الكلمـــــة الحـــــرّة
الكلمـــــة الحـــــرّة
الكلمـــــة الحـــــرّة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الكلمـــــة الحـــــرّة

منتدى ثقافي عام
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 موسوعة الشاعر محمود درويش

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4 ... 9, 10, 11  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 1:54 am




أنا آت إلى ظل عينيك




أنا آت إلى ظل عينيك .. آت

من خيام الزمان البعيد، و من لمعان السلاسل

أنت كل النساء اللواتي

مات أزواجهن، و كل الثواكل

أنت

أنت العيون التي فرّ منها الصباح

حين صارت أغاني البلابل

ورقا يابسا في مهب الرياح !


أنا آت إلى ظلّ عينيك.. آت

من جلود تحاك السجاجيد منها.. و من حدقات

علقت فوق جيد الأميرة عقدا.

أنت بيتي و منفاي.. أنت

أنت أرضي التي دمّرتني

أنت أرضي التي حوّلتني سماء..

و أنت

كل ما قيل عنك ارتجال و كذبه !


لست سمراء،

لست غزالا،

و لست الندى و النبيذ،

و لست

كوكبا طالعا من كتاب الأغاني القديمه

عندما ارتجّ صوت المغنين.. كنت

لغة الدم حين تصير الشوارع غابه

و تصير العيون زجاجا

و يصير الحنين جريمه.

لا تموتي على شرفات الكآبه

كلّ لون على شفتيك احتفال

بالليالي التي انصرمت .. بالنهار الذي سوف يأتي

إجعلي رقبتي عتبات التحول ..

أول سطر بسفر الجبال

الجبال التي أصبحت سلما نحو موتي !

و السيط التي احترقت فوق ظهري و ظهرك

سوف تبقى سؤال :

أين سمسار كل المنابر ؟

أين الذي كان .. كان يلوك حجارة قبري و قبرك


ما الذي يجعل الكلمات عرايا ؟

ما الذي يجعل الريح شوكا، و فحم الليالي مرايا ؟

ما الذي ينزع الجلد عني .. و يثقب عظمي ؟

ما الذي يجعل القلب مثل القذيفه ؟

وضلوع المغنين سارية للبيارق؟

ما الذي يفرش النار تحت سرير الخليفة؟

ما الذي يجعل الشفتين صواعق؟

غير حزن المصفّد حين يرى

أخته.. أمه.. حبه

لعبة بين أيدي الجنود

و بين سماسرة الخطب الحاميه

فيعض القيود .. و يأتي

إلى الموت .. يأتي

إلى ظل عينيك .. يأتي !

أنا آت إلى ظل عينيك .. آت

من كتاب الكلام المحنط فوق الشفاه المعاده

أكلت فرسي، في الطريق، جراده

مزّقت جبهتي، في الطريق، سحابه

صلبتني على الطريق ذبابه !

فاغفري لي..

كل هذا الهوان .. اغفري لي

انتمائي إلى هامش يحترق !

و اغفري لي قرابه

ربطتني بزوبعة في كؤوس الورق

و اجعليني شهيد الدفاع

عن العشب

و الحب

و السخريه

عن غبار الشوارع أوعن غبار الشجر

عن عيون النساء، جميع النساء

و عن حركات الحجر.

و اجعليني أحب الصليب الذي لا يحب

واجعليني بريقا صغيرا بعينيك

حين ينام اللهب !


أنا آت إلى ظل عينيك.. آت

مثل نسر يبيعون ريش جناحه

و يبيعون نار جراحه

بقناع. و باعوا الوطن

بعصا يكسرون بها كلمات المغني .

و قالوا : اذبحوا و اذبحوا ..

ثم قالوا هي الحرب كرّ وفرّ ..

ثم فروا ..

وفروا ..

وفروا ..

و تباهوا .. تباهوا ..

أوسعوهم هجاء وشتما، وأودوا بكل الوطن ! .


حين كانت يداي السياج، و كنت حديقه

لعبوا النرد تحت ظلال النعاس

حين كانت سياط جهنم تشرب جلدي

شربوا الخمر نخب انتصار الكراسي !.

حين مرت طوابير فرسانهم في المرايا

ساومونا على بيت شعر، و قالوا :

ألهبوا الخيل. كل السبايا

أقبلت أقبلت من خيام المنافي

كذبوا ! لم يكن جرحنا غير منبر

للذي باعه.. باع حطين.. باع السيوف ليبني منبر

نحو مجد الكراسي !


أنا آت إلى ظل عينيك.. آت

من غبار الأكاذيب.. آت

من قشور الأساطير آت

أنت لي.. أنت حزني و أنت الفرح

أنت جرحي و قوس قزح

أنت قيدي و حريتي

أنت طيني و أسطورتي

أنت لي.. أنت لي .. بجراحك

كل جرح حديقه !

أنت لي.. أنت لي.. بنواحك

كل صوت حقيقه

أنت شمسي التي تنطفيء

أنت ليلي الذي يشتعل

أنت موتيّ ،و أنت حياتي


و سآتي إلى ظل عينيك.. آت !

وردة أزهرت في شفاه الصواعق

قبلة أينعت في دخان الحرائق

فاذكريني ..إذا ما رسمت القمر

فوق وجهي ، و فوق جذوع الشجر

مثلما تذكرين المطر

و كما تذكرين الحصى و الحديقه

و اذكريني ،

كما تذكرين العناوين في فهرس الشهداء

أنا صادقت أحذية الصّبية الضعفاء

أنا قاومت كل عروش القياصرة الأقوياء

لم أبع مهرتي في مزاد الشعار المساوم

لم أذق خبز نائم

لم أساوم

لم أدق الطبول لعرس الجماجم

و أنا ضائع فيك بين المراثي و بين الملاحم

بين شمسي و بين الدم المستباح

جئت عينيك حين تجمد ظلي

و الأغاني اشتهت قائليها ! ..



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 2:13 am




كتابة على ضوء بندقية



شولميت انتظرت صاحبها في مدخل البار ،

من الناحية الأخرى يمر العاشقون،

و نجوم السينما يبتسمون.

ألف إعلان يقول :

نحن لن نخرج من خارطة الأجداد ،

لن نترك شبرا واحدا للاجئين.

****

شولميت انكسرت في ساعة الحائط ،

عشرين دقيقة

وقفت، و انتظرت صاحبها

في مدخل البار، و ما جاء إليها.

قال في مكتوبه أمس :

"لقد أحرزت، يا شولا، وساما وإجازة

إحجزي مقعدنا السابق في البار،

أنا عطشان، يا شولا، لكأس وشفه

قد تنازلت عن الموت الذي يورثني المجد

لكي أحبو كطفل فوق رمل الأرصفه

و لكي أرقص في البار" ..

من الناحية الأخرى ،

يمر الأصدقاء

عرفوا شولا على شاطىء عكا

قبل عامين ،و كانوا

يأكلون الذرة الصفراء..

كانوا مسرعين

كعصافير المساء..

****

شولميت انكسرت في ساعة الحائط، خمسين دقيقه

وقفت ، وانتظرت صاحبها

شولميت استنشقت رائحة الخروب من بدلته

كان يأتي، آخر الأسبوع كالطفل إليها

يتباهى بمدى الشوق الذي يحمله

قال لها: صحراء سيناء أضافت سببا

يجعله يسقط كالعصفور في بلور نهديها

و قال :

ليتني أمتد كالشمس و كالرمل على جسمك ،

نصفي قاتل و النصف مقتول،

وزهر البرتقال

جيد في البيت و النزهة، و العيد الذي أطلبه

من فخدك الشائع في لحمي.. مميت

في ميادين القتال !..

****

و أحسست كفه تفترس الخصر ،

فصاحت: لست في الجبهة..

قال : مهنتي !

قالت له : لكنني صاحبتك

قال : من يحترف القتل هناك

يقتل الحب هنا.

وارتمى في حضنها اللاهث موسيقي،

و غنّى لغيوم فوق أشجار أريحا..

يا أريحا ! أنت في الحلم وفي اليقظة ضدّان،

و في الحلم و في اليقظة حاربت هناك

و أنا بينهما مزّقت توراتي

و عذبت المسيحا..

يا أريحا ! أوقفي شمسك.إنّا قادمون

نوقف الريح على حد السكاكين،

إذا شئنا، و ندعوك إلى مائدة القائد،

إنا قادمون ..

****

و أحسّت يده تشرب كفّيها. وقال

عندما كان الندى يغسل وجهين بعيدين

عن الضوء : أنا المقتول و القاتل

لكنّ الجريده

و طقوس الاحتفال

تقتضي أن أسجن الكذبة في الصدر،

و في عينيك، يا شولا، و أن أمسح رشّاشي

بمسحوق عقيده !

أغمضي عينيك لن أقوى على رؤية

عشرين ضحيه

فيهما، تستيقظ الآن، و قد كنت بعيده

لم أفكّربك.. لم أخجل من الصمت الذي

يولد في ظل العيون العسلّيه.

و أصول الحرب لن تسمح أن أعشق

إلا البندقيّه ! ..

****

سألته شولميت :

و متى نخرج من هذا الحصار ؟

قال، والغيمة في حنجرته :

أي أنواع الحصار؟

فأجاب : في صباح الغد تمضي .

و أنا أشرح للجيران أن الوهلة الأولى

خداع للبصر..

نحن لا ندفع هذا العرق الأحمر..

هذا الدم لا ندفعه،

من أجل أن يزداد هذا الوطن الضاري .. حجر

قال : إن الوقت مجنون.

و لم يلتئم الليلة جسمانا

دعيني ..

أذُبِ الآن بجسم الكستنا و الياسمين

أنت - يا سيدتي - فاكهتي الأولى.

و ناما..

و بكى في فرح الجسمين، في عيدهما لون القمر

****

شولميت استسلمت للذكريات

كل روّاد المقاهي و الملاهي شبعوا رقصا

و في الناحية الأخرى، تدوخ الفتيات

بين أحضان الشباب المتعبين.

و على لائحة الإعلان يحتد وزير الأمن :

لن نرجع شبرا واحدا للاجئين ..

و الفدائيون مجتثون، منذ الآن

لن يخمش جنديّ. ومن مات

على تربة هذا الوطن الغالي

له الرحمة و المجد .. ورايات الوطن !

****

شولميت اكتشفت أنّ أغاني الحرب

لا توصل صمت القلب و النجوى إلى صاحبها

نحن في المذياع أبطال

و في التابوت أطفال

و في البيت صور ..

- ليتهم لم يكتبوا أسماءنا

في الصفحة الأولى،

فلن يولد حي من خبر..

- وعدوا موتك بالخلد بتمثال رخام

وعدوا موتك بالمجد و لكن رجال الجنرال

سوف ينسونك في كل زحام

و سينسونك في كل احتفال..


شولميت اكتشفت أن أغاني الحرب

لا توصل صمت القلب و النجوى إلى صاحبها

فجأة، عادت بها الذكرى

إلى لذّتها الأولى، إلى دنيا غريبة

صدقّت ما قال محمود لها قبل سنين

- كان محمود صديقا طيب القلب،

خجولا كان، لا يطلب منها

غير أن تفهم أنّ اللاجئين

أمة تشعر بالبرد ،

و بالشوق إلى أرض سليبه

و حبيبا صار فيما بعد،

لكنّ الشبابيك التي يفتحها

في آخر الليل .. رهيبه

كان لا يغضبها، لكنه كان يقول

كلمات توقع المنطق في الفخ ،

إذا سرت إلى آخرها

ضقت ذرعا بالأساطير التي تعبدها

و تمزّقت، حياء، من نواطير الحقول ..

صدقّت ما قال محمود لها قبل سنين

عندما عانقها، في المرة الأولى، بكت

من لذة الحب.. و من جيرانها

كل قومياتنا قشرة موز،

فكرت يوما على ساعده،

و أتى سيمون يحميها من الحب القديم

و من الكفر بقوميتها.

كان محمود سجينا يومها

كانت الرملة فردوسا له.. كانت جحيم.

كانت الرقصة تغريها بأن تهلك في الإيقاع.

أن تنعس، فيما بعد، في صدر رحيم.

سكر الإيقاع. كانت وحدها في البار

لا يعرفها إلا الندم .

و أتى سيمون يدعوها إلى الرقص

فلبّت

كان جنديا وسيم

كان يحميها من الوحدة في البار،

و يحميها من الحب القديم

و من الكفر بقوميتها..

****

شولميت انتظرت صاحبها في مدخل البار القديم

شولميت انكسرت في ساعة الحائط ساعات ...

و ضاعت في شريط الأزمنه

شولميت انتظرت سيمون - لا بأس إذن

فليأت محمود.. أنا أنتظر الليلة عشرين سنه

كل أزهارك كانت دعوة للانتظار

ويداك الآن تلتفان حولي

مثل نهرين من الحنطة و الشوك.

و عيناك حصار

و أنا أمتد من مدخل هذا البار

حتى علم الدولة، حقلا من شفاه دمويّة

أين سيمون و محمود ؟


من الناحية الأخرى

زهور حجريّه.

و يمر الحارس الليلي ،

و الإسفلت ليل آخر

يشرب أضواء المصابيح،

و لا تلمع إلا بندقيّه..


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 2:32 am




يوميات جرح فلسطيني



-1-


نحن في حلّ من التذكار

فالكرمل فينا

و على أهدابنا عشب الجليل

لا تقولي : ليتنا نركض كالنهر إليها،

لا تقولي !

نحن في لحم بلادي.. هي فينا !

-2-


لم نكن قبل حزيران كأفراخ الحمام

ولذا، لم يتفتّت حبنا بين السلاسل

نحن يا أختاه، من عشرين عام

نحن لا نكتب أشعارا،

و لكنا نقاتل

-3-


ذلك الظل الذي يسقط في عينيك

شيطان إله

جاء من شهر حزيران

لكي يعصب بالشمس الجباه

إنه لون شهيد

إنه طعم صلاه

إنه يقتل أو يحيي ،

و في الحالين ! آه !

-4-


أوّل الليل على عينيك، كان

في فؤادي، قطرة من آخر الليل الطويل

و الذي يجمعنا، الساعة، في هذا المكان

شارع العودة

من عصر الذبول.

-5-


صوتك الليلة،

سكين وجرح و ضماد

و نعاس جاء من صمت الضحايا

أين أهلي ؟

خرجوا من خيمة المنفى، و عادوا

مرة أخرى سبايا !

-6-


كلمات الحب لم تصدأ، و لكن الحبيب

واقع في الأسر- يا حبي الذي حمّلني

شرفات خلعتها الريح ..

أعتاب بيوت

وذنوب.

لم يسع قلبي سوى عينيك ،

في يوم من الأيام

و الآن اغتنى بالوطن !

-7-


و عرفنا ما الذي يجعل صوت القبّرة

خنجرا يلمع في وجه الغزاة

و عرفنا ما الذي يجعل صمت المقبره

مهرجانا.. و بساتين حياة !

-8-


عندما كنت تغنين رأيت الشرفات

تهجر الجدران

و الساحة تمتد إلى خصر الجبل

لم نكن نسمع موسيقى ،

و لا نبصر لون الكلمات

كان في الغرفة مليون بطل !

-9-


في دمي، من وجهه، صيف

و نبض مستعار .

عدت خجلان إلى البيت ،

فقد خر على جرحي .. شهيدا

كان مأوى ليلة الميلاد ،

كان الانتظار

و أنا أقطف من ذكراه .. عيدا !

-10-


الندى والنار عيناه ،

إذا ازددت اقترابا منه غنّى

و تبخرت على ساعده لحظة صمت، وصلاة

آه سميه كما شئت شهيدا

غادر الكوخ فتى

ثم أتى، لما أتى

وجه إله !

-11-


هذه الأرض التي تمتص جلد الشهداء

تعد الصيف بقمح و كواكب

فاعبديها !

نحن في أحشائها ملح و ماء

و على أحضانها جرح .. يحارب

-12-


دمعتي في الحلق، يا أخت ،

و في عينيّ نار

و تحررت من الشكوى على باب الخليفه

كل من ماتوا

و من سوف يموتون على باب النهار

عانقوني، صنعوا مني.. قذيفه !

-13-


منزل الأحباب مهجور.

و يافا ترجمت حتى النخاع

و التي تبحث عني

لم تجد مني سوى جبهتها

أتركي لي كل هذا الموت، يا أخت .

أتركي هذا الضياع

فأنا أصفره نجما على نكبتها

-14-


آه يا جرحي المكابر

وطني ليس حقيبه

و أنا لست مسافر

إنني العاشق ،و الأرض حبيبه !

-15-


و إذا استرسلت في الذكرى !

نما في جبهتي عشب الندم

و تحسرت على شيء بعيد

و إذا استسلمت للشوق،

تبنيت أساطير العبيد

و أنا آثرت أن أجعل من صوتي حصاة

و من الصخر نغم !

-16-


جبهتي لا تحمل الظل.

و ظلي لا أراه

و أنا أبصق في الجرح الذي

لا يشعل الليل جباه !

خبئي الدمعه للعيد

فلن نبكي سوى من فرح

و لنسمّ الموت في الساحة

عرسا.. و حياه !

-17-


و ترعرعت على الجرح، و ما قلت لأمي

ما الذي يجعلها في الليل خيمه

أنا ما ضيّعت ينبوعي و عنواني و اسمي

و لذا أبصرت في أسمالها

مليون نجمه !

-18-


رايتي سوداء،

و الميناء تابوت

و ظهري قنطره

يا خريف العالم المنهار فينا

يا ربيع العالم المولود فينا

زهرتي حمراء

و الميناء مفتوح،

و قلبي شجره !

-19-


لغتي صوت خرير الماء

في نهر الزوابع

و مرايا الشمس و الحنطة

في ساحة حرب

ربما أخطأت في التعبير أحيانا

و لكن كنت - لا أخجل - رائع

عندما استبدلت بالقاموس قلبي !

-20-


كان لا بد من الأعداء

كي نعرف أنا توأمان !

كان لا بد من الريح

لكي نسكن جذع السنديان !

و لو أن السيد المصلوب لم يكبر على عرش الصليب

ظل طفلا ضائع الجرح.. جبان.

-21-


لك عندي كلمه

لم أقلها بعد،

فالظل على الشرفة يحتل القمر

و بلادي ملحمه

كنت فيها عازفا.. صرت وتر!

-22-


عالم الآثار مشغول بتحليل الحجاره

إنه يبحث عن عينيه في ردم الأساطير

لكي يثبت أني :

عابر في الدرب لا عينين لي !

لا حرف في سفر الحضاره !

و أنا أزرع أشجاري، على مهلي،

و عن حبي أغني !

-23-


غيمة الصيف التي.. يحملها ظهر الهزيمة

علّقت نسل السلاطين

على حبل السراب

و أنا المقتول و المولود في ليل الجريمه

ها أنا ازددت التصاقا.. بالتراب !

-24-


آن لي أن أبدل اللفظة بالفعل و آن

لي أن أثبت حبي للثرى و القبرة

فالعصا تفترس القيثار في هذا الزمان

و أنا أصفر في المرآه

مذ لاحت ورائي شجره !



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 2:40 am




الجسر




مشيا على الأقدام،

أو زحفا على الأيدي نعود

قالوا ..

و كان الصخر يضمر

و المساء يدا تقود ..

لم يعرفوا أن الطريق إلى الطريق

دم و، مصيدة ،و بيد

كل القوافل قبلهم غاصت،

و كان النهر يبصق ضفّتيه

قطعا من اللحم المفتت،

في وجوه العائدين

كانوا ثلاثة عائدون :

شيخ، و ابنته، وجندي قديم

يقفون عند الجسر ..

(كان الجسر نعاسا، و كان الليل قبّعة

و بعد دقائق يصلون ،هل في البيت ماء؟ و تحسس

المفتاح ثم تلا من القرآن آيه ...)

قال الشيخ منتعشا : و كم من منزل في الأرض

يألفه الفتى

قالت : و لكن المنازل يا أبي أطلال !

فأجاب : تبنيها يدان ...

و لم يتمّ حديثه، إذ صاح صوت في الطريق: تعالوا !

و تلته طقطقة البنادق ..

لن يمرّ العائدون

حرس الحدود مرابط

يحمي الحدود من الحنين

(أمر بإطلاق الرصاص على الذي يجتاز

هذا الجسر. هذا الجسر مقصلة الذي رفض

التسول تحت ظل وكالة الغوث الجديده

و الموت بالمجان تحت الذل و الأمطار، من

يرفضه يقتل عند هذا الجسر، هذا الجسر

مقصلة الذي ما زال يحلم بالوطن )

الطلقة الأولى أزاحت عن جبين الليل

قبعة الظلام

و الطلقة الأخرى ..

أصابت قلب جندي قديم

و الشيخ يأخذ كف ابنته و يتلو

همسا من القرآن سوره

و بلهجة كالحلم قال :

- عينا حبيبتي الصغيره،

لي، يا جنود، ووجهها القمحي لي

لا تقتلوها، و اقتلوني

(كانت مياه النهر أغزر.. فالذين رفضوا

هناك الموت بالمجان أعطوا النهر لونا آخرا.

و الجسر، حين يصير تمثالا، سيصبغ - دون

ريب - بالظهيرة و الدماء و خضرة الموت

المفاجيء).

..و برغم أن القتل كالتدخين ..

لكنّ الجنود "الطيبين"،

الطالعين على فهارس دفتر ..

قذفته أمعاء السنين ،

لم يقتلوا الاثنين..

كان الشيخ يسقط في مياه النهر ..

و البنت التي صارت يتيمه

كانت ممزقة الثياب ،

وطار عطر الياسمين

عن صدرها العاري الذي

ملأته رائحة الجريمه

و الصمت خيّم مرة أخرى ،

و عاد النهر يبصق ضفّتيه

قطعا من اللحم المفتـّت

.. في وجوه العائدين

لم يعرفوا أن الطريق إلى الطريق

دم و مصيدة. و لم يعرف أحد

شيئا عن النهر الذي

يمتص لحم النازحين

(و الجسر يكبر كل يوم كالطريق،

و هجرة الدم في مياه النهر تنحت من حصى

الوادي تماثيلا لها لون النجوم، و لسعة الذكرى،

و طعم الحب حين يصبر أكبر من عباده)



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 2:44 am




جواز سفر



لم يعرفوني في الظلال التي

تمتصّ لوني في جواز السفر

و كان جرحي عندهم معرضا

لسائح يعشق جمع الصور

لم يعرفوني، آه.. لا تتركي

كفي بلا شمس،

لأن الشجر

يعرفني ..

تعرفني كل أغاني المطر

لا تتركيني شاحبا كالقمر !

****

كلّ العصافير التي لاحقت

كفي على باب المطار البعيد

كل حقول القمح ،

كل السجون ..

كل القبور البيض

كل الحدود ..

كل المناديل التي لوّحت

كل العيون

كانت معي، لكنهم

قد أسقطوها من جواز السفر !

****

عار من الاسم من الانتماء؟

في تربة ربيتها باليدين ؟

أيوب صاح اليوم ملء السماء :

لا تجعلوني عبرة مرتين !


يا سادتي ! يا سادتي الأنبياء

لا تسألوا الأشجار عن اسمها

لا تسألوا الوديان عن أمها

من جبهتي ينشق سيف الضياء

و من يدي ينبع ماء النهر

كل قلوب الناس ..جنسيتي

فلتسقطوا عني جوار السفر !



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 2:50 am




الرجل ذو الظل الأخضر

في ذكرى جمال عبد الناصر





نعيش معك

نسير معك

نجوع معك

و حين تموت

نحاول ألا نموت معك !


و لكن،

لماذا تموت بعيدا عن الماء

و النيل ملء يديك ؟

لماذا تموت بعيدا عن البرق

و البرق في شفتيك ؟

و أنت وعدت القبائل

برحلة صيف من الجاهليه

و أنت وعدت السلاسل

بنار الزنود القويه

و أنت وعدت المقاتل

بمعركة.. ترجع القادسيه

نرى صوتك الآن ملء الحناجر

زوابع

تلو

زوابع ..

نرى صدرك الآن متراس ثائر

ولافتة للشوارع

نراك

نراك

نراك ..

طويلا

.. كسنبلة في الصعيد

جميلا

.. كمصنع صهر الحديد

وحرا

.. كنافذة في قطار بعيد ..

و لست نبيّا،

و لكن ظلّك أخضر

أتذكر ؟

كيف جعلت ملامح وجهي

و كيف جعلت جبيني

و كيف جعلت اغترابي وموتي

أخضر

أخضر

أخضر..

أتذكر وجهي القديم ؟

لقد كان وجهي يحنّط في متحف انجليزي

و يسقط في الجامع الأمويّ

متى يا رفيقي ؟

متى يا عزيزي ؟

متى نشتري صيدليه

بجرح الحسين.. و مجد أميّه

و نبعث في سدّ أسوان خبزا و ماء

و مليون كيلواط من الكهرباء ؟

أتذكر ؟

كانت حضارتنا بدويا جميل

يحاول أن يدرس الكيماء

و يحلم تحت ظلال النخيل

بطائرة.. و بعشر نساء

و لست نبيا

و لكن ظلك أخضر..


نعيش معك

نسير معك

نجوع معك

و حين تموت

نحاول ألا نموت معك

ففوق ضريحك ينبت قمح جديد

و ينزل ماء جديد

وأنت ترانا

نسير

نسير

نسير .



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 4:10 am


ّأحبك أو لا أحبك

1972




مزامير



-1-


أحبك، أو لا أحبك -

أذهب، أترك خلفي عناوين قابلة للضياع.

و أنتظر العائدين، و هم يعرفون مواعيد موتي و يأتون.

أنت التي لا أحبّك حين أحبّك، أسوار بابل

ضيّقة في النهار، وعيناك واسعتان، ووجهك

منتشر في الشعاع .


كأنك لم تولدي بعد. لم نفترق بعد. لم تصرعيني

وفوق سطوح الزوابع كلّ كلام جميل ،و كل

لقاء وداع .

و ما بيننا غير هذا اللقاء، و ما بيننا غير هذا الوداع.

أحبّك، أو لا أحبك -

يهرب مني حبيبي ، وأشعر أنك لا شيء أو كل شيء.

و أنك قابلة للضياع .

*****

أريدك، أو لا أريدك -

إن خرير الجداول محترق بدمي. ذات يوم أراك،

و أذهب ،

و حاولت أن أستعيد صداقة أشياء غابت - نجحت

و حاولت أن أتباهى بعينين تتسعان لكل خريف -

نجحت - وحاولت أن أرسم اسما يلائم زيتونة

حول خاصرة - فتناسل كوكب .


أريدك حين أقول أنا لا أريدك ..

و جهي تساقط. نهر بعيد يذوب جسمي. وفي السوق

باعوا دمي كالحساء المعلّب

أريدك حين أقول أريدك -

يا امرأة وضعت ساحل البحر الأبيض المتوسط في

حضنها.. و بساتين آسيا على كتفيها.. و كلّ

السلاسل في قلبها.

أريدك، أو لا أريدك -


إنّ خرير الجداول. إن حفبف الصنوبر. إنّ هدير

البحار، وريش البلابل محترق في دمي- ذات

يوم أراك، وأذهب

*****

أغنّيك، أو لا أغنّيك -

أسكت. أصرخ. لا موعد للصراخ و لا موعد

للسكوت. و أنت الصراخ الوحيد و أنت السكوت

الوحيدّ.


تداخل جلدي بحنجرتي، تحت نافذتي تعبر الريح

لابسة حرسا. و الظلام بلا موعد. حين ينزل

عن راحتّي الجنود

سأكتب شيئا ..

و حين سينزل عن قدميّ الجنود

سأمشي قليلا ..

و حين سيسقط عن ناظريّ الجنود

أراك.. أرى قامتي من جديد.

أغنّيك، أو لا أغنّيك

أنت الغناء الوحيد، و أنت تغنّينني لو سكتّ. و أنت

السكوت الوحيد .

-2-


في الأيام الحاضره

أجد نفسي يابسا

كالشجر الطالع من الكتب

و الريح مسألة عابره.

أحارب.. أو لا أحارب ؟

ليس هذا هو السؤال

المهمّ أن تكون حنجرتي قويّة

أعمل.. أو لا أعمل ؟.

ليس هذا هو السؤال

المهمّ أن أرتاح ثمانية أيام في الأسبوع

حسب توقيت فلسطين.

أيّها الوطن المتكرر في الأغاني و المذابح،

دلّني على مصدر الموت

أهو الخنجر.. أم الأكذوبة ؟

*****

لكي أذكر أن لي سقفا مفقودا

ينبغي أن أجلس في العراء.

و لكيلا أنسى نسيم بلادي النقي

ينبغي أن أتنفس السل

و لكي أذكر الغزال السابح في البياض

ينبغي أن أكون معتقلا بالذكريات.

و لكيلا أنسى أن جبالي عالية

ينبغي أن أسرّح العاصفة من جبيني.

و لكي أحافظ على ملكية سمائي البعيدة

يجب ألاّ أملك حتى جلدي .

*****

أيّها الوطن المتكرر في المذابح و الأغاني

لماذا أهرّبك من مطار إلى مطار

كالأفيون ..

والحبر الأبيض

وجهاز الإرسال؟!

*****

أريد أن أرسم شكلك.

أيّها المبعثر في الملفات و المفاجآت

أريد أن أرسم شكلك

أيّها المتطاير على شظايا القذائف و أجنحة العصافير

أريد أن أرسم شكلك

فتخطف السماء يدي.

أريد أن أرسم شكلك

أيّها المحاصر بين الريح و الخنجر

أريد أن أرسم شكلك

كي أجد شكلي فيك

فأتهم بالتجريد و تزوير الوثائق و الصور الشمسية

أيّها المحاصر بين الخنجر و الريح .

*****

و يا أيّها الوطن المتكرر في الأغاني و المذابح

كيف تتحول إلى حلم و تسرق الدهشة

لتتركني حجرا .

لعلّك أجمل في صيرورتك حلما

لعلك أجمل !..

*****

لم يبق في تاريخ العرب

اسم أستعيره

لأتسلّل به إلى نوافذك السريّة.

كل الأسماء السرية محتجزة

في مكاتب التجنيد المكيّفة الهواء

فهل تقبل اسمي -

اسمي السري الوحيد -

محمود درويش ؟

أما اسمي الأصلي

فقد انتزعته عن لحمي

سياط الشرطة و صنوبر الكرمل

*****

أيّها الوطن المتكرر في المذابح و الأغاني

دلّني على مصدر الموت

أهو الخنجر

أم الأكذوبة ؟!

-3-


يوم كانت كلماتي

تربة ..

كنت صديقا للسنابل

يوم كانت كلماتي

غضبا..

كنت صديقا للسلاسل

يوم كانت كلماتي

حجرا..

كنت صديقا للجداول .

يوم كانت كلماتي

ثورة ..

كنت صديقا للزلازل

يوم كانت كلماتي

حنظلا ..

كنت صديق المتفائل

حين صارت كلماتي

عسلا..

غطّى الذباب

شفتيّ ! ..


-4-



تركت وجهي على منديل أمّي

و حملت الجبال في ذاكرتي

ورحلت ..

كانت المدينة تكسر أبوابها

و تتكاثر فوق سطوح السفن

كما تتكاثر الخضرة في البساتين التي تبتعد ..

إنني أتكىء على الريح

يا أيتها القامة التي لا تنكسر

لماذا أترنّح؟.. و أنت جداري


و تصقلني المسافة

كما يصقل الموت الطازج وجوه العشّاق

و كلما ازددت اقترابا من المزامير

ازددت نحولا ..

يا أيتها الممرات المحتشدة بالفراغ

متى أصل ؟..


طوبى لمن يلتفّ بجلده !

طوبى لمن يذكر اسمه الأصليّ بلا أخطاء !

طوبى لمن يأكل تفاحة و لا يصبح شجرة

طوبى لمن يشرب من مياه الأنهار البعيدة

و لا يصبح غيما !

طوبى للصخرة التي تعشق عبوديتها

و لا تختار حرية الريح !.


-5-



أكلما وقفت غيمة على حائط

تطايرت إليها جبهتي كالنافذة المكسورة

ونسيت أني مرصود بالنسيان

وفقدت هويتي ؟


إنني قابل للانفجار

كالبكارة ..


وكيف تتسع عيناي لمزيد من وجوه الأنبياء؟

إتبعيني أيتها البحار التى تسأم لونها

لأدلك على عصا أخرى .


إنني قابل للأعجوبة

كالشرق ..


أنا حالة تفقد حالتها

حين تكفّ عن الصراخ

هل تسمّون الرعد رعدا والبرق برقا

إذا تحجّر الصوت، وهاجر اللون ؟!

أكلما خرجت من جلدي.

ومن شيخوخة المكان

تناسل الظلّ، وغطاني ...؟

أكلما أطلقت رياحي في الرماد

بحثا عن جمرة منسيّة

لا أجد غير وجهي القديم الذي تركته

على منديل أمي ؟


إنني قابل للموت

كالصاعقة..


-6-



أشجار بلادي تحترف الخضرة

وأنا أحترف الذكرى

والصوت الضائع في البرية

ينعطف نحو السماء، ويركع :

أيّها الغيم ! هل تعود ؟


لست حزينا إلى هذا الحدّ

ولكن ،لا يحب العصافير

من لا يعرف الشجر.

ولا يعرف المفاجأة

من اعتاد الأكذوبة

لست حزينا إلى هذا الحد

ولكن، لا يعرف الكذب

من لم يعرف الخوف.


أنا لست منكمشا إلى هذا الحد

ولكن الأشجار هي العالية.

سيداتي، آنساتي، سادتي

أنا أحبّ العصافير

وأعرف الشجر

أنا أعرف المفاجأة

لأني لم أعرف الأكذوبة.

أنا ساطع كالحقيقة والخنجر

ولهذا أسألكم :

أطلقوا النار على العصافير

لكي أصف الشجر.

أوقفوا النيل

لكي أصف القاهرة.

أوقفوا دجلة أو الفرات أو كليهما

لكي أصف بغداد.

أوقفوا بردى

لكي أصف دمشق !

واوقفوني عن الكلام

لكي أصف نفسي..

-7-


ظلّ النخيل، و آخر الشهداء، و المذياع يرسل صورة

صوتية عن حالة الأحباب يوميّا، أحبّك في

الخريف و في الشتاء .


- لم تبك حيفا، أنت تبكي، نحن لا ننسى تفاصيل

المدينة، كانت امرأة، و كانت أنبياء


البحر! لا، البحر لم يدخل منازلنا بهذا الشكل

خمس نوافذ غرقت، ولكن السطوح تعج

بالعشب المجفف و السماء -


ودّعت سجّاني. سعيدا كان بالحرب الرخيصة

آه يا وطن القرنفل والمسدس، لم تكن أمي معي .

وذهبت أبحث عنك خلف الوقت و المذياع. شكلك

كان يكسرني .. ويتركني هباء .


كان الكلام خطيئة، والصمت منفى. والفدائيون

أسرى توقهم للموت في واديك كان الموت تذكرة

الدخول إلى يديك. وكنت تحتقر البكاء.

و الذكريات هويّة الغرباء أحيانا، و لكن الزمان

يضاجع الذكرى و ينجب لاجئين، و يرحل

الماضي، ويتركهم بلا ذكرى. أتذكرنا؟ و ماذا

لو تقول : بلى ! . أنذكر كل شيء عنك ؟ ماذا

لو نقول : بلى ! . و في الدنيا قضاة يعبدون

الأقوياء .


من كل نافذة رميت الذكريات كقشرة البطيخ

و استلقيت في الشفق المحاذي للصنوبر ( تلمع

الأمطار في بلد بعيد. تقطف الفتيات خوخا غامضا ...)

و الذكريات تمرّ مثل البرق في لحمي، وترجعني

إليك .. إليك. إن الموت مثل الذكريات كلاهما

يمشي إليك .. إليك يا وطنا تأرجح بين كل

خناجر الدنيا و خاصرة السماء.


ظل النخيل، وآخر الشهداء و المذياع يرسل صورة

صوتية عن حالة الأحباب يوميا - أحبك في

الخريف وفي الشتاء.


-8-



أيتها البلاد التي يعرف المزاج أسماءها

تعرفك سياط التاريخ

وسجون التاريخ.

ومنافي التاريخ.

أيتها المسبية في كل العصور

لماذا تحددين شكلك بمثل هذه المغامرة ؟

ولماذا تعلنين عن نفسك كجنين العالم ؟

ولمادا أنت جميلة إلى حد الإنتحار؟

وأكثر من ذلك :

لماذا لا تعلنين برائتك مني

لأكف عن الموت ؟...


أيتها البلاد القاسية كالنعاس

قولي مرة واحدة :

إنتهى حبنا.

لكي أصبح قادرا على الموت..والرحيل.

إني أحسد الرياح التي تنعطف فجأة

عن رماد آبائي

إني أحسد الأفكار المختبئة في ذاكرة الشهداء

وأحسد سماءك المختفية في عيون الأطفال.

ولكنني لا أحسد نفسي.

تنتشرين على جسمي كالعرق

وتنتشرين في جسمي كالشهوة

وتحتلين ذاكرتي كالغزاة

وتحتلين دماغي كالضوء.

موتي ...لأرثيك

أو كوني زوجتي لأعرف الخيانة

مرة واحدة.


-9-




أيتها الوردة الواقفة خارج الزمن والحواس

يا قبلة في مناديل الرياح ..

فاجئيني بحلم واحد

يرتد عنك جنوني !.


لقد ابتعدت عنك

لأقترب منك

فوجدت الزمن.


واقتربت منك

لأبتعد عنك

فوجدت الحواس.


بين الإبتعاد والإقتراب

حجر في حجم الحلم

لا يقترب

ولا يبتعد

وأنت بلادي

وأنا لست حجرا

لهذا،لا أحاذي السماء

ولا أوازي الأرض

وأبقى غريبا ..


-10-



حالة الاحتضار الطويله

أرجعتني إلى شارع في ضواحي الطفوله

أدخلتني بيوتا

قلوبا

سنابل

منحتني هويّه

جعلتني قضيّه

حالة الاحتضار الطويله.

*****

كان يبدو لهم

أنني ميّت، والجريمة مرهونة بالأغاني

فمرّوا، ولم يلفظوا اسمي .

دفنوا جثتي في الملفّات و الانقلابات،

و ابتعدوا.

(و البلاد التي كنت أحلم فيها - سوف

تبقى البلاد التي كنت أحلم فيها).


كان عمرا قصيرا

و موتا طويلا

و أفقت قليلا

و كتبت اسم أرضي على جثّتي

و على بندقيّه

قلت: هذا سبيلي

و هذا دليلي

إلى المدن الساحليّه.

و تحركت ،

لكنهم قتلوني.

*****

دفنوا جثتي في الملفات و الانقلابات،

و ابتعدوا ..

(و البلاد التي كنت أحلم فيها

سوف تبقى البلاد التي كنت أحلم فيها).

*****

أنا في حالة الاحتضار الطويله

سيّد الحزن.

و الدمع مع كل عاشقة عربيّة

و تكاثر حولي المغنّون و الخطباء

و على جثتي ينبت الشعر و الزعماء

و كل سماسرة اللغة الوطنيّه

صفقوا

صفّقوا

صفقوا

و لتعش

حالة الاحتضار الطويله

*****

حالة الاحتضار الطويله

أرجعتني إلى شارع في ضواحي الطفوله

أدخلتني بيوتا.. قلوبا سنابل

جعلتني قضيّه

منحتني هويّه

و تراث السلاسل.


-11-



لم يبق لي

إلا أن أتشرد في ظلّك الذي هو ظلي

ولم يبق لي

إلا أن أسكن صوتك الذي هو صوتي

تدحرجت عن الصليب الممتد كالصحو

في أفق لا ينحني،

إلى أصغر جبل تصل إليه الرؤيا

فلم أعثر على جرحي .. وحريتي ! .

لأنني لا أعرف مكانك

لا أجد خطوتي

ولأن ظهري لا يستند إليك بالمسامير.

أصبحت شديد الانحناء

كسمائك التي ترافق نوافذ الطائرات


أعيدي إلي تقاطيع اسمي

لأحتكم إلى ألياف الشجر ..

أعيدي إليّ حروف وجهي

لأحتكم إلى العواصف المقبله

أعيدي إليّ أسباب فرحي

لأحتكم إلى التراجع الذي لا سبب له.


لأن صوتي يابس كسارية العلم

ويدي فارغة كالنشيد الوطني

ولأن ظلي واسع كمهرجان

وقسمات وجهي تتنزّه في سيارة الإسعاف

لأني هكذا،

فأنا مواطن في مملكة لم تولد ..


-12-



اعتقلت نفسي داخل نفسي

لأن نفسي ليست جاسوسة على نفسي

والمطر يتساقط في الخارج

بلا سبب .

طوبى لمن يعرف حدود سعادتي !

طوبى للربّ الذي يقرأ حريتي

طوبى للحارس الذي يحبس طمأنينتي

في عينيه الساهرتين

طوبى لمن يفهم ما معنى أن أكون

السجين والسجان في آن واحد

أيتها النوافذ البعيدة كالحب الأول

أنا لا أقيم في بابل

بابل هي التي تسكن تقاطيع وجهي

أينما ذهبت .

ويا أيتها النوافذ البعيدة كالحب الأول

انا لست منفيا

في قلبي نفيت المنفى، وذهبت.

المطر يتساقط في الخارج

بلا سبب .

والقحط ينتشر في الداخل

لأسباب كثيرة .

فمن يعيد ترتيب الفصول

ومن يغير نظام الروزنامة

ومن يعلمني مراثي إرميا

في طرق أورشليم التي لعنها الرب،

لكي أعلن للمرة الاولى

تاريخ ميلادي ،

من ؟.


-13-



إني أتأهبّ للانفجار

على حافة الحلم

كما تتأهب الآبار اليابسة

للفيضان.


إني أتأهّب للانطلاق

على حافة الحلم

كما تتأهب الحجارة

في أعماق المناجم الميتة


إني أتحفّز للموت

على حافة الحلم

كما يتحفز الشهيد للموت

مرة أخرى.


إني أتأهّب للصراخ

على حافة الحقيقة

كما يتأهب البركان

للانفجار.


-14-



الرحيل انتهى

من يغطي حبيبي

كيف مر المساء المفاجىء

كيف اختفى

في عيون حبيبي ؟

الرحيل انتهى.


أصدقائي يمرون عني .

أصدقائي يموتون فجأة


الرحيل انتهى

في جناح السنونو.

الرحيل ابتدأ

حين فرّ السجين .


ما عرفت الضياع

في صرير السلاسل

كان لحمي مشاع

كسطوح المنازل

لعدوي، ولكن

ما عرف الضياع

في صرير السلاسل


أصدقائي يمرون عني

أصدقائي يموتون فجأه.


-15-


هارب من الحدود التي افترست أصدقائي

والحدود تعدو ورائي ..

الحدود تقترب تقترب

وتلامس حلقي .


من الصعب أن تعرفوا

أين تنتهي الأسطورة

وأين يبدأ وجهي

لأن الحدود قريبة ! .


هذه الشقوق المحفورة في جبيني

ليست بصمات سنين .

وهذه الخطوط الزرقاء تحت عيني

ليست دليلا على السهر مع النساء

إنها الحدود التي تتشعب في جسمي


أنا محكوم بالهزيمة

وعدوي محكوم بالنصر

أنا صامد في الهزيمة

وعدوي صامد في النصر .


أيها الظلام القادم الى المدينة

انهمر .. انهمر .

لأني أعتزم الليلة مغادرة وجهي الحافل بالحدود

في اتجاه قلبي

وهو المدينة الوحيدة التي لم تقع في الأسر.


-16-



أداعب الزمن

كأمير يلاطف حصانا.

و ألعب بالأيام


كما يلعب الأطفال بالخرز الملون

إني أحتفل اليوم

بمرور يوم على اليوم السابق

و أحتفل غدا

بمرور يومين على الأمس

وأشرب نخب الأمس

ذكرى اليوم القادم

و هكذا.. أواصل حياتي ! .


عندما سقطت عن ظهر حصاني الجامح

و انكسرت ذراعي

أوجعتني إصبعي التي جرحت

قبل ألف سنة !

و عندما أحييت ذكرى الأربعين لمدينة عكا

أجهشت في البكاء على غرناطة

و عندما التفّ حبل المشنقة حول عنقي

كرهت أعدائي كثيرا

لأنهم سرقوا ربطة عنقي !

-17-


نرسم القدس :

إله يتعرّى فوق خطّ داكن الخضرة. أشباه عصافير تهاجر

و صليب واقف في الشارع الخلفيّ. شيء يشبه البرقوق

و الدهشة من خلف القناطر

و فضاء واسع يمتدّ من عورة جندي إلى تاريخ شاعر.

*****

نكتب القدس :

عاصمة الأمل الكاذب .. الثائر الهارب .. الكوكب

الغائب. اختلطت في أزقّتها الكلمات الغريبة ،

و انفصلت عن شفاه المغّنين و الباعة القبل

السابقه.

قام فيها جدار جديد لشوق جديد، و طروادة

التحقت بالسبايا. و لم تقل الصخرة الناطقه

لفظة تثبت العكس .طوبى لمن يجهض النار في

الصاعقة !.

*****

و تغني القدس :

يا أطفال بابل

يا مواليد السلاسل

ستعودون إلى القدس قريبا

و قريبا تكبرون.

و قريبا تحصدون القمح من ذاكرة الماضي

قريبا يصبح الدمع سنابل

آه، يا أطفال بابل

ستعودون إلى القدس قريبا

و قريبا تكبرون.

و قريبا

و قريبا

وقريبا..

هلّلويا

هلّلويا !



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 4:16 am




عائد إلى يافا




هو الآن يرحل عنا

ويسكن يافا

و يعرفها حجرا .. حجرا

و لا شيء يشبهه

و الأغاني

تقّلده..

تقلد موعده الأخضرا.

هو الآن يعلن صورته -

و الصنوبر ينمو على مشنقه

هو الآن يعلن قصّته -

و الحرائق تنمو على زنبقه.

هو الآن يرحل عنّا

ليسكن يافا .

*****

و نحن بعيدون عنه،

و يافا حقائب منسيّة في مطار

و نحن بعيدون عنه ؛

لنا صور في جيوب النساء،

و في صفحات الجرائد،

نعلن قصّتنا كل يوم

لنكسب خصلة ريح وقبلة نار.


و نحن بعيدون عنه،

نهيب به أن يسير إلى حتفه..

نحن نكتب عنه بلاغا فصيحا

و شعرا حديثا

و نمضي.. لنطرح أحزاننا في مقاهي الرصيف

و نحتج ّ: ليس لنا في المدينة دار.

و نحن بعيدون عنه،

نعانق قاتله في الجنازة،

نسرق من جرحة القطن حتى نلمع

أوسمة الصبر و الانتظار

*****

هو الآن يخرج منا

كما تخرج الأرض من ليلة ماطره

و ينهمر الدم منه

و ينهمر الحبر منّا.

و ماذا نقول له ؟ - تسقط الذاكره

على خنجر؟

و المساء بعيد عن الناصره !

هو الآن يمضي إليه

قنابل أو.. برتقاله

و لا يعرف الحدّ بين الجريمة حين تصير حقوقا

و بين العداله

و ليس يصدّق شيئا

و ليس يكذب شيئا.

هو الآن يمضي .. و يتركنا

كي نعارض حينا

و نقبل حينا .

هو الآن يمضي شهيدا

و يتركنا لاجئينا !


و نام

و لم يلتجىء للخيام

و لم يلتجىء للموانيء

و لم يتكلّم

و لم يتعّلم

و ما كان لاجيء

هي الأرض لاجئة في جراحه

و عاد بها .

لا تقولوا : أبانا الذي في السموات

قولوا: أخانا الذي أخذ الأرض منّا

و عاد ..

هو الآن يعدم

و الآن يسكن يافا

و يعرفها حجرا.. حجرا

و لا شيء يشبهه

و الأغاني

تقلّده.

تقلد موعده الأخضرا


لترتفع الآن أذرعة اللاجئين

رياحا.. رياحا .

لتنشر الآن أسماؤهم

جراحا.. جراحا.

لتنفجر الآن أجسادهم

صباحا.. صباحا.

لتكتشف الأرض عنوانها

و نكتشف الأرض فينا.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 4:21 am




عازف الجيتار المتجول



كان رسّاما،

ولكن الصّور

عادة،

لا تفتح الأبواب

لا تكسرها..

لا تردّ الحوت عن وجه القمر.

(يا صديقي ،أيّها الجيتار

خذني ..

للشبابيك البعيده)

*****

شاعرا كان،

ولكن القصيده

يبست في الذاكره

عندما شاهد يافا


فوق سطح الباخره

(يا صديقي، أيّها الجيتار

خذني ..

للعيون العسليّه)

*****

كان جنديّا،

ولكن شظيّه

طحنت ركبته اليسرى

فأعطوه هديّه :

رتبة أخرى

ورجلا خشبّيه !


(يا صديقي، أيّها الجيتار

خذني ..

للبلاد النائمه)


عازف الجيتار يأتي

في الليالي القادمه

عندما ينصرف الناس إلى جمع تواقيع الجنود

عازف الجيتار يأتي

من مكان لا نراه

عندما يحتفل الناس بميلاد الشهود

عازف الجيتار يأتي

عاريا، أو بثياب داخليه.


عازف الجيتار يأتي

وأنا كدت أراه

وأشمّ الدم في أوتاره

وأنا كدت أراه

سائرا في كل شارع

كدت أن أسمعه

صارخا ملء الزوابع

حدّقوا :

تلك رجل خشبّيه

واسمعوا :

تلك موسيقى اللحوم البشريّه

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 4:26 am




تقاسيم على الماء



وراء الخريف البعيد

ثلاثون عاما

وصورة ريتا

وسنبلة أكملت عمرها

في البريد.

وراء الخريف البعيد


أحبك يوما.. وأرحل

تطير العصافير باسمي

وتقتل

أحبك يوما

وأبكي

لأنك أجمل من وجه أمي

وأجمل

من الكلمات التي شرّدتني ..


على الماء وجهك.

ظل السماء

يخاصم ظلّي

وتمنعني من محاذاة هذا المساء

نوافذ أهلي.

متى يذبل الورد في الذاكره؟

متى يفرح الغرباء؟

لكي أصف اللحظة العائمه

على الماء -

أسطورة أو سماء..


.. وتحت السماء البعيده

نسيتك،

تنمو الزنابق

هناك .. بلا سبب

والبنادق

هناك .. بلا غضب

والقصيده

هناك .. بلا شاعر

والسماء البعيده

تحاذي سطوح المنازل

وقبعة الشرطيّ

وتنسى جبيني ...


وتحت المساء الغريب

تعذّبنا الأرض،

جسمك يقتبس البرتقال

ويهرب منّي.

أحبّك،

والأفق يأخذ شكل سؤال

أحبّك،

والبحر أزرق

أحبّك،

والعشب أخضر

أحبّك - زنبق

أحبّك - خنجر

أحبّك يوما

وأعرف تاريخ موتي


أحبّك يوما

بدون انتحار

وراء الخريف البعيد

أمشط شعرك.

أرسم خصرك ..

في الريح، نجما.. وعيد ..

أحبّك يوما

أحبك قرب الخريف البعيد

تمرّ العصافير باسمي

طليقه

وباسمي - يمر النهار

حديقه،

وباسمك أحيا

أحبك يوما،

وأحيا..

وراء الخريف البعيد.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 4:44 am




قتلوك في الوادي



أهديك ذاكرتي على مرأى من الزمن

أهديك ذاكرتي

ماذا تقول النار في وطني

ماذا تقول النار؟

هل كنت عاشقتي

أم كنت عاصفة على أوتار؟

وأنا غريب الدار في وطني

غريب الدار..


أهديك ذاكرتي على مرأى من الزمن

أهديك ذاكرتي


ماذا يقول البرق للسكين

ماذا يقول البرق

هل كنت في حطّين

رمزا لموت الشرق

وأنا صلاح الدين

أم عبد الصليبين ؟


أهديك ذاكرتي على مرأى من الزمن.

أهديك ذاكرتي

ماذا تقول الشمس في وطني

ماذا تقول الشمس؟

هل أنت ميتة بلا كفن

وأنا بدون القدس؟

*****

طلعت من الوادي

يقل تضاءل الوادي وغاب

وجمالها السرّي لفّ سنابل القمح الصغيره

حلّ أسئلة التراب.

هل تذكرون الصيف يا أبناء جيلي

يا كلّ أزهار الجليل

وكل أيتام الجليل

هل تذكرون الصيف يصعد من أناملها

ويفتح كل باب.

قالت بنفسجة لجارتها

عطشت،

وكان عبد الله يسقيني

فمن أخذ الشباب من الشباب؟

طلعت من الوادي

وفي الوادي تموت..

ونحن نكبر في السلاسل

طلعت من الوادي مفاجأة

وفي الوادي تموت على مراحل.

ونمرّعنها الآن جيلا بعد جيل.

ونبيع زيتون الجليل بلا مقابل

ونبيع أحجار الجليل

ونبيع تاريخ الجليل

ونبيعها.

كي نشتري في صدرها شكلا

لمقتول يقاتل.

*****

لم أعترف بالحبّ عن كثب

فليعترف موتي

وطفولتي - طروادة العرب

تمضي ..ولا تأتي

كلّ الخناجر فيك،

فارتفعي

يا خضرة الليمون

وتوهجي في الليل

واتسعي

لبكاء من يأتون


الريح واقفة على خنجر

ودماؤنا شفق

لا تحرقي منديلك الأخضر

الليل يحترق


طوبى لمن نامت على خشبه

ملء الردى.. حيّه

طوبى لسيف يجعل الرقبه

أنهار حريّه !

لم نعترف بالحبّ عن كثب

فليغضب الغضب

نمشي إلى طروادة العرب

والبعد يقترب.

*****

لا تذكرينا

حين نفلت من يديك

إلى المنافي الواسعه

إنّا تعلّمنا اللغات الشائعه

ومتاعب السّفر الطويل

إلى خطوط الاستواء

والنوم في كل القطارات البطيئه والسريعه

والحبّ في الميناء..

والغزل المعدّ لكل أنواع النساء

إنا تعلّمنا صداقة كل جرح

ومصارع العشاق

والشوق المّلعب

والحساء بدون ملح

*****

- يا أيّها البلد البعيد

هل ضاع حبّي في البريد ؟

لا قبلة المطاط تأتينا

ولا صدأ الحديد

كلّ البلاد بلادنا

ونصيبنا منها .. بريد !

*****

لا تذكرينا

حين نفلت من يديك

إلى السجون

إنّا تعلمنا البكاء بلا دموع

وقراءة الأسوار والأسلاك والقمر الحزين

حرية..

وحمامة..

ورضا يسوع.

وكتابة الأسماء :

عائشه تودّع زوجها

وتعيش عائشه ..

تعيش روائح الدم والندى والياسمين

*****

- يا أيّها الوجه البعيد

قتلوك في الوادي،

وما قتلوك في قلبي

أريدك أن تعيد

تكوين تلقائيّتي

يا أيّها الوجه البعيد !

*****

ولتذكرينا..

حين نبحث عنك تحت المجزره

وليبق ساعدك المطلّ على هدير البحر

والدم في الحدائق

وعلى ولادتنا الجديدة.

قنطره !

ولتبق كل زنابق الكف النديّة

في حديقتها

فإنّا قادمون

من يشتري للموت تذكرة سوانا

اليوم .. من !

نحن اعتصرنا كل غيم خرائط الدنيا

وأشعار الحنين إلى الوطن

لا ماؤها يروي

ولا أشواقها تكوي

ولا تبني وطن.


ولتذكرينا

نحن نذكرك اخضرارا طالعا من كل دم

طين .. ودم

شمس .. ودم

زهر .. ودم

ليل .. ودم

وسنشتهيك -

وأنت طالعة من الوادي

ونازلة إلى الوادي

غزالا سابحا في حقل دم

دم

دم

دم ..

*****

يا قبلة نامت على سكين

تفّاحة القبل

من يذكر الطعم الذي يبقى -

ولا تبقين -

كحديقة الأمل !

- إنّا كبرنا أيّها المسكين

.قالت لي الدنيا.

- وحبيبتي؟

* لا يكبر الموتى

- وأقماري؟

* سقطت مع الدار

يا قبلة نامت على سكّين


هل تذكرين فمي ؟

إني أحبّك حين تحترقين

هل تحرقين دمي !

كالزنبق اللاذع

وأحبّ موتك حين يأخذني

إلى وطني

كالطائر الجائع

يا قبلة نامت على سكّين ..


البرتقال يضيء غربتنا

البرتقال يضيء

والياسمين يثير عزلتنا

والياسمين بريء

يا قبلة نامت على سكّين .


تستيقظين على حدود الغد

تستيقظين الآن

وتبعثرين الساحل الأسود

كالريح والنسيان

يا قبلة نامت على سكّين

*****

كبر الرحيل

كبر اصفرار الورد يا حبي القتيل

كبر التسكّع في ضياء العالم المشغول عني

كبر المساء على شوارع كل منفى

كبر المساء على نوافذ كل سجن

وكبرت في كل الجهات

وكبرت في كل الفصول ..

وأراك

تبتعدين .. تبتعدين في الوادي البعيد

وتغادرين شفاهنا

وتغادرين جلودنا

وتغادرين ..

وأنت عيد .

وأراك

أشجار النخيل

سقطت.

وماذا قال عبد الله ؟

- في الزمن البخيل

يتكاثر الأطفال والذكرى وأسماء الإله.

وأراك

كل يد تصيح هناك آه

كنّا صغارا

كانت الأشياء جاهزة

وكان الحبّ لعبه.

وأراك

وجهي فيك يعرفني

ويعرف كلّ حبّه

من شاطىء الرمل الكبير

وأنت تبتعدين عني

والموت نسبه..

وأراك..

أحنت غابة الزيتون هامتها

لريح عابره

كل الجذور هنا

هنا

كل

الجذور

الصابره

فلتحترق كل الرياح السود

في عينين معجزتين

يا حبي الشجاع .

لم يبق شيء للبكاء

إلى اللقاء

إلى اللقاء .

كبرت مراسيم الوداع

والموت مرحلة بدأناها

وضاع الموت

ضاع .

في ضجة الميلاد

فامتدي

من الوادي إلى سبب الرحيل

جسدا على الأوتار يركض

كالغزال المستحيل..


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 4:50 am




مرة أخرى




مرة أخرى

ينام القتله

تحت جلدي

وتصير المشنقه

علما

أو

سنبله

في سماء الغابة المحترقه


حذف الظل يديها من جبيني

فاختبأنا في الظهيره


مرّة أخرى

يمر العسكريّ

تحت جلدي

مرة أخرى

يواري شفتي

في تجاعيد النشيد الوطني !


حذف الظل يديها من جبيني

فاختبأنا في الظهيره


مرّة أخرى

يفر الشهداء

من أغاني الشعراء

مرة أخرى

نزلنا عن صليبينا

فلم نعثر على أرض

ولم نبصر سماء


حذف الظلّ يديها من جبيني

فاختبأنا في الظهيره


مرّة أخرى

اتحدنا

أنا والقاتل والموت المعاد

أصبحت حريّتي عبئا

على قلبي

وعيناها منافي وبلاد

مرّة أخرى

يضيع الماء في الغيم

وندعى للجهاد !..


حذف الظلّ يديها من جبيني

فاختبأنا في الظهيره


قتلوها في الظهيره

بدلا مني،

ولم يعتقلوني

مرة أخرى

لأن القتله

تحت جلدي ..


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 4:57 am



أغنية إلى الريح الشمالية



قبلّ مجففة على المنديل

من دار بعيده

ونوافذ في الريح،

تكتشف المدينة في قصيده.

كان الحديث سدى عن الماضي

وكسرني الرحيل

وتقاسمتني زرقة البحر البعيد

وخضرة الأرض البعيده .

أماه !..وانتحرت بلا سبب

عصافير الجليل.

يا أيّها القمر القريب من الطفولة والحدود

لا تسرق الحلم الجميل

من غرفة الطفل الوحيد

ولا تسجل فوق أحذية الجنود

إسمي وتاريخي -

سألتك أيّها القمر الجميل.

هربت حقول القمح من تاريخها

هرب النخيل.

كان الحديث سدى عن الماضي

وكان الأصدقاء

في مدخل البيت القديم يسجلون

أسماء موتاهم

وينتظرون بوليسا

وطوق الياسمين ..

*****

قبل مجففة على المنديل

من دار بعيده.

ونوافذ في الريح تكسر جبهتي

قرب المساء

كان البريد يعيد ذاكرتي من المنفى

ويبعثني الشتاء

غصنا على أشجار موتانا

وكان الأصدقاء

في السجن ..

كانوا يشترون الضوء

والأمل المهرّب

والسجائر

من كل سجّان وشاعر

كانوا يبيعون العذاب لأي عصفور مهاجر

ما دام خلف السور حقل من ذره

وسنابل تنمو ..

بلادي خلف نافذة القطار

تفاحة مهجوره.

ويدان يا بستان كالدفلى ..

كأسماء الشوارع ..

كالحصار.

بالقيد أحلم،

كي أفسّر صرختي للعابرين

بالقيد أحلم،

كي أرى حريّتي، وأعدّ أعمار السنين

بالقيد أحلم،

كيف يدخل وجه يافا في حقيبه !

بيني وبينك برهة في زي مشنقة

ولم أشنق.. فعدت بلا جبين .

بيني وبين البرهة امتدّت عصور

بالقيد أحلم،

كيف يدخل وجه يافا في حقيبه ! .

*****

قبلّ مجفّفة على المنديل

من دار بعيده .

ونوافذ في الريح، يا ريح الشمال

ردّي إلى الأحباب قبلتهم

ولا تأتي إليّ ! .

من يشتري صدر المسيح

ويشتري جلد الغزال

ومعسكرات الاعتقال

ديكور أغنية عن الوطن المفتت في يديّ ! .

كان الحديث سدى عن الماضي،

وكان الأصدقاء

يضعون تاريخ الولادة بين ألياف الشجر

ودّعتهم ..

فنسيت خاصرتي وحنجرتي وميعاد المطر

وتركت حول زنودهم قيدي

فصرت بدون زند، واختصمت مع الشجر

والأصدقاء هناك ينتظرون بوليسا

وطوق الياسمين

وأنا أحاول أن أكون

ولا أكون ..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 5:05 am




أغنيات حب إلى أفريقيا



-1-



هل يأذن الحرّاس لي بالانحناء

فوق القبور البيض يا إفريقيا ؟

ألقت بنا ريح الشمال إليك

واختصر المساء

أسماءنا الأولى ..

وكنّا عائدين من النهار

بكآبة التنقيب عن تاريخنا الآتي

وكنّا متعبين.

ضاع المغنّي والمحارب والطريق إلى النهار

- من أنت ؟

* عصفور يجفّف ريشه الدامي

- وكيف دخلت ؟

* كان الأفق مفتوحا

وكان الأوكسجين

ملء الفضاء

- وما تريد الآن ؟

* ريشة كبرياء

وأريد أن أرث الحشائش والغناء

فوق القبور البيض.. يا إفريقيا !


-2-



هل يأذن الحراس لي بالاقتراب

من جثة الأبنوس .. يا إفريقيا ؟

ألقت بنا ريح الشمال إليك،

واختبأ السحاب

في صدرك العاري،

ولم تعلن صواعقنا حدود الاغتراب

والشمس بالمجّان مثل الرمل والدم،

والطريق إلى النهار

يمحو ملامحنا، ويتركنا نعيد لانتظار

صفا من الأشجار والموتى ..

نحّبك ..

نشتهي الموت المؤقت

نشتهيه ويشتهينا

نلتف بالمدن البعيدة والبحار

لنفسر الأمل المفاجىء

والرجوع إلى المرايا

- من أنت؟

* جندي يعود من التراب

بهزيمة أخرى وصورة قائد

- ماذا تريد ؟

* بيتا لأمعائي، وطفلا من حديد

وأريد صك براءتي

وأريد يا إفريقيا

- ماذا تريد ؟

* أريد أن أرث السحاب

من جثة الأبنوس .. يا إفريقيا


ألقت بنا ريح الشمال إليك

يا إفريقيا

ألقت بنا ريح الشمال

لنكون عشاقا وقتلى.

وبدون ذاكرة ذكرنا كل شيء عن ملامحنا

ووجهك فوق خارطة الظلال

مرّ المغني تحت نافذة

وخبّأ صوته في راحتيه

سرا يحبّك، أو علانية يمرّ

وينحني كالقوس، يا إفريقيا

وحشيّتان

عيناك - يا إفريقيا - وحزينتان

عيناك كالحبّ المفاجىء

كالبراءة حين تفترع البراءة

مرّ المغني تحت نافذة

وأعلن يأسه

- من أنت؟

* عاشق

- من أين جئت ؟

* أنا من سلالات الزنابق والمشانق

والريح تحبل.. ثم تنجبني

وترميني على كل الجهات

- ماذا تريد؟

* أريد ميلادا جديد

وأريد نافذة جديده

لأحبّها سرّا وتقتلني علانية

وأرحل عنك.. يا إفريقيا !



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 5:08 am




المدينة المحتلة




الطفلة احترقت أمّها

أمامها..

احترقت كالمساء.

وعلّموها : يصير اسمها -

في السّنة القادمه -

سيدة الشهداء

وسوف تأتي إليها

إذا وافق الأنبياء !


الطفلة احترقت أمها

أمامها..

احترقت كالمساء


من يومها،

لا تحب القمر

ولا الدّمى

كلّما

جاء المسا، صرخت كلّها :

أنا قتلت القمر

لأنه قال لي : ... قال .. قال :

أمّك لا تشبه البرتقال

ولا جذوع الشجر

أمك في القبر

لا في السماء.


الطفلة احترقت أمها

أمامها..

احترقت كالمساء ..


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 5:11 am




عابر سبيل



بلادي بعيده

تبخر مني ثراها

إلى داخلي ..

لا أراها.

وأنت بعيده

أراك

كومضة ورد مفاجىء

وفي جسدي رغبة في الغناء

لكل الموانىء.

.. وإني أحبّك

لكنني

لا أحبّ الأغاني السريعه

ولا القبل الخاطفه

وأنت تحبّينها

كبحّارة يائسين ..


أرى عبر زنبقة المائده

و عبر أناملك الشاردة

أرى البرق يخطف وجهي القديم

إلى شرفة ضائعه

و أنت تحبّينني -

قلت -

من أجل هذا المساء.


لنرقص إذن ،

أنا الماء و الظل

و الظل و الماء لا يعرفان الخيانة

و لا الانكسار

و لا يذكران

و لا ينسيان

و لكن.. لماذا ؟

لماذا توقفت الأسطوانه

و من خدش الأسطوانه

لماذا تدور على نفسها :

بلادي بعيده

بلادي

بلادي

بلادي


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 5:14 am




خطوات في الليل



دائما ،

نسمع في الليل خطى مقتربه

و يفرّ الباب من غرفتنا

دائما،

كالسحب المغتربة ! .


ظلّك الأزرق من يسحبه

من سريري كلّ ليله ؟

الخطى تأتي، و عيناك بلاد

و ذراعاك حصار حول جسمي

و الخطى تأتي

لماذا يهرب الظّل الذي يرسمني

يا شهرزاد ؟

و الخطى تأتي و لا تدخل

كوني شجرا

لأرى ظلك

كوني قمرا

لأرى ظلك

كوني خنجرا

لأرى ظلك في ظلّي

وردا في رماد ! ..


دائما ،

أسمع في الليل خطى مقتربه

و تصيرين منافيّ

تصيرين سجوني ..

حاولي أن تقتليني

دفعة واحدة

لا تقتليني

بالخطى المقتربه ! ..


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 5:43 am




سرحان يشرب القهوة في الكافتيريا




يجيئون،

أبوابنا البحر، فاجأنا مطر. لا إله سوى الله. فاجأنا

مطر ورصاص. هنا الأرض سجادة، و الحقائب

غربه ! .

يجيئون،

فلتترجّل كواكب تأتي بلا موعد. و الظهور التي

استندت للخناجر مضطرة للسقوط

و ماذا حدث ؟

أنت لا تعرف اليوم. لا لون. لا صوت. لا طعم

لا شكل.. يولد سرحان، يكبر سرحان،

يشرب خمرا و يسكرّ. يرسم قاتله، و يمزق

صورته. ثم يقتله حين يأخذ شكلا أخيرا

و يرتاح سرحان.

سرحان ! هل أنت قاتل ؟

و يكتب سرحان شيئا على كم معطفه، ثمّ تهرب

ذاكرة من ملف الجريمة.. تهرب.. تأخذ

منقار طائر.

و تأكل حبة قمح بمرج بن عامر

و سرحان متّهم بالسكوت، و سرحان قاتل

*****

و ما كان حبّا

يدان تقولان شيئا، و تنطفئان

قيود تلد

سجون تلد

مناف تلد

و نلتف باسمك،

ما كان حبّا

يدان تقولان شيئا.. و تنطفئان

و نعرف، كنا شعوبا، وصرنا حجارة

و نعرف، كنت بلادا و صرت دخان

و نعرف أشياء أكثر

نعرف، لكنّ كل القيود القديمه

تصير أساور ورد

تصير بكاره

في المنافي الجديده

و نلتف باسمك

ما كان حبّا

يدان تقولان شيئا و تنطفئان.

و سرحان يكذب حين يقول رضعت حليبك، سرحان

من نسل تذكرة، و تربى بمطبخ باخرة لم تلامس

مياهك. ما اسمك ؟

- نسيت .

و ما اسم أبيك ؟

- نسيت

و أمك

- نسيت .

و هل نمت ليلة أمس ؟

- لقد نمت دهرا .

حلمت ؟

- كثيرا .

بماذا ؟

- بأشياء لم أرها في حياتي

و صاح بهم فجأة :

- لماذا أكلتم خضارا مهربة من حقول أريحا ؟

- لماذا شربتم زيوتا مهربّة من جراح المسيح ؟

و سرحان متّهم بالشذوذ عن القاعده

*****

رأينا أصابعه تستغيث. و كان يقيس السماء بأغلاله

زرقة البحر يزجرها الشرطيّ، يعاونه خادم آسيويّ،

بلاد تغّير سكانها، و النجوم حصى .

و كان يغنّي : مضى جيلنا وانقضى.

مضى جيلنا وانقضى.


وتناسل فينا الغزاة تكاثر فينا الطغاة. دم كالمياه.

وليس تجفّفه غير سورة عم و قبعة الشرطيّ

و خادمة الآسيوي. و كان يقيس الزمان بأغلاله

سألناه : سرحان عم تساءلت.

قال : اذهبوا، فذهبنا

إلى الأمهات اللواتي تزوّجن أعداءنا.

و كنّ ينادين شيئا شبيها بأسمائنا.

فيأتي الصدى حرسا

ينادين قمحا

فيأتي الصدى حرسا

ينادين عدلا

فيأتي الصدى حرسا.

ينادين يافا

فيأتي الصدى حرسا

ومن يومها، كفت الأمهات عن الصلوات، وصرنا

نقيس السماء بأغلالنا

و سرحان يضحك في مطبخ الباخرة

يعانق سائحة، و الطريق بعيد عن القدس والناصرة

و سرحان متّهم بالضياع وبالعدميّه.

*****

و كلّ البلاد بعيدة .

شوارع أخرى اختفت من مدينته ( أخبرته الأغاني

و عزلته ليلة العيد أن له غرفة في مكان)

ورائحة البن جغرافيا .

و ما شرّدوك.. و ما قتلوك .

أبوك احتمى بالنصوص، و جاء اللصوص

و لست شريدا.. و لست شهيدا.. و أمك باعت

ضفائرها للسنابل و الأمنيات : (وفوق سواعدنا

فارس لا يسلم (وشم عميق ). و فوق أصابعنا

كرمة لا تهاجر ( وشم عميق)

خطى الشهداء تبيد الغزاة

(نشيد قديم)

و نافذتان على البحر يا وطني تحذفان المنافي..وأرجع

(حلم قديم –جديد)

شوارع أخرى اختفت من مدينته ( أخبرته الأغاني

و عزلته ليلة العيد أن له غرفة في مكان ).

و رائحة البن جغرافيا

و رائحة البن يد

و رائحة البن صوت ينادي.. و يأخذ

رائحة البن صوت و مئذنة (ذات يوم تعود).

و رائحة البن ناي تزغرد فيه مياه المزاريب. ينكمش

الماء يوما و يبقى الصدى .

و سرحان يحمل أرصفة و نوادي و مكتب حجز التذاكر

سرحان يعرف أكثر من لغة و فتاة. ويحمل تأشيرة

لدخول المحيط و تأشيرة للخروج و لكنّ سرحان

قطرة دم تفتش عن جبهة نزفتها.. و سرحان

قطرة دم تفتّش عن جثة نسيتها.. و أين ؟

و لست شريدا.. و لست شهيدا

و رائحة البن جغرافيا.

و سرحان يشرب قهوته ..

و يضيع

*****

هنا القدس .

يا امرأة من حليب البلابل كيف أعانق ظلي ..

و أبقى ؟

خلقت هنا.. و تنام هناك .

مدينة لا تنام. وأسماؤها لا تدوم. بيوت تغيّر

سكانها. والنجوم حصى .

و خمس نوافذ أخرى، و عشر نوافذ أخرى تغادر

حائط

و تسكن ذاكرة.. و السفينة تمضي .

و سرحان يرسم شكلا و يحذفه : طائرات وربّ قديم

و نابالم يحرق وجها و نافذة .. و يؤلف دوله .

هنا القدس .

ا امرأة من حليب البلابل، كيف أعانق ظلي ..

و أبقى ؟

و لا ظلّ للغرباء.

مساء يرافقهم، و المساء بعيد عن الأمهات قريب من

الذكريات. و سرحان لا يقرأ الصحف العربية ..

لا يعرف المهرجانات و التوصيات.فكيف إذن

جاءه الحزن.. كيف تقيّأ ؟

و ما القدس و المدن الضائعة

سوى ناقة تمتطيها البداوه

إلى السلطة الجائعة

و ما القدس و المدن الضائعه

سوى منبر للخطابه

و مستودع للكآبه

و ما القدس إلا زجاجة خمر و صندوق تبغ ...

... و لكنها وطني .

من الصعب أن تعزلوا

عصير الفواكة عن كريات دمي ..

و لكنها وطني

من الصعب أن تجدوا فارقا واحدا

بين حقل الذرة

و بين تجاعيد كفيّ

و لكنها وطني..

لا فوارق بين المساء الذي يسكن الذاكرة

و بين المساء الذي يسكن الكرملا

و لكنها وطني .

في الحقيقة و الدم متسع للجميع

و خط الطباشير لا يكسر المطر المقبلا

هنا القدس ..

كيف تعانق حريتي - في الأغاني - عبوديتي ؟

و سرحان يرسم صدرا ويسكنه

و سرحان يبكي بلا ثمن ووسام

و يشرب قهوته.. و يضيع

*****

يمزق غيما، و يرسله في اتجاه الرياح. و ماذا؟ هنالك

غيم شديد الخصوبة. لا بدّ من تربة صالحة

أتذهب صيحاتنا عبثا ؟

أكلت.. شربت.. و نمت.. حلمت كثيرا. أفقت

تعلمت تصريف فعل جديد. هل الفعل معنى بآنية

الصوت.. أم حركه ؟

و تكتب ض. ظ. ق. ص. ع. و تهرب منها، لأن

هدير المحيطات فيها و لا شيء فيها. ضجيج الفراغ

حروف تميزنا عن سوانا - طلعنا عليهم طلوع

المنون- فكانوا هباء و كانوا سدى. سدى نحن

هم يحرثون طفولتنا و يصكون أسلحة من أساطير

أعلامهم لا تغني و أعلامنا تجهض الرعد نقصفهم بالحروف

السمينة ض.ظ.ص.ق.ع ثم نقول انتصرنا و ما الأرض؟ ما قيمة

الأرض؟ أتربة ووحول. نقاتـــــــل أو لا نقاتـــــــل ؟

ليس مهما ذلك ما دامت الثورة العربية محفوظة

في الأناشيد و العيد و البنك و البرلمان .

و تعرف أن الغزاة عصي بأيدي المماليك تكتب

ض.ظ.ق.ص.ع .

تمزق غيما و ترسله في اتجاه الرياح و ماذا؟ هنالك

غيم شديد الخصوبة. لا بد من تربة صالحه

و تمضي السفينة. تبقى غريبا. جراحك مطبعة

للبلاغات

و التوصيات. و باسمك تنتصر الأبجدية. باسمك

يجلس عيسى إلى مكتب ويوقع صفقة خمر و أقمشة

و يحيى العساكر باسمك. تحفظ في خيمة

و تعلب في خيمة. لا هوية إلا الخيام. إذا

احترقت.. ضاع منك الوطن .

و باسمك تأتي و تذهب. باسمك حطّين تصبح مزرعة

للحشيش، و ثوارك السابقون سعاة بريد. و باسمك

لا شيء. يأتي القضاة، يقولون للطين كن جبلا

شامخا فيكون. يقولون للترعة انتفخي أنهرا فتكون

و تكتب ض.ظ.ص.ع.ق.

تمزّق غيما و ترسله في اتجاه الرياح، و ماذا ؟

هنالك غيم شديد الخصوبة. لا بدّ من تربة صالحه

أتذهب صيحاتنا عبثا؟

و ليست خيامك ورد الرياح. و ليست مظلات شاطىء.

تدجج بأعمدة الخيمة. احترقي يا هويتنا- صاح

لاجيء . و سرحان يشرب قهوته. للجليل مزايا كثيرة

و يحلم، يحلم، يحلم.. آه - الجليل!

*****

و من كفّ يوما عن الاحتراق

أعار أصابعه للضماد

و صرح للصحفي و للعدسات :

جريح أنا يا رفاق

و نال وساما.. و عاد .

و سرحان ،

ما قال جرحي قنديل زيت و ما قال ..

صدري شباك بيت و ما قال..

جلدي سجّادة للوطن .

و ما قال شيئا..

أتذهب صيحاتنا عبثا ؟

كل يوم نموت ،و تحترق الخطوات و تولد عنقاء

ناقصة، ثم نحيا لنقتل ثانية .

يا بلادي، نجيئك أسرى و قتلى.

و سرحان كان أسير الحروب، و كان أسير السلام

على حائط السبيّ يقرأ أنباء ثورته خلف ساق مغنّية

و الحياة طبيعية، و الخضار مهربّة من جباه العبيد

إلى الخطباء، و ما الفرق بين الحجارة و الشهداء؟

و سرحان كان طعام الحروب، و كان طعام السلام .

على حائط السبي تعرض جثته للمزاد. و في المجهر

العربي يقولون : ما الفرق بين الغزاة و بين الطغاة ؟

و سرحان كان قتيل الحروب، و كان قتيل السلام.

على حائط السبي يصطدم العلم الوطني بأحذية الحرس

الملكي . وحربك حربان . حربك حربان.

سرحان ! لا شيء يبقى، و لا شيء يمضي. اغتربت ..

لجأت.. عرفت. و لست شريدا و لست شهيدا

خيامك طارت شراره.

و في الريح متسع

هل قتلت ؟

و يسكت سرحان يشرب قهوته و يضيع و يرسم

خارطة لا حدود لها و يقيس الحقول بأغلاله

هل قتلت

و سرحان لا يتكلم .يرسم صورة قاتله من جديد،

يمزّقها، ثم يقتلها حين تأخذ شكلا أخيرا..

- قتلت ؟

و يكتب سرحان شيئا على كمّ معطفه، ثم تهرب

ذاكرة من ملفّ الجريمة.. تهرب.. تأخذ منقار

طائر .

و تزرع قطرة دم بمرج بن عامر.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: محاولة رقم 7 ، كأني أحبك   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 5:30 pm


محاولة رقم 7

1973




كأني أحبك




لماذا نحاول هذا السفر

و قد جرّدتني من البحر عيناك

و اشتعل الرمل فينا ...

لماذا نحاول؟

و الكلمات التي لم نقلها

تشرّدنا..

و كل البلاد مرايا

و كل المرايا حجر

لماذا نحاول هذا السفر؟

هنا قتلوك

هنا قتلوني.

هنا كنت شاهدة النهر و الملحمه

و لا يسأم النهر

لا يتكلّم

لا يتألم

في كلّ يوم لنا جثّه

و في كلّ يوم لهم أوسمه

هنا وقف النهر ما بيننا

حارسا

يجعل الضفتين

توأمين

بعيدين، كالقرب، عنّا

قريبين، كالبعد، منّا

و لا بد من حارس

آه لا بدّ من حارس بيننا،

كأنّ المياه التي تفصل الضفتين

دم الجسدين

و كنّا هنا ضفتين

و كنّا هنا جسدين

و كلّ البلاد مريا

و كلّ المريا حجر

لماذا نحاول هذا السفر؟


كأنّ الجبال اختفت كلها

و كأنّي أحبّك

كان المطار الفرنسيّ مزدحما

بالبضائع و الناس.

كل البضائع شرعية

ما عدا جسدي

آه .. يا خلف عينيك .. يا بلدي

كنت ملتحما

بالوراء الذي يتقدّم

ضيعت سيفي الدمشقي متهما

بالدفاع عن الطين

ليس لسيفي رأي بأصل الخلافة

فاتهموني ...

علّقوني على البرج

و انصرفوا

لترميم قصر الضيافة ..


كأني أحبّك حقا

فأغمدت ريحا بخاصرتي

كنت أنت الرياح و كنت الجناح

و فتشت عنك السماء البعيده

و قد كنت أستأجر الحلم

- للحلم شكل يقلدها -

و كنت أغنّي سدى

لحصان على شجر .

و في آخر الأرض أرجعني البحر

كلّ البلاد مرايا

و كل المرايا حجر

لماذا نحاول هذا السفر ؟


تكونين أقرب من شفتيّ

و أبعد من قبلة لا تصل

كأنّي أحبّك

كان الرحيل يطاردني في شوارع جسمك

و كان الرحيل يحاصرني في أزقّة جسمك

فأترك صمتي على شفتيك

و أترك صوتي على درج المشنقه

كأنّي أحبّك

كان الرحيل يخبئني في جزائر جسمك

- واسع ضيق هذا المدى -

و الرحيل يخّبئني في فم الزنبقه.

أعيدي صياغة وقتي

لأعرف أين أموت سدى

- مر يوم بلا شهداء -

أعيدي صياغة صوتي

فإن المغني الذي ترسم الفتيات له صورة

صادروا صوته

- مرّ يوم بلا شهداء -

و بين الفراغين أمشي إليك وفيك

و أولد من نطفة لا أراها

و ألعب في جثّتي و القمر


لماذا نحاول هذا السفر ؟

و كل البلاد مرايا

و كل المرايا حجر

لماذا نحاول هذا السفر؟


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 5:32 pm




النزول من الكرمل




ليوم يحدّدني موعدا، قلت للكرمل : الآن أمضي.

و ينشر البحر بين السماء و مدخل جرحي

و أذهب في أفّق ينحني فوقنا، و يصلّي

لنا ،أو يكسّرها. هذه الأرض تشبهنا

حين نأتي إليها. و تشبهنا حين نذهب عنها.

تركت ورائي ملامحها، و اسمها كان يمشي أمامي

يسمي ملامحها و انفجاري. تركت سرير الولاده

تركت ضريحا معدا لأي كلام ..

تركت التي أوجعتها ذراعي. تركت التي أوجعتني يداها.

تفتّش عن عاشق بعد خمس دقائق من هجرتي .


ليوم يحدّدني موعدا، قلت للكرمل: الآن أمضي.

تمرّ الرصاصة فوق جبيني، و تجمعني مثلما تجمع القبلة

الشفتين

و تولد رمّانة في الصخور التي دجّنتني، و تجعلني عاشقين

بعيدا.. بعيدا.

و ينتشر البحر بين السماء و مدخل جرحي


تخيّلت أنك متّكئي

وسئمت العلاقة بين المسامير و الخشبه

وحين ترجلت عن قمّة الرمح و الجرح أمسكت شيئا

فكان حذاء الحرس

يكلمني هابطا هابطا ..


منذ ذاك النهار المبكر أبحث عن موطىء القدمين

و أتبع نهرا، و لا أتبع الموج

هل أسترد زفيري !.


يقاسمني عسكريّ جراحي

و يحرسها كي ينال وساما

و يمنعني من مواصلة الموت، يأخذ نصف جراحي

و يترك نصفا لأمن الأمم.

يهزّ أصابع كفيّ

فتسقط ذكرى،

رصاص قديم،

صنوبرة،

ثمر فاسد،

تهمة،

أسئله

يفتّش كفّي ثانية، فيصادر حيفا التي هرّبت سنبله

و يا أيّها الكرمل،

الآن تقرع أجراس كل الكنائس

و تعلن أنّ مماتي المؤقّت لا ينتهي دائما، أو ينتهي مرّة.

أيّها الكرمل، الآن تأتي إليك العصافير من ورق

كنت لا فرق بين الحصى والعصافير،

و الآن بعث المسيح يؤجّل ثانية

أيّها الكرمل، الآن تبدأ عطلة كل المدارس

و تنشدني الآن فيروز

و الآن نأخذ أنبوبة من حبوب تسيل الدموع ،

فنبكي على جبل طائر

أيّها الكرمل، الآن يجعلني ضابط آخر عرضة للخلود !

بعدنا عن الشجر. البحر فاصلة بيننا

و ها نحن بين الطهارة و الإثم شيئان يلتحمان و ينفصلان

كأن الأحبّة دائرة من طباشير

قابلة للفناء و قابلة للبقاء.

وها نحن نحمل ميلادنا مثلما تحمل المرأة العاقر الحلما

وها أنت مئذنة الله حينا

وقبّعة لجنود المظلاّت حينا

وها أنت يا كرملي كلّما

جرّدتني الحروب من الأرض أعطيتني حلما.

و ها أنا أعلن أن الزمان تغيّر :

كانت صنوبرة تجعل الله أقرب

و كانت صنوبرة تجعل الجرح كوكب

و كانت صنوبرة تنجب الأنبياء

و تجعلني خادما فيهم

أيّها الكرمل المتشعب في كل جسمي

لماذا تحملني كل هذي المسافات

و البحر فاصلة بيننا ؟


أوقفتني فتاة معبّأة بالدوالي

و كانت تغنّي على طرق الشام :

يا ليت دالية واحدة

لم تسافر معي .. فأعود إليها

قبّلتني فتاة لأني لفظت اسم كرملها في مكبرّ صوت،

فجاءت إلى فندقي لتقول "أحبّك"، والتجأت

لاسمه في ذراعي .

- وماذا يقول الجبل ؟

* بكى قصب في الغدير

وكان الغدير مرايا

فلم ينطق الجبل

- وهل رحلوا ؟

* تصببت الريح من جبهتي

فمسحت الرياح كما تمسحين العرق ...

تذكرت أني نهضت صباحا

و كانت شهادة ميلاد أمّي قابلة للنقاش

و كانت أناشيد أهلي العرب

ترتب أمتعة اللاجئين،

و تبني جسور العبور .

و صارت فلسطين أقرب .

فاختلف اللاجئون على موسم القمح و البرتقال.


أوقفتني فتاة معبأة بالدوالي

و كانت تغّي على طرق الشام :

ياليت دالية واحده

لم تسافر معي ... فأعود إليها

و سافرت -

يا أيّها الكرمل، البحر، والعشب، و النار

يا ضخرة الفرح العائمه

و صمّمت جلدي قميصا لأخفي آثار طعنتك النادمه

فأنكرني العسكريّ

و كنت على باب أمي هناك أنادي دمشق

فتسمع نبض دمي في حفيف صنوبرك المبتعد

و تغسلني دجلة الخير حين أموت من الوجد شوقا إلى

أرض بابل .

و ها أنذا الآن

حين دخلت إلى الجامع الأموي تساءل أهل دمشق :

من العاشق المغترب ؟

و كانت مياه الفرات ونافورة النيل تحذف آثار زنزانتي

عن ضلوعي

و حين وقفت على النيل يوما، وشاطيء دجلة يوما

تساءل كل الذين رأوا دهشتي

من السائح المغترب ؟!


تركت الحبيبة - لم أنسها- في غروب الشجر

تطرّز من زبد البحر منديلها و ضمادي

توهمت أنّ السموات أبعد من يدها عن جبيني

و أوهمّتها أن قلبي يصل

و أن يدي تنتقل

إلى جثّة ضائعه


تركت الحبيبة - لم أنسها - عند سفح الجبل

تعير العصافير ألوانها

و كانت يداها ينابيع من كل لون و ما اشتق منه

و لكنني كنت أشعر أن الينابيع كانت معرّضة للجفاف

و أنّ فمي ينتقل

إلى لغة ثانيه


تركت الحبيبة لم أنسها

تركت الحبيبة

تركت ...

أحبّ البلاد التي سأحب

أحب النساء اللواتي أحب

و لكن غصنا من السرو في الكرمل الملتهب

يعادل كل خصور النساء

و كلّ العواصم

أحبّ البحار التي سأحبّ

أحبّ الحقول التي سأحبّ

و لكنّ قطرة ماء على ريش قبرّة في حجارة حيفا

تعادل كل البحار

و تغسلني من ذنوبي التي سوف أرتكب


أدخلوني إلى الجنه الضائعه

سأطلق صرخة ناظم حكمت :

آه ... يا وطني ! ...


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 5:56 pm





الخروج من ساحل المتوسط


-1-


سيل من الأشجار في صدري

أتيت ... أتيت

سيروا في شوارع ساعدي تصلوا.


و غزة لا تصلي حين تشتعل الجراح على مآذنها،

و ينتقل الصباح إلى موانئها، و يكتمل الردى فيها.


أتيت ... أتيت

قلبي صالح للشرب

سيروا في شوارع ساعدي تصلوا.


و غزّة لا تبيع البرتقال لأنه دمها المعلّب

كنت أهرب من أزقّتها ،

و أكتب باسمها موتى على جميزة،

فتصير سيّدة و تحمل بي فتى حرا.

فسبحان التي أسرت بأوردتي إلى يدها ! .


أتيت ... أتيت

غزّة لا تصلّي.

لم أجد أحدا على جرحي سوى فمها الصغير ...

و ساحل المتوسط اخترق الأبد ..


-2-



لا توقفوني عن نزيفي !

ساعة الميلاد قلدت الزّمان، و حاولتني

كنت صعبا - حاولتني

كنت شعبا - حاولتني مرة أخرى ..

أرى صفا من الشهداء يندفعون نحوي،ثم يختبئون في

صدري و يحترقون.


ما فتك الزمان بهم، فليس لجثـّتي حدّ. و لكني

أحسّ كأن كلّ معارك العرب انتهت في جثتي،

و أودّ لو تتمزق الأيام في لحمي و يهجرني الزمان،

فيهدأ الشهداء في صدري و يتفقون .


ما ضاق المكان بهم، فليس لجثتي حدّ، و لكنّ

الخلافة حصّنت سور المدينة بالهزيمة، و الهزيمة

جدّدت عمر الخلافة .

لا توقفوني عن نزيفي

ساعة الميلاد قلدت الزمان و حاولتني

كنت صعبا - حاولتني مرة أخرى

أرى صفا من الشهداء يندفعون نحوي

لا أحد ! ..


-3-



و تقاسمتني هذه الأمم القريبة و البعيدة.

كلّ قاض كان جزّارا

تدرج في النبوءة و الخطيئة

و اختلفنا حين صار الكل في جزء،

زصار الجرح وردتنا جميعا

ابتعدنا ...

إذهب إلى الموت الجميل -

ذهبت .

وحدي كنت

قلتم: نحن ننتظر الجنازة بالأكاليل الكبيرة والطبول ،

و نلتقي في القدس ...

ليت القدس أبعد من توابيتي لأتهم الشهود

و ما عليك ! ذهبت للموت الجميل

و مدينة البترول تحجز مقعدا في جنة الرحمن - قلتم لي .

و طوبى للمموّل و المؤّذن ... والشهيد !


-4-



تعب الرثاء من الضحايا

و الضحايا جمّدت أحزانها

أوّاه ! من يرثي المراثي ؟

لست أدري أيّ قافية تحنّطني، فأصبح صورة في معرض

الكتب القريب .

و لست أدري أيّ إحصائيّة ستضمّني ..

يا أيّها الشعراء.. لا تتكاثروا !

ليست جراحي دفترا.

يا أيّها الزعماء .. لا تتكاثروا !

ليست عظامي منبرا

فدعوا دمي - حبر التفاهم بين أشياء الطبيعة و الإله

و دعوا دمي - لغة التخاطب بين أسوار المدينة و الغزاة.

دمي بريد الأنبياء.


-5-



و أعود من تلقاء نفسي ...

ليت شبّاكي بعيد كي أرى أمي

و ليت القيد أقرب كي أحس النبض في زندي

و ليت البحر أبعد كي أخاف من الصحاري

آه، ليت الشيء عكس الشيء كي تتآكل الأشياء في

نفسي، و تأخذ صيغة الفرح الحقيقي

ابتعدنا و اقتربنا و ابتعدنا

يا أهالي الكهف قوموا واصلبوني من جديد

إنني آت من الموت الذي يأتي غدا

آت من الشجر البعيد

و ذاهب في حاضري - غدكم

أنا قشرت موج البحر زنبقة لغزة ..


-6-



سيل من الأشجار يخرج من ضلوع الصخر - يصقلني

الفناء

و جدول يمتد من صدري عموديّا - وتنحدر السماء

رأيت رأي القلب - ذوبني الضياء

فصرت صوتا، و الحصى صار الصدى

و تنفّس القبر القديم ...

تحرّك الحجر .. استردّ دبيبه منكم

أنا الأحياء و المدن القديمة

حاولوا أن تخلعوا أسماءكم تجدوا يدي .

و حاولوا أن تنزعوا أثوابكم تجدوا دمي .

أو حاولوا أن تحرقوا هذي الخرائط تبصروا جسدي -

أنا الأحياء و الوطن الذي كتبوه في تاريخكم ..

من جثتي بدأ الغزاة ،الأنبياء ،اللاجئون -

و الآن يختتمون سيرتهم لأبدأ من جديد.


-7-



تتحرّك الأحجار.

هذا ساعدي متمايل كالرعب

ليس الرّب من سكان هذا القفر

هذا ساعدي .

تتحرّك الأحجار .

ما سرقوا عصا موسى

و إنّ البحر أبعد من يدي عنكم

إذن، تتحرّك الأحجار

إن طلعوا و إن ركعوا، و إن مرّوا و إن فرّوا -

أنا الحجر

أنا الحجر الذي مسّته زلزلة.

رأيت الأنبياء يؤجّرون صليبهم

و استأجرتني آية الكرسيّ دهرا، ثم صرت بطاقة للتهنئات

تغيّر الشهداء و الدنيا

وهذا ساعدي.

تتحرك الأحجار

فالتّفوا على أسطورة

لن تفهموني دون معجزة

لأن لغاتكم مفهومة

إن الوضوح جريمة.

و غموض موتاكم هو الحق - الحقيقة .

آه، لا تتحرك الأحجار إلأّ حين لا يتحرك الأحياء

فالتفوا على أسطورتي !


-8-



لن تفهموني

تخرج العذراء من ضلعي

تكون مشيئتي

وأصاب بالأمطار والبرق الذي أدمنته

لن تفهموني

ناهضا من قبركم

و الأرض للشهداء -

أنهيت المغامرة الأخيرة وابتدأت :

هنا الخروج. هنا الدخول

هنا الذهاب. هنا الإياب

و لا مكان هنا

أنا الزمن الذي لن تفهموني خارج الزمن الذي ألقى

بكم في الكهف -

هذي ساعتي :

ينشق قبر ثم أنهض صارخا :

لا توقفوني عن نزيفي

لحظة الميلاد تسكنني من الأزل، استريحوا في جراحي -

ها هو الوطن الذي يتجدّد.

الوطن الذي يتمجّد.

اقتربوا من الأشجار و ابتدئوا معي !


-9-



في غزة اختلف الزمان مع المكان

وباعة الأسماك باعوا فرصة الأمل الوحيد ليغسلوا

قدميّ

أين المجدليه ؟

ذات أصابعها مع الصابون

وانهمرت كتابات كتابات

و كان الجند ينتصرون ينتصرون

كانوا يقرأون صلاتها

و يفتّشون أظافر القدمين و الكفين عن فرح فدائيّ،

و كانوا يلحقون حياتها

بدموع هاجر. كانت الصحراء جالسة على جلدي.

و أول دمعة في الأرض كانت دمعة عربية.

هل تذكرون دموع هاجر - أوّل امرأة بكت في

هجرة لا تنتهي ؟

يا هاجر، احتفلي بهجرتي الجديدة من ضلوع القبر

حتى الكون أنهض

يسكن الشهداء أضلاعي الطليقة

ثم أمتشق القبور و ساحل المتوسط

احتفلي بهجرتي الجديده


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 6:51 pm




النهر غريب وأنت حبيبي



الغريب النهر - قالت

و استعدّت للغناء .

لم نحاول لغة الحبّ، و لم نذهب إلى النهر سدى

و أتاني الليل من مناديلها

لم يأت ليل مثل هذا الليل من قبل فقدمت دمي للأنبياء

ليموتوا بدلا منا ..

و نبقى ساعة فوق رصيف الغرباء

و استعدت للغناء .


وحدنا في لحظة العشّاق

أزهار على الماء

و أقدام على الماء

إلى أين سنذهب ؟

للغزال الريح و الرمح. أنا السكّين و الجرح.

إلى أين سنذهب ؟

ها هي الحريّة الحسناء في شرياني المقطوع،

عيناك و بلدان على النافذة الصغرى

و يا عصفورة النار ،إلى أين سنذهب ؟

للغزال الريح و الرمح ،

و للشاعر يأتي زمن أعلى من الماء، و أدنى من حبال

الشّنق.

يا عصفورة المنفى ! إلى أين سنذهب ؟

لم أودعك. فقد ودعت سطح الكرة الأرضيّة الآن ..

معي أنت لقاء دائم بين وداع ووداع .

ها أنا أشهد أن الحب مثل الموت

يأتي حين لا ننتظر الحبّ،

فلا تنتظريني ...

الغريب النهر - قالت

و استعدت للسفر،

الجهات الكل لا تعرف عن" جانا"

سوى أن المطر

لم يبللها.

و لا تعرف عنها

غير أني قد تغيّرت تغيرّت

تصببت بروقا و شجر

و أسرت السندباد

و الغريب النهر- قالت

ها هو الشيء الذي نسكت

قد صار بلاد

ها هي الأرض التي نسكن

قد صارت سفر

و الغريب النهر - قالت

و استعدّت للسفر .


وحدنا لا ندخل الليل

لماذا يتمنّى جسمك الشّعر

وزهر اللوتس الأبعد من قبري

لماذا تحلمين

بمزيد من عيون الشهداء ؟

اقتربي مني يزيدوا واحدا

"خبزي كفاف البرهة الأولى " ..

و أمضي نحو وقتي و صليب الآخرين.

وحدنا لا ندخل الليل سدى،

يا أيّها الجسم الذي يختصر الأرض،

و يا أيتها الأرض التي تأخذ شكل الجسد الروحي

كوني لأكون .

حاولي أن ترسميني قمرا

ينحدر الليل إلى الغابات خيلا

حاولي أن ترسميني حجرا

تمضي المسافات إلى بيتي خيلا

فلماذا تحملين

بمزيد من وجوه الشهداء،

ابتعدي عني يصيروا أمّة في واحد ...

هل تحرقين الريح في خاصرتي ؟

أم تمتشقين الشمس ؟

أم تنتحرين ؟

علّمتني هذه الدنيا لغات و بلادا غير ما ترسمه عيناك .

لا أفهم شيئا منك . لا أفهمني جانا ،

فلا تنتظريني ! ..


الغريب النهر - قالت

و استعدّت للبكاء.

لم تكن أجمل من خادمة المقهى

و لا أقرب من أمّي

و لكنّ المساء

كان قطا بين كفّيها

و كان الأفق الواسع يأتي من زجاج النافذه

لاجئا في ظلّ عينيها

و كان الغرباء

يملأون الظلّ

لن أمضي إلى النهر سدى.

إذهبي في الحلم يا جانا !

بكت جانا

و كان الوقت يرميني على ساعة ماء

إذهبي في الوقت يا جانا !

بكت جانا

و كان الحلم ذرات هواء

إذهبي في الفرح الأول يا جانا !

بكت جانا

و كان الجرح ورد الشهداء .


آه، جانا

لم تكوني مدني

أو وطني

أو زمني

كي أوقف النهر الذي يجرفني

فلماذا تدخلين الآن جسمي

لتصيري النهر أو سيّدة النهر

لماذا تخرجين الآن من جسمي

و من أجلك جدّدت الإقامة

فوق هذي الأرض .. جدّدت الإقامه

إذهبي في الحلم يا جانا !

بكت جانا

و صار النهر زنّارا على خاصرتي

و اختفى شكل السماء ...



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 6:53 pm




تأملات في لوحة غائبة




كأني على موعد دائم معها

ها هي الأرض تكمل دورتها

ها هو الوقت يثمر تفاحة

نلتقي ؟

لم أجد غيرها امرأة ذاهبة

لم أجد غيرها خنجرا قادما.

كأنّ خطاها مفاجأة الموت

تأتي مفاجئة

و كأني على موعد دائم معها

تأخرت ..

أسرعت ..

إن فراغك ممتليء قمرا

أحبّك، أم أتنفّس ؟

أنتظر الشفتين، أم الصاعقة ؟

لجسمك صوت يذكرني بالولادة

حين أموت

( و من عادتي أن أموت كثيرا )

تأخرت .

أسرعت ..

كالصاعقه !


... وأكتب عنك بلادا

و يحتلها الآخرون

و أرسم فيك جوادا

و يسرقه الآخرون

و أكتب

أرسم ..

كانت ذراعاك فاتحة الحزن و الزهر

كنت أعود إلى الأرض

كنت

أصاهر في كفّك الحجرا

و كان فراغك ممتلئا قمرا


كأني على موعد دائم معها

ها هي الأرض تكمل دورتها

ها هو الوقت يثمر تفاحة.

و للوقت كفّ تداعبني

مرة،

و تقتلني

مرة،

أيّها الوقت كن يدها كي أراك

أيّها

الوقت

كن

يدها

كي أراها ..


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 12:39 am



بين حلمي وبين اسمه

كان موتي بطيئا




باسمها أتراجع عن حلمها. ووصلت أخيرا إلى

الحلم. كان الخريف قريبا من العشب. ضاع

اسمها بيننا.. فالتقينا

لم أسجل تفاصيل هذا اللقاء السريع. أحاول شرح

القصيدة كي أفهم الآن ذاك اللقاء السريع.

هي الشيء أو ضدّه، و انفجارات روحي

هي الماء و النار، كنا على البحر نمشي .

هي الفرق بيني ... و بيني .

و أنا حامل الإسم أو شاعر الحلم. كان اللقاء سريعا .

أنا الفرق بين الأصابع و الكفّ .كان الربيع

قصيرا. أنا الفرق بين الغصون و بين الشجر.

كنت أحلمها، واسمها يتضاءل. كانت تسمى

خلايا دمي. كنت أحلمها

و التقينا أخيرا .

أحاول شرح القصيدة كي أفهم الآن ماذا حدث


- يحمل الحلم سيفا و يقتل شاعرة حين يبلغه -

هكذا أخبرتني المدينة حين غفوت على ركبتيها

لم أكن حاضرا

لم أكن غائبا

كنت بين الحضور و بين الغياب

حجرا.. أو سحابة

- تشبهين الكآبة

قلت لها باختصار شديد

تشبهين الكآبة

و لكنّ صدرك صار مظاهرة العائدين من الموت ..

ماكنت جنديّ هذا المكان

و ثوريَّ هذا الزمان

لأحمل لافته، أو عصا، في الشوارع.

كان لقائي قصيرا

و كان وداعي سريعا.

و كانت تصير إلي امرأة عاطفية

فالتحمت بها

و حلمت بها

و صارت تفاصيلها ورقا في الخريف

فلملمها عسكريُّ المرور.

ورتبها في ملف الحكومة

و في المتحف الوطني

- تشبهين المدينة حين أكون غريبا

قلت لها باختصار شديد

- تشبهين المدينة.

هل رآك الجنود على حافة الأرض

هل هربوا منك

أم رجموك بقنبلة يدوية؟


قالت المرأة العاطفيّة:

كلّ شيء يلامس جسمي

يتحوّل

أو يتشكل

حتى الحجارة تغدو عصافير.

قلت لها باكيا :

و لماذا أنا

أتشرّد

أو أتبدّد

بين الرياح و بين الشعوب ؟

فأجابت :

في الخريف تعود العصافير من حالة البحر

- هذا هو الوقت

- لا وقت

و ابتدأت أغنية:

في الخريف تعود العصافير من حالة البحر

هذا هو الوقت، لا وقت للوقت

هذا هو الوقت

- ماذا تكون البقية؟

- شبه دائرة أنت تكملها

- أذهب الآن؟

- لا تذهب الآن. إن الرياح على خطأ دائما.

و المدينة أقرب.

- المدينة أقرب !! أنت المدينة

- لست مدينه

أنا امرأة عاطفية

هكذا قلت قبل قليل

و اكتشفت الدليل

و أنت البقيه

- آه، كنت الضحيّه

فكيف أكون الدليل؟

و كنت أعانقها. كنت أسألها نازفا:

أأنت بعيده ؟

- على بعد حلم من الآن

و الحلم يحمل سيفا. و يقتل شاعره حين يبلغه

- كيف أكمل أغنيتي

و التفاصيل ضاعت. و ضاع الدليل؟

- انتهت صورتي

فابتدىء من ضياعك.


أموت - أحبّك

إن ثلاثة أشياء لا تنتهي :

أنت، و الحبّ ،و الموت

قبّلت خنجرك الحلو

ثم احتميت بكفّيك

أن تقتليني

و أن توقفيني عن الموت

هو هو الحب.

إنّي أحبك حين أموت

و حين أحبّك

أشعر أني أموت

فكوني امرأه

و كوني مدينه !

و لكن، لماذا سقطت، لماذا احترقت

بلا سبب ؟

و لماذا ترهّلت في خيمة بدويّه ؟

- لأنك كنت تمارس موتا بدون شهيّه

و أضافت. كأن القدر

يتكسّر في صوتها :

هل رأيت المدينة تذهب

أم كنت أنت الذي يتدحرج من شرفة الله

قافلة من سبايا ؟

هل رأيت المدينة تهرب

أم كنت أنت الذي يحتمي بالزوايا !

المدينة لا تسقط ،الناس تسقط !

ورويدا ..رويدا تفتت وجه المدينه

لم نحوّل حصاها إلى لغة

لم نسجل شوارعها

لم ندافع عن الباب

لم ينضج الموت فينا

كانت الذكريات مقرا لحكام ثورتها السابقة

و مرّ ثلاثون عاما

و ألف خريف

و خمس حروب

و جئت المدينة منهزما من جديد

كان سور المدينة يشبهني

و قلت لها :

سأحاول حبّك ..

لا أذكر الآن شكل المدينة

لا أذكر اسمي

ينادونني حسب الطقس و الأمزجه

لقد سقط اسمي بين تفاصيل تلك المدينة

لملمه عسكري المرور

و رتبه في ملف الحكومة

- تشبهين الهويّة حين أكون غريبا

تشبهين الهويّة .

- ليس قلبي قرنفلة

ليس جسمي حقلا

- ما تكونين ؟

هل أنت أحلى النساء و أحلى المدن -

للذي يتناسل فوق السفن

و أضافت :

بين شوك الجبال و بين أماسي الهزائم

كان مخاضي عسيرا

- و هل عذبوك لأجلي؟

- عذّبوك لأجلي

هل عرفت الندم؟

-النساء - المدن

قادرات على الحبّ، هل أنت قادر ؟

- أحاول حبّك

لكنّ كل السلاسل

تلتف حول ذراعيّ حين أحاول ....

هل تخونينني ؟

- حين تأتي إلّي

- هل تموتين قبلي؟

سألتك: موتي !

- أيجديك موتي؟

- أصير طليقا

لأن نوافذ حبّي عبودّية

و المقابر ليست تثير اهتمام أحد

و حين تموتين

أكمل موتي

بين حلمي و بين اسمه

كان موتي بطيئا بطيئا


أموت - أحبّك

إنّ ثلاثة أشياء لا تنتهي

أنت، و الحبّ، و الموت

أن تقتليني

و أن توقفيني عن الموت .

هذا هو الحبّ

... و انتهت رحلتي فابتدأت

و هذا هو الوقت : ألأّ يكون لشكلك وقت.

لم تكوني مدينه

الشوارع كانت قبل

و كان الحوار نزيفا

و كان الجبل

عسكريا. و كان الصنوبر خنجر.

و لا امرأة كنت

كانت ذراعاك نهرين من جثث و سنابل

و كان جبينك بيدر

و عيناك نار القبائل

و كنت أنا من مواليد عام الخروج

و نسل السلاسل.


يحلم الحلم سيفا، و يقتل شاعره حين يبلغه -

هكذا أخبرتني المدينة حين غفوت على ركبتيها

لم أكن غائبا

لم أكن حاضرا

كنت مختفيا بالقصيده،

إذا انفجرت من دمائي قصيده

تصير المدينة وردا،

كنت أمتشق الحلم من ضلعها

و أحارب نفسي

كنت أعلن يأسي

على صدرها، فتصير امرأه

كنت أعلن حبي

على صدرها، فتصير مدينه .

كنت أعلن أن رحيلي قريب

و أنّ الرياح و أنّ الشعوب

تتعاطى جراحي حبوبا لمنع الحروب.


بين حلمي و بين اسمه

كان موتي بطيئا

باسمها أتراجع عن حلمها. ووصلت

كان الخريف قريبا من العشب .

ضاع اسمها بيننا.. فالتقينا.

لم أسجّل تفاصيل هذا اللقاء السريع

أحاول شرح القصيده

لأغلق دائرة الجرح و الزنبقه

و أفتح جسر العلاقة بين الولادة و المشنقه

أحاول شرح القصيده

لأفهم ذاك اللقاء السريع

أحاول

أحاول .. أحاول !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16395
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 12:43 am




طوبى لشيء لم يصل




هذا هو العرس الذي لا ينتهي

في ساحة لا تنتهي

في ليلة لا تنتهي ..

هذا هو العرس الفلسطينيّ

لا يصل الحبيب إلى الحبيب

إلاّ شهيدا أو شريدا


دمهم أمامي ..

يسكن اليوم المجاور -

صار جسمي وردة في موتهم ..

و ذبلت في اليوم الذي سبق الرصاصة

و ازدهرت غداة أكملت الرصاصة جثّتي

و جمعت صوتي كلّه لأكون أهدأ من دم

غطّى دمي ..


دمهم أمامي

يسكن المدن التي اقتربت

كأنّ جراحهم سفن الرجوع

ووحدهم لا يرجعون ...

دمهم أمامي ..

لا أراه

كأنه وطني

أمامي.. لا أراه

كأنه طرقات يافا -

لا أراه

كأنه قرميد حيفا -

لا أراه

كأنّ كل نوافذ الوطن اختفت في اللحم

وحدهم يرون

و حاسّة الدم أينعت فيهم

و قادتهم إلى عشرين عاما ضائعا

و الآن ،تأخذ شكلها الآتي

حبيبتهم ..

و ترجعهم إلى شريانها .


دمهم أمامي ..

لا أراه

كأنّ كل شوارع الوطن اختفت في اللحم

وحدهم يرون

لأنهم يتحررون الآن من جلد الهزيمة

و المرايا

ها هم يتطايرون على سطوحهم القديمة

كالسنونو و الشظايا

ها هم يتحررون ..


طوبى لشيء غامض

طوبى لشيء لم يصل

فكّوا طلاسمه و مزقهم

فأرّخت البداية من خطاهم

( ها هي الأشجار تزهر

في قيودي )

و انتميت إلى رؤاهم

( ها هي الميناء تظهر.

في حدودي )

و الحلم أصدق دائما، لا فرق بين الحلم

و الوطن المرابط خلفه ...

الحلم أصدق دائما. لا فرق بين الحلم

و الجسد المخبّأ في شظيه

و الحلم أكثر واقعيّة


السفح أكبر من سواعدهم

و لكن ..

حاولوا أن يصعدوا

و البحر أبعد من مراحلهم

و لكن ..

حاولوا أن يعبروا

و النجم أقرب من منازلهم

و لكن ..

حاولوا أن يفرحوا

و الأرض أضيق من تصورهم

ولكن..

حاولوا أن يحملوا

طوبى لشيء غامض

طوبى لشيء لم يصل

فكوا طلاسمه و مزقهم

فأرخت البداية من خطاهم

و انتميت إلى رؤاهم

آه.. يا أشياء ! كوني مبهمه

لنكون أوضح منك

أفلست الحواس و أصبحت قيدا على أحلامنا

و على حدود القدس ،

أفلست الحواسّ ،و حاسّة الدم أينعت فيهم

و قادتهم إلى الوجه البعيد

هربت حبيبتهم إلى أسوارها و غزاتها

فتمرّدوا

و توحدوا

في رمشها المسروق من أجفانهم

و تسلّقوا جدران هذا العصر

دقوا حائط المنفى

أقاموا من سلاسلهم سلالم

ليقبّلوا أقدامها

فاكتظ شعب في أصابعهم خواتم

هذا هو العرس الذي لا ينتهي

في ساحة لا تنتهي

هذا هو العرس الفلسطيني

لا يصل الحبيب إلى الحبيب

إلا شهيدا..أو شريدا


- من أي عام جاء هذا الحزن؟

- من سنة فلسطينية لا تنتهي

و تشابهت كل الشهور، تشابه الموتى

و ما حملوا خرائط أو رسوما أو أغاني للوطن

حملوا مقابرهم ..

و ساروا في مهمتهم

وسرنا في جنازتهم

و كان العالم العربي أضيف من توابيت الرجوع


أنراك يا وطني

لأن عيونهم رسمتك رؤيا.. لا قضيه !

أنراك يا وطني

لأن صدورهم مأوى عصافير الجليل و ماء وجه المجدليه !

أنراك يا وطني

لأن أصابع الشهداء تحملنا إلى صفد

صلاة ..أو هويّة

ماذا تريد الآن منّا

ماذا تريد ؟

خذهم بلا أجر

ووزّعهم على بيارة جاعت

لعل الخضرة انقرضت هناك ..


الشيء.. أم هم ؟

إن جثة حارس صمام هاوية التردي

(هكذا صار الشعار، و هكذا قالوا )

و مرحلة بأكملها أفاقت - ذات حلم -

من تدحرجها على بطن الهزيمة ،( هكذا ماتوا )

و هذا الشيء.. هذا الشيء بين البحر

و المدن اللقيطة ساحل لم يتسع إلا لموتانا

و مروا فيه كالغرباء ( ننساهم على مهل )

و هذا الشيء.. هذا الشيء بين البحر

و المدن اللقيطة حارس تعبت يداه من الإشاره

لم يصل أحد ومروا من يديه الآن

فاتسعت يداه

كلّ شيء ينتهي من أجل هذا العرس ..

مرحلة بأكملها أفاقت - ذات موت -

من تدحرجها على بطن الهزيمة ..


الشيء.. أم هم ؟

يدخلون الآن في ذرات بعضهم،

يصير الشيء أجسادا،

و هم يتناثرون الآن بين البحر و المدن

اللقيطة

ساحلا

أو برتقالا -

كلّ شيء ينتهي من أجل هذا العرس ..

مرحلة بأكملها .. زمان ينتهي

هذا هو العرس الفلسطينيّ

لا يصل الحبيب إلى الحبيب

إلأّ شهيدا أو شريدا .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
موسوعة الشاعر محمود درويش
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 3 من اصل 11انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4 ... 9, 10, 11  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» موسوعة الشاعر/أحمد بلحاج آية وارهام
» موسوعة الشاعر بشارة الخوري **الاخطل الصغير**
» موسوعة الشاعر / خليل مطران
» موسوعة الشاعر نزار قباني
» موسوعة الشاعرة نازك الملائكة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الكلمـــــة الحـــــرّة :: منتدى الكتب و المخطوطات-
انتقل الى: