيدة كالنجم في آفاقه البعيدة لا يبعث الدفء و لا ينير يلمحه الصغير فيبسط الكفّ له يشير يقطر في أحلامه السعيدة يعلق بالضباب كنغفة السراب تضلل القوافل الشريدة ** اليأس يوحيها أو الملال كأنّها في الظلمة الظّلال تعمق الظلمة حين تنشر أظلّ ما يقال في نفس شاعر يموت عمره يبعثر و يقبر يمشي على عكازة و يعثر أيامه إلى رداه سفر و عيشه انسلال عبر جدار الموت ما يزال شاء الرّدى حاول أن يريده لكن وحشا ضاريا يزمجر في كهفه وحيّة من بابل التليدة يطير نحو الموت منه شرر تفحّ في وجه الردى و تصفر فيكتب القصيدة يريد أن يجدّد البقاء أن يعيده أن يهدي القوافل الشريدة فلا تتيه في صحارى العدم بقبره في درم ** من درم أكتبها قصيدة كالنجم ضلّ في سديم العدم | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:36 pm | |
| قافلة الضياع أرأيت قافلة الضّياع ؟ أما رأيت النزحين الحاملين على الكواهل من مجاعات السنين آثام كل الخاطئين النازفين بلا دماء السائرين إلى وراء كي يدفنوا هابيل و هو على الصليب ركام طين قابيل أين أخوك أين أخوك جمعت السماء آمادها لتصيح كورت النجوم إلى نداء قابيل أين أخوك يرقد في خيام اللاجئين السل يوهن ساعديه و جئته أنا بالدواء و الجوع لعنة آدم الأولى و إرث الهالكين ساواه و الحيوان ثم رماه أسفل سافلين و رفعته أنا بالرغيف من الحضيض إلى العلاء الليل يجهض و السفائن مثقلات بالغزاة بالفاتحين من اليهود يلقين في حيفا مراسيهن كابوس تراه تحت التراب محاجر الموتى فتجحظ في اللحود الليل يجهض فالصباح من الحرائق في ضحاه الليل يجهض فالحياة شيء ترجح لا يموت و لا يعيش بلا حدود شيء تفتح جانباه على المقابر و المهود شيء يقول هنا الحدود هذا لكل اللاجئين و كل هذا لليهود النار تصرخ في المزارع و المنازل و الدروب في كل منعطف تصيح أنا النضار أنا النضار من كل سنبلة تصيح و من نوافذ كل دار أنا عجل سيناء الإله أنا الضمير أنا الشعوب أنا النضار النار تتبعنا كأن مدى اللصوص و كل قطاع الطريق يلهثن فيها بالوباء كأن ألسنة الكلاب تلتز منها كالمبارد و هي تحفر في جدار النور باب تتصبب الظلماء كالطوفان منه فلا تراب ليعاد منه الخلق و انجرف المسيح مع العباب كان المسيح بجنبه الدامي و مئزره العتيق يسد ما حفرته ألسنة الكلاب فاجتاحه الطوفان حتى ليس ينزف منه جنب أو جبين إلا دجى كالطين تبنى منه دور اللاجئين النار تركض كالخيول وراءنا أهم المغول على ظهور الصافنات و هل سألت الغابرين أروضوا أمس الخيول أم نحن بدء الناس كل تراثنا أنصاب طين النار تصهل من ورائي و القذائف لا تنام عيونها و أبي على ظهري و في رحمي جنين عريان دون فم و لا بصر تكور في الظلام في بركة الدم و هو يفرك أنفه بيد و كالجرس الصغير يرن ملء دمي صداه تكاد تومض كل روحي بالسلام حتى أكاد أراه في غبش الدماء المستنير عريان دون فم كأفقر ما يكون بلا عظام و بلا أب و بدون حيفا دون ذكرى كالظلام أسريت أعبر تحت أجنحة الحديد به الزمان من الحقول إلى المراعي فالكهوف و الأرض تطمس من وراء ظهورنا كالأبجدية ألدور فيها و الدوالي شاخصات كالحروف فكأن أمس غد يلوح و ليس بينهما مكان لم يخرجونا من قرانا و حدهنّ و لا من المدن الرخيّة لكنهم قد أخرجونا من صعيد الآدميّة فاليوم تمتلئ الكهوف بنا و نعوي جائعين و نموت فيها لا نخلف للصغار على الصخور سوى هباب ما نقشنا فيه من أسد طعين و نموت فيها لا نخلف بعدنا حتى قبور ماذا نحط على شواهدها أ كانوا لاجئين اليوم تمتلئ الكهوف بنا تظلل بالخيام و بالصفيح و قد تغلهن بالآجر دور و النور كالتابوت فيها ليس فيه سوى ظلام بين الكهوف و بين حيفا من ظلام ألف عام أو يزيد بين الكهوف و بين أمس هناك بئر لا قرار لها كهاوية الجحيم تلز فاها دون نار تتعلق الأحداث فيها كالجلامد في جدار لحدا على لحد أزيح الطين عنها و الحجار من يدفن الموتى و قد كشفوا و ماتوا من جديد من يدفن الموتى ليولد تحت صخرة كل شاهدة و ليد من يدفن الموتى لئلا يزحموا باب الحياة على أكف القابلات من يدفن الموتى لنعرف أننا بشر جديد في كل شهر من شهور الجوع يومىء يوم عيد فنخف نحمل من تذاكرنا صليب اللاجئين يا مكتبا للغوث في سيناء هب للتائهين مناو سلوى من شعير و المشيمة للجنين و اجعل له المطّاط سره وارزقه ثديا من زجاج واحش بالإدريج صدره و بأيما لغة نقول فيستجيب الآخرون و نورث الدم للصغار أعلمت حين نقول دار أو سماء أي دار أو سماء تخطران على العيون هيهات ليس للاجئين و لاجئات من قرار أو ديار إلا مرابع كان فيها أمس معنى أن نكون سنظل نضرب كالمجوس نجس ميلاد النهار كم ليلة ظلماء كالرحم انتظرنا في دجاها نتلمس الدم في جوانبها و نعصر من قواها شع الوميض على رتاج سمائها مفتاح نار حتى حسبنا أن باب الصبح يفرج ثم غار و غادر الحرس الحدود و اختصّ رعد في مقابر صمتها يعد القفار ثم اضمحل إلى غبار بين أحذية الجنود الليل أجهض ناره الحمى و ديمته انتحاب الضائعين الليل أجهض ليس فيه سوى مجوس اللاجئين النار تركض كالخيول وراءنا أهم المغول على ظهور الصافنات ؟ و هل سألت الغابرين أروضوا أمس الخيول أم نحن بدء الناس كل تراثتا أنصاب طين | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:37 pm | |
| الأم و الطفلة الضائعة قفي لا تغربي ياشمس ما يأتي مع الليل سوى الموتى فمن ذا يرجع الغائب للأهل إذا ما سدّت الظلماء دروبا أثمرت بالبيت بعد تطاول المحل ؟ وان اللبل ترجف أكبد الأطفال من أشباحه السوداء من الشهب اللوامح فيه مما لاذ بالظلّ من الهمسات و الأصداء شعاعك مثل خيط للابرنث يشدّه الحب إلى قلب ابنتي من بات داري من جراحاتي و آهاتي مضى أزل من الأعوام آلاف من الأقمار و القلب يعد خوافق الأنسام يحسب أنجم الليل يعد حقائب الأطفال يبكي كلما عادوا من الكتاب و الحقل و يا مصباح قلبي يا عزائي في الملمات منى روحي ، ابنتي عودي إليّ فها هو الزاد و هذا الماء جوعي ؟ هاك من لحمي طعاما آه عطشى أنت يا أمي فعبّي من دمي ماء و عودي كلهم عادوا كأنك برسفون تخطّفتها قبضة الوحش و كانت أمها الولهى أقل ضنى و أوهاما من الأم التي لم تدر أين مضيت في نعش على جبل ؟ بكيت ؟ ضحكت ؟ هبّ الوحش أم ناما وحين تموت نار الليل حين يعسعس الوسن على الأجفان حين يفتش القصّاص في النار ليلمح من سفينة سندباد ذوائب الصاري و يخفت صوته لوهن يجن دمي إليك يحن يعصرني أسى ضار مضت عشر من السنوات عشرة أدهر سود مضى أزل من السنوات منذ وقفت في الباب أنادي لا يرد علي إلا الريح في الغاب تمزق صيحتي و تعيدها و الدرب مسدود بما تنفس الظلماء من سمر و أعناب و أنت كما يذوب النور في دوّامة الليل كأنك قطرة الطلّ تشرّبها التراب أكاد من فرق و أوصاب أسائل كل ما في الليل من شبح و من ظل أسائل كل ما طفل أأبصرت ابنتي ؟ أرأيتها ؟ أسمعت ممشاها ؟ و حين أسير في الزحمة أصغّر كل وجه في خيالي كان جفناها كغمغمة الشروق على الجداول تشرب الظلمة و كان جبينها و أراك في أبد من الناس موزّعة فآة لو أراك و أنت ملتمة و أنت الآن في سحر الشباب عصيره القاسي يغلغل في عروقك ينهش النهدين و الثغرا و ينشر حولك العطرا فيحلم قلبك المسكين بين النور و العتمة بشيء لو تجسد كان فيه الموت و النشوة و أذكر أن هذا العالم المنكود تملأ كأسه الشقوة و فيه الجوع و الآلام فيه الفقر و الداء أأنت فقيرة تتضرع الأجيال في عينيك فهي فم يريد الزاد يبحث عنه و الطرقات ظلماء أحدّق في وجوه السائلات أحالها السقم و لوّنها الطوى فأراك فيها أبصر الأيدي تمدّ أحسّ أن يدي يدي معهن تعرض زرقة البرد على الأبصار و هي كأنهن أدارها صنم تجّمد في مدى عينيه أدعية و سال دم فأصرخ في سبيل الله تخنق صوتي الدمعة بخيط الملح و الماء و أنت على فمي لوعة وفي قلبي وضوء شع ثم خبا بلا رجعة و خلّفني أفتش عنه بين دجى و أصداء . | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:40 pm | |
| في القرية الظلماء الكوكب الوسنان يطفىء ناره خلف التلال و الجدول الهدار يسبره الظلام إلا وميضاً لا يزال يطفو و يرسب مثل عين لا تنام ألقى به النجم البعيد يا قلب ما لك لست تهدأ ساعة؟ ماذا تريد؟ النجم غاب و سوف يشرق من جديد بعد حين و الجدول الهدار هينم ثم نام أما الغرام دع التشوق يا فؤادي و الحنين! ** -2- أأظل أذكرها و تنساني ؟ وأبيت في شبه احتضار و هي تنعم بالرقاد ؟ شعت عيون حبيبها الثاني في ناظريها المسبلين على الرؤى أما فؤادي فيظل يهمس في ضلوعي باسم التي خانت هواي يظل يهمس في خشوع إني سأغفو بعد حين سوف أحلم في البحار: هاتيك أضواء المرافىء و هي تلمع من بعيد تلك المرافق في انتظار تتحرق الأضواء فيها مثل أصداء تبيد ** -3- القرية الظلماء خاوية المعابر و الدروب تتجاوب الأصداء فيها مثل أيام الخريف جوفاء في بطء تذوب واستيقظ الموتى هناك على التلال على التلال الريح تعول في الحقول و ينصتون إلى الحفيف يتطلعون إلى الهلال في آخر الليل الثقيل و يرجعون إلى القبور يتساءلون متى النشور!! و الآن تقرع في المدينة ساعة البرج الوحيد لكني في القرية الظلماء في الغاب البعيد ** -4- دعها تحب سواي تقضي في ذراعيه النهار و تراه في الأحلام يعبس أو يحدث عن هواه فغداً سيهوي ساعداه مثل الجليد على خطوط باهتات في إطار و على الرفوف الشاحبات رسائل عادت تلف على نسيج العنكبوت بها الوعود و الريح تهمس لن يعود ويلون المرآة ظل من سراج ذابل و حياله امرأة تحدق في كتاب بال و تبسم في اكتئاب ** -5- الكوكب الوسنان يطفيء ناره خلف التلال و الجدول الهدار يسبره الظلام إلا وميضاً لا يزال يطفو و يرسب مثل عين لا تنام ألقى به النجم البعيد يا قلب مالك فب اكتئاب لست تعرف ما تريد ؟! | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:42 pm | |
| جيكور و المدينة و تلتفّ حولي دروب المدينة حبالا من الطين يمضغن قلبي و يعطين عن جمرة فيه طينة حبالا من النار يجلدن عرى الحقول الحزينة و يحرقن جيكور في قاع روحي و يزرعن فيها رماد الضغينة دروب تقول الأساطير عنها على موقد نام ما عاد منها و لا عاد من ضفة الموت سار كأن الصدى و السكينة جناحا أبي الهول فيها جناحان من ضخرة في ثراها دفينة فمن يفجر الماء منها عيونا لتبنى قرانا عليها ؟ ومن يرجع الله يوما إليها و في الليل فردوسها المستعاد إذا عرّش الصخر فيها غصونه ورصّ المصابيح تفاح نار و مد الحوانيت أوراق تينه فمن يشعل الحبّ في كل درب و في كلّ مقهى و في كل دار و من يرجع المخلب الآدميّ يدا يمسح الطفل فيها جبينه و تخضل من لمسها ألوهية القلب فيها عروق الحجار و بين الضّحى و انتصاف النهار إذا سبّحت باسم ربّ المدينة بصوت العصافير في سدرة يخلق الله منها قلوب صغار رحى معدن في أكفّ التجار لها ما لأسماك جيكور من لمعة و اسمها من معان كثار فمن يسمع الروح ؟ من يبسط الظل في لافح من هجير النضار و من يهتدي في بحار الجليد إليها فلا يستبيح السفينة و جيكور من غلق الدور فيها و جاء ابنها يطرق الباب دونه و من حول الدرب عنها فمن حيث دار اشرأبت إليه المدينة و جيكور خضراء مس الأصيل ذرى النخل فيها بشمس حزينة يمدّ الكرى لي طريقا إليها من القلب يمتدّ عبر الدهاليز عبر الدجى و القلاع الحصينة و قد نام في بابل الراقصون و نام الحديد الذي يشحذونه و غشى على أعين الخازنين لهاث النّضار الذي يحرسونه حصاد المجاعات في جنتيها رحى من لظى مر دربي عليها و كرم من عساليجه العاقرات شرايين تموز عبر المدينة شرايين في كل دار و سجن و مقهى و سجن و بار و في كل ملهى و في كل مستشفيات المجانين في كل مبغى لعشتار يطلعن أزهارهن الهجينة مصابيح لم يسرج الزيت فيها و تمسسه نار و في كل مقهى و سجن و مبغى و دار دمي ذلك الماء هل تشربونه و لحمي هو الخبز لو تأكلونه و تموز تبكيه لاة الحزينة ترفع بالنواح صوتها مع السّحر ترفع بالنواح صوتها كما تنهّد الشجر تقول يا قطار يا قدر قتلت إذ قتلته الربيع و المطر و تنشر ( الزمان ) و ( الحوادث ) الخبر و لاة تستغيث بالمضمّد الحفر أن يرجع ابنها يديه مقلتيه أيما أثر و ترسل النواح يا سنابل القمر دم ابني الزجاج في عروقه انفجر فكهرباء دارنا أصابت الحجر و صكه الجدار خضه رماه لمحة البصر أراد أن ينير أن يبدد الظلام فاندحر و ترسل النواح ثم يصمت الوتر و جيكور خضراء مسّ الأصيل ذرى النخل فيها بشمس حزينة و دربي إليها كومض البروق بدا و اختفى ثم عاد الضياء فأذكاه حتى أنار المدينة و عرى يدي من وراء الضماد كأن الجراحات فيها حروق و جيكور من دونها قام سور و بوابة و احتوتها سكينة فمن يخرق السور من يفتح الباب يدمي على كل قفل يمينه و يمناي لا مخلب للصراع فأسعى بها في دروب المدينة و لا قبضة لابتعاث الحياة من الطين لكنها محض طينة و جيكور من دونها قام السور و بوابه واحتوتها سكينة | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:45 pm | |
| دار جدي مطفأة هي النوافذ الكثار و باب جدّي موصد و بيته انتظار و أطرق الباب فمن يجيب يفتح ؟ تجيبني الطفولة الشباب منذ صار تجيبني الجرار جف ماؤها فليس تنضح بويب غير أنها تذرذر الغبار مطفأة هي الشموس فيه و النجوم الحقب الثلاث منذ أن خفقت للحياة في بيت جدي ازدحمن فيه كالغيوم تختصر البحار في خدودهن و المياه فنحن لا نلم بالردى من القبور فأوجه العجائز أفصح في الحديث عن مناجل العصور من القبور فيه و الجنائز و حين تقفز البيوت من بناتها و ساكنيها من أغانيها و من شكاتها نحس كيف يسحق الزمان إذ يدور ** أأشتهيك يا حجارة الجدار يا بلاط يا حديد يا طلاء أأشتهي التقاءكن مثلما انتهى إلي فيه ؟ أم الصّبا صباي و الطفولة اللعوب و الهناء وهل بكيت أن تضعضع البناء و أقفر الفناء أم بكيت ساكنيه ؟ أم أنني رأيت في خرابك الفناء محدقا إليّ منك من دمي مكشرا من الحجار ؟ آه أيّ برعم يربّ فيك ؟ برعم الردى غدا أموت و لن يظل من قواي ما يظل من خرائب البيوت لا أنشق الضياء لا أعضعض الهواء لا أعصر النهار أو يمصّني المساء ** كأنّ مقلتي بل كأنني انبعثت ( أورفيوس ) تمصّه الخرائب الهوى إلى الجحيم فيلتقي بمقلتيه ، يلتقي بها بيورديس آه يا عروس يا توأم الشباب يا زنبقة النعيم طريقة ابتناه بالحنين و الغناء براعم الخلود فتحت له مغالق الفناء و بالغناء يا صباي يا عظام يا رميم كسوتك الرواء و الضياء طفولتي صباي أين أين كلّ ذاك ؟ أين حياة لا يحد من طريقها الطويل سور كشر عن بوّابة كأعين الشباك تفضي إلى القبور و الكون بالحياة ينبض : المياه و الصخور وذرة الغبار و النمال و الحديد و كل لحن كل موسم جديد الحرث و البذار و الزهور وكل ضاحك فمن فؤاده و كل ناطق فمن فؤاده وكل نائح فمن فؤاده و الأرض لا تدور و الشمس إذ تغيب تستريح كالصغير في رقاده و المرء لا يموت إن لم يفترسه في الظلام ذيب أو يختطفه مارد و المرء لا يشيب ( فهكذا الشيوخ منذ يولدون الشعر الأبيض و العصي و الذوقون ) ** و في ليالي الصيف حين ينعس القمر و تذبل النجوم في أوائل السحر أفيق أجمع الندى من الشجر في قدح ليقتل السعال و الهزال و في المساء كنت أستحمّ بالنجوم عيناي تلقطانهن نجمة فنجمة وراكب الهلال سفينة كأن سندباد في ارتحال شراعي الغيوم و مرفأي المحال و أبصر الله على هيئة نخلة كتاج نخلة يبيضّ في الظلام أحسه يقول : يا بني يا غلام و هبتك الحياة و الحنان و النجوم وهبتها لمقلتيك و المطر للقدمين الغضتين فاشرب الحياة وعبّها يحبّك الإله أهكذا السنون تذهب أهكذا الحياة تنضب ؟ أحس أنني أذوب أتعب أموت كالشجر . | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:46 pm | |
| عكاز في الجحيم و بقيت أدور حول الطاحونة من ألمي ثوارا معصوبا كالصخرة هيهات تثور لكني أعجز عن سير ويلاه على قدمي و سريري سجني تابوتي منفاي إلى الألم و إلى العدم و أقول سيأتيني يوم من بعد شهور أو بعد سنين من السقم أو بعد دهور فأسير على قدمي عكاز في يدي اليمنى عكاز بل عكازان تحت الإبطين يعينان جسما من أوجاع يفنى طللا يغشاه مسيل دم و أسير أسير على قدمي لو كان الدرب إلى القبر الظلمة و الدود الفراس بألف فم يمتد أمامي في أقصى أركان الدنيا في نحر أو واد أظلم أو جبل عال لسعيت إليه على رأسي أو هدبي أو ظهري و شققت إلى سقر دربي و دحورت الأبواب السودا و صرخت بوجه موكلها لم تترك بابك مسدودا و لتدع شياطين النار تقتص من الجسد الهاري تقتص من الجرح العاري و لتأت صقورك تفترس العينين و تنهش القلبا فهنا لا يشمت بي جاري أو تهتف عاهرة مرت من نصف الليل على داري بيت المشلول هنا أمسى لا يملك أكلا أو شربا و سيرمون غدا بنتيه وزوجته دربا و فتاه الطفل إذا لم يدفع مترا كم إيجار انثرني ويك أباديدا و افتح بابك لا تتركه أمام شقائي مسدودا و لتطعم جسمي للنار | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:48 pm | |
| الغيمة الغريبة المومس الأجيرة الحقيرة أكثر من حبيبتي سخاءا أتيتها مساءا معانقا أعانق الهواءا هبّ من القطب على الظهيرة مقبلا عيونها الخواءا كأنني كيشوت في الأصيل يركض خلف ظله الطويل و يطعن السنابل الكسيرة يظنها الأعداء ضممت منها جثة بيضاءا تكفنت من داخل و قبرها في جوفها تناءى حملت منها صخرة صماءا تشدني إلى الثرى أرفعها لتلثم الجوزاءا الحب أن تبذل أن تنال ما تريد كالنبع إذ يدفق لا كالبئر كالنار تطوي نحوك السماءا لا شرر الزناد أستزيد فألتقى دمعي كغيمة تعيد نفسها للبحر أتعلم السحابة المرعدة المبرقة المجلجلة بأن ماءها سيستحيل غيمة إليها مقبلة تبذله في الفجر و تلتقي به قبيل العصر أريد أن أضمّ أن أقّبل الدم الذي ينبض في الشفاة كأنما القلب الذي يقّبل الجسد الموات لا يحس شهقة الإله تغور كالمدية حين تقتل فتبعث الحياة القتيل أريد أن أحرق كالحريق من أخيل : في القلب و اليدين و الكعبين و يأكل النار لظى في عيني لو كان ما تحسه الحبيبة الألم الدوار لا الخواءا ماكنت مثل غيمة غريبة ترعد حتى تشعل الهواءا رعدا و تأبى الأرض أن تجيبه . | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 3:50 pm | |
| ليلة وداع أوصدي الباب فدنيا لست فيها ليس تستأهل من عيني نظرة سوف تمضين و أبقى أي حسرة أتمنى لك ألا تعرفيها آه لو تدرين ما معنى ثواني في سرير من دم ميت الساقين محموم الجبين تأكل الظلماء عيناي و يحسوها فمي تائها في واحة خلف جدار من سنين و أنين مستطار اللب بين الأنجم في غد تمضين صفراء اليد لا هوى أو مغنم نحو العراق و تحسين بأسلاك الفراق شائكات حول سهل أجرد مدها ذاك المدى ذاك الخليج و الصحارى و الروابي و الحدود أي ريش من دموع أو نشيج سوف يعطينا جناحين نرود بهما أفق الدجى أو قبة الصبح البهيج للتلاقي كل ما يربط فيما بيننا محض حنين و اشتياق ربما خالطه بعض النفاق آه لو كنت كما كنت صريحة لنفضنا من قرار القلب ما يحشو جروحة ربما أبصرت بعض الحقد بعض السأم خصلة من شعر أخرى أو بقايا نغم زرعتها في حياتي شاعره لست أهواها كما أهواك يا أغلى دم ساقي دمي إنها ذكرى و لكنك غيرى ثائرة من حياة عشتها قبل لقانا وهوى قبل هوانا أوصدي الباب غدا تطويك عني طائرة غير حب سوف يبقى في دمانا | |
|
| |
الهادي الزغيدي مدير الموقع
عدد المساهمات : 4023 نقاط : 24071 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 49 الموقع : تونس
| موضوع: رد: بدر شاكر السياب الأربعاء ديسمبر 09, 2009 4:08 pm | |
| هدير البحر و الأشواق هدير البحر يفتل من دمائي من شراييني حبال سفينة بيضاء ينعس فوقها القمر و يرعش ظلّها السحر و من شباكي المفتوح تهمس بي و تأتيني سماء الصيف خلّف طيفه في صحوها المطر و نحن نسير و الدنيا تسير و تقرع الأبواب فتوقظ من رؤاه القلب ذاك عدوك الزمن تدور رحاه كم ستظلّ تخفق ؟ ها هم الأصحاب تراب منه تمتلئ الدروب و تشرب الدمن يودّ القلب لو حطمته لو حطمت خفقاته شفتيك و الكتفين و الصدرا و لو ذرّتك من زفراتي الحرى رياح الوجد و الحرمان و الهفي على عينيك ليتهما تمران بدمع أو بإشفاق على صحراء حرماني لينبت في مداها الزهر ليتهما تمرّان بما نسج التأمل من غيوم فيهما حيرى بما نسج التفرد من نجوم فيهما سكرى على عمري الذي عراه من زهراته الداء يود القلب لو حطمته لو حطمت خفقاته شفتيك و الكتفين و الصدرا ولو عرّاك لو ذرّاك لو أكلتك أشواقي و لو أصبحت خفقا أو دما فيه أو سرّا فإن أحببتك الحب الذي أقسى من الموت و أعنف من لظى البركان و الحب الذي يأتي إليّ كأنّ نفخ الصور فيه فكل ذر الميتين دم و أحياء فذاك لأنك النور الذي عرى دجى الأعمى و أنت صباي عاد إليّ أختا عاد أو أمّا و أنت حبيبتي أفديك أفدي خفق جفنيك و ما نفضا من السحب وأفدي خفق نهديك على قلبي | |
|
| |
| بدر شاكر السياب | |
|