الكلمـــــة الحـــــرّة
الكلمـــــة الحـــــرّة
الكلمـــــة الحـــــرّة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الكلمـــــة الحـــــرّة

منتدى ثقافي عام
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 موسوعة الشاعر محمود درويش

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5 ... 9, 10, 11  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 12:47 am




موت آخر و أحبك



-1-



أجدّد يوما مضى، لأحبّك يوما.. و أمضي

و ما كان حبا

لأن ذراعيّ أقصر من جبل لا أراه

و أكمل هذا العناق البدائيّ، أصعد هذا الإله

الصغير ..

و ما كان يوما

لأن فراش الحقول البعيدة ساعة حائط

و أكمل هذا الرحيل البدائيّ. أصعد هذا الإله

الصغير

و ما كنت سيدة الأرض يوما

لأن الحروب تلامس خصرك سرب حمام

و تنتشرين على موته أفقا من سلام

يسد طريقي إلى شفتيك، فأصعد هذا الإله

الصغير

و ما كنت ألعب في الرمل لهوا

لأن الرذاذ يكسرني حين تعلن عيناك

أن الدروب إلى شهداء المدينة مقفرة من يديك

فأصعد هذا الإله الصغير

و ما كان حبا

و ما كان يوما

و ما كنتُ

و ما كنتِ

إني أجدد يوما مضى

لأحبك يوما

و أمضي ..


-2-



سألتك أن ترتديني خريفا و نهرا

سألتك أن تعبري النهر وحدي

و تنتشري في الحقول معا

سألتك ألا أكون و ألا تكوني

سألتك أن ترتديني

خريفا

لأذبل فيك، و ننمو معا .

سألتك ألا أكون و ألا تكوني

سألتك أن ترتديني

نهرا

لأفقد ذاكرتي في الخريف

و نمشي معا .


و في كل شيء نكون

يوحدّنا ما يشتّتنا

ليس هذا هو الحبّ

في كل شيء نكون

يجددنا ما يفتّتنا

ليس هذا هو الحبّ -

هذا أنا..

أجيئك منك، فكيف أحبك ؟

كيف تكونين دهشة عمري ؟

و أعرف :

أن النساء تخون جميع المحبين الاّ المرايا

و أعرف :

أن التراب يخون جميع المحبين إلاّ البقايا

أجيئك منك انتظارا

و أغرق فيك انتحارا

أجيئك منك انفجارا

و أسقط فيك شظايا ..

و كيف أقول أحبك ؟

كيف تحاول خمس حواسّ مقابلة المعجزه

و عيناك معجزتان ؟

تكونين نائمة حين يخطفني الموج

عند نهاية صدرك يبتدئ البحر

ينقسم الكون هذا المساء إلى اثنين :

أنت و مركبة الأرض.

من أين أجمع صوت الجهات لأصرخ :

إني أحبك


-3-



تكونين حريتي بعد موت جديد

أحبّ

أجدّد موتي

أودّع هذا الزمان و أصعد

عيناك نافذتان على حلم لا يجيء

و في كل حلم أرمّم حلما و أحلم

قالت مريّا : سأهديك غرفة نومي

فقلت: سأهديك زنزانتي يا ماريّا

- لماذا أحبك؟

* من أجل طفل يؤجل هجرتنا يا ماريا

- سأهديك خاتم عرسي

* سأهديك قيدي و أمسي

- لماذا تحارب؟

* من أجل يوم بلا أنبياء

تكونين جندية، تغلقين طريقي، تقولين : ما اسمك ؟

أعلن أني أمشط موج البحار بأغنيتي ودمي

كي تكوني مريّا .

- إلى أين تذهب ؟

أذهب في أول السطر، لا شيء يكتمل الآن

- هل يلعب الشهداء بأضلاعهم كي تعود مريّا ؟

* تعود. و هم لا يعودون

- هل كنت فيهم

* وعدت لأني نصف شهيد

لأني رأيت مريا

- سأهديك غرفة نومي

* سأهديك زنزانتي يا مريّا .


-4-



غربيان

إن القبائل تحت ثيابي تهاجر

و الطفل يملأ ثنية ركبتك

الآن أعلن أن ثيابك ليست كفن


غريبان

إن الجبال الجبال الجبال..


غريبان

ما بين يومين يولد يوم جديد لنا

قلنا : وطن

غريبان

إن الرمال الرمال الرمال...

غريبان

و الأرض تعلن زينتها

-أنت زينتها-

و السماء تهاجر تحت يدين


غريبان

إن الشمال الشمال الشمال ...

غريبان

شعرك سقفي، و كفاك صوتان

أقبّل صوتا

و أسمع صوتا

و حبك سيفي

و عيناك نهران

و الآن أشهد أن حضورك موت

و أن غيابك موتان

و الآن أمشي على خنجر و أغني

فقد عرف الموت أني

أحبك، أني

أجدد يوما مضى

لأحبك يوما

و أمضي ..


-5-



سمعت دمي، فاستمعت إليك

و لم تصلي بعد

كان البنفسج لون الرحيل

و كنت أميل مع الشمس -

يا أيّها الممكن المستحيل

و كانت ظلال النخيل تغطي خطانا التي تتكون

منذ الصباح و أمس .

و كنا نميل مع الشمس .

كنت القتيل الذي لا يعود

نسيت الجنازة خلف حدود يديك

سمعت دمي، فاستمعت إليك ..

إلى أين أذهب ؟

ليست مفاتيح بيتي معي

ليس بيتي أمامي

و ليس الوراء ورائي

و ليس الأمام أمامي

إلى أين أذهب ؟

إن دمائي تطاردني، والحروب تحاربني، و الجهات

تفتشني عن جهاتي

فأذهب في جهة لا تكون

كأنّ يديك على جبهتي لحظتان

أدور أدور

و لا تذهبان

أسير أسير

و لا تأتيان

كأن يديك أبد

آه، من زمن في جسد !


يعرف الموت أني أحبّك

يعرف وقتي

فيحمل صوتي

و يأتيك مثل سعاة البريد

و مثل جباه الضرائب

يفتح نافذة لا تطل على شجر

(قد ذهبت و لم أعترف ).

يعرف الموت أني أحبك..

يستجوب القبلة النصف..

تستقبلين اعترافي..

و تبكين زنبقة ذبلت في الرسالة

ثم تنامين وحدك وحدك وحدك

يشهق موت بعيد

و يبقى بعيد


إلى أين أذهب ؟

إن الجداول باقية في عروقي

و إن السنابل تنضج تحت ثيابي

و إنّ المنازل مهجورة في تجاعيد كفي

و إن السلاسل تلتفّ حول دمي

و ليس الأمام أمامي

و ليس الوراء ورائي

كأن يديك المكان الوحيد

كأن يديك بلد

آه من وطن في جسد !


-6-



وصلت إلى الوقت مبتعدا

لم يكن بلدا

كي أقول وصلت

و ما كان - حين وصلت - سدى

كي أقول تعبت

و ما كان وقتا لأمضي إليه ..

وصلت إلى الوقت مبتعدا

لم أجد أحدا

غير صورتها في إطار من الماء

مثل جبيني الذي ضاع بيني

و بين رؤاي سدى !


سمعت دمي

فاستمعت إليك

مشيت

لأمشي إليك


و كانت عصافير ملء الهواء

تسير ورائي

و تأكلني - كنت سنبلة -

كنت أحمل ضلعا و أسأل أين بقيته

آخر الشهداء

يحاول ثانية

كيف أحمل نهرا بقبضة كفي

و أحمل سيفي

و لا يسقطان

أنا آخر الشهداء

أسجل أنك قديسة في الزمان، وضائعة

في المكان

أريد بقية ضلعي

أريد بقية ضلعي

أريد بقية ضلعي


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 12:49 am




عودة الأسير


النيل ينسى

و العائدون إليك منذ الفجر لم يصلوا

هناك حمامتان بعيدتان

ورحلة أخرى

و موت يشتهي الأسرى

و ذاكرتي قويّة .

و الآن، ألفظ قبل روحي

كلّ أرقام النخيل

و كل أسماء الشوارع و الأزقّة سابقا أو لاحقا

و جميع من ماتوا بداء الحب و البلهارسيا و البندقيّه


ما دلني أحد عليك

و أنت مصر

قد عانقتني نخلة

فتزوّجتني

شكّلتني

أنجبتني الحبّ و الوطن المعذب و الهويّه .

ما دلني أحد عليك

وجدت مقبرة.. فنمت

سمعت أصواتا .. فقمت

ورأيت حربا .. فاندفعت

وما عرفت الابجديّه.


قالوا : اعترف

قلت : اعترفت

يا مصر ! لا كسرى سباك ولا الفراعنة

اصطفوك أميرة أو سيدة !

قالوا: اعترف

قلت : اعترفت

و توازت الكلمات و العضلات

كانوا يقلعون أظافري

و يقشّرون أناملي

و يبعثرون مفاصلي

و يفتّشون اللحم عن أسرار مصر ..

و تدفّقت مصر البعيدة من جراحي

فاقتربت

و رأيت مصر

و عرفت مصر .

ما دلّني أحد، خناجرهم تفتّشني فيخرج شكل مصر

يا مصر! لست خريطة

قالوا: اعترف

قلت: اعترفت

واصلت يا مصر اعترافاتي

دمي غطّى وجوه الفاتحين

و لم يغطّ دمي جبينك، و اعترفت

و حائط الإعدام يحملني إليك إليك ...

أنت الآن تقتربين. أنت الآن تعترفين

فامتشقي دمي !.


و النيل ينسى

ليس من عادته أن يرجع الغرقى

و آلاف العرائس من تقاضى أجرها ؟

النيل ينسى.

و القرى رفعت مآذنها و شكواها

و أخفت صدرها في الطين ..

و المدن - الجنود الغائبون - الاتحاد الاشتراكيّ - المغني

راقصات البطن - و السياح - و الفقراء

سبحان الذي يعطي و يأخذ !

ليس من عادات هذا النيل أن يصغي إلى أحد

كأن النيل تمثال من الماء استراح إلى الأبد .


ماذا يقول النيل

لو نطقت مياه النيل ؟

يسكت مرّة أخرى

و ينساني ...

لتسكت جوقة الإنشاد حول جنازتي !

و خذي عن الجثمان أعلام الوطن

يا مصر! تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر

غطّى حفنة من رمل سيناء التي ابتعدت عن العينين

و التجأت إلى الرئتين

و امتشقي دمي

و خذي عن الجثمان أعلام الوطن

سيناء ليس لها كفن !

و النيل ينسى

ماذا يقول النيل، لو نطقت مياه النيل ؟

يسكت مرّة أخرى

و لا يستقبل الأسرى .

ليسكت ههنا الشعراء و الخطباء

و الشرطي و الصحفيّ

إنّ جنازتي وصلت

و هذي فرصتي يا مصر.. أعطيني الأمان

يا مصر! أعطيني الأمان

لأموت ثانية ..شهيدا لا أسير

السدّ عال شامخ، و أنا قصير

و المنشآت كبيرة، و أنا صغير

و الأغنيات طليقة، و أنا أسير

يا مصر! أعطيني الأمان

إني حرستك. كانت الأشياء آمرة و آمنة و كان المطرب

الرسمي يصنع من نسيج جلودنا وتر الكمان

و يطرب المتفرّجين

قد زيفوا يا مصر حنجرتي

و قامة نخلتي

و النيل ينسى

و العائدون إليك منذ الفجر لم يصلوا

و لست أقول يا مصر الوداع

شبت خيول الفاتحين

زرعوا على فمك الكروم، فأينعت

قد طاردوك - و أنت مصر

و عذبوك - و أنت مصر

و حاصروك - و أنت مصر

هل أنت يا مصر ؟

هل أنت.. مصر !.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 12:52 am




الرمادي




الرماديّ اعتراف، و السماء الآن ترتدّ عن الشارع

و البحر، و لا تدخل في شيء، و لا تخرج من

شيء... و لا تعترفين


ساعتي تسقط في الماء الرماديّ . فلم أذهب إلى موعدك

الساطع. يأتي زمن آخر إذ تنتحرين .

و أسمي حادثا يحدث في أيّامنا :

قد ذهب العمر، و لم أذهب مع العمر إلى هذا المساء

وسأبقى في انتظارك .

و أسمي حادثا يحدث في أيامهم :

عندما أمشي إلى النهر البعيد

يقف النهر طويلا في انتظاري.

و أتابع :

عنما أرجع في منتصف الموت، يجف النهر في ذاكرتي

يذيل ما بين الأصابع،

فلماذا تقفين ؟

و لماذا تقفين؟

و تكونين أمام الطعنه الأولى. أمام الخطوة الأولى ....

و لا تعترفين .

و الرمادي اعتراف. من رآني قد رأى وجهك وردا

في الرماد.

من رآني أخرج الخنجر من أضلاعه أو خبّأ الخنجر

في أضلاعه

حيث تكونين دمي يمطر ، أو يصعد في أيّ اتجاه

كالنباتات البدائية.

كوني حائطي

كي أبلغ الأفق الرماديّ

و كي أجرح لون المرحلة

من رآني ضاع مني

في ثبات القتله !

الرماديّ اعتراف و شبابيك. نساء و صعاليك

و الرماديّ هو البحر الذي دخّن حلمي زبدا

و الرماديّ هو الشّعرالذي أجر جرحي بلدا

الرمادي هو البحر

هو الشعر

هو الزهر

هو الطير

هو الليل

هو الفجر

الرماديّ هو السائر و القادم

و حلم الذي قرره الشاعر و الحاكم

منذ اتحدا !.

لست أعمى لأرى

لست أعمى.. لأرى .

إنّني أعبر بين الجثتين القمّتين

كالنباتات البدائية

كونى حائطي كي أعبرا .

لست أعمى ..لأرى .

تزحف الصحراء. تلتف على خاصرتي. تمتد تمتد،

و تلتف على صدري، وتشتدّ و تشتدّ، و لا أغرق ..

لا أغرق.. لا أغرق

لا ! .

ليس لي خلف جبال الرمل آبار من النفط، و لا صفصافة

مستشرقه .

كان لي سورة "اقرأ" و قرأت ...

كان لي بذرة قمح في يد محترقه

و احترقت .

و لي الآن شتاء من دم يمتصه الرمل، و يستخرج

مازوتا. و أستدعى إلى الحربق لكي يصبح سعر

النفط أعلى .

قلت : كلا !

و الرماديّ اعتراف مثل جدران جدران الزنازين التي تكثر بعد

الحرب .لا. لم يبك جندي على تاج. و استدعى

إلى الحرب لكي يصبح لون التاج أغلى .

لست أعمى ..لأرى .

هل تركت الباب مفتوحا ؟

تعودين بلا جدوى ..

ينام الحلم الكاذب في المخفر. يدلي باعترافات

يمرّ الحلم الهارب من قبّعة السجان يدلي

باعترافات على مائدة القرصان ؛

يدلي باعترافات . ينام الحلم الغائب تحت المشنقه.

هل تركت الباب مفتوحا ؟

لكي أقفز من جلدي إلى أوّل عصفور رماديّ، و أحتج

على الآفاق.

كلا !.

الرماديّ من البحر إلى البحر

و حراس المدى عادوا

و عيناك أمامي نقطتان

و السراب الضوء في هذا الزمان

الواقف الزاحف ما بين وداعين طويلين

و نحن الآن مابين الوداعين وداع دائم

أنت السراب - الضوء و الضوء - السراب

من رآنا أخرج الخنجر من أضلاعه، أو خبأ الخنجر

في أضلاعه .

حيث تكونين دمي يمطر أو يصعد في أي اتجاه

كالنباتات البدائية

كوني حائطي أو زمني

كي أطأ الأفق الرماديّ

و كي أجرح لون المرحله

من رآنا ضاع منا

في ثياب القتله

فاذهبي في المرحله

إذهبي

وانفجري بالمرحلة ! .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 12:55 am



طريق دمشق



من الأزرق ابتدأ البحر..

هذا النهار يعود من الأبيض السابق ..

الآن جئت من الأحمر اللاحق..

اغتسلي يا دمشق بلوني

ليولد في الزمن العربي نهار .


أحاصركم: قاتلا أو قتيل

و أسألكم .شاهدا أو شهيد :

متى تفرجون عن النهر. حتى أعود إلى الماء أزرق

أخضر

أحمر

أصفر أو أي لون يحدده النهر

إنّي خرجت من الصيف و السيف

إّني خرجت من المهد و اللحد

نامت خيولي على شجر الذكريات

و نمت على وتر المعجزات

ارتدتني يداك نشيدا إذا أنزلوه على جبل، كان سورة

"ينتصرون" ...

دمشق، ارتدتني يداك دمشق ! ارتديت يديك ،

كأن الخريطة صوت يفرخ في الصخر

نادى ... وحركني

ثم نادى ... وفجرني

ثم نادى ... وقطرّني كالرخام المذاب

و نادى

كأن الخريطة أنثى مقدسة فجّرتني بكارتها. فانفجرت

دفاعا عن السر و الصخر

كوني دمشق

فلا يعبرون !

من البرتقالي يبتدئ البرتقال

و من صمتها يبدأ الأمس

أو : يولد القبر

يا أيّها المستحيل .. يسمونك الشام !

أفتح جرحي لتبتديء الشمس. ما اسمي؟ دمشق ..

و كنت وحيدا

و مثلي كان وحيدا هو المستحيل.

أنا ساعة الصفر دقّت

فشقت

خلايا الفراغ على سرج هذا الحصان

المحاصر بين المياه

و بين المياه

أنا ساعة الصفر .

جئت أقول :

أحاصرهم قاتلا أو قتيل

أعدّ لهم ما استطعت.. و ينشق في جثتي قمر المرحله

و أمتشق المقصله

أحاصرهم قاتلا أو قتيل

و أنسى الخلافه في السفر العربي الطويل

إلى القمح و القدس و المستحيل

يؤخرني خنجران :

العدو

وعورة طفل صغير تسمونه

بردى

و سمّيته مبتدا

و أخبرته أنني قاتل أو قتيل .


(( من الأسود ابتدأ الأحمر .. ابتدأ الدم )).

هذا أنا. هذه جثتي

أي مرحلة تعبر الآن بيني و بيني !

أنا الفرق بينهما

همزة الوصل بينهما

قبلة السيف بينهما

طعنه الورد بينهما

آه، ما أصغر الأرض !

ما أكبر الجرح ..

مروا

لتتسع النقطة .. النطفة .. الفارق ..

الشارع .. الساحل .. الأرض ..

ما أكبر الأرض !

ما أصغر الجرح

هذا طريق الشام.. و هذا هديل الحمام

و هذا أنا.. هذه جثتي .

و التحمنا

فمروا ..

خذوها إلى الحرب كي أنهي الحرب بيني و بيني

خذوها.. أحرقوها بأعدائها

أنزلوها على جبل غيمة أو كتابا

و مروا ..

ليتسع الفرق بيني و بين اتهامي

هذه جثتي واتهامي

تدلّت من الشارع الجاني إلى المكتب البرجوازيّ

مروا

ليتسع الفرق بيني وبين اتهامي.

طريق دمشق

دمشق الطريق

و مفترق الرسل الحائرين أمام الرماديّ

إني أغادر أحجاركم - ليس مايو جدارا

أغادر أحجاركم و أسير

وراء دمي في طريق دمشق

أحارب نفسي.. و أعداءها

و يسألني المتعبون، أو المارة الحائرون عن اسمي

فأجهله..

اسألوا عشبة في طريق دمشق !

و أمشي غريبا .

و تسألني الفتيات الصغيرات عن بلدي

فأقول: أفتش فوق طريق دمشق

و أمشي غريبا .

و يسألني الحكماء المملون عن زمني

فأشير إلى حجر أخضر في طريق دمشق .

و أمشي غريبا .

و يسألني الخارجون من الدير عن لغتي

فأعد ضلوعي و أخطئ

إني تهجيت هذي الحروف فكيف أركّبها ؟

دال.ميم. شين. قاف .

فقالوا: عرفنا - دمشق !

ابتسمت. شكوت دمشق إلى الشام :

كيف محوت ألوف الوجوه

و ما زال وجهك واحد !

لماذا انحنيت لدفن الضحايا

و ما زال صدرك صاعد !

و أمشي وراء دمي و أطيع دليلي

و أمشي وراء دمي نحو مشنقتي

هذه مهنتي يا دمشق ..

من الموت تبتدئين. و كنت تنامين في قاع صمتي و لا

تسمعين..

و أعددت لي لغة من رخام و برق .

و أمشي إلى بردى، آه مستغرقا فيه أو خائفا منه ...

إن المسافة بين الشجاعة و الخوف

حلم

تجسد في مشنقة

آه ،ما أوسع القبلة الضيقة !

وأرخني خنجران :

العدو

و نهر يعيش على مهل

هذه جثتي، و أنا

أفقّ ينحني فوقكم

أو حذاء على الباب يسرقه النهر

أقصد :

عورة طفل صغير يسمّونه

بردى

و سميته مبتدا

و أخبرته أنني قاتل أو قتيل.


تقّلدني العائدات من الندم الأبيض

الذاهبات إلى الأخضر الغامض

الواقفات على لحظة الياسمين

دمشق! انتظرناك كي تخرجي منك

كي نلتقي مرة خارج المعجزات

انتظرناك..

و الوقت نام على الوقت

و الحب جاء، فجئنا إلى الحرب

نغسل أجنحة الطير بين أصابعك الذهبيّة

يا امرأة لونها الزبد العربي الحزين.

دمشق الندى و الدماء

دمشق الندى

دمشق الزمان.

دمشق العرب !

تقلّدني العائدات من النّدم الأبيض

الذاهبات إلى الأخضر الغامض

الواقفات على ذبذبات الغضب

و يحملك الجند فوق سواعدهم

يسقطون على قدميك كواكب

كوني دمشق التي يحلمون بها

فيكون العرب .


قلت شيئا، و أكمله يوم موتي و عيدي :

من الأزرق ابتدأ البحر

و الشام تبدأ مني - أموت

و يبدأ في طرق الشام أسبوع خلقي

و ما أبعد الشام، ما أبعد الشام عني !

و سيف المسافة حز خطاياي.. حز وريدي

فقربني خنجران

العدو و موتي

وصرت أرى الشام.. ما أقرب الشام مني

و يشنقني في الوصول وريدي..

وقد قلت شيئا.. و أكمله :

كاهن الاعترافات ساومني يا دمشق

و قال: دمشق بعيده

فكسّرت كرسيه و صنعت من الخشب الجبلي صليبي

أراك على بعد قلبين في جسد واحد

و كنت أطل عليك خلال المسامير

كنت العقيده

و كنت شهيد العقيده

و كنت تنامين داخل جرحي

و في ساعة الصفر- تم اللقاء

و بين اللقاء و بين الوداع

أودع موتي.. و أرحل .

ما أجمل الشام، لولا الشام،و في الشام

يبتديء الزمن العربي و ينطفيء الزمن الهمجي ّ

أنا ساعة الصفر دقّت

و شقت

خلايا الفراغ على سطح هذا الحصان الكبير الكبير

الحصان المحاصر بين المياه

و بين المياه

أعدُّ لهم ما استطعت ..

و ينشقّ في جثتي قمر.. ساعة الصفر دقّت ..

و في جثتي حبّة أنبتت للسنابل

سبع سنابل، في كل سنبلة ألف سنبلة ..

هذه جثتي.. أفرغوها من القمح ثم خذوها إلى الحرب

كي أنهي الحرب بيني و بيني

خذوها أحرقوها بأعدائها

خذوها ليتسع الفرق بيني و بين اتهامي

و أمشي أمامي

و يولد في الزمن العربي.. نهار.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 1:00 am


تلك صورتها

وهذا انتحار العاشق

1975



تلك صورتها

وهذا انتحار العاشق



وأريدّ أن أتقمص الأشجار:

قد كذب المساء عليه. أشهد أنني غطيته بالصمت

قرب البحر

أشهد أنني ودعته بين الندى والانتحار.


وأريد أن أتقمص الأسوار:

قد كذب النخيل عليه. أشهد أنه وجد الرصاصة.

أنه أخفى الرصاصة.


أنه قطع المسافة بين مدخل جرحه والانفجار.

وأريد أن أتقمص الحرّاس:

قد كذب الزمان عليه. أشهد أنه ضدّ البداية

أنه ضدّ النهاية

كانت الزنزانة الأولى صباحا

كانت الزنزانة الأخرى مساء

كان بينهما نهار


وكأنه انتحر

السماء قريبة من ساقه

والنحل يمشي في الدم المتقدّم

الأمواج تمشي في الصدى

وكأنه انتحر

العصافير استراحت في المدى

وكأنه انتحر

احتجاجا

أو وداعا

أو سدى .

وكأنّه انتحر

الظهيرة لا تمرّ.. ولا يمرّ

كأنه انتحر

السماء قريبة من ساقه

والنحل يمشي في الدم المتقدّم

البركان يولد بين حبات الندى .

والصوت أسود

كنت أعرف أن برقا ما سيأتي

كي أرى صوتا على حجر الدجى.

والصوت أسود

كنت في أوج الزفاف

الطائرات تمرّ في عرسي

- كتبت-

حبيبتي فحم

-كتبت-

وكنت أعرف أن برقا ما سيأتي

كي يعود المطربون إلى ملابسهم

وإن الطائرات تمرّ في يومي

أنا المتكلم الغائب

الطائرات تمرّ في عرسي

فأختزل الفضاء وأشتهي العذراء

إن الطائرات تمرّ في يومي وفي حلمي تمرّ الطائرات

فأشتهي ما يشتهى

وأحبّ قبل الحب.

في زمن الدخان يضيء تفّاح المدينة

تنزل الرؤيا إلى الجدران

في زمن الدخان يخّبىء السجان صورته..

رأيت رأيت عصفورين يحتلان قبّعة

رأيت الذكريات تفر من شبّاك جارتنا

وتسقط في جيوب الفاتحين ..

وأشتهي ما يشتهى

والطائرات تمرّ

والزمن المكلّس ينتهي في الانهيارات

الأصابع ظل ذاكرة على الجدران

والدم نطفة أو بذرة

لا لون لي

لاشكل لي

لا أمس لي

إن الشظايا حاصرتني

فاتسعت إلى الأمام

وصرت أعلى من مدينتنا. أنا الشجر الوحيد

أنا الشظايا و... الهدايا

أريديك، وأخلع الأيام

لا تاريخ قبل يديك

لا تاريخ بعد يديك

سموك البديل

لأن لون الثورة احتلّ الكآبة

والغزاة يمشطّون يديك من آثار ظهري .

أرتديك وأخلع الأيام

سموك البديل

وبدلوك

كأن أغنية تغيرّ أو تطهّر أو تدمّر أو تفجّر

هم يبحثون عن البكارة خندقا

ويمارسون الغزو ضدّ الغزو في خلجان جسمك

أرتديك.. وأخلع الأيام

سموك البديل

وهم ضحاياك

اتسعت إلى الأمام وصحت بالأيام :

لي يوم

وخطوتها..


أنا ضدّ المدينة :

في زمان الحرب غطّتني الشظيّة

في زمان السلم غطّاني العراء :

عادوا إلى يافا: ولم أذهب

أنا ضدّ القصيدة :

غيّرت حزن النبي ولم تغير حاجتي للأنبياء.

والطائرات تعود من عرسي. تغادرني بلا سبب.

فأبحث عن تقاليدي .. وموتي الذين يحاصرون الليل،

يقتربون من صدري، ويزدحمون في صدري

ولا يصلون لا يصلون

كان يصيح بالأسوار:

لي يوم

وخطوتهم

وكان البحر يرحل في المساء


وحضرت في جرحي وقمحك

لا لذاكرتي

ولا لقصيدة الآثار

لا لبكائك الصفصاف

لا لنبوءة العرّاف

يومك خارج الأيام والموتى

وخارج ذكريات الله والفرح البديل .


حدقّت في جرحي وقمحك

للأشعة فيهما وطن يدافع عن مسافته ،

ويسقط عندما نمضي

ونسقط عندما نبقى حدودا للأشعة

والمدينة قرب حنجرتي تغني حين تسقط في مرايا النهر

صوتي ليس لافتة

ولكني أسميك البديل


حدقّت في جرحي

سأتهم المدينة بالعذوبة والجمال الشائع الموروث

من جبل جميل

هبطت نساء من قشور الضوء

جاء البحر من نومي على الطرقات

جاء الصيف من كسل النخيل

أحصيت أسباب الوداع

وقلت :

ما بيني وبين اسمي بلاد

ليس لي لغة

ولكني أسميك البديل


ضدّ العلاقة :

أن يجيء الوجه مثل الزرقة الخضراء

أن يمضي لأرسمه على جدران هذا السجن

أن يغزو شراييني ويخرج من يدي -

هذا هو الحبّ الجميل

وأحب أن تأتي لتمضي

طائرات

طائرات

طائرات

حاور السجّان صمتي

قال صمتي برتقالا

قال صمتي هذه لغتي

وأرخت اللقاء

الصخر يهتف لاسمك الوحشي كمثّرى

وأسال:هل تزوجت الجبال

ووصمتني بالعار والسفح البطيء؟


وأصدّق الراوي وأنكسّر:

الرجال

يبقون كالندم.. الخطيئة.. والبنفسج فوق أجساد النساء.

وأصدّق الراوي.. وأنفجر:

النساء

يذهبن كالعنب.. الغبار.. وضربة الحمّى

عن الذكرى وأجساد الرجال.

وأصدّق الراوي

ولا أجد الإشارة والدليل

وأكذّب الراوي

ولا أجد البنفسج والحقول .

إنّ الدروب إليك تختنق..

الدروب إليك تحترق..

الدروب إليك تفترق ..

الدروب إليك حبل من دمي


والليل سقف اللصّ والقديس

قبّعة النبي وبزّة البوليس

أنت الآن تتّسعين

أنت الآن تتسعين

أنت الآن تتسعين

أرسم جثتي ويداك فيها وردتان

بيني وبينك خيمة أو مهرجان

بيني وبينك صورتان .

وأضيف كي تنسي وكي تتذكري :

بيني وبين اسمي بلاد .

حاور السجان صوتي

قال صوتي : طائرات طائرات طائرات

سجان ! يا سجان

لي وجه يحاول أن يراني

سجان ! يا سجان

لي وجه أحاول أن أراه

لكنهم عادوا إلى يافا، ولم أذهب

أنا ضدّ القصيدة

ضدّ هذا الساحل الممتد من جرحي

إلى ورق الجريده .

كثر الحياديون. أو كثر الرماديون

قال البرتقال : أنا حيادي رمادي

وقال الجرح : ما أصل العقيدة ؟

قلت : أن تبقى وأمشي فيك كي ألغيك ..

كي أشفيك مني .

والسجن يتسع .. البحار تضيق ..

أشهد أنني غطيته بالصمت قرب البحر

أشهد أنني ودعته بين الندى والانتحار .

والطائرات تمرّ في يومي

كأن الحرب عادات ولم أذهب إلى الحرب الأخيرة .

يخلع السجان ألواني ويعطيني زماني كي أفكر فيك أو بك ..

كان يسألها ويسألها ويسألها :

متى تأتين من ساعات هذا السجن أو رئتي ؟

متى تأتين من يافا ولا أمضي إلى بلدي ؟

متى تأتين من لغتي ؟

متى تأتين كي نمضي إلى جسدي !


أنا ضدّ العلاقة :

مرّ عصفور، وغطاني وسافر

مرّ عصفور وجّمدني على الأحجار ظلا

هل يعيش الظل؟

جاء الليل. جاء الليل .. جاء الليل

من يدها ومن نومي .


أنا ضدّ العلاقة :

تشرب الأشجار قتلاها وتنمو في ضحاياها

انا ضدّ العلاقة :

أن تكون بداية الأشياء دائمة البداية

هذه لغتي .

أنا ضدّ البداية :

أن أواصل نهر موسيقي تورّخني وتفقدني تفاصيل الهوية

هذه لغتي

أنا ضدّ النهاية :

أن يكون الشيء أوّله وآخره وأذهب -

هذه لغتي ..


وأشهد أنه مات، الفراشة، بائع الدم، عاشق الأبواب .

لي زنزانة تمتدّ من سنة إلى.. لغة

ومن ليل إلى.. خيل

ومن جرح إلى.. قمح

ولي زنزانة جنسية كالبحر

قال: حبيبتي موج

وأمضى عمره في الحائط المتموج ..السقف القريب

وحلمه الهارب

أنا المتكّلم الغائب

سأنتظر انتظاري.. كنت أعرفني

لأن طفولتي رجل أحبّ..

أحب إمرأة تمرّ أمام ذاكرتي ونيراني

ولا تبقى ولا تمضي

أحب يمامة سميتها بلدا.

أنا ضدّ العلاقة، والبداية ،والنهاية ،ضدّ أسمائي

أنا المتكلم الغائب

يغيب - رأيت عينيها

شهدت سقوط نافذتي.


سماويّ هو البحر الذي سرق الشوارع

من يديها قرب ذاكرتي .

يغيب -

وإنّ أجراسا تدقّ على المسافة بين خطوتها ومذبحتي .

سماوي هو البحر الذي سرق الرسائل

من يديها قرب ذاكرتي .


وأحضر- من وراء الشيء عبر الشيء

أحضر ملء قبلتها على مرأى من النسيان

أحضر من خلاياها

ومن عامودها الفقري أحضر

من إصابتها ببرق الشهوة العسلي

أحضر ملء رعشتها

على مرأى من النسيان

لي زمن تؤرخه بذور الجنس والعشب الذي يمتد

خلف الشيء والنسيان

أحضر

كنت شاهده وشاهدها

وصرت شهيده وشهيدها

آتي من الشهداء

إلى الشهداء

أنا المتكلم الغائب

أنا الحاضر

أنا الآتي .


والصوت أخضر

إن شلال السلاسل والبلابل يلتقي في صرخة

أو ينتهي في مقبره

والصوت أخضر .

قال لي أو قلت لي : أنتم مظاهرة البروق

وهم نشيد الاعتدال

والصوت موت المجزره .

ضدّ القرنفل.. ضدّ عطر البرتقال

ومع التراب ..مع اليد الأخرى..

مع الكفّ التي تلج السلاسل والسنابل.

كدت أنسى، كاد ينسى التسميه :

أنتم جذوع البرتقال

وهم نشيد الاعتدال .

والله لا يأتي إلى الفقراء إذ يأتي، بلا سبب

وتأتي الأبجدية معولا أو تسليه

عادوا إلى يافا، وما عدنا

لأن الله لا يأتي بلا سبب

ذهبنا نحو يافا- الأمنيه .

يا أصدقاء البرتقال- الزينة اتحدوا !

فنحن الخارجين على الحنين..الخارجين على العبير

نسير نحو عيوننا.. ونسير ضدّ المملكه

ضدّ السماء لتحكم الفقراء

ضدّ محاكم الموتى

وضدّ القيد قوميا

وضدّ وراثة الزيتون والشهداء

نحن الخارجين من العراء لتلبس الأشجار أثواب السماء نسير

ضدّ المملكه

ضدّ المغني حين يرضى

ضدّ اعتقال المعركه ‍! ‍‍‍‍‍‍‍.

والصوت أخضر ..

كان ينتظر المفاجأة - الجدار

يقول : يوم ما سيأتي من هواء البحر ،

أو من خصرها المشدود بين الماء والأملاح

آخذ موجة وأعيد تركيب العناصر :

خصرها

يدها

نعاس جفونها

وبروق ركبتها.

سآخذ موجة وتكون صورتها وأغنيتي.

وأشهد أنه قطع المسافة بين مدخل جرحه والانفجار.

الأرض تبدأ من يديه

وكان يرمي الأرض بالأحلام

قنبلتي قرنفلتي

وحاول أن يموت فلم يفز بالموت

كان محاصرا بتشابه يعطي المساء مداه. ينتظر النتيجة :


كان لي يوم يكون

وفراشة بنت السجون


والأرض تبدأ من يديه . وكان ضدّ الأرض..

ضدّ مساحة الصدف التي تأتي وتذهب في الفصول

المستحيل هويّتي

وهويّتي ورق الحقول .


والأرض تبدأ من يديه . كأنني سجان نفسي .

غاصت الجدارن في عضلاته ومحاولات الانتحار

يا من يحنّ إليك نبضي

هل تذكرين حدود أرضي !


والأرض تبدأ من يديه ، ومن زغاريد القرى البيضاء

تبدأ من دفاتر صبية يتعلمون

الأبجدية فوق ألغام الحروب وخلف أبواب النهار :


جاء وقت الانفجار

وعلى السيف قمر

وطني ليس جدار

وأنا لست حجر


والأرض تبدأ من يديه ومن نهايتها .

ويسأل : أين وقتي ؟

قال : إن الوقت من قمح

وقال : رصاصة أولى تثير الأرض توقظها ، فتنكشف

الفضائح والعصافير العنيفة واحتمالات البداية .

من هنا ... من هذه الأجراس في جدران سجني

يبدأ الوقت الفدائي


أخرجي من أي ضلع

خنجرا أو سوسنه

وادخلي في أي ضلع

خنجرا أو سوسنه .


والأرض تبدأ من نسيج الجرح - أشبهها

وأمشي فوق رأس الرمح - تشبهني

وأمشي في لهيب القمح

واشتعلت يداه

فرأى يدين جديدتين

يدين حافيتين

هل سقط الجدار ؟

سقطت كواكب فوق عينيه ، فغنى أو تنفس :

إنّ قنبلتي قرنفلتي

أريد الانتحارالانتحار الانتحار .


- من أين يبدأ جسمه ؟

* من كل قيد وانكسار

قال للبركان : يا بيتي البديل

وجدت وقت الانفجار.


والياسمين اسم لأميّ : قهوة الصبح .

الرغيف الساخن . النهر الجنوبيّ ، الأغاني

حين تتّكىء البيوت على المساء

أسماء أمّي .


- من أين تبدأ أرضه؟

* من جسمه المحتل بالمستعمرات.

الطائرات . الانقلابات . الخرافات . الأناشيد

الرديئة ، والمواعيد البطيئه .

والياسمين اسم لأمّي . باقة الزّبد.

الأغاني حين تنحدر الجبال إلى الخريف . القطن.

وأصوات البواخر حين تمخرني ،

وأسماء السبايا والضحايا .

أسماء أمي


- من أين يبدأ صوته؟ !

* من أول الأيام حين تبارز الحكماء في مدح النظام

ومتعة السّفر البعيد

فأتى ليرميهم بجثّته

وكان دويّها .. والأنبياء .

لكم انتصارات ولي حلم

دمي يمشي وأتبعه - إليها

لكم ، انتصارات ولي يوم

وخطوتها..

فيادمي اختصرني ما استطعت.


وأريدها :

من ظلّ عينيها إلى الموج الذي يأتي من القدمين ،

كاملة الندى والانتحار .

وأريدها :

شجر النخيل يموت أو يحيا.

وتتّسع الجديلة لي

وتختنق السواحل في انتشاري

وأريدها:

من أوّل القتلى وذاكرة البدّائيين

حتى آخر الأحياء

خارطة

أمزّقها وأطلقها عصافيرا وأشجارا

وأمشيها حصارا في الحصار .

أمتدّ من جهة الغد الممتدّ من جهة انهياراتي العديدة

هذه كفي الجديدة

هذه ناري الجديدة

وأمعدن الأحلام

هل عادوا إلى يافا ولم تذهب ؟

سأذهب في دمي الممتد فوق البحر فوق البحر فوق البحر

هل بدأ النزيف ؟

أريدها.

قد أحرقتني جهات البحر ،

والحرّاس ناموا عند زاوية الخريف .

والوقت سرداب وعيناها نوافذ عندما أمشي إليها

والوقت سرداب وعيناها ظلام حين لا أمشي إليها

وأريدها.

زمني أصابعها . أعود ولا أعود ،

أسرّح الماضي وأعجنه ترابا

ليست الأيام آبارا لأنزل

ليست الأيام أمتعة لأرحل

لا أعود ..

لأنّها تمشي أمامي في يدي

تمشي أمامي في غدي .

تمشي أمامي في انهياراتي.

وتمشي في انفجاراتي .

أعود..

لأّنها ذرّات جسمي . أيّ ريح لم تبعثرني على الطرقات

كان السجن يجمعني . يرتّبني وثائق أو حقائق

أيّ ريح لا تبعثرني

أعود ..

لأنّها كفني . أعود لأنّها بدني

أعود

لأنها

وطني

أعود


حين انحنت في الريح

قال : تكون قنطرة وأعبرها إليها

وبنى أصابعه من الخشب المخبّأ في يديها .

البندقيّة والفضاء وآخر القتلى . سأدفن جثّتي في راحتها

وستضرمين النار .

قالت : أين كنت

ففرّ من يدها إلى اليوم المرابط خلف قامتها.

وغنّى : أيّها الندم اختصرني بندقيّه

قالت : لتقتلني ؟

فقال : لكي أعيد لي الهويّه


وقفت ، كعادتها ، فعاد من انحناءتها إلى قدميه

كان طريقه طرقا وكان نزيفه أفقا

وكان يدور في الماضي ولا يجد اليدين وكان يحلم باكتمال الحلم

ما بيني وبين اسمي بلاد .

حين سّميت البلاد فقدت أسمائي . وحين مررت باسمي

لم أجد شكل البلاد

الحلم جاء الحلم جاء وكان يسأله :

من الأصل العيون أم البلاد ؟ .


قال المغنّي للضفاف :

الفرق بين الضفتين قصيدتي


قال المهاجر للوطن :

لا تنسني .

والياسمين اسم لأمّي . والزمن

عشب على الجدران

قال البحر . قال الرمل . قال البيت . قال الحقل . قال

الصمت.

لكن المغنّي قال قرب الموت :


إنّ الفرق بين الضفتين قصيدتي


وأراد أن يلغي الوطن

وأراد أن يجد الوطن

هل تكلمين البحر ؟

هل تأتين من ساعات هذا الموج

أم تأتين من رئتي .. وهل تأتين ؟

هل نمشي على السكين برقا

أم دما نمشي ؟

أحبّك .. أم أحب نتيجتي في حبك التكوين ؟

قد قالت لي الأيّام :

إذهب في الزمان

تجد مكانك جاهزا في وقت عينيها

فقلت : العمر لا يكفي لقبلتها

وهذا العمر ..

قد قالت لي الأيام:

إذهب في المكان

تجد زمانك عائدا في موج عينيها

فقلت : الجسم لا يكفي لنظرتها

وهذا البحر


ما اسم الأرض ؟

بحر أخضر. آثار أقدام. دويلات . لصوص . عاشقات.

أنبياء... آه ما اسم الأرض؟

شكل حبيبة يرميك قرب البحر.

ما اسم البحر؟

حدّ الأرض .حارسها . حصار الماء. أزرق أزرق

امتدّت يدان عناق البحر فاحتفل القراصنة

البدائيّون والمتحضرون بجثّة . فصرخت : أنت

البحر . ما اسم البحر؟

جسم حبيبة يرميك قرب الأرض.


قد قالت لنا الأيّام:

تلتقيان . تلتحمان . تنهمران

قلت : لها انفجارات

كأنّ البرتقال لهيبها الأبديّ

تنفجرين . تنفجرين .. تنفجرين في صدري وذاكرتي :

وأقفز من شظاياك الطليقة وردة ، ورصاصة

أولى ، وعصفورا على الأفق المجاور

ولي امتداد في شظاياك الطليقة.

إنّ نهرا من أغاني الحب يجري في شظيّه

قد بعثرتني الريح ، فاختنقت بأصوات الملايين

ارتفعت على الصدى وعلى الخناجر .

شكرا ! أنام على الحصى فيطير

شكرا للندى .

وأمرّ بين أصابع الفقراء سنبلة، ولافتة ، وصيغة بندقيّه .

ضدّ اتجاه الريح

تنفجرين تنفجرين في كل اتجاه

تنتهي لغة الأغاني حين تبتدئين

أو تجد الأغاني فيك معدتها ..رصاصتها.. وصورتها

أقول : البحر لا

والأرض لا

بيني وبينك "نحن"

فلنذهب لنلغينا ويتحد الوداع.


ألآن أغنيتي تمرّ ..

تمرّ أغنيتي على أفق نبيذي .

ويسقط في أغانيك البياض

الآن أغنيتي تمرّ... تمرّ أغنيتي على مدن السواد

فتسرحين الشّعر ، أو تتناثرين على الخرائط والبلاد.

والآن أغنيتي تمرّ..

تمرّ أغنيتي على حجر فيزهر في يديك اسمي ويتّحد اللقاء

ماتوا ولا تدرين . لكنّ الجدار يقول ماتوا في تساقطه

ولا تدرين . ماتوا ..

تلك أغنيتي ووجهك طائر ومدى

يودّعني الوداع

وساعة الدم دقّت الموتى

وموعدنا النحاسيّ ، الدخاني ، الحريريّ المزوّد بالزلازل

والمقيّد بالجدائل .

الآن تنتحرين .. تنتصرين .. تنطفئين .. تشتعلين في

الميدان والنسيان

دقّت ساعة الدم

دقّت الموتى

ليفتتحوا نشيد الفرق بين العشق واللغة الجميله

هو أنت

أنت أنا

يغيب الحاضر العلنيّ .

يأتي الغائب السري..

يلتحمان..

يتحدان في المتكلّم المفقود بين البحر والأشجار والمدن

الذليله.

والآن أشهد أنني غطّيته بالصمت قرب البحر

أشهد أنني ودعته بين الندى والانتحار


قال : انتحرت . وردّ معتذرا : أتيت

وقال حارسه الزماني انتحارك انتصار

الانتحار - الانتصار يمدّ جسرا

هكذا يبنون نهرا

قال : ماتوا

ردّ معتذرا : لقد وضعوا حدود الانتحار .

والآن أغنيتي تمرّ ... تمرّ أغنيتي

وتلتحق الخطى بدمي

دمي المتقدم

الفتيات تخرج من أزيز الطائرات

البحر يخرج من خدوش الأسطوانات

المدينة قد أعدّت عرسها

وجنازتي


وتمرّ أغنيتي ، وترمي عادة الأزهار في الأنهار

سيّدتي ! ‍ سأهديك انتحاري الساطع اختصري نعاسك

وانفجار الشارع ، اختصري المسافة بين

سكّيني وصدري

واستقرّي أنت بينهما بلاد

النهر يعفيني من التاريخ

والجلّاد أعفاني من الذكرى

فأنسى حصّتي من جثتي الأخرى

وأهديك التتمّة والحوار


قال انتحرت

وردّ معتذرا : أتيت

وقال حارسه : رأيت القمح ملء يديه .

عند الانتحار

كانت يداه خريطتين : خريطة للحلم تمطر حنطة

وخريطة لمحاورات الانتظار

والطائرات ؟ سألت

قال : تمرّ في يومي القديم .. يحلّق الأطفال . يبتهجون

في السنة الجديدة ، يجعلون البحر أصغر من زوارقهم،

أنا أعتاد هذا الموت ، أعتاد الرحيل إلى النهار .


والآن أشهد أنه قطع المسافة بين مدخل جرحه والانفجار .


الحلم يأخذ شكله

فيخاف

لكنّ المدينة واقفه

في أوج قيدي

وانفجار العاصفه

مطر على خيل

وأعددنا لك الفرح الترابيّ الجديد

خيل على ليل

وأعددنا لك الفصح الخواتم والنشيد

والحلم يأخذ شكله

ويصير صورتك العنيفه

موتي : أو اختصري هنا موتاك

كوني ياسمينا أو قذيفه .

والحلم يأخذ شكله

فيخاف

لكنّ المدينة واقفه

في قمّة الجرح الجديد

وفي انفجار العاصفه .

ماذا تقول الريح ؟

نحن الريح نقتلع المراكب والكواكب

والخيام مع العروش الزائفه

ماذا تقول الريح

نحن الريح

ننشر عار فخذيك السماويين

ننشر عارنا

ونطيل عمر العاصفه

ليل على موت

وأعددنا لك المهد الحضانة والجبل

والحلم يشبهنا

ويشبهك المغني والمنادي والبطل

والحلم يأخذ شكله

فيخاف

لكنّ المدينة واقفه

في شعلة النار الطليقة

في شرايين الرجال

ذوبي ! أو انتشري رمادا أو جمال

ماذا تقول الريح ؟

نحن الريح

نحن الريح

نحن الريح ...


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 1:03 am


أعراس

1977





أعراس


عاشق يأتي من الحرب إلى يوم الزفاف

يرتدي بدلته الأولى

ويدخل

حلبة الرقص حصانا

من حماس وقرنفل


وعلى حبل الزغاريد يلاقى فاطمه

وتغنّي لهما

كل أشجار المنافي

ومناديل الحداد الناعمه


ذبّل العاشق عينيه


وأعطى يده السمراء للحنّاء

والقطن النسائي المقدس


وعلى سقف الزغاريد تجيء الطائرات

طائرات

طائرات

تخطف العاشق من حضن الفراشه

ومناديل الحداد

وتغّني الفتيات :

قد تزوّجت

تزوّجت جميع الفتيات

يا محمّد !

وقضيت الليلة الأولى

على قرميد حيفا

يا محمّد !

يا أمير العاشقين

يا محمّد !

وتزوجت الدوالي

وسياج الياسمين

يا محمّد !

وتزوّجت السلالم

يا محمّد !

وتقاوم

يا محمّد !

وتزوّجت البلاد

يا محمّد !

يا محمّد !

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 1:05 am




كان ما سوف يكون

(إلى راشد حسين)



في الشارع الخامس حيّاني . بكى . مال على السور

الزجاجي ، ولا صفصاف في نيويورك.

أبكاني . أعاد الماء للنهر . شربنا قهوه . ثم افترقنا في

الثواني .


منذ عشرين سنه

وأنا أعرفه في الأربعين

وطويلا كنشيد ساحليّ ، وحزين

كان يأتينا كسيف من نبيذ . كان يمضي كنهايات

صلاه

كان يرمي شعره في مطعم " خريستو"

وعكا كلها تصحو من النوم

وتمشي في المياه

كان أسبوعا من الأرض ، ويوما للغزاه

ولأمّي أن تقول الآن : آه !


ليديه الورد والقيد . ولم يجرحه خلف السور إلاّ

جرحه السيّد . عشّاق يجيئون ويرمون المواعيد .

رفعنا الساحل الممتد. دشنا العناقيد. اختلطنا في

صراخ الفيجن البريّ . كسرنا الأناشيد . انكسرنا

في العيون السود . قاتلنا . قُتلنا. ثم قاتلنا . وفرسان

يجيئون ويمضون .


وفي كل فراغ

سنرى صمت المغني أزرقا حتى الغياب

منذ عشرين سنه

وهو يرمي لحمه للطير والأسماك في كل أتجاه

ولأمّي أن تقول الآن : آه !


إبن فلّاحين من ضلع فلسطين

جنوبيّ

شقيّ مثل دوريّ

قوي

فاتح الصوت

كبير القدمين

واسع الكفّ . فقير كفراشه

أسمر حتى التداعي

وعريض المنكبين

ويرى أبعد من بوابة السجن

يرى أقرب من أطروحة الفن

يرى الغيمة في خوذة جندي

يرانا ، ويرى كرت الأعاشه


وبسيط .. في المقاهي واللغه

ويحب الناي والبيره

لم يأخذ من الألفاظ إلّا أبسط الألفاظ

سهلا كان كالماء

بسيطا .. كعشاء الفقراء .


كان حقلا من بطاطا وذره

لا يحب المدرسه

ويحب النثر والشعر

لعلّ السهل نثر

ولعلّ القمح شعر.

ويزور الأهل يوم السبت

يرتاح من الحبر الالهي

ومن أسئلة البوليس.

لم ينشر سوى جزئين من أشعاره الأولى

وأعطانا البقيه

شوهدت خطوته فوق مطار اللد من عشر سنين

واختفى...


كان ما سوف يكون

فضحتني السنبله

ثم أهدتني السنونو

لعيون القتله


.. شاحبا كالشمس في نيويورك :

من أين يمرّ القلب ؟ هل في غابة الاسمنت ريش لحمام ؟

وبريدي فارغ . والفجر لا يلسع .

والنجمة لا تلمع في هذا الزحام .


ومسائي ضيّق . جسم حبيبي ورق . لا أحد حول

مسائي " يتمنى أن يكون النهر والغيمه" .. من

أين يمرّ القلب ؟ من يلتقط الحلم الذي يسقط قرب

الأوبرا والبنك ؟ شلاّل دبابيس سيجتاح الملذات

التى أحملها .

لا أحلم الآن بشيء

أشتهي أن أشتهي

لا أحلم الآن بغير الانسجام

أشتهي

أو

أنتهي

لا . ليس هذا زمني


شاحبا كالشمس في نيويورك

أعطيني ذراعي لأعانق

ورياحي لأسير .


ومن المقهى الى المقهى . أريد اللغه الأخرى

أريد الفرق بين النار والذكرى

أريد الصفة الأولى لأعضائي

وأعطيني ذراعي لأعانق

ورياحي لأسير

ومن المقهى إلى المقهى

لماذا يهرب الشعر من القلب أذا ما ابتعدت يافا ؟ لماذا

تختفي يافا إذا عانقتها ؟

لا ليس هذا زمني .


وأريد الصفة الأولى لأعضائي

وأعطيني ذراعي لأعانق

ورياحي لأسير

... واختفى في الشارع الخامس ، أو بوابة القطب

الشماليّ . ولا أذكر من عينيه ألا مدنا تأتي وتمضي.

وتلاشى .. وتلاشى...


والتقينا بعد عام في مطار القاهرة

قال لي بعد ثلاثين دقيقه :

" ليتني كنت طليقا

في سجون الناصرة "


نام أسبوعا . صحا يومين . لم يذهب مع النيل إلى الأرياف

لم يشرب من القهوة إلّا لونها .

لم يرى المصري في مصر

ولم يسأل سوى الكتّاب عن شكل الصراع الطبقي

ثم ناداه السؤال الأبديّ الاغتراب الحجري

قلت : من أي نبيّ كافر قد جاءك البعد النهائيّ ؟


بكى من كسل في نظراتي . هل تغيّرت ؟

تغيّرت . ولم تذهب حياتي

عبثا .

مال إلى النيل وقال : النيل ينسى ؟

قلت : لا ينسى كما كنا نظنّ

وتذكّرنا معا إيقاعنا الماضي

وموجات السنونو فوق كف تقرع الحائط

والأرض التي نحملها في دمنا كالحشرات

وتذكرنا معا إيقاعنا الماضي وموت الأصدقاء

والذين اقتسموا أيّامنا ، وانتشروا

لم يحبونا كما نشاء

لم يحبونا ولكن عرفونا..


كان يهذي عندما يصحو . ويصحو عندما يبكي

ويمشي كخيام في البعيد العربيّ

ذهب العمر هباء

وفقدت الجوهري

واختفى قرب غروب النيل

أعددت له مرثية أخرى وجنّاز نخيل


يا انتحاري المتواصل

أوقف العمر لكي نبدأ من أي رحيل

وتأجّج كنباتات الجليل

وتوهّج كقتيل


يا انتحاري المتواصل

قف على ناصية الحلم وقاتل

فلك الأجراس ما زالت تدقّ

ولك الساعة ما زالت تدقّ


وتلاشى مرة أخرى


وخانتني الغصون

كان ما سوف يكون

فضحتني السنبله

ثم أهدتني السنونو

لسيوف القتله


كانت نيويورك في تابوتها الرسمي تدعونا إلى تابوتها .

في الشارع الخامس حيّاني . بكى . مال على نافورة

الاسمنت . لا صفصاف في نيويورك . أبكاني .

أعاد الظل للبيت . اختبأنا في الصدى . هل مات

منّا أحد ؟ كلّا . تغيّرت قليلا ؟ لا . هل الرحله

ما زالت هي الرحله والميناء في القلب ؟ . نعم.

كان بعيدا وبعيدا ونهائيّ الغياب

دخّن الكأس..

تلاشى

كغزال يتلاشى

في مروّج تتلاشى في الضباب

ورمى سيجارة في كبدي وارتاح

لم ينظر إلى الساعة

لم يسرقه هذا القمر الواقف تحت الطابق العاشر في

منهاتن . التفّ بذكراه .. تغشّاه رنين الجرس

السريّ . مرّت بين كفينا عصافير عصافير و موت

عائليّ . ليس هذا ومني . عاد شتاء آخر . ماتت

نساء الخيل في حقل بعيد . قال إنّ الوقت لا يخرج

مني . فتبادلت و قلبي مدنا تنهار من أوّل هذا

العمر حتى آخر الحلم ..

أنبقى هكذا نمضي إلى الخارج في هذا النهار البرتقالي

فلا نلمس إلاّ الداخل الغامض ؟

من أين أتيت ؟

إخترقت عصفورة رمحا

فقلت اكتشفت قلبي

أنبقى هكذا نمضي إلى الداخل في هذا النهار البرتقاليّ

فلا نلمس إلاّ شرطة الميناء ؟


يهذي خارج الذكرى : أنا الحامل عبء الأرض ،

و المنقذ من هذا الضلال . الفتيات انتعلت روحي

و سارت . و العصافير بنت عشّا على صوتي و شقّتني

و طارت في المدى ..

لم يتغيّر أيّ شيء

و الأغاني شردتني شردتني

ليس هذا زمني .

لا ، ليس هذا وطني .

لا ليس هذا بدني .

كان ما سوف يكون

فضحته السنبله

ثم أهدته السنونو

لرياح القتله ..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 1:07 am




أحمد الزعتر



ليدين من حجر و زعتر

هذا النشيد .. لأحمد المنسيّ بين فراشتين

مضت الغيوم و شرّدتني

و رمت معاطفها الجبال و خبّأتني


.. نازلا من نحلة الجرح القديم إلى تفاصيل

البلاد و كانت السنة انفصال البحر عن مدن

الرماد و كنت وحدي

ثم وحدي ...

آه يا وحدي ؟ و أحمد

كان اغتراب البحر بين رصاصتين

مخيّما ينمو ، و ينجب زعترا و مقاتلين

و ساعدا يشتدّ في النسيان

ذاكرة تجيء من القطارات التي تمضي

و أرصفة بلا مستقبلين و ياسمين

كان اكتشاف الذات في العربات

أو في المشهد البحري

في ليل الزنازين الشقيقة

قي العلاقات السريعة

و السؤال عن الحقيقه

في كل شيء، كان أحمد يلتقي بنقيضه

عشرين عاما كان يسأل

عشرين عاما كان يرحل

عشرين عاما لم تلده أمّه إلّا دقائق في

إناء الموز

و انسحبت .

يريد هويّة فيصاب بالبركان ،

سافرت الغيوم و شرّدتني

ورمت معاطفها الجبال و خبّأتني


أنا أحمد العربيّ - قال

أنا الرصاص البرتقال الذكريات

و جدت نفسي قرب نفسي

فابتعدت عن الندى و المشهد البحريّ

تل الزعتر الخيمه

و أنا البلاد و قد أتت

و تقمّصتني

و أنا الذهاب المستمرّ إلى البلاد

و جدت نفسي ملء نفسي ...


راح أحمد يلتقي بضلوعه و يديه

كان الخطوة - النجمه

و من المحيط إلى الخليج ، من الخليج إلى المحيط

كانوا يعدّون الرماح

و أحمد العربيّ يصعد كي يرى حيفا

و يقفز .

أحمد الآن الرهينه

تركت شوارعها المدينة

و أتت إليه

لتقتله

و من الخليج إلى المحيط ، و من المحيط إلى الخليج

كانوا يعدّون الجنازة

وانتخاب المقصله

أنا أحمد العربيّ - فليأت الحصار

جسدي هو الأسوار - فليأت الحصار

و أنا حدود النار - فليأت الحصار

و أنا أحاصركم

أحاصركم

و صدري باب كلّ الناس - فليأت الحصار


لم تأت أغنيتي لترسم أحمد الكحليّ في الخندق

الذكريات وراء ظهري ، و هو يوم الشمس و الزنبق

يا أيّها الولد الموزّع بين نافذتين

لا تتبادلان رسائلي

قاوم

إنّ التشابه للرمال ... و أنت للأزرق


و أعدّ أضلاعي فيهرب من يدي بردى

و تتركني ضفاف النيل مبتعدا

و أبحث عن حدود أصابعي

فأرى العواصم كلها زبدا ...


و أحمد يفرك الساعات في الخندق

لم تأت أغنيتي لترسم أحمد المحروق بالأزرق

هو أحمد الكونيّ في هذا الصفيح الضيّق

المتمزّق الحالم

و هو الرصاص البرتقاليّ .. البنفسجيه الرصاصيّة

و هو اندلاع ظهيرة حاسم

في يوم حريّه

يا أيّها الولد المكرّس للندى

قاوم !

يا أيّها البلد - المسدس في دمي

قاوم !

الآن أكمل فيك أغنيتي

و أذهب في حصارك

و الآن أكمل فيك أسئلتي

و أولد من غبارك

فاذهب إلى قلبي تجد شعبي

شعوبا في انفجارك


... سائرا بين التفاصيل اتكأت على مياه

فانكسرت

أكلّما نهدت سفرجله نسيت حدود قلبي

و التجأت إلى حصار كي أحدد قامتي

يا أحمد العربيّ ؟

لم يكذب عليّ الحب . لكن كلّما جاء المساء

امتصّني جرس بعيد

و التجأت إلى نزيفي كي أحدّد صورتي

يا أحمد العربيّ .

لم أغسل دمي من خبز أعدائي

و لكن كلّما مرّت خطاي على طريق

فرّت الطرق البعيدة و القريبة

كلّما آخيت عاصمة رمتني بالحقيبة

فالتجأت إلى رصيف الحلم و الأشعار

كم أمشي إلى حلمي فتسبقني الخناجر

آه من حلمي و من روما !

جميل أنت في المنفى

قتيل أنت في روما

و حيفا من هنا بدأت

و أحمد سلم الكرمل

و بسملة الندى و الزعتر البلدي و المنزل


لا تسرقوه من السنونو

لا تأخذوه من الندى

كتبت مراثيها العيون

و تركت قلبي للصدى

لا تسرقوه من الأبد

و تبعثروه على الصليب

فهو الخريطة و الجسد

و هو اشتعال العندليب


لا تأخذوه من الحمام

لا ترسلوه إلى الوظيفه

لا ترسموا دمه وسام

فهو البنفسج في قذيفه


.. صاعدا نحو التئام الحلم

تتّخذ التفاصيل الرديئة شكل كمّثرى

و تنفصل البلاد عن المكاتب

و الخيول عن الحقائب

للحصى عرق أقبّل صمت هذا الملح

أعطى خطبة الليمون لليمون

أوقد شمعتي من جرحي المفتوح للأزهار

و السمك المجفّف

للحصى عرق و مرآه

و للحطاب قلب يمامه

أنساك أحيانا لينساني رجال الأمن

يا امرأتي الجميلة تقطعين القلب و البصل

الطري و تذهبين إلى البنفسج

فاذكريني قبل أن أنسى يدي


وصاعدا نحو التئام الحلم

تنكمش المقاعد تحت أشجاري و ظلّك …

يختفي المتسلّقون على جراحك كالذباب الموسميّ

و يختفي المتفرجون على جراحك

فاذكريني قبل أن أنسى يديّ !

و للفراشات اجتهادي

و الصخور رسائلي في الأرض

لا طروادة بيتي

و لا مسّادة وقتي

و أصعد من جفاف الخبز و الماء المصادر

من حصان ضاع في درب المطار

و من هواء البحر أصعد

من شظايا أدمنت جسدي

و أصعد من عيون القادمين إلى غروب السهل

أصعد من صناديق الخضار

و قوّة الأشياء أصعد

أنتمي لسمائي الأولى و للفقراء في كل الأزقّة

ينشدون :

صامدون

و صامدون

و صامدون


كان المخيّم جسم أحمد

كانت دمشق جفون أحمد

كان الحجاز ظلال أحمد

صار الحصار مرور أحمد فوق أفئدة الملايين

الأسيره

صار الحصار هجوم أحمد

و البحر طلقته الأخيرة !


يا خصر كل الريح

يا أسبوع سكّر !

يا اسم العيون و يا رخاميّ الصدى

يا أحمد المولود من حجر و زعتر

ستقول : لا

ستقول : لا

جلدي عباءة كلّ فلاح سيأتي من حقول التبغ

كي يلغي العواصم

و تقول : لا

جسدي بيان القادمين من الصناعات الخفيفة

و التردد .. و الملاحم

نحو اقتحام المرحلة

و تقول : لا

و يدي تحيات الزهور و قنبلة

مرفوعة كالواجب اليومي ضدّ المرحلة

و تقول : لا

يا أيّها الجسد المضرّج بالسفوح

و بالشموس المقبله

و تقول : لا

يا أيّها الجسد الذي يتزوّج الأمواج

فوق المقصله

و تقول : لا

و تقول : لا

و تقول : لا !


و تموت قرب دمي و تحيا في الطحين

ونزور صمتك حين تطلبنا يداك

و حين تشعلنا اليراعة

مشت الخيول على العصافير الصغيرة

فابتكرنا الياسمين

ليغيب وجه الموت عن كلماتنا

فاذهب بعيدا في الغمام و في الزراعه

لا وقت للمنفى و أغنيتي ....

سيجرفنا زحام الموت فاذهب في الزحام

لنصاب بالوطن البسيط و باحتمال الياسمين


واذهب إلى دمك المهيّأ لانتشارك

و اذهب إلى دمي الموحّد في حصارك

لا وقت للمنفى ...

و للصور الجميلة فوق جدران الشوارع و الجنائز

و التمني

كتبت مراثيها الطيور و شرّدتني

ورمت معاطفها الحقول و جمعتني

فاذهب بعيدا في دمي ! و اذهب بعيدا في الطحين

لنصاب بالوطن البسيط و باحتمال الياسمين


يا أحمد اليوميّ !

يا اسم الباحثين عن الندى و بساطة الأسماء

يا اسم البرتقاله

يا أحمد العاديّ !

كيف محوت هذا الفارق اللفظيّ بين الصخر و التفاح

بين البندقيّة و الغزاله !

لا وقت للمنفى و أغنيتي ...

سنذهب في الحصار

حتى نهايات العواصم

فاذهب عميقا في دمي

اذهب براعم

و اذهب عميقا في دمي

اذهب خواتم

و اذهب عميقا في دمي

اذهب سلالم

يا أحمد العربيّ... قاوم !

لا وقت للمنفى و أغنيتي ...

سنذهب في الحصار

حتى رصيف الخبز و الأمواج

تلك مساحتي و مساحة الوطن - الملازم

موت أمام الحلم

أو حلم يموت على الشعار

فاذهب عميقا في دمي و اذهب عميقا في الطحين

لنصاب بالوطن البسيط و باحتمال الياسمين


... و له انحناءات الخريف

له وصايا البرتقال

له القصائد في النزيف

له تجاعيد الجبال

له الهتاف

له الزفاف

له المجلّات الملوّنه

المراثي المطمئنة

ملصقات الحائط

العلم

التقدّم

فرقة الإنشاد

مرسوم الحداد

و كل شيء كل شيء كل شيء

حين يعلن وجهه للذاهبين إلى ملامح مجهه

يا أحمد المجهول !

كيف سكنتنا عشرين عاما و اختفيت

و ظلّ وجهك غامضا مثل الظهيرة

يا أحمد السريّ مثل النار و الغابات

أشهر وجهك الشعبيّ فينا

واقرأ وصيّتك الأخيرة ؟

يا أيّها المتفرّجون ! تناثروا في الصمت

و ابتعدوا قليلا عنه كي تجدوه فيكم

حنطة ويدين عاريتين

وابتعدوا قليلا عنه كي يتلو وصيّته

على الموتى إذا ماتوا

و كي يرمي ملامحه

على الأحياء ان عاشوا !


أخي أحمد !

و أنت العبد و المعبود و المعبد

متى تشهد

متى تشهد

متى تشهد ؟



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 1:09 am




قصيدة الرمل



إنّه الرمل

مساحات من الأفكار و المرأة ،

فلنذهب مع الإيقاع حتى حتفنا

في البدء كان الشجر العالي نساء

كان ماء صاعدا . كان لغه .

هل تموت الأرض كالإنسان

هل يحملها الطائر شكلا للفراغ ؟


البدايات أنا

و النهايات أنا

و الرمل شكل و احتمال .

برتقال يتناسى شهوتي الأولى .

أرى فيما أرى النسيان ، قد يفترس الأزهار و الدهشة ،

و الرمل هو الرمل . أرى عصرا من الرمل يغطينا ،

و يرمينا من الأيام .

ضاعت فكرتي و امرأتي ضاعت

و ضاع الرمل في الرمل .


البدايات أنا

و النهايات أنا


و الرمل جسم الشجر الآتي ،

غيوم تشبه البلدان .

لون واحد للبحر و النوم .

و للعشاق وجه واحد ،

... و سنعتاد على القرآن في تفسير ما يجري ،

سنرمي ألف نهر في مجاري الماء .

و الماضي هو الماضي ، سيأتي في انتخابات المرايا

سيّد الأيّام .

و النخلة أمّ اللّغة الفصحى .

أرى ، فيما أرى ، مملكة الرمل على الرمل

و لن يبتسم القتلى لأعياد الطبول

ووداعا ... للمسافات

وداعا ... للمساحات

وداعا للمغنّين الذين استبدلوا "القانون" بالقانون كي

يلتحموا بالرمل ..

مرحى للمصابين برؤياي ، و مرحى للسيول .


البدايات أنا

و النهايات أنا


أمشي إلى حائط إعدامي كعصفور غبيّ ،

و أظنّ السهم ضلعي

و دمي أغنية الرمّان . أمشي

و أغيب الآن في عاصفة الرمل ،

سيأتي الرمل رمليا

و تأتين إلى الشاعر في الليل ، فلا

تجدين الباب و الأزرق ،


ضاعت لفظتي و امرأتي ضاعت ...


سيأتي .. سوف يأتي عاشقان

يأخذان الزنبق الهارب من أيّامنا

و يقولان أمام النهر :

كم كان قصيرا زمن الرمل

و لا يفترقان


و البدايات أنا

و النهايات أنا

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 1:23 am




قصيدة الخبز

(إلى ابراهيم مرزوق)



كان يوما غامضا ..

تخرج الشمس إلى عاداتها كسلى

رماد معدنيّ يملأ الشرق ..

و كان الماء في أوردة الغيم

و في كل أنابيب البيوت

يابسا

كان خريفا يائسا في عمر بيروت

و كان الموت يمتدّ من القصر

إلى الراديو إلى بائعة الجنس إلى سوق الخضار

ما الذي أيقظك الآن

تمام الخامسه ؟

كان إبراهيم رسّام المياه

و سياجا للحروب

و كسولا عندما يوقظه الفجر

و لكنّ لإبراهيم أطفالا من الليّلك و الشمس

يريدون رغيفا و حليب

كان إبراهيم رسّاما و أب

كان حيّا من دجاج و جنوب و غضب

و بسيطا كصليب


المساحات صغيره

مقعد في غرفة . لا شيء... لا شيء

و كان الرسم بالماء وطن

و التفاصيل لكم . وجهي أنا برقيّة

هل تقرأون الماء كي نتّفق الآن ؟

البياض الأسود احتل المسافات

أنا الورد الذي لا يوميء

القيد الذي يأتي من الحرية - الفوضى

أو الهجز الذي يأخذ شكل الوطن - البوليس

هل كان الوطن

انطباعا أم صراع ؟

وضياعا أم خلاص

كان يوما غامضا ..

وجهي أنا برقيّة الحنطة في حقل الرصاص


ما الذي أيقظك الآن

تمام الخامسة ؟

كنت تعرف

هي بيروت الفوارق

هي بيروت الحرائق

ما الذي أيقظك الآن

تمام الخامسه ؟

إنّهم يغتصبون الخبز و الإنسان

منذ الخامسه. ! ‍..

لم يكن للخبز في يوم من الأيّام

هذا الطعم ، هذا الدم

هذا الملمس الهامس

هذا الهاجس الكونيّ

هذا الجوهر الكلي ّ

هذا الصوت هذا الوقت

هذا اللون هذا الفنّ

هذا الاندفاع البشريّ . السرّ. هذا السّحر

هذا الانتقال الفذ

من كهف البدايات إلى حرب العصابات

إلى المأساة في بيروت

من كان يموت

في تمام الخامسه ؟


كان إبراهيم يستولي على اللون النهائيّ

و يستولي على سر العناصر

كان رسّاما وثائر

كان يرسم

وطنا مزدحما بالناس و الصفصاف و الحرب

وموج البحر و العمال و الباعة و الريف

و يرسم

جسدا مزدحما بالوطن المطحون

في معجزة الخبز

و يرسم

مهرجان الأرض و الإنسان ،

خبزا ساخنا عند الصباح

كانت الأرض رغيفا

كانت الشمس غزاله

كان إبراهيم شعبا في الرغيف

و هو الآن نهائيّ... نهائي

تمام السادسه

دمه في خبزه

خبزه في دمه

الآن

تمام السادسه ! ‍..


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 1:34 am



قصيدة الأرض




-1-
في شهر آذار، في سنة الإنتفاضة، قالت لنا الأرضُ

أسرارها الدموية. في شهر آذار مرّت أمام

البنفسج والبندقيّة خمس بنات. وقفن على باب

مدرسة إبتدائية، واشتعلن مع الورد والزعتر

البلديّ. افتتحن نشيد التراب. دخلن العناق

النهائي – آذار يأتي إلى الأرض من باطن الأرض

يأتي، ومن رقصة الفتيات – البنفسج مال قليلاً

ليعبر صوت البنات. العصافيرُ مدّت مناقيرها

في اتّجاه النشيد وقلبي.

أنا الأرض

والأرض أنت

خديجةُ! لا تغلقي الباب

لا تدخلي في الغياب

سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل

سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل

سنطردهم من هواء الجليل.

وفي شهر آذار، مرّت أمام البنفسج والبندقيّة خمس

بناتٍ. سقطن على باب مدرسةٍ إبتدائيةٍ. للطباشير

فوق الأصابع لونُ العصافيرِ. في شهر آذار قالت

لنا الأرض أسرارها.

-2-


أُسمّي الترابَ امتداداً لروحي

أُسمّي يديّ رصيفَ الجروح

أُسمّي الحصى أجنحة

أسمّي العصافير لوزاً وتين

أسمّي ضلوعي شجر

وأستلّ من تينة الصدر غصناً

وأقذفهُ كالحجرْ

وأنسفُ دبّابةَ الفاتحين.

-3-

وفي شهر آذار، قبل ثلاثين عاما وخمس حروب،

وُلدتُ على كومة من حشيش القبور المضيء.

أبي كان في قبضة الإنجليز. وأمي تربّي جديلتها

وامتدادي على العشب. كنت أحبّ "جراح الحبيب"

و أجمعها في جيوبي، فتذبلُ عند الظهيرة،

مرّ الرصاص على قمري الليلكي فلم ينكسر،

غير أنّ الزمان يمرّ على قمري الليلكي فيسقطُ في

القلب سهواً..

وفي شهر آذار نمتدّ في الأرض

في شهر آذار تنتشرُ الأرض فينا

مواعيد غامضةً

واحتفالاً بسيطاً

ونكتشف البحر تحت النوافذ

والقمر الليلكي على السرو

في شهر آذار ندخلٌُ أوّل سجنٍ وندخلُ أوّل حبّ

وتنهمرُ الذكريات على قرية في السياج

وُلدنا هناك ولم نتجاوز ظلال السفرجل

كيف تفرّين من سُبُلي يا ظلال السفرجل؟

في شهر آذار ندخلُ أوّل حبٍّ

وندخلُ أوّل سجنٍ

وتنبلجُ الذكريات عشاءً من اللغة العربية:

قال لي الحبّ يوماً: دخلت إلى الحلم وحدي فضعتُ

وضاع بي الحلم. قلت : تكاثرْ ! تر النهر يمشي

إليك.

وفي شهر آذار تكتشف الأرض أنهارها.


-4-


بلادي البعيدة عنّي.. كقلبي!

بلادي القريبة مني.. كسجني!

لماذا أغنّي

مكاناً، ووجهي مكانْ؟

لماذا أغنّي

لطفل ينامُ على الزعفران؟

وفي طرف النوم خنجر

وأُمي تناولني

صدرها

وتموتُ أمامي

بنسمةِ عنبر؟


-5-


وفي شهر آذار تستيقظ الخيل

سيّدتي الأرض!

أيّ نشيدٍ سيمشي على بطنك المتموّج، بعدي؟

وأيّ نشيدٍ يلائم هذا الندى والبخور

كأنّ الهياكل تستفسرُ الآن عن أنبياء فلسطين في بدئها

المتواصل

هذا اخضرار المدى واحمرار الحجارة-

هذا نشيدي

وهذا خروجُ المسيح من الجرح والريح

أخضر مثل النبات يغطّي مساميره وقيودي

وهذا نشيدي

وهذا صعودُ الفتى العربيّ إلى الحلم والقدس.


في شهر آذار تستيقظ الخيلُ.

سيّدتي الأرض!

والقمم اللّولبية تبسطها الخيلُ سجّادةً للصلاةِ السريعةِ

بين الرماح وبين دمي.

نصف دائرةٍ ترجعُ الخيلُ قوسا

ويلمعُ وجهي ووجهك حيفا وعُرسا


وفي شهر آذار ينخفضُ البحر عن أرضنا المستطيلة مثل

حصانٍ على وترِ الجنس

في شهر آذار ينتفضُ الجنسُ في شجر الساحل العربي

وللموج أن يحبس الموج ... أن يتموّج...أن

يتزوّج .. أو يتضرّج بالقطن

أرجوك – سيّدتي الأرض – أن تسكنيني

صهيلك

أرجوك أن تدفنيني مع الفتيات الصغيرات بين البنفسج

والبندقية
أرجوك – سيدتي الأرض – أن تخصبي عمري المتمايل

بين سؤالين : كيف ؟ وأين ؟

وهذا ربيعي الطليعي

وهذا ربيعي النهائيّ

في شهر آذار زوّجتُ الأرضُ أشجارها.


-6-


كأنّي أعود إلى ما مضى

كأنّي أسيرُ أمامي

وبين البلاط وبين الرضا

أعيدُ انسجامي

أنا ولد الكلمات البسيطه

وشهيدُ الخريطه

أنا زهرةُ المشمش العائليه.

فيا أيّها القابضون على طرف المستحيل

من البدء حتّى الجليل

أعيدوا إليّ يديّ

أعيدوا إليّ الهويّه !


-7-


وفي شهر آذار تأتي الظلال حريرية والغزاة بدون ظلال

وتأتي العصافير غامضةً كاعتراف البنات

وواضحة كالحقول

العصافير ظلّ الحقول على القلب والكلمات.

خديجة!

- أين حفيداتك الذاهباتُ إلى حبّهن الجديد ؟

- ذهبن ليقطفن بعض الحجارة-

قالت خديجة وهي تحثّ الندى خلفهنّ.

وفي شهر آذار يمشي التراب دماً طازجاً في الظهيرة.

خمس بناتٍ يخبّئن حقلاً من القمح تحت الضفيرة.

يقرأن مطلع أنشودةٍ على دوالي الخليل، ويكتبن

خمس رسائل:

تحيا بلادي

من الصفر حتّى الجليل

ويحلمن بالقدس بعد امتحان الربيع وطرد الغزاة.

خديجةُ! لا تغلقي الباب خلفك

لا تذهبي في السحاب

ستمطر هذا النهار

ستمطرُ هذا النهار رصاصاً

ستمطرُ هذا النهار!

وفي شهر آذار، في سنة الانتفاضة، قالت لنا الأرض

أسرارها الدّمويّة: خمسُ بناتٍ على باب مدرسةٍ

ابتدائية يقتحمن جنود المظلاّت. يسطعُ بيتٌ

من الشعر أخضر... أخضر. خمسُ بناتٍ على

باب مدرسة إبتدائيّة ينكسرن مرايا مرايا

البناتُ مرايا البلاد على القلب..

في شهر آذار أحرقت الأرض أزهارها.


-8-


أنا شاهدُ المذبحه

وشهيد الخريطه

أنا ولد الكلماتُ البسيطه

رأيتُ الحصى أجنحه

رأيت الندى أسلحه

عندما أغلقوا باب قلبي عليّا

وأقاموا الحواجز فيّا

ومنع التجوّل

صار قلبي حارةْ

وضلوعي حجارةْ

وأطلّ القرنفل

وأطلّ القرنفل


-9-


وفي شهر آذار رائحةٌ للنباتات. هذا زواجُ العناصر.

"آذار أقسى الشهور" وأكثرها شبقاً. أيّ

سيفٍ سيعبرُ بين شهيقي وبين زفيري ولا يتكسّرُ !

هذا عناقي الزّراعيّ في ذروة الحب. هذا انطلاقي

إلى العمر.

فاشتبكي يا نباتات واشتركي في انتفاضة جسمي، وعودة

حلمي إلى جسدي

سوف تنفجرُ الأرضُ حين أُحقّقُ هذا الصراخ المكبّل

بالريّ والخجل القرويّ.

وفي شهر آذار نأتي إلى هوس الذكريات، وتنمو علينا

النباتات صاعدةً في اتّجاهات كلّ البدايات. هذا

نموُّ التداعي. أُسمّي صعودي إلى الزنزلخت التداعي.

رأيت فتاةً على شاطئ البحر قبل ثلاثين عاماً

وقلتُ: أنا الموجُ، فابتعدت في التداعي. رأيتُ

شهيدين يستمعان إلى البحر: عكّا تجئ مع الموج.

عكّا تروح مع الموج. وابتعدا في التداعي.

ومالت خديجة نحو الندى، فاحترقت. خديجة ! لا

تغلقي الباب !

إن الشعوب ستدخلُ هذا الكتاب وتأفل شمسُ أريحا

بدونِ طقوس.

فيا وطن الأنبياء...تكامل !

ويا وطن الزارعين .. تكامل

ويا وطن الشهداء.. . تكامل

ويا وطن الضائعين .. تكامل

فكلّ شعاب الجبال امتدادٌ لهذا النشيد.

وكلّ الأناشيد فيك امتدادٌ لزيتونة زمّلتني.


-10-


مساءٌ صغيرٌ على قريةٍ مهمله

وعيناك نائمتان

أعودُ ثلاثين عاماً

وخمس حروبٍ

وأشهدُ أنّ الزمانْ

يخبّئ لي سنبله


يغنّي المغنّي

عن النار والغرباء

وكان المساءُ مساء

وكان المغنّي يغنّي

ويستجوبونه :

لماذا تغنّي؟

يردّ عليهم:

لأنّي أغنّي

****

وقد فتّشوا صدرهُ

فلم يجدوا غير قلبه

وقد فتّشوا قلبه

فلم يجدوا غير شعبه

وقد فتشوا صوته

فلم يجدوا غير حزنه

وقد فتّشوا حزنه

فلم يجدوا غير سجنه

وقد فتّشوا سجنه

فلم يجدوا غيرهم في القيود


وراء التّلال

ينامُ المغنّي وحيداً

وفي شهر آذار

تصعدُ منه الظلال


-11-

أنا الأملُ والسهلُ والرحبُ – قالت لي الأرضُ والعشبُ

مثل التحيّة في الفجر

هذا احتمالُ الذهاب إلى العمر خلف خديجة. لم يزرعوني

لكي يحصدوني

يريد الهواء الجليليّ أن يتكلّم عنّي، فينعسُ عند خديجة

يريد الغزال الجليليّ أن يهدم اليوم سجني، فيحرسُ ظلّ

خديجة وهي تميل على نارها.

يا خديجةُ! إنّي رأيتُ .. وصدّقتُ رؤياي تأخذني

في مداها وتأخذني في هواها. أنا العاشق الأبديّ،

السجين البديهيّ. يقتبس البرتقالُ اخضراري ويصبحُ

هاجسَ يافا

أنا الأرضُ منذ عرفت خديجة

لم يعرفوني لكي يقتلوني

بوسع النبات الجليليّ أن يترعرع بين أصابع كفّي ويرسم

هذا المكان الموزّع بين اجتهادي وحبّ خديجة

هذا احتمال الذهاب الجديد إلى العمر من شهر آذار حتّى

رحيل الهواء عن الأرض

هذا الترابُ ترابي

وهذا السحابُ سحابي

وهذا جبين خديجه

أنا العاشقُ الأبديّ – السجينُ البديهيّ

رائحة الأرض توقظني في الصباح المبكّر..

قيدي الحديديّ يوقظها في المساء المبكّر

هذا احتمال الذهابِ الجديد إلى العمر،

لا يسأل الذاهبون إلى العمر عن عمرهم

يسألون عن الأرض: هل نهضت

طفلتي الأرض !

هل عرفوك لكي يذبحوك ؟

وهل قيّدوك بأحلامنا فانحدرت إلى جرحنا في الشتاء؟

وهل عرفوك لكي يذبحوك

وهل قيّدوك بأحلامهم فارتفعت إلى حلمنا في الربيع؟

أنا الأرض..

يا أيّها الذاهبون إلى حبّة القمح في مهدها

احرثوا جسدي!

أيّها الذاهبون إلى جبل النار

مروا على جسدي

أيّها الذاهبون إلى صخرة القدس

مرّوا على جسدي

أيّها العابرون على جسدي

لن تمرّوا

أنا الأرضُ في جسدٍ

لن تمرّوا

أنا الأرض في صحوها

لن تمرّوا

أنا الأرض. يا أيّها العابرون على الأرض في صحوها

لن تمرّوا

لن تمرّوا

لن تمرّوا !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 1:36 am



نشيد إلى الأخضر


إنّك الأخضر . لا يشبهك الزيتون ، لا يمشي إليك

الظلّ ، لا تتّسع الأرض لرايات صباحك .

ووحيد في انعدام اللون ،

تمتدّ من اليأس إلى اليأس

وحيدا وغريبا كالرجاء الآسيويّ

إنّك الأخضر ، من أوّل أمٍّ حمّلتك الاسم حتى

أحدث الأسلحة

الأخضر أنت الأخضر الطالع من معركة الألوان

والغابات ريش في جناحك .

وقتك القمح الجماعيّ ، الزفاف الدمويّ .

إنّك الأخضر مثل الصرخة الأولى لطفل يدخل العالم

من باب الخيانات ،

ومثل الطلقة الأولى لجنديّ

رأى قصر الشتاء الملكيّ .

وانتظرناك على النرجس

أجراسا وقتلى

وخلقناك ، لكي تخلقنا

ضوءا وظلا .

إنّك الأخضر . لا يشبهك الزيتون ، لا يمشي إليك

الظلّ .لا تتّسع الأرض لرايات صباحك

ونشيدي لك يأتي دائما أسود من كثرة موتي قرب نيران

جراحك

فلتجدّد أيّها الأخضر موتي وانفجاري

إنّ في حنجرتي عشرة آلاف قتيل يطلبون الماء ،

جدّد أيّها الأخضر صوتي وانتشاري

إنّ في حنجرتي كفّا تهزّ النخل

من أجل فتى يأتي نبيا

أي : فدائيّا

وجدّد أيّها الأخضر صوتي . إنّ في حنجرتي خارطة

الحلم وأسماء المسيح الحيّ

جدّد أيّها الأخضر موتي

إنّ في جثّتي الأخرى فصولا وبلاد

أيّها الأخضر في هذا السواد السائد ، الأخضر في بحث

المناديل عن النيل وعن مهر العروس

الأخضرالأخضر في كلّ البساتين التى أحرقها السلطان

والأخضر في كلّ رماد

لن أسمّيك انتقال الرمز من حلم إلى يوم

أسمّيك الدم الطائر في هذا الزمان

وأسمّيك انبعاث السنبله

وأنا أكتب شعرا، أي :أموت الآن. فلتذهب أصول

الشعر وليتضح الخنجر ولينكشف الرمز : الجماهير

هي الطائر والأنظمة الآن تسمى قتله

أيّها الطائر من جثّتي الكاملة المكتمله

في فضاء واضح كالخبز ...

يا أخضر ! لا يقترب البحر كثيرا من سؤالي

أيّها الأخضر

لا يبتعد البحر كثيرا عن سؤالي

وأنا أذكر ،

أو لا أذكر الحادثة الأولى ،

ولكني أرى طقس اغتيالي

وأنا العائد من كل اغتيال

مستحيلا في جسد

فلتواصل أيّها الأخضر

لون النار والأرض وعمر الشهداء

ولتحاول أيّها الأخضر

أن تأتي من اليأس إلى اليأس

وحيدا يائسا كالأنبياء

ولتواصل أيّها الأخضر لونك

ولتواصل أيّها الأخضر لوني

إنّك الأخضر . والأخضر لا يعطي سوى الأخضر ،

لا يشبهنا الزيتون ،

لا يمشي إلينا الظلّ ،

لا تتسع الأرض لوجهي

في صباحك ! ...

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 1:39 am



وتحمل عبء الفراشة


ستقول : لا ، وتمزّق الألفاظ والنهر البطيء . ستلعن

الزمن الرديء ، وتخفي في الظلّ . لا- للمسرح

اللغويّ . لا - لحدود هذا الحلم . لا- للمستحيل


تأتي إلى مدن وتذهب . سوف تعطي الظلّ أسماء

القرى . وتحذّر الفقراء من لغة الصدى والأنبياء .

وسوف تذهب ... سوف تذهب ، والقصيدة

خلف هذا البحر والماضي . ستشرح هاجسا فيجيء

حرّاس الفراغ العاجزون الساقطون من البلاغة

والطبول .


لنشيدك انكسرت سماء الماء . حطّاب وعاشقة ،

وينفتح الصباح على المكان . تواصل الكلمات

نسيانا تزوّج ألف مذبحة . يجيء الموت أبيض .

تهطل الأمطار . يتضح المسدّس والقتيل .


سيجيئك الشهداء من جدران لفظتك الأخيرة . يجلسون

عليك تاجا من دم ، ويتابعون زراعة التفاح

خارج ذكرياتك . سوف تتعب ... سوف تتعب

سوف تطردهم فلا يمضون . تشتمهم فلا يمضون

يحتلّون هذا الوقت . تهرب من سعادتهم إلى وقت

يسير على الشوارع والفصول.


ويجيئك الفقراء . لا خبز لديك ، ولا دعاء ينقذ القمح

المهدّد بالجفاف . تقول شيئا ما عن الغضب الذي

زفّ السنابل للسيوف . تقول شيئا ما عن النهر

المخبّأ في عباءات النساء القادمات من الخريف .

فيضحكون ويذهبون ، ويتركون الباب مفتوحا

لأسئلة الحقول .

لنشيدك اتسعت عيون العاشقات . نعم تسمّي خصلة

القمح البلاد ، وزرقة البحر البلاد . نعم تسمّي

الأرض سيّدة من النسيان . ثم تنام وحدك بين

رائحة الظلال وقلبك المفقود في الدرب الطويل .


ستقول طالبة : وما نفع القصيدة ؟ شاعر يستخرج

الأزهار والبارود من حرفين . والعمال مسحوقون

تحت الزهر والبارود في حربين . ما نفع القصيدة

في الظهيرة الظلال ؟ تقول شيئا ما وتخطىء : سوف

يقترب النخيل من اجتهادي ، ثم يكسرك النخيل .


لنشيدك انتشرت مساحات البياض وحنكة الجلاّد .

تأتي دائما كالانتحار فيطلبون الحزن أقمشة .

وتأتي دائما كالانفجار فيطلبون الورد خارطة . ستأتي

حين تذهب ، ثم تأتي حين تذهب، ثم يبتعد

الوصول .


ستكون نسرا من لهيب، والبلاد فضاءك الكحليّ .

تسأل : " هل أسأت إليك يا شعبي ؟ " وتنكسر

السفوح على جناح النسر . يحترق الجناح على بخار

الأرض .تصعد ، ثم تهبط ، ثم تصعد ثم تدخل

في السيول .


وتمرّ من كل البدايات احتفالا : " هل أسأت إليك

يا زمني ؟ " تغنّي الأخضر الممتدّ بين يدين

يابستين : تدخل وردة وتصبح : ما هذا الزحام؟ .

ترى دما فتصبح : من قتل الدليل ؟


وتموت وحدك .سوف تتركك البحار على شواطئها

وحيدا كالحصى . ستفرّ منك المكتبات ، السيّدات ،

الأغنيات ، شوارع المدن ، القطارات ، المطارات،

البلاد تفرّ من يدك التي خلقت بلادا للهديل .


وتموت وحدك . سوف تهجرك البراكين التي كانت

تطيع صهيلك الدامي . وتهجرك اندفاعات الدم

الجنسيّ. والفرح الذي يرميك للأسماك . يهجرك

التساؤل والتعامل بين أغنية وسجّان ويهجرك

الصهيل .


وسيدفنون العطر بعدك . يمنحون الورد قيدك .

يحكمون على الندى المهجور بالإعدام بعدك.

يشعلون النار في الكلمات بعدك . يسرقون الماء من

أعشاب جلدك . يطردونك من مناديل الجليل .


وتقول لا - للمسرح اللغويّ

لا – لحدود هذا الحلم

لا - للمستحيل.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 1:41 am




الحديقة النائمة



سرقت يدي حين عانقها النوم ،

غطّيت أحلامها ،

نظرت إلى عسل يختفي خلف جفنين،

صلّيت من أجل ساقين معجزتين ،

انحنيت على نبضها المتواصل،

شاهدت قمحا على مرمر ونعاس،

بكت قطرة من دمي

فارتجفت ..

الحديقة نائمة في سريري .


ذهبت إلى الباب ،

لم التفت نحو روحي التي واصلت نومها

سمعت رنين خطاها القديم وأجراس قلبي

ذهبت إلى الباب

- مفتاحها في حقيبتها

وهي نائمة كالملاك الذي مارس الحب -

ليل على مطر في الطريق ، ولا صوت يأتي

سوى نبضها والمطر .


ذهبت إلى الباب ،

ينفتح الباب،

أخرج .

ينغلق الباب،

يخرج ظلي ورائي .

لماذا أقول وداعا ؟

من الآن صرت غريبا عن الذكريات وبيتي.

هبطت السلالم ،

لا صوت يأتي

سوى نبضها والمطر

وخطوي على درج نازل

من يديها إلى رغبة في السفر .


وصلت إلى الشجره

هنا قبلتني

هنا ضربتني صواعق من فضة وقرنفل .

هنا كان عالمها يبتدىء

هنا كان عالمها ينتهي .

وقفت ثواني من زئبق وشتاء ،

مشيت ،

ترددت ،

ثم مشيت ،

أخذت خطاي وذاكرتي المالحه

مشيت معي .


لا وداع ولا شجره

فقد نامت الشهوات وراء الشبابيك ،

نامت جميع العلاقات ،

نامت جميع الخيانات خلف الشبابيك ،

نام رجال المباحث أيضا ..


وريتا تنام … تنام وتوقظ أحلامها .

في الصباح ستأخذ قبلتها ،

وأيامها ،

ثم تحضر لي قهوتي العربية

وقهوتها بالحليب .

وتسأل للمرة الألف عن حبّنا

وأجيب

بأني شهيد اليدين اللتين

تعدان لي قهوتي في الصباح .


وريتا تنام … تنام وتوقظ أحلامها

- نتزوج؟

نعم .

- متى ؟

حين ينمو البنفسج

على قبعات الجنود .


طويت الأزقة ، مبنى البريد ، مقاهي الرصيف ، نوادي

الغناء ، وأكشاك بيع التذاكر .

أحبّك ريتا . أحبّك . نامي وأرحل

بلا سبب كالطيور العنيفة أرحل

بلا سبب كالرياح الضعيفة أرحل

أحبّك ريتا .أحبّك . نامي

سأسأل بعد ثلاثة عشر شتاء

سأسأل :

أما زلت نائمة

أم صحوت من النوم …

ريتا ! أحبّك ريتا

أحبّك ..


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 1:46 am




حالات وفواصل



-1-


هكذا قالت الشجرة المهملة


خارج الطقس،

أو داخل الغابة الواسعهْ

وَطَني.

هل تحسُّ العصافير أنّي

لها

وَطَنٌ...أو سَفَرْ ؟


إنني أنتظرْ...


في خريف الغصون القصيرْ

أو ربيع الجذور الطويل

زَمَني.

هل تحسُّ الغزالة أنّي

لها

جَسَدٌ... أو ثَمَرْ؟


إنني أنتظرْ...


في المساء الذي يتنزه بين العيون

أزرقاً , أخضراً ’ أو ذَهَبْ

بَدَني

هل يحسُّ المحبّون أني

لهم

شرفةٌ ... أو قمرْ؟

إنني أنتظر...


في الجفاف الذي يكسرُ الريح

هل يعرف الفقراء

أنني

منبع الريح؟ هل يشعرون بأني لهم

خنجرٌ...أو مطرْ ؟

إنني أنتظر...


خارجَ الطقس،

أو داخل الغابة الواسعهْ

كان يهملني مَنْ أُحبُّ

ولكنني

لن أُودِّع أغصاني الضائعهْ

في زحام الشجرْ


إنني أنتظر...


-2-



قطار الساعة الواحدة



رَجُلٌ وامرأةٌ يفترقانْ

ينفضان الورد عن قلبيهما،

ينكسرانْ

يخرج الظلُّ من الظلّ

يصيران ثلاثة :

رجلاً

وامرأةً

والوقتَ...


لا يأتي القطارْ

فيعودان إلى المقهى

يقولان كلاماً آخراً,

ينسجمان

ويحبان بزوغ الفجر من أوتار جيتار

ولا يفترقان...


....وتلفتُّ أجيل الطرفَ في ساحات هذا القلب.

ناداني زفاق ورفاق يدخلون القبو والنسيان في مدريد.

لا أنسى من المرأة إلاّ وجهها أو فَرَحي...

أنساكِ أنساكِ وأنساكِ كثيراً


لو تأخرنا قليلاً

عن قطار الواحدهْ.

لو جلسنا ساعةً في المطعم الصينيّ,

لو مَرَّتْ طيورٌ عائدهْ.

لو قرأنا صحف الليل

لكنا

رجلاً وامرأة يلتقيان....


-3-


لمساء آخر


كُلُّ خوخ الأرض ينمو في جَسَدْ

وتكون الكلمهْ

وتكون الرغبة المحتدمهْ

سقط الظل عليها

لا أحدْ

لا أحدْ..


وتغني وحدها

في طريق العربات المهملهْ

كلُّ شيء عندها

لقبٌ للسنبلهْ

وتغني وحدها :


البحيراتُ كثيرهْ

وهي النهر الوحيد

قصتي كانت قصيرهْ

وهي النهر الوحيد.

سأراها في الشتاء

عندما تقتلني

وستبكي

وستضحك

عندما تقتلني

وأراها في الشتاء .


إنني أذكرُ

أو لا أذكرُ

العمر تبخَّرْ

في محطات القطارات

وفي خطوتها

كان شيئاً يشبهُ الحبَّ

هواء يتكسَّرْ

بين وجهين غريبين,

وموجاً يتحجَّرْ

بين صدرين قريبين ,

ولا أذكرها...

وتغني وحدها

لمساء آخر هذا المساء

وأنادي وردها

تذهب الأرض هباء

حين تبكي وحدها.


كلماتي كلماتْ

للشبابيك سماء

للعصافير فضاء

للخطى دربٌ وللنهر مصبٌّ

وأنا للذكريات

كلماتي كلماتْ

وَهيَ الأولى. أنا الأوَّلُ

كنا . لم نكن

جاء الشتاء

دون أن تقتلني...

دون أن تبكي وتضحك

كلمات

كلمات.


-4-


يوم أحد أزرق


تجلسُ المرأةُ في أغنيتي

تغزل الصوف،

تصب الشاي ،

والشباكُ مفتوحٌ على الأيامِ

والبحرُ بعيدْ ..


ترتدي الأزرقَ في يوم الأحدْ،

تتسلى بالمجلاَّت وعادات الشعوب،

تقرأ الشعر الرومنتيكيَّ،

تستلقي على الكرسيِّ،

والشباكُ مفتوح على الأيام،

والبحرُ بعيدْ .


تسمع الصوت الذي لا تنتظر

تفتح الباب،

ترى خطوة إنسان يسافر.

تغلق الباب،

ترى صورته . تسألها : هل أنْتَحِرْ؟

تنتقي موزارت،

ترتاح مع الأرض السماويةِ،

والشباكُ مفتوحٌ على الأيامِ

والبحر بعيدْ.


... والتقينا،

ووضعتُ البحر في صحن خزف ،

واختفتْ أغنيتي

أنت، لا أغنيتي

والقلبُ مفتوحٌ على الأيامِ،

والبحر سعيدْ ..


-5-


حالة واحدة لبحار كثيرة


التقينا قبل هذا الوقت في هذا المكانِ

ورمينا حجراً في الماء،

مرَّ السمكُ الأزرقُ

عادت موجتانِ

وتموَّجنا.

يدي تحبو على العطر الخريفيّ،

ستمشين قليلاً

وسترمين يدي للسنديانِ

قلتُ : لا يشبهكِ الموجُ

ولا عمري

تمدَّدْتُ على كيس من الغيم

وشقَّ السمكُ الأزرق صدري

ونفاني في جهات الشّعْر، والموتُ دعاني

لأموت الآن بين الماء والنار

وكانت لا تراني

إن عينيها تنامان تنامان..


سأرمي عَرَقي للعشب،

لن أنسى قميصي في خلاياكِ،

ولن أنسى الثواني،

وسأعطيك انطباعاً عاطفياً ..


لم تقل شيئاً

سترميني إلى الأسماك والأشواك،

عيناها تنامان تنامان ..

سَبَقْنا حُلْمَنا الآتي،

سنمشي في اتجاه الرمل صيادَيْنِ مقهورين

يا سيدتي !

هل نستطيع الآن أن نرمي بجسمينا إلى القطَّة

يا سيدتي ! نحن صديقان.


ونَامَ السَّمَكُ الأزرق في الموج

وأعطتنا الأغاني

سرَّها ،

فاتضح الليلُ ،

أنا شاهدتُ هذا السر من قبل

ولا أرغب في العودة،

لا أرغب في العودة،

لا أطلب من قلبك غير الخفقانِ.


كيف يبقى الحلم حلماً

كيف

يبقى

الحلم

حلماً

وقديماً , شردتني نظرتان

والتقينا قبل هذا اليوم في هذا المكان !


-6-


الصهيل الأخير



وأصبُّ الأغنيه

مثلما ينتحر النهرُ على ركبتها .

هذه كل خلايايَ

وهذا عَسَلي ،

وتنام الأمنيهْ.


في دروبي الضيِّقهْ

ساحةٌ خاليةٌ،

نسرٌ مريضٌ،

وردة محترقهْ

حُلُمي كان بسيطاً

واضحاً كالمشنقهْ :

أن أقول الأغنيهْ.


أين أنتِ الآن ؟

من أي جبلْ

تأخذين القمر الفضّيَّ

من أيِّ انتظارْ ؟

سيّدي الحبَّ ! خطانا ابتعدتْ

عن بدايات الجبلْ

وجمال الانتحار

وعرفنا الأوديهْ


أسبقُ الموت إلى قلبي

قليلاً

فتكونين السفرْ

وتكونين الهواء

أين أنتِ الآن

من أي مطر

تستردين السماء ؟

وأنا أذهب نحو الساحة المنزويهْ


هذه كل خلاياي،

حروبي،

سُبُلي

هذه شهوتَي الكبرى

وهذا عسلي،

هذه أغنيتي الأولى

أغني دائماً

أغنية أولى ،

ولكن

لن أقول الأغنية.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 1:51 am


لماذا تركت الحصان وحيدا




أرى شبحي قادماً من بعيد...


أُطِلُّ كشُرفة بيتٍ، على ما أريد

أُطلُّ على أصدقائي وهم يحملون بريد

المساء: نبيذاً وخبزاً،

وبعضَ الروايات والأسطوانات...


أُطلُّ على نورسٍ، وعلى شاحنات جنود

تُغَيِّرُ أشجارَ هذا المكان.


أُطلُّ على كلبِ جاري المهاجرِ

من كندا، منذ عامٍ ونصف...


أُطلُّ على إسم "أبي الطّيّب المتنبّي"،

المسافر من طبريّا إلى مصر

فوق حصان النشيد


أُطلُّ على الوردة الفارسية تصعد

فوق سياج الحديد


أُطلُّ، كشرفةَ بيتٍ، على ما أريد


أُطلُّ على شجرٍ يحرُسُ الليل من نفسه

ويحرس نومَ الذين يُحبُّونني مَيِّتاً...


أُطلُّ على الريح تبحثُ عن وطن الريح

في نفسها...


أُطلُّ على امرأةٍ تتشمّسُ في نفسها...


أُطلُّ على موكب الأنبياء القدامى

وهم يصعَدون حُفاةً إلى أُورشليم

وأسألُ: هل من نبيٍّ جديدٍ

لهذا الزّمان الجديد


أُطلُّ، كشرفة بيت، على ما أريد


أُطلُّ على صورتي وهي تهرب من نفسها

إلى السُلَّم الحجريّ، وتحمل منديل أُمّي

وتخفق في الريح: ماذا سيحدث لو عدتُ

طفلاً؟ وعدتُ إليكِ... وعدتِ إليَّ


أُطلُّ على جذع زيتونةٍ خبَّأتْ زكريّا

أُطلُّ على المفردات التي انقرضت في "لسان العرب"


أُطلُّ على الفُرس، والروم، والسومريين،

واللاجيئينَ الجُدُد...


أُطلُّ على عِقْد إحدى فقيراتِ طاغور

تطحنُهُ عرباتُ الأمير الوسيم...


أُطلُّ على هُدْهُدٍ مُجهَدٍ من عتاب المللك


أُطلُّ على ما وراء الطبيعة:

ماذا سيحدث... ماذا سيحدث بعد الرماد؟


أُطلُّ على جسدي خائفاً من بعيد...

أطلُّ كشرفة بيتٍ، على ما أريد


أُطلُّ على لغتي بعد يومين. يكفي غيابٌ

قليلٌ ليفتحَ أسخِيليُوسُ البابَ للسِلمِ،

يكفي

خطابٌ قصير ليُشعل أنطونيو الحرب

يَدُ امرأةٍ في يدي

كي أُعانق حُرِّيَّتي

أن يبدأ المدُّ والجَزْرُ في جسدي من جديد


أُطلُّ، كشرفة بيتٍ، على ما أريد


أُطلُّ على شَبَحي

قادماً

من

بعيد..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 1:54 am



في يدي غيمة



أَسْرَجوا الخَيْلَ،

لا يعرفون لماذا،

ولكنّهم أسرجوا الخيل في السهل


... كان المكان مُعَدّاً لمَولده: تلَّةً

من رياحين أجدادِه تتلفَّتُ شرقاً وغرباً. وزيتونةً

قربَ زيتونةٍ في المصاحف تُعْلي سُطُوحَ اللغة...

ودخاناً من اللازَوَرْدِ يُؤَثِّثُ هذا النهار لمَسْألةٍ

لا تخصُّ سوى الله. آذارُ طفلُ

الشهور المدللُ. آذارُ يندفُ قطناً على شجر

اللوز. آذارُ يُولِمُ خبّيزةً لِفناء الكنيسةِ.

آذارُ أرضٌ لِلَيْلِ السُنُونو، ولامرأةٍ

تستعدُّ لصرختها في البراري... وتمتدُّ في شجر السنديانْ.


يُولدُ الآنَ طفلٌ،

وصرختُهُ،

في شقوق المكانْ


إفترقنا على دَرَج البيت. كانوا يقولون:

في صرختي حَذَرٌ لا يُلائمُ طَيشَ النباتاتِ،

في صرختي مَطَرٌ؛ هل أسأتُ إلى إخوتي

عندما قلتُ إني رأيتُ ملائكةً يلعبون مع الذئب

في باحة الدار؟ لا أتذكَّرُ

أسماءَهم. ولا أتذكرُ أيضاً طريقَتَهُم في

الكلام... وفي خفَّة الطيران


أصدقائي يرفّون ليلاً، ولا يتركونْ

خلفهمْ أثراً. هل أقولُ لأمي الحقيقة:

لي إخوةٌ آخرونْ

إخوةٌ يَضَعُونَ على شرفتي قمراً

إخوةٌ ينسجون بإبرتهم معطفَ الأقحوانْ


أسْرَجوا الخيلَ،

لا يعرفون لماذا،

ولكنهم أسرجوا الخيل في آخر الليل


... سَبْعُ سنابلَ تكفي لمائدةِ الصيفَ.

سَبْعُ سنابل بين يدي. وفي كل سُنْبُلةٍ

يُنْبِتُ الحقلُ حقلاً من القمح. كان

أبي يَسْحَبُ الماءَ من بِئْره ويقولُ

لهُ: لا تجفَّ. ويأخذني من يدِيْ

لأرى كيف أكبُرُ كالفَرْفَحِينَةِ...

أمشي على حافة البئر : لي قمران

واحدٌ في الأعالي

وآخرُ في الماءِ يسبحُ... لِيْ قمرانْ

واثِقينَ، كأسلافهم، من صَوابِ


الشرائع... سكُّوا حديدَ السيوفِ

محاريثَ. لن يُصْلِحَ السيفُ ما

أفسَدَ الصيفُ – قالوا. وصَلُّوا

طويلاً. وغنّوا مدائحهم للطبيعةِ...

لكنهم أسرجوا الخيل،

كي يَرقُصوا رقصةَ الخيلِ،

في فضَّة الليل...


تجرحني غيمةٌ في يدي: لا

أريدُ من الأرض أكثرَ منْ

هذه الأرضِ: رائحةِ الهالِ والقشِّ

بين أبي والحصانْ.

في يدي غَيمةٌ جَرَحَتني. ولكنني

لا أريدُ من الشمس أكثرَ

من حبَّة البرتقال وأكثرَ من

ذَهَبٍ سال من كلمات الأذانْ


أسرجوا الخَيْلَ،

لا يعرفون لماذا،

ولكنهم أسرجوا الخيل

في آخر الليل، وانتظروا

شَبحاً طالعاً من شُقُوق المكانْ...

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 1:57 am



قرويُّون، منْ غَيْرِ سُوء..

لم أكن بعدُ أعرف عاداتِ أمي، ولا أهلها

عندما جاءت الشاحناتُ من البحر. لكنّني

كُنْتُ أعرفُ رائحةَ التبغ حول عباءة جدّي

ورائحة القهوةِ الأبديّة، منذ وُلدتُ

كما يولدُ الحيوانُ الأليفُ هُنا

دفعةً واحدةْ !


نحن أيضاً لنا صرخةٌ في الهبوط إلى حافَّةِ

الأرضِ. لكننا لا نُخَزِّنُ أصواتنا

في الجرارِ العتيقةِ. لا نشنق الوَعْلَ

فوق الجدارِ، ولا ندَّعي ملكُوتَ الغبار،

وأحلامنا لا تُطِلُّ على عِنَبِ الآخرين،

ولا تكسِرُ القاعدةْ !


لم يكن بعدُ لاسميَ ريشٌ فأقفز أَبعَدَ

بعد الظّهيرةِ. كانت حرارةُ إبريلَ مثل

رباباتِ زوّارنا العابرين تطيِّرنا كالحمامات.

لي جَرَسٌ أوَّلٌ: جاذبيَّةُ أنثى تراوغني

لأشمَّ الحليبَ على ركبتيها، فأهرب

من لسْعة المائدةْ !


نحن أيضاً لنا سرُّنا عندما تقع الشمسُ

عن شجر الحَورِ: تخطفُنا رغبةٌ في البكاء

على أحدٍ مات من أجل لا شيء ماتَ،

وتجرفنا صَبْوةٌ لزيارة بابلَ أو جامعٍ

في دمشقَ، وتذرفُنا دمعةٌ من هديلِ

اليمامات في سيرة الوجع الخالدة!


قرويّون، من غير سوءٍ، ولا نَدَمٍ

في الكلام. وأسماؤنا مثل أيَّامنا تتشابهُ،

أسماؤنا لا تدلُّ علينا تماماً. ونَنْدَسُّ

بين حديث الضيوف. لنا ما نقولُ عنِ

الأرض للأجنبيَّة حين تُطرِّزُ منديلها ريشةً

ريشةً من فضاء عاصفيرنا العائدة!


لم تكن للمكان مساميرُ أقوى من الزنزلختْ

عندما جاءتِ الشاحناتُ من البحر. كنا

نهيِّىءُ وجبةَ أبقارنا في حظائرها، ونرتِّبُ

أيامنا في خزائن من شُغلنا اليدويِّ

ونخطب وُدَّ الحصان، ونُومىءُ

للنجمة الشاردة.


نحن أيضاً صعدنا إلى الشاحنات. يُسامِرُنا

لمعانُ الزُّمُرُّدِ في ليل زيتوننا، ونُباحُ

كلابٍ على قمرٍ عابرٍ فوق بُرجِ الكنيسةِ،

لكننا لم نكن خائفين. لأن طفولتنا لم

تجىءْ معنا. واكتفينا بأغنية: سوف نرجع

عمَّا قليل إلى بيتنا... عندما تُفرِغُ الشاحناتُ

حُمُولتها الزّائدةْ!


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 2:03 am




ليلة البوم




هاهنا حاضر لا يلامسه الأمس

حين وصلنا إلى آخر الشجرات

انتبهنا إلى أننا لم نعد قادرين على الانتباه

وحين التفتنا إلى الشاحنات

رأينا الغياب يكدس أشياءه المنتقاة

وينصب خيمته الأبدية من حولنا


هاهنا حاضر لا يلامسه الأمس

ينسل من شجر التوت خيط الحرير

حروفا على دفتر الليل

لا شيء غير الفَراش يضيء جسارتنا في النزول

إلى حفرة الكلمات الغريبة

هل كان هذا الشقي أبي ؟

ربما أتدبر أمري هنا

ربما ألد الآن نفسي بنفسي

وأختار لاسمي حروفا عمودية


هاهنا حاضرٌ

جالس في خلاء الأواني يحدق

في أثر العابرين على قصب النهر

يصقل ناياتهم بالهواء

لعل الكلام يشفُّ فنبصر فيه النوافذ مفتوحة

ولعل الزمان يحث الخطى معنا

حاملا غدنا في حقائبه


هاهنا حاضر


لا زمان له

لم يجد أحدٌ هاهنا أحدا يتذكر

كيف خرجنا من الباب ريحا وفي

أي وقت وقعنا عن الأمس فانكسر

الأمس فوق البلاط شظايا يركبها

الآخرون مرايا لصورتهم بعدنا ...


هاهنا حاضر


لا مكان له

ربما أتدبر أمري وأصرخ في

ليلة البوم : هل كان ذلك الشقي

أبي، كي يحمّلني عبء تاريخه ؟

ربما أتغير في اسمي وأختار

ألفاظ أمي وعاداتها مثلما ينبغي

أن تكون كأن تستطيع مداعبتي

كلما مسّ ملحٌ دمي، وكأن تستطيع

معالجتي كلما عضني بلبلٌ في فمي !

ههنا حاضر ٌ

عابر

ههنا علق الغرباء بنادقهم فوق

أغصان زيتونة، وأعدوا عشاءً

سريعا من العلب المعدنية، وانطلقوا

مسرعين إلى الشاحنات ...

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 2:06 am



أبَدُ الصُّبّار




إلى أين تأخُذُني يا أبي؟

إلى جِهَةِ الريحِ يا ولدي...


... وهُما يَخْرُجان مِنَ السَّهْل، حيثُ

أقام جنودُ بونابرتَ تلاًّ لِرَصدِ

الظلال على سور عكا القديم

– يقول أبٌ لإبنه: لا تَخَف. لا

تَخَف من ازير الرصاص! إلتصق

بالتراب لتنجو! سننجو ونعلو على

جبل في الشمال، ونرجع حين

يعود الجنود إلى أهلهم في البعيد


- ومن يسكن البيت من بعدنا

يا أبي؟

- سيبقى على حاله مثلما كان

يا ولدي!


تحسّس مفتاحه مثلما يتحسّس

أعضاءه، واطمأنَّ. وقال له

وهما يعبران سياجاً من الشوك:

يا ابني تذكر! هنا صلب الإنجليز

اباك على شوك صبارة ليلتين،

ولم يعترف أبداً. سوف تكبر يا

ابني، وتروي لمن يرثون بنادقهم

سيرة الدم فوق الحديد...


- لماذا تركتَ الحصان وحيداً؟

- لكي يؤنس البيتَ، يا ولدي،

فالبيوتُ تموتُ إذا غاب سُكانها...


تفتح الأبدية أبوابها، من بعيد،

لسيارة الليل. تعوي ذئاب

البراري على قمرٍ خائفٍ. ويقول

أبٌ لابنه: كُن قوياً كجدّك!

واصعد معي تلّة السنديان الأخيرة

يا ابني، تذكّر: هنا وقع الإنكشاريُّ

عن بغلةِ الحرب، فاصمُد معي

لنعود


- متى يا أبي؟

- غداً. ربما بعد يومين يا ابني!


وكان غدٌ طائشٌ يمضغ الريح

خلفهما في ليالي الشتاء الطويلة.

وكان جنودُ يُهُوشُعَ بن نونِ يبنون

قلعتهم من حجارة بيتهما. وهما

يلهثان على درب "قانا": هنا

مرَّ سيّدنا ذات يوم. هنا

جعل الماء خمراً. وقال كلاماً

كثيراً عن الحبّ، يا ابني تذكّر

غداً. وتذكّر قلاعاً صليبيةً

قدمتها حشائش نيسان بعد

رحيل الجنود...

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 2:08 am




كم مرةً ينتهي أمرنا


يتأمل أيامه في دخان السجائر

ينظر في ساعة الجيب :

لو أستطيع لأبطأت دقاتها

كي أؤخر نضج الشعير !

ويخرج من ذاته مرهقا نزقا :

جاء وقت الحصاد

السنابل مثقلة والمناجل مهملةٌ والبلاد

تبعد الآن عن بابها النبوي.

يحدثني صيف لبنان عن عنبي في الجنوب

يحدثني صيف لبنان عما وراء الطبيعة

لكن دربي إلى الله يبدأ

من نجمة في الجنوب ...


- هل تكلمني يا أبي ؟

- عقدوا هدنة في جزيرة رودوس

يا ابني

- وما شأننا نحن , ما شأننا يا أبي ؟

- وانتهى الأمر ...

- كم مرة ينتهي أمرنا يا أبي

- انتهى الأمر .قاموا بواجبهم :

حاربوا ببنادق مكسورة طائرات العدو

وقمنا بواجبنا وابتعدنا عن الزنزلخت

لئلا نحرك قبعة القائد العسكري .

وبعنا خواتم زوجاتنا ليصيدوا العصافير

يا ولدي !


-هل سنبقى إذا , ههنا يا أبي

تحت صفصافة الريح

بين السموات والبحر ؟


يا ولدي ! كل شيء هنا

سوف يشبه شيئا هناك

سنشبه أنفسنا في الليالي

ستحرقنا نجمة الشبه السرمدية

يا ولدي .!


- يا أبي , خفف القول عني !

- تركت النوافذ مفتوحة

لهديل الحمام

تركت على حافة البئر وجهي

تركت الكلام

على حبله فوق حبل الخزانة

يحكي , تركت الظلام

على ليله يتدثر صوف انتظاري

تركت الغمام


على شجر التين ينشر سرواله

وتركت المنام

يجدد في ذاته ذاته

وتركت السلام

وحيدا , هناك على الأرض


- هل كنت تحلم في يقظتي يا أبي ؟

- قم , سنرجع يا ولدي !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 2:12 am



إلى آخري

وإلى آخره...



- هل تَعِبْتَ من المشي

يا ولدي، هل تعبت؟

- نعم، يا أبي

طال ليلك في الدرب،

والقلب سال على أرض ليلِكَ

- ما زلتَ في خِفَّة القطِّ

فاصعد إلى كتفيَّ،

سنقطع عما قليل

غابة البطم والسنديان الأخيرة

هذا شمال الجليل

ولبنان من خلفنا،

والسماء لنا كلها من دمشق

إلى سور عكا الجميل

- ثم ماذا؟

- نعود إلى البيت

هل تعرف الدرب يا ابني

- نعم، يا أبي:

شرق خروبة الشارع العام

دربٌ صغيرٌ يضيقُ بصباره

في البداية، ثم يسير إلى البئر

أوسع أوسع، ثم يُطلُّ

على كرم عمي "جميل"

بائع التبغ والحلويات،

ثم يضيع على بيدر قبل

أن يستقيم ويجلس في البيت،

في شكل ببغاء،

- هل تعرف البيت، يا ولدي

- مثلما أعرف الدرب أعرفه:

ياسمينٌ يُطوِّق بوابةً من حديد

ودعسات ضوءٍ على الدرج الحجري

وعباد شمس يُحدّق في ما وراء المكان

ونحلٌ أليفٌ يُعِدُّ الفطور لجدّي

على طبق الخيزران،

وفي باحة البيت بئرٌ وصفصافةٌ وحصان

وخلف السياج غدٌ يتصفّحُ أوراقنا...


- يا أبي، هل تعبت

أرى عرقاً في عيونك؟

- يا ابني تعبتُ... أتحملني؟

- مثلما كنتَ تحملني يا أبي،

وسأحمل هذا الحنين

إلى

أوّلي وإلى أوَّلِه

وسأقطع هذا الطريق إلى

آخري... وإلى آخره!

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 2:15 am


فضاء هابيل





عُودُ إسماعيل


فرسٌ على وترين ترقص – هكذا

تُصغي أصابعه إلى دمه، وتنتشر القرى

كشقائق النعمان في الإيقاع. لا

ليلٌ هناك ولا نهارٌ. مسَّنا

طربٌ سماويٌّ، وهرولت الجهات إلى

الهيولى

هلِّلويا،

هلِّلويا،

كلُّ شيء سوف يبدأ من جديد

هو صاحب العود القديم، وجارنا

في غابة البلوط. يحمل وقته متخفّياً

في زيِّ مجنونٍ يُغني. كانت الحرب انتهت

ورماد قريتنا اختفى بسحابةٍ سوداء لم

يُولد عليها طائرُ الفينيق بعد، كما

توقعنا، ولم تنشف دماء الليل في

قمصان موتانا. ولم تطلع نباتاتٌ، كما

يتوقع النسيان، في خُوَذ الجنود

هلِّلويا،

هلِّلويا،

كل شيءٍ سوف يبدأ من جديد


كبقية الصحراء، ينحسر الفضاء عن الزمان

مسافةً تكفي لتنفجر القصيدة. كما اسماعيل

يهبط بيننا، ليلاً، وينشد: يا غريب،

أنا الغريب، وأنت مني يا غريب! فترحل

الصحراء في الكلمات. والكلمات تُهمِل قوّة

الأشياء: عُد يا عود... بالمفقود واذبحني

عليه، من البعيد إلى البعيد

هلِّلويا

هلِّلويا،

كل شيءٍ سوف يبدأ من جديد


يتحرك المعنى بنا... فنطير من سفحٍ إلى

سفحٍ رخاميّ. ونركض بين هاويتين زرقاوين.

لا أحلامنا تصحو، ولا حرس المكان

يغادرون فضاء إسماعيل. لا أرضٌ هناك

ولا سماء. مسّنا طربٌ جماعيٌّ أمام

البرزخ المصنوع من وترين. إسماعيل... غنِّ

لنا، ليصبح كل شيءٍ ممكناً قرب الوجود

هلِّلويا

هلِّلويا،

كل شيءٍ سوف يبدأ من جديد


في عود اسماعيل يرتفع الزفاف السومري

إلى أقاصي السيف. لا عدم هناك

ولا وجود. مسّنا شبق إلى التكوين:

من وتر يسيل الماء. من وترين يندلع

اللهيب. ومن ثلاثتهم تشع المرأة/الكون/

التجلي. غنّ اسماعيل للمعنى يحلق طائر

عند الغروب على أثينا بين تاريخين ...

غنّ جنازة في يوم عيد !

هلّلويا

هلّلويا،

كل شيء سوف يبدأ من جديد


تحت القصيدة : تعبر الخيل الغريبة. تعبر

العربات فوق كواهل الأسرى. ويعبر تحتها

النسيان والهكسوس. يعبر سادة الوقت،

الفلاسفة، امرؤ القيس الحزين على غد

ملقى على أبواب قيصر. يعبرون جميعهم تحت

القصيدة. يعبر الماضي المعاصر مثل تَيْمُورْلَنْكَ

يعبر تحتها. والأنبياء هناك أيضا يعبرون

وينصتون لصوت اسماعيل ينشد : يا غريب،

أنا الغريب، وأنت مثلي يا غريب الدار،

عد ... يا عود بالمفقود، واذبحني عليك

من الوريد إلى الوريد

هلّلويا

هلّلويا،

كل شيء سوف يبدأ من جديد


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 2:18 am




نزهة الغرباء


أعرف البيت من خصلة المريمية . أولى

النوافذ تجنح نحو الفراشات ... زرقاء ..

حمراء. أعرف خط السحاب وفي أي

بئر سينتظر القرويات في الصيف. أعرف

ماذا تقول الحمامة حين تبيض على فوهة

البندقية. أعرف من يفتح الباب للياسمينة

وهي تفتح أحلامنا لضيوف المساء


لم تصل بعد مركبة الغرباء


لم يصل أحدٌ فاتركيني هناك كما

تتركين التحية في مدخل البيت. لي أو

لغيري، ولا تحفلين بمن سوف يسمعها

أوّلا. واتركيني هناك كلاما لنفسي :

هل كنت وحدي " وحيدا كما الروح في

جسدٍ "؟ عندما قلت يوما : أحبكما,

أنت والماء. فالتمع الماء في كل شيء

كجيتارة تركت نفسها للبكاء


لم تصل بعد جيتارة الغرباء


فلنكن طيبين ! خذيني إلى البحرعند

الغروب , لأسمع ماذا يقول لكِ البحر

حين يعود إلى نفسه هادئا هادئا.

لن أغير ما بي. سأندس في موجةٍ

وأقول : خذيني إلى البحر ثانية. هكذا

يفعل الخائفون بأنفسهم : يذهبون إلى

البحر حين تعذبهم نجمة أحرقت نفسها في السماء .


لم تصل بعد أغنية الغرباء


أعرف البيت من خفقان المناديل. أولى

الحمامات تبكي على كتفي. وتحت سماء

الأناجيل يركض طفل بلا سببٍِ. يركض

الماء والسرو يركض، والريح تركض في

الريح، والأرض تركض في نفسها. قلت :

لا تسرعي في الخروج من البيت ... لا

شيء يمنع هذا المكان من الانتظار قليلا

هنا ، ريثما ترتدين قميص النهار وتنتعلين

حذاء الهواء


لم تصل بعد أسطورة الغرباء


لم يصل أحدٌ فاتركيني هناك كما

تتركين الخرافة في أي شخص يراك ِ فيبكي

ويركض في نفسه خائفا من سعادته :

كم أحبك , كم أنتِ أنتِ! ومن روحه

خائفا :لا أنا الآن إلا هي الآن فيّ.

ولا هي إلا أنا في هشاشتها. كم أخاف

على حلمي أن يرى حلما غيرها في

نهاية هذا الغناء ..


لم يصل أحدٌ

ربما أخطأ الغرباء الطريق

إلى نزهة الغرباء .!

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16440
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش - صفحة 4 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 27, 2009 2:20 am



حبْرُ الغراب


لكَ خلوةٌ في وحشة الخرّوب، يا

جرس الغروب الداكن الأصوات! ماذا

يطلبون الآن منكَ؟ بحثتَ في

بستان آدم، كي يواري قاتلٌ ضَجِرٌ أخاهُ،

وانغلقتَ على سوادك

عندما انفتح القتيل على مداه،

وانصرفتَ إلى شؤونك مثلما انصرف الغياب

إلى مشاغله الكثيرة. فلتكن

يقظاً. قيامتنا ستُرْجأ يا غراب!

لا ليل يكفينا لنحلم مرتين. هناك بابٌ

واحد لسمائنا. من أين تأتينا النهاية؟

نحن أحفاد البداية. لا نرى

غير البداية، فاتحد بمهب ليلك كاهناً

يعظ الفراغ بما يخلفه الفراغ الآدمي

من الصدى الأبدي حولك...

أنت متهمٌ بما فينا. وهذا أول

الدم من سلالتنا أمامك، فابتعد

عن دار قابيل الجديدة

مثلما ابتعد السراب

عن حبر ريشك يا غراب


ليَ خلوةٌ في ليل صوتك... لي غياب

راكضٌ بين الظلال يشدّني

فأشدُّ قرن الثور. كان الغيب يدفعني وأدفعُهُ

ويرفعني وأرفعه إلى الشبح المعلق مثل

باذنجانة نضجت. أأنت إذاً؟ فماذا

يطلبون الآن منا بعدما سرقوا كلامي من

كلامك، ثم ناموا في منامي واقفين

على الرماح. ولم اكن شبحاً لكي يمشوا

خطاي على خطاي. فكن أخي الثاني،

أنا هابيل، يُرجعني التراب

إليك خَرُّوباً لتجلس فوق غصني يا غراب


أنا أنت في الكلمات. يجمعنا كتاب

واحدٌ. لي ما عليك من الرماد، ولم

نكن في الظل إلا شاهدَين ضحيَّتين

قصيدتين

قصيرتين

عن الطبيعة، ريثما يُنهي وليمته الخراب


ويضيئك القرآن:

(فبعث الله غراباً يبحث في الأرض

ليُريَه كيف يوارى سوءة أخيه، قال:

يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب)

ويضيئك القرآن،

فابحث عن قيامتنا، وحلّق يا غراب!



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
موسوعة الشاعر محمود درويش
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 4 من اصل 11انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5 ... 9, 10, 11  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» شعراء - قصائد صوتية
» موسوعة الشاعر بشارة الخوري **الاخطل الصغير**
» موسوعة الشاعر نزار قباني
» موسوعة الشاعر / خليل مطران
» موسوعة الشاعر/أحمد بلحاج آية وارهام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الكلمـــــة الحـــــرّة :: منتدى الكتب و المخطوطات-
انتقل الى: