الكلمـــــة الحـــــرّة
الكلمـــــة الحـــــرّة
الكلمـــــة الحـــــرّة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الكلمـــــة الحـــــرّة

منتدى ثقافي عام
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 موسوعة الشاعر محمود درويش

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3 ... 9, 10, 11  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 14, 2009 6:19 pm

محمود درويش شاعر المقاومة الفلسطينية


محمود درويش : أحد أهم الشعراء الفلسطينين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة و الوطن المسلوب . يعتبر درويش أحد أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث و إدخال الرمزية فيه . في شعر درويش يمتزج الحب بالوطن بالحبيبة الأنثى

بداية حياته
محمود درويش الابن الثاني لعائلة تتكون من خمسة ابناء وثلاث بنات ، ولد عام 1942 في قرية البروة (1) ، وفي عام 1948 لجأ إلى لبنان وهو في السابعة من عمره وبقي هناك عام واحد ، عاد بعدها متسللا إلى فلسطين وبقي في قرية دير الاسد شمال بلدة مجد كروم في الجليل لفترة قصيرة، استقر بعدها في قرية الجديدة شمال غرب قريته الام البروة.


تعليمه
اكمل تعليمه الابتدائي بعد عودته من لبنان في مدرسة دير الاسد وهي قريه عربيه فلسطينيه تقع في الجليل الاعلى متخفيا ، فقد كان يخشى ان يتعرض للنفي من جديد اذا كشف اليهود امر تسلله ، وعاش تلك الفترة محروما من الجنسية ، اما تعليمه الثانوي فتلقاه في قرية كفر ياسيف (2).

حياته
انضم محمود درويش إلى الحزب الشيوعي في فلسطين ، وبعد انهائه تعليمه الثانوي ، كانت حياته عبارة عن كتابة للشعر والمقالات في الجرائد مثل "الاتحاد" والمجلات مثل "الجديد" التي اصبح فيما بعد مشرفا على تحريرها ، وكلاهما تابعتان للحزب الشيوعي ، كما اشترك في تحرير جريدة الفجر .

لم يسلم من مضايقات الاحتلال ، حيث اعتقل اكثر من مرّة منذ العام 1961 بتهم تتعلق باقواله ونشاطاته السياسية ، حتى عام 1972 حيث نزح إلى مصر وانتقل بعدها إلى لبنان حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وقد استقال محمود درويش من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الحتجاجا على اتفاق اوسلو.

شغل منصب رئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين وحرر في مجلة الكرمل ، واقام في باريس قبل عودته إلى وطنه حيث انه دخل إلى إسرائيل بتصريح لزيارة امه ، وفي فترة وجوده هناك قدم بعض اعضاء الكنيست الاسرائيلي العرب واليهود اقتراحا بالسماح له بالبقاء في وطنه ، وقد سمح له بذلك

وحصل محمود درويش على عدد من الجوائز منها:

جائزة لوتس عام 1969.
جائزة البحر المتوسط عام 1980.
درع الثورة الفلسطينية عام 1981.
لوحة أوروبا للشعر عام 1981.
جائزة ابن سينا في الاتحاد السوفيتي عام 1982.
جائزة لينين في الاتحاد السوفييتي 1983
يُعد محمود درويش شاعر المقاومة الفلسطينية، ومر شعره بعدة مراحل .ومنها:


بعض مؤلفاته
عصافير بلا اجنحة (شعر) - 1960.
اوراق الزيتون (شعر).
عاشق من فلسطين (شعر).
آخر الليل (شعر).
مطر ناعم في خريف بعيد (شعر).
يوميات الحزن العادي (خواطر وقصص).
يوميات جرح فلسطيني (شعر).
حبيبتي تنهض من نومها (شعر).
محاولة رقم 7 (شعر).
احبك أو لا احبك (شعر).
مديح الظل العالي (شعر).
هي اغنية ... هي اغنية (شعر).
لا تعتذر عما فعلت (شعر).
عرائس.
العصافير تموت في الجليل.
تلك صوتها وهذا انتحار العاشق.
حصار لمدائح البحر (شعر).
شيء عن الوطن (شعر).
ذاكرة للنسيان
وداعا ايها الحرب وداعا ايها السلم (مقالات).
كزهر اللوز أو أبعد
في حضرة الغياب (نص) - 2006
وهنا ايضا

لماذا تركت الحصان وحيدا
بطاقة هوية (شعر)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 14, 2009 6:30 pm



أولا : ديوان أوراق الزيتون (1964)





إلى القارئ


الزنبقات السود في قلبي

وفي شفتي ... اللهب

من أي غاب جئتِني

يا كل صلبان الغضب ؟


با يعت أحزاني ..

وصافحت التشرد والسغب

غضب يدي ..

غضب فمي ..

ودماء أوردتي عصير من غضب !

يا قارئي !

لا ترج مني الهمس !

لا ترج الطرب

هذا عذابي ..

ضربة في الرمل طائشة

وأخرى في السحب !

حسبي بأني غاضب

والنار أولها غضب !

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 14, 2009 8:31 pm




ولاء



حملت صوتك في قلبي وأوردتـــي

فما عليك إذا فارقت معركتـــــــــي

كل الرواية في دمي مفاصلهـــــــا

تفضل الحقد كبريتا على شفتي !

أطعمت للريح أبياتي وزخرفــــــــها

إن لم تكن كسيوف النار .. قافيتي !

آمنت بالحرف .. إما مـــيتا عدمــــــا

أو ناصبا لعدوي حبل مشنــــــــــقة

آمنت بالحرف نارا .. لا يضــــــــير إذا

كنت الرماد أنا .. أو كان طاغيتي !

فإن سقطت .. وكفي رافع علمي

سيكتــــــــــب الناس فوق القبر :

((لم يمت))



نشيد ما




عسل شفاهك، واليدان

كأسا خمور ..

للآخرين ..


***

الدوح مروحة، وحرش السنديان

مشط صغير

للآخرين

وحرير صدرك، والندى، والأقحوان

فرش وثير

للآخرين


***


وأنا على أسوارك السوداء ساهد

عطش الرمال أنا .. وأعصاب المواقد !

من يوصد الأبواب دوني ؟

أي طاغية ومارد !!


سأحب شهدك ..

رغم أن الشهد يسكب في كؤوس الآخرين

يا نحلة

ما قبلت إلا شفاه الياسمين !



عن انسان



وضعوا على فمه السلاسل

ربطوا يديه بصخرة الموتى،

وقالوا : أنت قاتل

***

أخذوا طعامه ، والملابس، والبيارق

ورموه في زنزانة الموتى ،

وقالوا : أنت سارق !

***

طردوه من كل المرافئ

أخذوا حبيبته الصغيرة،

ثم قالوا : أنت لاجئ !

***

يا دامي العينين، والكفين !

إن الليل زائل

لا غرفة التوقيف باقية

ولا زرد السلاسل !

نيرون مات، ولم تمت روما ...

بعينيها تقاتل !

وحبوب سنبلة تموت

ستملأ الوادي سنابل ..!



أمل




ما زال في صحونكم بقية من العسل

ردوا الذباب عن صحونكم

لتحفظو العسل !

***

ما زال في كرومكم عناقد من العنب

ردوا بنات آوى

يا حارسي الكروم

لينضج العنب ..

***

ما زال في بيوتكم حصيرة.. وباب

سدوا طريق الريح عن صغاركم

ليرقد الأطفال

الريح برد قارس .. فلتغلقوا الأبواب ..

***

ما زال في قلوبكم دماء

لا تسفحوها أيها الآباء ..

فإن في أحشائكم جنين ..

***

ما زال في موقدكم حطب

وقهوة .. وحزمة من اللهب ..



مرثية




لملمت جرحك يا أبي

برموش أشعـــاري

فبكت عيون الناس

من حزني .. ومن ناري

وغمست خبزي في التراب ..

وما التمست شهامة الجار !

وزرعت أزهاري

في تربة صماء .. عارية

بلا غيم .. وامطار

فترقرقت لما نذرت لها

جرحا بكى برموش أشعاري !

عفوا أبي !

قلبي موائدهم

وتمزقي .. وتيتمي العاري !

ما حيلة الشعراء يا أبتي

غير الذي أورثت أقداري

إن يشرب البؤساء من قدحي

لن يسألوا

من أي كرم خمري الجاري !



وعاد.. في كفن



-1-

يحكون في بلادنا

يحكون في شجن

عن صاحبي الذي مضى

وعاد في كفن

***

كان اسمه ...

لا تذكروا اسمه !

خلوه في قلوبنا ..

لا تدعوا الكلمة

تضيع في الهواء، كالرماد ..

خلوه جرحا راعفا .. لا يعرف الضماد

طريقه إليه ..

أخاف يا أحبتي .. أخاف يا أيتام ..

أخاف أن ننساه بين زحمة الأسماء

أخاف أن يذوب في زوابع الشتاء !

أخاف أن تنام في قلوبنا

جراحنا ..

أخاف أن تنام !!

-2-

العمر .. عمر برعم لا يذكر المطر ..

لم يبك تحت شرفة القمر

لم يوقف الساعات بالسهر ..

وما تداعت عند حائط يداه ..

ولم تسافر خلف خيط شهوة ..عيناه !

ولم يقبل حلوة ..

لم يعرف الغزل

غير أغاني مطرب ضيعه الأمل

ولم يقل لحلوة : الله !

إلا مرتين !

لم تلتفت إليه .. ما أعطته إلا طرف عين

كان الفتى صغيرا ..

فغاب عن طريقها

ولم يفكر بالهوى كثيرا .. !


-3-

يحكون في بلادنا

يحكون في شجن

عن صاحبي الذي مضى

وعاد في كفن

ما قال حين زغردت خطاه خلف الباب

لأمه : الوداع !

ما قال للأحباب .. للأصحاب :

موعدنا غدا !

ولم يضع رسالة .. كعادة المسافرين

تقول : إني عائد .. وتسكت الظنون

ولم يخط كلمة ..

تضيء ليل أمه التي ..

تخاطب السماء والأشياء،

تقول : يا وسادة السرير !

يا حقيبة الثياب !

يا ليل ! يا نجوم ! يا إله ! يا سحاب ! :

" أما رأيتم شاردا .. عيناه نجمتان ؟

يداه سلتان من ريحان

وصدره وسادة النجوم والقمر

وشعره أرجوحة للريح والزهر !

أما رأيتم شاردا

مسافرا لا يحسن السفر !

راح بلا زوّادة، من يطعم الفتى

إن جاع في طريقه ؟

من يرحم الغريب ؟

قلبي عليه في غوائل الدروب !

قلبي عليك يا فتى .. يا ولداه !

قولوا لها، يا ليل ! يا نجوم !

يا دروب ! يا سحاب !

قولوا لها : لن تحملي الجواب

فالجرح فوق الدمع .. فوق الحزن والعذاب !

لن تحملي .. لن تصبري كثيرا

لأنه ..

لأنه مات، ولم يزل صغيرا !


-4-

يا أمه !

لا تقلعي الدموع من جذورها !

للدمع يا والدتي جذور،

تخاطب المساء كل يوم :

تقول : يا قافلة المساء !

من أين تعبرين ؟

غصت دروب الموت .. حين سدها المسافرون

سدت دروب الحزن .. لو وقفت لحظتين

لحظتين !

لتمسحي الجبين والعينين

وتحملي من دمعنا تذكار

لمن قضوا من قبلنا .. أحبابنا المهاجرين

يا أمه !

لا تقلعي الدموع من جذورها

خلي ببئر القلب دمعتين !

فقد يموت في غد أبوه .. أو أخوه

أو صديقه أنا

خلي لنا ..

للميتين في غد لو دمعتين .. دمعتين !


-5-


يحكون في بلادنا عن صاحبي الكثيرا

حرائق الرصاص في وجناته

وصدره .. ووجهه ..

لا تشرحوا الأمور !

أنا رأيت جرحه

حدقت في أبعاده كثيرا ..

(( قلبي على أطفالنا ))

وكل أم تحضن السريرا !

يا أصدقاء الراحل البعيد

لا تسألوا : متى يعود

لا تسألوا كثيرا

بل اسألوا : متى

يستيقظ الرجال !



الموت في الغابة





نامي !

فعين الله نائمة

عنا .. وأسراب الشحارير

والسنديانة .. والطريق هنا

فتوسدي أجفان مصدور

وثلاث عشرة نجمة خمدت

في درب أوهام المقادير

لا شيء ! قصة طفلة همدت

لا شيء يوحي صمت تفكير

جرح صغير .. مات صاحبه

فطواه ليل كالأساطير

تاريــــــخه .. أنـفاس مزرعــــــة

تسطـــــو عليها كف شريــــــــر

كـــــانت ، فلا نقرات قــــــــبـرة

بقــيـــت ، ولاصيحات ناطـــــــور

وغصــــــــون زيتون مقدســـــة

ذبــــــــلت عليها قطرة الـنـــور !

لا شيء يستدعي غناء أسى

فالمـــــوت أكبر من مزاميري ..

نامــي .. عيـــون الله نائمـــــة

عـــــنا ، وأســراب الشحاريـــر

وضمــاد جرحك زهرة ذبلـــت !

في مسرب في السفح مهجور

لـكــن عيــــــن أخيك ساهــرة

خلف الضباب، ووحشة الســور

وفــــؤاده ملقى على جســــد

ينهــــد كالأطلال .. مــصــــدور

ويــــداه ممسكتان في لهــــف

بترابه .. رغم الأعاصير ! ..



ثلاث صور



-1-

كان القمر

كعهده -منذ ولدنا - باردا

الحزن في جبينه مرقرق ..

روافدا .. روافدا

قرب سياج قرية

خر حزينا

شاردا ..

-2-

كان حبيبي

كعهده - منذ التقينا - ساهما

الغيم في عيونه

يزرع أفقا غائما ..

والنار في شفاهه

تقول لي ملاحما ..

ولم يزل في ليلة يقرأ شعرا حالما

يسألني هدية ..

وبيت شعر .. ناعما !

-3-

كان أبي

كعهده، محملا متاعبا

يطارد الرغيف أينما مضى ..

لأجله .. يصارع الثعالبـــا

ويصنع الأطفال ..

والتراب ..

والكواكبا ..

أخي الصغير اهترأت

ثيابه .. فعاتبا

وأختي الكبرى اشـتـرت جواربــا !

وكل من في بيتنا يقدم المطالبا

ووالدي كعهده

يسترجع المناقبا

ويفتل الشواربا !

ويصنع الأطفال ..

والتراب ..

والكواكبا !



الموعد الأول





شدت على يدي

ووشوشتني كلمتين

أعز ما ملكته طوال يوم :

" سنلتقي غدا "

ولفها الطريق .

***

حلقت ذقني مرتين !

مسحت نعلي مرتين

أخذت ثوب صاحبي .. وليرتين ..

لأشتري حلوى لها، وقهوة مع الحليب ! ..

***

وحدي على المقعد

والعاشقون يبسمون ..

وخافقي يقول :

ونحن سوف نبتسم !

***

لعلها قادمة على الطريق ..

لعلها سهت .

لعلها .. لعلها

ولم تزل دقيقتان !

***

النصف بعد الرابعه

النصف مر

وساعة .. وساعتان

وامتدت الظلال

ولم تجئ من وعدت

في النصف بعد الرابعه



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 14, 2009 8:44 pm





أغنية




وحين أعود للبيت

وحيدا فارغا ، إلا من الوحده

يداي بغير أمتعة، وقلبي دونما ورده

فقد وزعت ورداتي

على البؤساء منذ الصبح .. ورداتي

وصارعت الذئاب، وعدت للبيت

بلا رنات ضحكة حلوة البيت

بغير حفيف قبلتها

بغير رفيف لمستها

بغير سؤالها عني، وعن أخبار مأساتي

وحيدا أصنع القهوه

وحيدا أشرب القهوه

فأخسر من حياتي .. من كفاحي

أخسر النشوه

رفاقي ها هنا المصباح والأشعار، والوحده

وبعض سجائر .. وجرائد كالليل مسوده

وحين أعود للبيت

أحس بوحشة البيت

وأخسر من حياتي كل ورداتي

وسر النبع .. نبع الضوء في أعماق مأساتي

وأختزن العذاب لأنني وحدي

بدون حنان كفيك

بدون ربيع عينيك ! ..




رسالة من المنفى







-1-

تحية .. وقبلة

وليس عندي ما أقول بعد

من أين أبتدي ؟ .. وأين أنتهي ؟ .

ودورة الزمان دون حد

وكل ما في غربتي

زوادة، فيها رغيف يابس، ووجد

ودفتر يحمل عني بعض ما حملت

بصقت في صفحاته ما ضاق بي من حقد

من أين أبتدي ؟

وكل ما قيل وما يقال بعد غد

لا ينتهي بضمة ... أو لمسة من يد

لا يرجع الغريب للديار

لا ينزل الأمطار

لا ينبت الريش على

جناح طير ضائع .. منهد

من أين أبتدي

تحية .. وقبلة .. وبعد ..

-2-

أقول للمذياع .. قل لها أنا بخير

أقول للعصفور

إن صادفتها يا طير

لا تنسني، وقل : بخير

أنا بخير

أنا بخير

ما زال في عيني بصر !

ما زال في السما قمر !

وثوبي العتيق، حتى الآن، ما اندثر

تمزقت أطرافه

لكنني رتقته .. ولم يزل بخير

وصرت شابا جاوز العشرين

تصوريني .. صرت في العشرين

وصرت كالشباب يا أماه

أواجه الحياه

وأحمل العبء كما الرجال يحملون

وأشتغل

في مطعم .. وأغسل الصحون.

وأصنع القهوة للزبون

وألصق البسمات فوق وجهي الحزين

ليفرح الزبون

-3-

أنا بخير

قد صرت في العشرين

وصرت كالشباب يا أماه

أدخن التبغ ، وأتكي على الجدار

أقول للحلوة : آه

كما يقول الآخرون

" يا إخوتي ؛ ما أطيب البنات،

تصوروا كم مُرَّة هي الحياة

بدونهن .. مرة هي الحياة ".

وقال صاحبي : " هل عندكم رغيف ؟

يا إخوتي ؛ ما قيمة الإنسان

إن نام كل ليلة .. جوعان ؟ "

أنا بخير

أنا بخير

عندي رغيف أسمر

وسلة صغيرة من الخضار

-4-

سمعت في المذياع

تحية المشردين .. للمشردين

قال الجميع : كلنا بخير

لا أحد حزين ؛

فكيف حال والدي ؟

ألم يزل كعهده، يحب ذكر الله

والأبناء .. والتراب .. والزيتون ؟

وكيف حال إخوتي

هل أصبحوا موظفين ؟

سمعت يوما والدي يقول :

سيصبحون كلهم معلمين ..

سمعته يقول :

(أجوع حتى أشتري لهم كتاب)

لا أحد في قريتي يفك حرفا في خطاب

وكيف حال أختنا

هل كبرت .. وجاءها خطاب ؟

وكيف حال جدتي

ألم تزل كعهدها تقعد عند الباب ؟

تدعو لنا ..

بالخير .. والشباب .. والثواب !

وكيف حال بيتنا

والعتبة الملساء .. والوجاق .. والأبواب ؟

سمعت في المذياع

رسائل المشردين .. للمشردين

جميعهم بخير !

لكنني حزين ..

تكاد أن تأكلني الظنون

لم يحمل المذياع عنكم خبرا ..

ولو حزين

ولو حزين

-5-

الليل -يا أماه- ذئب جائع سفاح

يطارد الغريب أينما مضى ..

ويفتح الآفاق للأشباح

وغابة الصفصاف لم تزل تعانق الرياح

ماذا جنينا نحن يا أماه ؟

حتى نموت مرتين

فمرة نموت في الحياة

ومرة نموت عند الموت !

هل تعلمين ما الذي يملأني بكاء ؟

هبي مرضت ليلة .. وهد جسمي الداء !

هل يذكر المساء

مهاجرا أتى هنا .. ولم يعد إلى الوطن ؟

هل يذكر المساء

مهاجرا مات بلا كفن ؟

يا غابة الصفصاف ! هل ستذكرين

أن الذي رمَوْه تحت ظلك الحزيـن

- كأي شيء ميّت - إنسان ؟

هل تذكرين أنني إنسان

وتحفظين جثتي من سطوة الغربان ؟

أماه يا أماه .

لمن كتبت هذه الأوراق

أي بريد ذاهب يحملها ؟

سدت طريق البر والبحار والآفاق ..

وأنت يا أماه

ووالدي ، وإخوتي ، والأهل ، والرفاق ..

لعلكم أحياء

لعلكم أموات

لعلكم مثلي بلا عنوان

ما قيمة الإنسان

بلا وطن

بلا علم

ودونما عنوان

ما قيمة الإنسان ؟




عن الصمود






-1-

لو يذكر الزيتون غارسه

لصار الزيت دمعا !

يا حكمة الأجداد

لو من لحمنا نعطيك درعا !

لكنَّ سهل الريح ،

لا يعطي عبيد الريح زرعا !

إنّا سنقلع بالرموش

الشوك والأحزان .. قلعا !

وإلام نحمل عارنا وصليبنا !

والكونُ يسعى ..

سنظل في الزيتون خُضرتَهُ ،

وحول الأرض درعا !!

-2-

إنّا نحب الورد ،

لكنّا نحب القمح أكثر

ونحب عطر الورد ،

لكن السنابل منه أطهر

فاحموا سنابلكم من الأعصار

بالصدر المسَمَّر

هاتوا السياج من الصدور ..

من الصدور، فكيف يكسر ؟؟

إقبض على عنق السنابل

مثلما عانقت خنجر !

الأرض ، والفلاح، والإصرار،

قل لي : كيف تقهر ..

هذي الأقانيم الثلاثة،

كيف تقهر ؟


؟





عيناك يا صديقتي العجوز .. يا صديقتي المراهقة

عيناك شحاذان في ليل الزوايا الخانقة

لا يضحك الرجاء فيهما ، ولا تنام الصاعقة

لم يبق شيء عندنا .. إلاّ الدموع الغارقة

قولي : متى ستضحكين مرة، وإن تكن منافقة ؟!

***

كفاك يا صديقتي .. ذئبان جائعان

مصي بقايا دمنا ، وبعدنا الطوفان

وإن سغبت مرة .. لا تتركي الجثمان

وإن سئمت بعدها، فعندك الديدان

إنا خلقنا غلطة .. في غفلة من الزمان

وأنت يا صديقتي العجوز .. يا صديقتي المراهقة

كوني على أشلائنا، كالزنبقات العابقة !

***

الغاب يا صديقتي يكفّن الأسرار

وحولنا الأشجار لا تهرّب الأخبار

والشمس عند بابنا معمية الأنوار

واشية ، لكنها لا تعبر الأسوار

إن الحياة خلفنا غريبة منافقة

فابني على عظامنا دار عُلاك الشاهقة

***

أسمع يا صديقتي ما يهتف الأعداء

أسمعهم من فجوة في خيمة السماء :

" يا ويل من تنفست رئاته الهواء

من رئة مسروقة ! ..

يا ويل من شرابه دماء !

ومن بنى حديقة .. ترابها أشلاء

يا ويله من وردها المسموم " !!



عن الأمنيات




لا تقل لي :

ليتني بائع خبز في الجزائر

لأغني مع ثائر !

لا تقل لي :

ليتني راعي مواش في اليمن

لأغني لانتفاضات الزمن !

لا تقل لي :

ليتني عامل مقهى في هافانا

لأغني لانتصارات الحزانى !

لا تقل لي :

ليتني أعمل في أسوان حمالا صغير

لأغني للصخور


***

يا صديقي !

لن يصب النيل في الفولغا

ولا الكونغو ، ولا الأردن ، في نهر الفرات !

كل نهر ، وله نبع .. ومجرى .. وحياة !

يا صديقي ! .. أرضنا ليست بعاقر

كل أرض ، ولها ميلادها

كل فجر ، وله موعد ثائر !



سونا





أزهارها الصفراء .. والشفة المشاع

وسريرها العشرون مهترىء الغطاء

نامت على الإسفلت .. لا أحد يبيع .. ولا يباع

وتقيأت سأم المدينة .. فالطريق

عار من الأضواء ..

والمتسولين على النساء

نامت على الإسفلت .. لا أحد يبيع .. ولا يباع !

يا بائع الأزهار ! إغمد في فؤادي

زهرة صفراء تنبت في الوحول !

هذا أوان الخوف ، لا أحد سيفهم ما أقول

أحكي لكم عن مومس .. كانت تتاجر في بلادي

بالفتية المتسولين على النساء

أزهارها صفراء ، نهداها مشاع

وسريرها العشرون مهترىء الغطاء

هذي بلاد الخوف ، لا أحد سيفهم ما أقول

إلا الذين رأوا سحاب الوحل .. يمطر في بلادي !

يا بائع الأزهار .. إغمد في فؤادي

زهر الوحول .. عساي أبصق

ما يضيق به فؤادي





الكلمة





الشاعر العربي محروم

دم الصحراء يغلي في نشيده

وقوافل النوق العطاش

أبدا تسافر في حدوده

والحلوة السمراء في صدف البحار !


الشاعر العربي محروم

تعود أن يموت بسيف صمته

ألقى على عينيه كل السر

قال : غدا ستفهمها عيوني

وأنا تركت لك الكلام على عيوني

لكن ، أظنك ما فهمت !



البكاء




ليس من شوق إلى حضن فقدته

ليس من ذكرى لتمثال كسرته

ليس من حزني على طفل دفنته

أنا أبكي !

***

أنا أدري أن دمع العين خذلان .. وملحُ

أنا أدري ،

وبكاء اللحن ما زال يلحُّ

لا ترُشّي من مناديلك عطراً

لست أصحو .. لست أصحو

ودعي .. قلبيَ يبكي !

***

شوكة في القلب ما زالت تغز

قطرات .. قطرات .. لم يزل جرحي ينز

أين زر الورد ؟

هل في الدم ورد ؟

يا عزاء الميتين !

هل لنا مجد وعز !

أتركي قلبيَ يبكي !

***

خبئي عن أذني هذي الخرافات الرتيبهْ

أنا أدرى منك بالإنسان .. بالأرض الغريبهْ

لم أبعْ مُهري .. ولا رايات مأساتي الخضيبهْ

ولأني أحمل الصخر وداء الحب ..


والشمسَ الغريبهْ

أنا أبكي !

***

أنا أمضي قبل ميعادي .. مبكرْ

عمرنا أضيق منا ،

عمرنا أصغر .. أصغرْ

هل صحيح ، يُثمر الموت حياةً

هل سأثمرْ

قي يد الجائع خبزاً .. في فم الأطفال سكَّر ؟

أنا أبكي !





الرباط





لن نفترق

أمامنا البحار ، والغابات

وراءنا . فكيف نفترق؟

يا صاحبي ! يا أسود العينين

خذني ! كيف نفترق ؟

وليس لي سواك !


***


لعلني سئمت مقلتيك

يا ظامئا إلى الأبد !

لعلني أخاف من يديك

يا قاسيا .. إلى الأبد !

لكنني ، بلا أحد !

بلا أحد !

فكيف نفترق ؟


***


يا أجمل الوحوش ! يا صديقي

ما بيننا سوى النفاق

والخوف من متاعب الطريق

البحر من أمامنا

والغاب من ورائنا ،

فكيف نفترق ؟





عن الشعر




-1-

أمس ، غنينا لنجم فوق غيمه

وانغمسنا في البكاء !

أمس ، عاتبنا الدوالي ، والقمر

والليالي .. والقدر ،

وتوددنا النساء !

دقت السّاعة ، والخيّام يسكر

وعلى وقع أغانيه المُخَدَّرْ

قد ظللنا بؤساء !

يا رفاقي الشعراء !

نحن في دنيا جديده

مات ما فات ، فمن يكتب قصيده

في زمن الريح والذرَّة ،

يخلق أنبياء !

-2-

قصائدنا ، بلا لون

بلا طعم .. بلا صوت !

إذا لم تحمل المصباح من بيت إلى بيت !

وإن لم يفهم (البُسَطا) معانيها

فأولى أن نُذَرّيها

ونخلد نحن .. للصمت !!

-3-

لو كانت هذي الأشعارْ

إزميلا في قبضة كادحْ

قنبلة في كف مكافح !

لو كانت هذي الأشعار !


***

لو كانت هذي الكلمات

محراثا بين يدي فلاح

وقميصا .. أو باباً .. أو مفتاح !

لو كانت هذي الكلمات


***

أحدُ الشعراء يقول :

لو سرّت أشعاري خلاّني

وأغاظت أعدائي

فأنا شاعر ..

وأنا .. سأقول !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 14, 2009 8:56 pm




الحزن والغضب



الصوت في شفتيك لا يطرب

والنار في رئتيك لا تغلب

وأبو أبيك على حذاء مهاجر يصلب

وشفاهها تعطي سواك ، ونهدها يحلب

فعلام لا تغضب ؟


-1-


أمس التقينا في طريق الليل .. من حانٍ لحانِ

شفتاك حاملتان

كل أنين غاب السنديان

ورويت لي للمرة الخمسين

حب فلانة ، وهوى فلان

وزجاجة الكونياك ،

والخيّام ، والسيف اليماني !

عبثا تخدّر جرحك العربيّ

عربدة القناني !

عبثا تُطوِّع يا كنار الليل جامحة الأماني !

الريح في شفتيك .. تهدم ما بنيت من الأغاني !

فعلام لا تغضب ؟


-2-


قالوا : ابتسم لتعيش !

فابتسمت عيونك للطريق

وتبرّأت عيناك من قلب يُرَمِّده الحريق

وحلفت لي : إني سعيد يا رفيق !

وقرأت فلسفة ابتسامات الرقيق :

الخمر ، والخضراء ، والجسد الرشيق !

فإذا رأيت دمي بخمرك ،

كيف تشرب يا رفيق ؟؟


-3-


القرية الأطلال ،

والناطور، والأرض واليباب

وجذوع زيتوناتكم ..

أعشاش بوم أو غراب !

من هيّأ المحراث هذا العام ؟

من ربى التراب

يا أنت ! .. أين أخوك .. أين أبوك ؟

إنهما سراب !

من أين جئت ؟ .. أمن جدار ؟

أم هبطت من السحاب ؟

أتُرى تصون كرامة الموتى ،

وتطرق في ختام الليل باب ؟

وعلام لا تغضب ؟


-4-


أتحبها ؟

أحببت قبلك ،

وارتجفت على جدائلها الظليله

كانت جميله

لكنها رقصت على قبري ، وأيامي القليله

وتخاصرت والآخرين .. بحلبة الرقص الطويله

وأنا وأنت ، نعاتب التاريخ

والعَلَمَ الذي فقد الرجوله

من نحن ؟

دع نَزَقَ الشوارع

يرتوي من ذل رايتنا القتيله

فعلام لا تغضب ؟


-5-


إنا حملنا الحزن أعواما وما طلع الصباح

والحزن نار تخمد الأيام شهوتها ،

وتوقظها الرياح

والريح عندك ، كيف تلجمها ؟

وما لك من سلاح ..

إلاّ لقاء الريح والنيران ..

في وطن مباح ؟!




أجمل حب




كما ينبت العشب بين مفاصل صخره

وجدنا غريبين يوما

وكانت سماء الربيع تؤلف نجما .. ونجما

وكنت أؤلف فقرة حب ..

لعينيك .. غنيتها !


أتعلم عيناك اني انتظرت طويلا

كما انتظر الصيف طائر

ونمت .. كنوم المهاجر

فعين تنام ، لتصحو عين .. طويلا

وتبكي على أختها ،

حبيبان نحن ، إلى أن ينام القمر

ونعلم أن العناق ، وان القبل

طعام ليالي الغزل

وان الصباح ينادي خطاي لكي تستمر

على الدرب يوما جديدا !

صديقان نحن ، فسيري بقربيَ كفاً بكف

معاً ، نصنع الخبز والأغنيات


لماذا نسائل هذا الطريق .. لأي مصير

يسير بنا ؟

ومن أين لملم أقدامنا ؟

فحسبي ، وحسبك أنا نسير ..

معاً ، للأبد


لماذا نفتش عن أغنيات البكاء

بديوان شعر قديم ؟

ونسأل : يا حبنا ! هل تدوم ؟

أحبك حبّ القوافل واحة عشب وماء

وحب الفقير الرغيف !


كما ينبت العشب بين مفاصل صخره

وجدنا غريبين يوماً

ونبقى رفيقين دوماً.





رباعيات




وطني ! لم يعطني حبي لك

غير أخشاب صليبي !

وطني ، يا وطني ، ما أجملك !

خذ عيوني ، خذ فؤادي ، خذ حبيبي !


***

في توابيت أحبائي أغني

لأراجيح أحبائي الصغار

دم جدي عائد لي ، فانتظرني

آخر الليل نهار ! ..


***

شهوة السكين لن يفهمها عطر الزنابق

وحبيبي لا ينام ..

سأغني ، وليكن منبر أشعاري مشانق

وعلى الناس سلام ..


***

أجمل الأشعار ما يحفظه عن ظهر قلب

كل قارئ ..

فإذا لم يشرب الناس أناشيدك شرب

قل ، أنا وحدي خاطئ ..


***

ربما أذكر فرسانا ، وليلى بَدَوِيَّهْ

ورعاة يحلبون النوق في مغرب شمس

يا بلادي ، ما تمنيت العصور الجاهلية

فغدي ، أفضل من يومي وأمسي !! .


***

الممر الشائك المنسي ما زال ممرا

وستأتيه الخطى في ذات عام

عندما يكبر أحفاد الذي عمَّر دهرا

يقلع الصخر ، وأنياب الظلام ..


***

من ثقوب السجن لاقيت عيون البرتقال

وعناق البحر والأفق الرحيب

فإذا اشتد سواد الحزن في إحدى الليالي

أتعزَّى بجمال الليل ، في شَعر حبيبي !! .


***

حبُّنا أن يضغط الكفُّ على الكفِّ ، ونمشي

وإذا جعنا تقاسمنا الرغيف ..

في ليالي البرد أحميك برمشي

وبأشعار على الشمس تطوف !! .


***

أجمل الأشياء أن نشرب شايا في المساء

وعن الأطفال نحكي ..

وغد لا نلتقي في خفاء

ومن الأفراح ، نبكي !! .


***

لا أريد الموت ، ما دامت على الأرض قصائد

وعيون لا تنام !

فإذا جاء ، ولن يأتي بإذن ، لن أعاند

بل سأرجوه ، لكي أرثي الختام


***

لم أجد أين أنام

لا سرير أرتمي في ضفتيه

مومس مرت . وقالت دون أن تلقي السلام :

سيدي ! إن شئت .. عشرين جنيه !!




لوركا




عفو زهر الدم ، يا لوركا ، وشمس في يديك

وصليب يرتدي نار قصيده .

أجمل الفرسان في الليل .. يحجون إليك

بشهيد .. وشهيده


***

هكذا الشاعر ، زلزال .. وإعصار مياه

ورياح .. إن زأر

يهمس الشارع للشارع : قد مرت خطاه

فتطاير يا حجر !


***

هكذا الشاعر ، موسيقى ، وترتيل صلاه

ونسيم ، إن همس

يأخذ الحسناء في لين إله !

وله الأقمار عش ، إن جلس !


***

لم تزل إسبانيا أتعس أمّ

أرخت الشعر على أكتافها

وعلى أغصان زيتون المساء المدلهم

علقت أسيافها !


***

عازف الجيتار في الليل يجوب الطرقات

ويغني في الخفاء

وبأشعارك يا لوركا ، يلم الصدقات

من عيون البؤساء !


***

العيون السود في إسبانيا ، تنظر شزرا

وحديث الحب أبكم

يحفر الشاعر في كفيه قبرا

إن تكلم !


***

نسي النسيان أن يمشي على ضوء دمك

فاكتست بالدم بسمات القمر

أنبل الأسياف .. حرف من فمك

عن أناشيد الغجر !


***

آخر الأخبار من مدريد ، أن الجرح قال :

شبع الصابر صبرا !

أعدموا غوليان في الليل ، وزهر البرتقال

لم يزل ينشر عطرا .


***

أجمل الأخبار من مدريد ،

ما يأتي غدا




حنين إلى الضوء




ماذا يثير الناس لو سرنا على ضوء النهار

وحملت عنك حقيبة اليد .. والمظله

وأخذت ثغرك عند زاوية الجدار

وقطفت قبله !

عيناك !

أحلم ان أرى عينيك يوما تنعسان !

فأرى هدوء البحر عند شروق شمس

شفتاك !

أحلم ان أرى شفتيك حين تقبلان

فأرى اشتعال الشمس في ميلاد عرس !

ماذا يغيظ الليل ، لو أوقدتِ عندي شمعتين

ورأيت وجهك حين يغسله الشعاع

ورأيت نهر العاج ، يحرسه رخام الزورقين

فأعود طفلا للرضاع !

من بئر مأساتي .. أنادي مقلتيك

كي تحملا خمر الضياء إلى عروقي

ماذا يثير الناس لو ألقيت رأسي في يديك

وطويت خصرك في الطريق ! !




بطاقة هوية



سَجِّلْ !

أنا عربي

ورقم بطاقتي خمسون ألفْ

وأطفالي ثمانية

وتاسعهم .. سيأتي بعد صيف !

فهل تغضب ؟


***

سجل !

أنا عربي

وأعمل مع رفاق الكدح في محجرْ

وأطفالي ثمانية

أسلُّ لهم رغيف الخبز ،

والأثواب والدفتر

من الصخر ..

ولا أتوسَّلُ الصدقات من بابك

ولا أصغر

أمام بلاط أعتابك

فهل تغضب ؟

سجل !

أنا غربي

أنا إسم بلا لقب

صبور في بلاد كل ما فيها

يعيش بفورة الغضب

جذوري ..

قبل ميلاد الزمان رست

وقبل تفتح الحقب

وقبل السرو والزيتون

.. وقبل ترعرع العشب

أبي ... من أسرة المحراث

لا من سادة نُجُبِ

وجدي كان فلاحا

بلا حسب .. ولا نسب !

يعلمني شموخ الشمس قبل قراءة الكتب

وبيتي ، كوخ ناطور

من الأعواد والقصب

فهل ترضيك منزلتي ؟

أنا إسم بلا لقب !


***

سجل !

أنا عربي

ولون الشعر .. فحميُّ

ولون العين .. بنيُّ

وميزاتي :

على رأسي عقالٌ فوق كوفِيَّه

وكفي صلبة كالصخر ...

تخمشُ من يلامسها

وعنواني :

أنا من قرية عزلاء .. منسيَّة

شوارعها بلا أسماء

وكل رجالها .. في الحقل والمحجرْ

فهل تغضب ؟


***

سجل

أنا عربي

سلبت كروم أجدادي

وأرضا كنت أفلحها

أنا وجميع أولادي

ولم تترك لنا .. ولكل أحفادي

سوى هذي الصخور ..

فهل ستأخذها

حكومتكم ... كما قيلا !؟

إذن !

سجل ... برأس الصفحة الأولى

أنا لا أكره الناس

ولا أسطو على أحد

ولكني ... إذا ما جعت

آكل لحم مغتصبي

حذار ... حذار ... من جوعي

ومن غضبي !!


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 14, 2009 9:16 pm

ثانيا : عاشق من فلسطين




عاشق من فلسطين




عيونكِ ، شوكةٌ في القلب ِ

توجعني .. وأعبدُها

وأحميها من الريحِ

وأُغمدها وراء الليل والأوجاع .. أغمدها

فيشعل جُرحُها ضوء المصابيحِ

ويجعل حاضري غدها

أعز عليَّ من روحي

وأنسى ، بعد حين ، في لقاء العين بالعين

بأنّا مرة كنّا ، وراء الباب ، إثنين !


كلامُكِ .. كان أغنيهْ

وكنت أحاول الإنشاد

ولكن الشقاء أحاط بالشفة الربيعيَّة

كلامك، كالسنونو ، طار من بيتي

فهاجر باب منزلنا ، وعتبتنا الخريفية

وراءك .. حيث شاء الشوقُ ..

وانكسرت مرايانا

فصار الحزن ألفين

ولملمنا شظايا الصوت ..

لم نتقن سوى مرثَّه الوطنِ !

سنزرعها معا في صدر قيثار

وفوق سطوح نكبتنا ، سنعزفها

لأقمار مشوَّهة ... وأحجار

ولكنًّي نسيت .. نسيت يا مجهولة الصوت :

رحيلك أصدأ القيثار .. أم صمتي ؟!

رأيتك أمس في الميناء

مسافرة بلا أهل .. بلا زاد

ركضت إليك كالأيتام ..

أسأل حكمة الأجــداد :

لماذا تُسحب البيَّارة الخضراء

إلى سجن ، إلى منفى ، إلى ميناء

وتبقى ، رغم رحلتها

ورغم روائح الأملاح والأشواق ،

تبقى دائما خضراء ؟

وأكتب في مفكرتي :

أحبُّ البرتقال ، وأكرهُ الميناء

وأُردف في مفكرتي :

على الميناء

وقفت . وكانت الدنيا عيون شتاء

وقشر البرتقال لنا . وخلفي كانت الصحراء !

رأيتك في جبال الشوك

راعية بلا أغنام

مطاردة ، وفي الأطلال ..

وكنت حديقتي ، وانا غريب الدار

أدقُّ الباب يا قلبي

على قلبي ..

يقوم الباب والشباك والإسمنت والأحجار !

رأيتك في خوابي الماء والقمح

محطَّمَةً . رأيتك في مقاهي الليل خادمةً

رأيتك في شعاع الدمع والجرح .

وأنت الرئة الأخرى بصدري ..

أنتِ أنتِ الصوت في شفتي ..

وأنتِ الماء ، أنتِ النار !

رأيتك عند باب الكهف .. عند النار

مُعَلِّقَةً على حبل الغسيل ثياب أيتامك

رأيتك في المواقد .. في الشوارع ..

في الزرائب .. في دم الشمس

رأيتك في أغاني اليتم والبؤس !


رأيتك ملء ملح البحر والرمل

وكنت جميلة كالأرض .. كالأطفال .. كالفلِّ

وأُقسم :

من رموش العين سوف أُخيط منديلا

وأنقش فوقه شعرا لعينيك

وإسما حين أسقيه فؤادا ذاب ترتيلا ..

يمد عرائش الأيك ..

سأكتب جملة أغلى من الشهداء والقبل :

'' فلسطينية كانت . ولم تزل ! ''

فتحت الباب والشباك في ليل الأعاصير

على قمر تصلَّب في ليالينا

وقلت لليلتي : دوري !

وراء الليل والسور ..

فلي وعد مع الكلمات والنور .

وأنت حديقتي العذراء ..

ما دامت أغانينا

سيوفا حين نشرعها

وأنت وفيَّة كالقمح ..

ما دامت أغانينا

سمادا حين نزرعها

وأنت كنخلة في البال .

ما انكسرت لعاصفة وحطّاب

وما جزَّت ضفائرها

وحوشُ البيد والغاب ..

ولكني أنا المنفيُّ خلف السور والباب

خذيني تحت عينيك

خذيني ، أينما كنت

خذيني ، كيفما كنت

أردّ إليّ لون الوجه والبدن

وضوء القلب والعين

وملح الخبز واللحن

وطعم الأرض والوطن !

خذيني تحت عينيك

خذيني لوحة زيتيَّةً في كوخ حسراتٍ

خذيني آية من سفر مأساتي

خذيني لعبة ... حجرا من البيت

ليذكر جيلنا الآتي

مساربه إلى البيت !

فلسطينية العينين والوشم

فلسطينية الاسم

فلسطينية الأحلام والهمِّ

فلسطينية المنديل والقدمين والجسم

فلسطينية الكلمات والصمت

فلسطينية الصوت

فلسطينية الميلاد والموت

حملتك في دفاتري القديمة

نار أشعاري

حملتك زاد أسفاري

وباسمك ، صحت في الوديان :

خيول الروم ! .. أعرفها

وإن يتيدَّل الميدان !

خذوا حذرا ..

من البرق الذي ، صكَّته أغنيتي على الصوَّان

أنا زين الشباب ، وفارس الفرسان

أنا . ومحطِّم الأوثان .

حدود الشام أزرعها

قصائد تطلق العقبان !

وباسمك ، صحت بالأعداء :

كلي لحمي إذا ما نمت يا ديدان

فبيض النمل لا يلد النسور ..

وبيضة الأفعى ...

يخبئ قشرها ثعبان !

خيول الروم .. أعرفها

وأعرف قبلها أني

أنا زين الشباب ، وفارس الفرسان !



قال المغني



هكذا يكبر الشجر

ويذوب الحصى ...

رويداً رويداً

من خرير النهر !


المغني ، على طريق المدينهْ

ساحر اللحن .. كالسهرْ

قال للريح في ضجرْ :

- دمِّريني ما دمتِ أنتِ حياتي

مثلما يدَّعي القدر -

. . واشربيني نَخب انتصار الرفاتِ

هكذا ينزل المطر

يا شفاه المدينة الملعونة !


أبعَدُوا عنه سامعيهْ

والسكارى ..

وقيَّدوه

ورموهُ في غرفة التوقيفِ

شتموا أُمه ، وأمَّ أبيه

والمغني ..

يتغنى بشَعر شمس الخريفِ

يضمدُ الجرح .. بالوتر !


المغني على صليب الألم

جرحه ساطع كنجم

قال للناس حوله

كلَّ شيء .. سوى الندم :

هكذا متَّ واقفاً

واقفاً متُّ كالشجر !

هكذا يصبح الصليب

منبراً .. أو عصا نغمْ

ومساميره .. وتر !

هكذا ينزل المطرْ

هكذا يكبر الشجر ..



صوت وسوط




لو كان لي برج ،

حبست البرق في جيبي

وأطفأت السحاب ..


لو كان لي في البحر أشرعة ،

أخذت الموج والأعصار في كفّي

ونوَّمت العباب ..


لو كان عندي سلَّم ،

لغرست فوق الشمس رايتي التي

اهترأت على الأرض الخراب ..

لو كان لي فرس ،

تركت عنانها

ولجمت حوذي الرياح على الهضاب ..


لو كان لي حقل ومحراث ،

زرعت القلب والأشعار

في بطن التراب ..


لو كان لي عود ،

ملأت الصمت أسئلة ملحَّنة ،

وسلَّيت الصحاب ..

لو كان لي قدم ،

مشيت .. مشيت حتى الموت

من غاب لغاب ..

- ماذا تبقَّى أيها المحكوم ؟


لو كان لي ..

حتى صليبي ليس لي ،

إنيَّ له ،

حتى العذاب !

إنَّ الليل خيَّم مرة أخرى ..

وتهتف : لا أهاب ؟!


- يا سيداتي .. سادتي !

يا شامخين على الجراب !

الساق تقطع .. والرقاب

والقلب يطفأ - لو أردتم-

والسحابْ ..

يمشي على أقدامكم ..

والعين تُسمل، والهضابْ

تنهار لو صحتم بها

ودمي المملَّح بالتراب !

إن جفَّ كرمكم ،

يصير إلى شراب !

والنيل يسكب في الفرات ،

إذا أردتم ، والغراب ..

لو شئتم .. في الليل شاب !


لكنَّ صوتي صاح يوما :

لا أهاب !


فلتجلدوه إذا استطعتم ..

واركضوا خلف الصدى

ما دام يهتف : لا أهاب !




أغاني الأسير




ملوَّحة ، يا مناديل حبّي

عليك السلام !

تقولين أكثر مما يقول

هديل الحمام

وأكثر من دمعةٍ

خلف جفن .. ينام

على حلم هارب !


مفتّحة ، يا شبابيك حبّي

تمرُّ المدينه

أمامكِ، عرس طغاة

ومرثاة أمّ حزينه

وخلف الستائر ، أقمارنا

بقايا عفونه .

وزنزانتي .. موصده !


ملوَّثة ، يا كؤوس الطفوله

بطعم الكهوله

شربنا ، شربنا

على غفلة من شفاه الظمإ

وقلنا :

نخاف على شفتينا

نخاف الندى .. والصدأ !

وجلستنا ، كالزمان ، بخيله

وبيني وبينك نهر الدم


معلَّقة ، يا عيون الحبيبه

على حبل نور

تكسَّر من مقلتين

ألا تعلمين بأني

أسير اثنتين ؟

جناحاي : أنت وحريَّتي

تنامان خلف الضفاف الغريبه

أحبُّكما ، هكذا ، توأمين !



ولادة




كانت أشجار التين

وأبوك ..

وكوخ الطين

وعيون الفلاحين

تبكي في تشرين !


- المولود صبي

ثالثهم ..

والثدي شحيح

والريح

ذرَّت أوراق التين !

حزنت قارئة الرملِ

وروت لي .

همساً ،

هذا الغصن حزين !


- يا أمي

جاوزت العشرين

فدعي الهمَّ، ونامي !

إن قصفت عاصفة

في تشرين ..

ثالثهم ..

فجذور التين

راسخة في الصخر .. وفي الطين

تعطيك غصونا أخرى ..

وغصون !



إلى أمي




أحنُّ إلى خبز أمي

وقهوة أمي

ولمسة أمي ..

وتكبر فيَّ الطفولة

يوما على صدر يوم

وأعشق عمري لأني

إذا متُّ،

أخجل من دمع أمِّي !

خذيني، إذا عدت يوما

وشاحا لهدبك

وغطّي عظامي بعشب

تعمّد من طهر كعبك

وشدِّي وثاقي ..

بخصلة شعر ..

بخيط يلوِّح في ذيل ثوبك ..

عساني أصيرُ إلهاً

إلهاً أصير ..

إذا ما لمست قرارة قلبك !


ضعيني، إذا ما رجعت

وقودا بتنور نارك ..

وحبل غسيل على سطح دارك

لأني فقدت الوقوف

بدون صلاة نهارك

هرمت، فردّي نجوم الطفولة

حتى أشارك

صغار العصافير

درب الرجوع ..

لعُشِّ انتظارك !



أهديها غزالا




وشاح المغرب الورديِّ فوق ضفائر الحلوه

وحبةَ برتقال كانت الشمسُ.

تحاول كفها البيضاء أن تصطادها عنوه

وتصرخ بي، وكل صراخها همس :

أخي ! يا سلَّمي العالي !

أريد الشمس بالقوه !

. . وفي ليل رماديَّ، رأينا الكوكب الفضي

ينقط ضوءه العسلي فوق نوافذ البيت .

وقالت ، وهي حين تقول، تدفعني إلى الصمت :

تعال غداً لنزرعه .. مكان الشوك في الأرض !

أبي من أجلها صلَّى وصام ..

وجاب أرض الهند والإغريق

إلهاً راكعا لغبار رجليها

وجاع لأجلها في البيد .. أجيالا يشدُّ النوق.

وأقسمَ تحت عينيها

يمين قناعة الخالق بالمخلوق !


تنام، فتحلم اليقظة في عيني مع السَّهر

فدائيُّ الربيع أنا، وعبدُ نعاس عينيها

وصوفي الحصى، والرمل، والحجر

سأعبدهم، لتلعب كالملاك، وظلُّ رجليها

على الدنيا، صلاة الأرض للمطر


حرير شوك أيَّامي، على دربي إلى غدها

حرير شوكُ أيَّامي !

وأشهى من عصير المجد ما ألقى .. لأسعدها

وأنسى في طفولتها عذاب طفولتي الدامي

وأشرب، كالعصافير، الرضا والحبُّ من يدها

سأُهديها غزالا ناعما كجناح أغنيه

له أنف ككرملنا ..

وأقدام كأنفاس الرياح، كخط حريَّه

وعنقٌ طالع كطلوع سنبلنا

من الوادي .. إلى القمم السماويَّه !


سلاما يا وشاح الشمس، يا منديل جنتنا

ويا قسم المحبة في أغانينا !

سلاما، يا ربيعاً راحلاً في الجفن ! يا عسلاً بغصَّتنا

ويا سهر التفاؤل في أمانينا

لخضرة أعين الأطفال .. ننسج ضوء رايتنا !



شهيد الأغنية




نصبوا الصليب على الجدار

فكّوا السلاسل عن يدي .

والسوط مروحةُ. ودقات النعال

لحن يصفِّرُ : سيدي !

ويقول للموتى : حذار !


- يا أنت !

قال نباح وحش :

أعطيك دربك لو سجدت

أمام عرشي سجدتين !

ولثمتَ كفي ، في حياء ، مرتين

أو ..

تعتلي خشب الصليب

شهيد أغنية .. وشمس !


ما كنت أول حامل إكليل شوك

لأقول للسمراء : إبكي !

يا من أحبك، مثل إيماني،

ولاسمك في فمي المغموس

بالعطش المعفَّر بالغبار

طعم النبيذ إذا تعتّق في الجرار !


ما كنت أول حامل إكليل شوكِ

لأقول : إبكي !

فعسى صليبي صهوة،

والشوك فوق جبيني المنقوش

بالدم والندى

إكليل غار !

وعساي آخر من يقول :

أنا تشهَّيت الردى !



تموز والأفعى




تموز مرَّ على خرائبنا

وأيقظ شهوة الأفعى .

القمح يحصد مرة أخرى

ويعطش للندى .. المرعى


تموز عاد، ليرجم الذكرى

عطشا .. وأحجاراً من النار

فتساءل المنفيُّ :

كيف يطيع زرعُ يدي

كفاً تسمم ماء آباري ؟


وتساءل الأطفال في المنفى :

آباؤنا ملأوا ليالينا هنا .. وصفا

عن مجدنا الذهبي

قالوا كثيرا عن كروم التين والعنب

تموز عاد، وما رأيناها


وتنهَّد المسجون : كنتَ لنا

يا محرقي تموز .. معطاءً

رخيصا مثل نور الشمس والرملِ

واليوم، تجلدنا بسوط الشوق والذلِ


تموز .. يرحل عن بيادرنا

تموز . يأخذ معطف اللهب

لكنه يبقى بخربتنا

أفعى

ويترك في حناجرنا

ظمأ

وفي دمنا ..

خلود الشوق والغضبِ




برقية من السجن




من آخر السجن ، طارت كفُّ أشعاري

تشد أيديَكُمْ ريحا .. على نارِ


أنا هنا، ووراء السور، أشجاري

تطوِّع الجبل المغرورَ .. أشجاري


مذ جئتُ أدفع مهر الحرف، ما ارتفعتْ

غيرُ النجوم على أسلاك أسواري


أقول للمُحْكِم الأصفادَ حول يدي :

هذي أساور أشعاري واصراري


في حجم مجدكم نعلي، وقيدُ يدي

في طول عمركم المجدول بالعارِ :


أقول للناس، للأحباب : نحن هنا

أسرى محبتكم في الموكب الساري


في اليوم، أكبر عاماً في هوى وطني

فعانقوني عناق الريح للنارِ




السجن




تغيَّر عنوان بيتي

وموعد أكلي

ومقدار تبغي تغيَّر

ولون ثيابي، ووجهي، وشكلي

وحتى القمر

عزيزٌ عليَّ هنا ..

صار أحلى وأكبر

ورائحة الأرض : عطرٌ

وطعم الطبيعة : سكّرْ

كأني على سطح بيتي القديم

ونجم جديد ..

بعيني تسمَّرْ



وشم العبيد




روما على جلودنا

أرقام أسرى . والسياطْ

تفكها إذا هوت، أو ترتخي ..

كان العبيد عزَّلاً

ففتتوا البلاط !


بابل حول جيدنا

وشمُ سبايا عائدهْ

تغيرت ملابس الطاغوتْ

من عاش بعد الموت

لو آمنت .. لا يموت

متنا وعشنا، والطريق واحده !

إفريقيا في رقصنا

طبل .. ونار حافيهْ

وشهوةٌ على دخان غانيه .

في ذات يوم .. أحسن العزف على

ناي الجذوع الهاويه .

أنوِّم الأفعى

وأرمي نابها في ناحيه

فتلتقي في رقصة جديدة .. جديدة

إفريقيا ... وآسيه !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 14, 2009 9:43 pm




صوت من الغابة




من غابة الزيتون

جاء الصدى ..

وكنت مصلوبا على النار !

أقول للغربان : لا تنهشي

فربما أرجع للدارِ

وربما تشتي السما

ربما ..

تطفئ هذا الخشب الضاري !


أنزل يوماً عن صليبي

ترى ..

كيف أعود حافيا .. عاري ! ؟



في انتظار العائدين




أكواخُ أحبابي على صدر الرمالِ

وأنا مع الأمطار ساهرْ ..

وأنا ابن عوليس الذي انتظر البريد من الشمالِ

ناداه بحّار ، ولكن لم يسافرْ .

لجَم المراكب، وانتحى أعلى الجبالِ

- يا صخرة صلّى عليها والدي لتصون ثائر

أنا لن أبيعك باللآلي .

أنا لن أسافر ..

لن أسافر ..

لن أسافر !

أصوات أحبابي تشق الريح ، تقتحم الحصون

- يا أُمنا انتظري أمام الباب . إنّا عائدون

هذا زمان لا كما يتخيلون ..

بمشيئة الملاّح تجري الريح ..

والتيار يغلبه السفين !

ماذا طبخت لنا ؟ فإنَّا عائدون .

نهبوا خوابي الزيت، يا أمي، وأكياس الطحين

هاتي بقول الحقل ! هاتي العشب !

إنّا عائدون !

خطوات أحبابي أنين الصخر تحت يد الحديد

وأنا مع الأمطار ساهدْ

عبثاً أحدِّق في البعيد

سأظل فوق الصخر .. تحت الصخر .. صامد



مطر




-1-

ناري ،

وخمس زنابق شمعية في المزهريهْ

وعزاؤنا الموروث :

في الغيمات ماءْ

والأرض تعطش. والسماء

تروي. وخمس زنابق شمعية في المزهريهْ

-2-

عفويةٌ صلوات جدتنا، وكانْ

جدي يحب الكستنا

وطعام أُمي

قد كنت كالحمل الوديع

وكان همي

أن يفاجئنا الربيع !

يا جدي المرحوم ! أهلا بالمطر

يروي ثراك. فلا يزال السنديان

من يومها يدمي الحجر !

-3-

لنقل مع الأجداد : خيرْ !

هذا مخاض الأرض : خير !

تضع الوليد غدا .. ربيعا أخضرا !

كعيون سائحة أطلّت ذات فجر !

لا الأم أمي ..

لا الوليد أخي، ولا

ذات العيون الخضر لي

وأقول خير !

-4-

يا نوح !

هبني غصن زيتون

ووالدتي .. حمامه !

إنَّا صنعنا جنة

كانت نهايتها صناديق القمامه !

يا نوح !

لا ترحل بنا

إن الممات هنا سلامه

إنّا جذور لا تعيش بغير أرض ..

ولتكن أرضي قيامه !



قمر الشتاء





سألمُّ جثتك الشهيدهْ

وأذيبها بالملح والكبريت ..

ثم أعبُّها ..

كالشاي ..

كالخمرة الرديئة ..

كالقصيده

في سوق شعر خائب

وأقول للشعراء :

يا شعراء أمتنا المجيده !

أنا قاتل القمر الذي

كنتم عبيده !!

سيقال : كالمتسول المنفي .. كانْ

ردّوه عن كل النوافذ

وهو يبحث عن حنان.

لا عاشقان

ذكراه ..

لا .. لا لسان !


- قلبي على قمر

تحجّر في مكان

ويقال .. كان !

وأنا على الإسفلت

تحت الريح والأمطار

مطعون الجنان

لا تفتح الأبواب في وجهي

ولا تمتدّ نحو يدي يدان


عيني على قمر الشتاء ..

وقد ترمَّد في دمي ..

قلبي على قرص الدخان !

لا تظلموني أيها الجبناء

لم أقتل سوى نذل جبان

بالأمس عاهدني

وحين أتيته في الصبح .. خان ..



خواطر في شارع





يا شارع الأضواء ! ما لون السماء

وعلام يرقص هؤلاء ؟

من أين أعبر، والصدور على الصدور

والساق فوق الساق. ما جدوى بكائي

أي عاصفة يفتتها البكاء ؟

فتيممي يا مقلتي حتى يصير الماء ماء

وتحجّري يا خطوتي !

هذا المساء ..

قدَرٌ أسلّمه سعير الكبرياء !

من أي عام ..

أمشي بلا لون، فلا أصحو ولا أغفو

وأبحث عن كلام ؟

أتسلق الأشجار أحياناً

وأحيانا أجدِّف في الرغام

والشمس تشرق ثم تغرب .. والظلام

يعلو ويهبط. والحمام

ما زال يزمر للسلام !

يا شارع الأضواء، ما لون الظلام

وعلام يرقص هؤلاء ؟

ومتى تكفُّ صديقتي بالأمس، قاتلتي

تكفُّ عن الخيانة والغناء ؟

الجاز يدعوها ؟

ولكني أناديها .. أناديها .. أناديها.

وصوت الجاز مصنوع

وصوتي ذوب قلب تحت طاحون المساء


لو مرة في العمر أبكي ،

يا هدوء الأنبياء

لكن زهر النار يأبى أن يعرَّض للشتاء


ياوجه جدي

يا نبياً ما ابتسم

من أي قبر جئتني ،

ولبست قمبازا بلون دم عتيق

فوق صخره

وعباءة في لون حفره

يا وجه جدي

يا نبياً ما ابتسم

من أي قبر جئتني

لتحيلني تمثال سم.

الدين أكبرُ

لم أبع شبراً، ولم أخضع لضيم

لكنهم رقصوا وغنوا فوق قبرك ..

فلتنم

صاحٍ أنا .. صاحٍ أنا .. صاحٍ أنا

حتى العدم



تحد




شُدّوا وثاقي

وامنعوا عني الدفاتر

والسجائر

وضعوا الترابَ على فمي

فالشعر دمُّ القلب ..

ملح الخبز ..

ماء العينِ

يكتب بالأظافر

والمحاجر

والخناجر

سأقولها

في غرفة التوقيف

في الحمام ..

في الإسطبل ..

تحت السوط ..

تحت القيد ..

في عنف السلاسل :

مليون عصفور

على أغصان قلبي

يخلق اللحن المقاتل



ناي




لا تقتلوني أيها الرعاه

لا تعزفوا

خافوا عليَّ الله

أستحلف الفحيح أن ينام

في ألحانكم ..

حتى أمرَّ في سلام


زنجار ! يا قاتلتي زنجار

لا تنتظري

إني سمعت الناي

لا تنتظري

إني هجرت الدار !



المناديل






كمقابـــــر الشهــــــــــــداء صمتُــــــــــــكِ

والطــريـــــــــق إلـــــــــــــــى امتــــــــدادِ


ويــــداكِ .. أذكـــــــــــــــــرُ طائريـــــــــــن

يُحــــــــــــــوِّمان علـــــــــى فــــــــــؤادي


فَدَعـــــــي مخـــــــــــــاض البـــــــــــــرق

للأفـــــــــــــق المعــــبَّإ بالســــــــــــــوادِ


وتوقَّعــــــي قُــــــبَــلاً مُدمّــــــــــــــــــــاةً

ويـــــــــومـــــــــــــــــــــــــــــــــاً دون زادِ


وتعـــــــــــــــــوَّدي ما دمـــــــــت لـــــي

مـوتــــــــــي ... وأحـــــــــزان البــــعادِ !


كفَــــــنٌ مـــــناديـــــــل الــــــــــــــوداع

وخفــــــقُ ريـــــــح فـــــي الرمـــــــــادِ


مـــا لــــــــــــوَّحَتْ، إلاّ ودم ســــــــــال

فــــــــــــي أغــــــــــــــــــــــــــــوار وادِ


وبكـــــــى، لصـــــــــوت ما ، حنيـــــــن

فــــي شـــــــــراع السندبــــــــــــــــادِ


رُدّي ، سألتُكِ ، شهقـــــــة المنديــــل

مـــــزمـــــــــــــــــارا يـنــــــــــــــــادي ..


فرحـــــــي بأن ألــــــقاك وعـــــــــــــداً

كان يكـــــبـــــر فــــــــي بعـــــــــــادي


ما لي سوى عينيــــــك، لا تبكــــــــي

علـــى مـــــــــــــوتٍ معــــــــــــــــــادِ


لا تستعيــــري من مناديلـــــــــــــــي

أنـــاشيــــــــــــد الــــــــــــــــــــــودادِ


أرجــــــــوكِ ! لفّيـــــها ضـمــــــــــاداً

حـــــول جــــــــرحٍ فـــي بـــــــــلادي



خائف من القمر





خبِّئيني . أتى القمر

ليت مرآتنا حجر !

ألفُ سرّ سرّي

وصدركِ عارٍ

وعيون على الشجر

لا تغطّي كواكباً

ترشح الملح والخدر

خبِّئيني .. من القمر !


وجهُ أمسي مسافرٌ

ويدانا على سَفَر

منزلي كان خندقاً

لا أراجيح للقمر ..

خبِّئيني .. بوحدتي

وخذي المجد .. والسهر

ودعي لي مخدَّتي

أنتِ عندي

أم القمر ؟!



أبيات غزل




سألتكِ : هزّي بأجمل كفّ على الارض

غصن الزمان !

لتسقط أوراق ماض وحاضرْ

ويولد في لمحة توأمان :

ملاك .. وشاعر !

ونعرف كيف يعود الرماد لهيباً

إذا اعترف العاشقان !


أتفاحتي ! يا أحب حرام يباحْ

إذا فهمتْ مقلتاك شرودي وصمتي

أنا ، عجبا ، كيف تشكو الرياح

بقائي لديك ؟ وأنتِ

خلودُ النبيذ بصوتي

وطعم الأساطير والأرض .. أنتِ !


لماذا يسافر نجم على برتقاله

ويشرب يشرب يشرب حتى الثمالهْ

إذا كنت بين يديّ

تفتّت لحن، وصوت ابتهالهْ


لماذا أُحبك ؟

كيف تخر بروقي لديك ؟

وتتعب ريحي على شفتيك

فأعرف في لحظةٍ

بأن الليالي مخدَّه

وأن القمر

جميل كطلعة ورده

وإني وسيم .. لأني لديك !

أتبقين فوق ذراعي حمامه

تغمِّس منقارها في فمي ؟

وكفُّك فوق جبينيَ شامه

تخلّد وعد الهوى في دمي ؟

أتبقين فوق ذراعي حمامه

تجنِّحني .. كي أطير

تهدهدني .. كي أنام

وتجعل لاسمِيَ نبض العبير

وتجعل بيتيَ برج حمام ؟


أريدك عندي

خيالا يسير على قدمين !

وصخر حقيقه

يطير بغمزة عين !



لوحة على الأفق




رأيت جبينكِ الصيفيَّ

مرفوعاً على الشفقِ

(وشعركِ ماعز) يرعى

حشيش الغيم في الأفقِ


تودُّ العين .. لو طارت إليك

كما يطير النوم من سجني

يود القلب لو يحبو إليك

على حصى الحزنِ


يود الثغر لو يمتصّ

عن شفتيكِ ..

ملح البحر، والزمنِ


يود .. يود ، لكني

وراء حديد شباكي

أودِّع وجهك الباكي

غريقا فوق دمّ الشمس ..

مهدوراً على الأفقِ

فأحمل فوق جرح القلب جرحين

ولكني ..

أحاول أن أضمدها .. أوسِّدها

ذراع تمرُّد الحزنِ !



دعوة للتذكار




مرّي بذاكرتي !

فأسواق المدينهْ

مرَّتْ

وباب المطعم الشتوي

مرّ .

وقهوة الأمس السخينة

مرَّتْ.

وذاكرتي تنقرها ..

العصافير المهاجرة الحزينه

لم تنس شيئاً غير وجهك

كيف ضاع ؟

وأنت مفتاحي إلى قلب المدينه ؟



قصائد عن حب قديم





-1-

على الأنقاض وردتُنا

ووجهانا على الرملِ

إذا مرَّتْ رياحُ الصيفِ

أشرعنا المناديلا

على مهل .. على مهلٍ

وغبنا طيَّ أغنيتين ، كالأسرى

نراوغ قطرة الطلِّ

تعالي مرة في البال

يا أختاه !

إن أواخر الليلِ

تعرّيني من الألوان والظلِّ

وتحميني من الذل !

وفي عينيك ، يا قمري القديم ،

يشدُّني أصلي

إلى إغفاءة زرقاء

تحت الشمس .. والنخل

بعيدا عن دجى المنفى ..

قريبا من حمى أهلي

-2-

تشهَّيتُ الطفولة فيكِ.

مذ طارت

عصافيرُ الربيعِ

تجرَّد الشجرُ

وصوتك كان ، يا ما كان ،

يأتيني

من الآبار أحياناً

وأحياناً ينقِّطه لي المطرُ

نقياً هكذا كالنارِ

كالأشجار .. كالاشعار ينهمرُ

تعالي

كان في عينيك شيء أشتهيه

وكنت أنتظرُ

وشدّيني إلى زنديكِ

شديني أسيراً

منك يغتفرُ

تشهَّيت الطفولة فيك .

مذ طارت

عصافير الربيع ..

تجرَّد الشجرُ !

-3-

.. ونعبر في الطريق

مكبّلين ..

كأننا أسرى

يدي ، لم أدر ، أم يدك

احتست وجعاً

من الاخرى ؟

ولم تطلق ، كعادتها ،

بصدري أو بصدرك ..

سروة الذكرى

كأنّا عابرا دربٍ ،

ككلِّ الناس ،

إن نظرا

فلا شوقاً

ولا ندماً

ولا شزرا


ونغطس في الزحام

لنشتري أشياءنا الصغرى

ولم نترك لليلتنا

رماداً .. يذكر الجمرا

وشيء في شراييني

يناديني

لأشرب من يديك

ترمّد الذكرى

-4-

ترجَّلَ ، مرةً ، كوكَبْ

سار على أناملنا

ولم يتعبْ

وحين رشفتُ عن شفتيك

ماء التوت

أقبل ، عندها ، يشربْ

وحين كتبتُ عن عينيك

نَقَّطَ كل ما أكتب

وشاركنا وسادتنا ..

وقهوتنا

وحين ذهبتِ ..

لم يذهب


لعلي صرت منسياً

لديك

كغيمة في الريح

نازلة إلى المغربْ ..

ولكني إذا حاولتُ

أن أنساك ..

حط على يدي كوكبْ

-5-

لكِ المجدُ

تجنَّحَ في خيالي

من صداك ..

السجنُ ، والقيدُ

أراك، إذا استندتُ

إلى وسادٍ

مهرةً .. تعدو

أحسكِ في ليالي البرد

شمساً

في دمي تشدو


أُسميك الطفولة

يشرئبّ أماميَ النهدُ

أُسميكِ الربيع

فتشمخ الأعشاب والوردُ

أُسميكِ السماء

فتشمت الأمطار والرعدُ


لك المجدُ

فليس لفرحتي بتحيُّري

حدُّ

وليس لموعدي .. وعدُ

لك المجدُ

-6-

وأدركنا المساءُ ..

وكانت الشمسُ

تسرِّح شعرها في البحرْ

وآخر قبلة ترسو

على عينيَّ مثل الجمرْ

- خذي مني الرياح

وقبِّليني

لآخر مرة في العمر


.. وأدركها الصباحُ

وكانت الشمسُ

تمشط شعرها في الشرقْ

لها الحنّاء والعرسُ

وتذكرة لقصر الرق

- خذي من الأغاني

واذكريني ..

كلمح البرق


وأدركني المساءُ

وكانت الأجراسْ

تدق لموكب المسبية الحسناءْ

وقلبي بارد كالماسْ

وأحلامي صناديقٌ على الميناء

- خذي من الربيع

وودِّعيني ..



أبي




غضَّ طرفا عن القمرْ

وانحنى يحضن التراب

وصلّى ..

لسماء بلا مطر،

ونهاني عن السفر !


أشعل البرق أوديهْ

كان فيها أبي

يربي الحجارا

من قديم .. ويخلق الأشجارا

جلدُهُ يندفُ الندى

يدهُ تورق الشجرْ

فبكى الأفق أغنيه :


- كان أوديس فارساً ..

كان في البيت أرغفه

ونبيذ، وأغطيه

وخيول ، وأحذيه

وأبي قال مرة

حين صلّى على حجرْ :

غضَّ طرفاً عن القمر

واحذر البحر .. والسفر !


يوم كان الإله يجلد عبدهْ

قلت : يا ناس ! نكفُر ؟

فروى لي أبي .. وطأطأ زنده :


في حوار مع العذاب

كان أيوب يشكرُ

خالق الدود .. والسحاب !

خُلق الجرحُ لي أنا

لا لميْت .. ولا صنمْ

فدع الجرح والألم

وأعِنِّي على الندم !


مرَّ في الأفق كوكبُ

نازلاً .. نازلاً

وكان قميصي

بين نار، وبين ريحْ

وعيوني تفكِّرُ

برسوم على التراب

وأبي قال مرة :

الذي ماله وطن

ما له في الثرى ضريح

.. ونهاني عن السفر !



نشيد للرجال



-1-

لأجمل ضفة أمشي

فلا تحزن على قدمي

من الأشواك

إن خطايَ مثل الشمس

لا تقوى بدون دمي !

لأجمل ضفة أمشي

فلا تحزن على قلبي

من القرصان ..

إن فؤاديَ المعجون كالأرضِ

نسيم في يد الحبِّ

وبارود على البغضِ !


لأجمل ضفة أمشي

فإمَّا يهترئ نعلي

أضع رمشي

نعم .. رمشي !

ولا أقفُ

ولا أهفو إلى نوم وأرتجف

لأن سرير من ناموا

بمنتصف الطريق ..

كخشبة النعشِ !

تعالوا يا رفاق القيد والأحزان

كي نمشي

لأجمل ضفة نمشي

فلن نقهرْ

ولن نخسر

سوى النعشِ !

-2-

إلى الأعلى

حناجرُنا

إلى الأعلى

محاجرنا

إلى الأعلى

أمانينا

إلى الأعلى

أغانينا

سنصنع من مشانقنا

ومن صلبان حاضرنا وماضينا

سلالم للغد الموعود

تم نصيح : يا رضوان !

إفتح بابك الموصود !


سنطلق من حناجرنا

ومن شكوى مراثينا

قصائد، كالنبيذ الحلو

تكرع في ملاهينا

وتنشد في الشوارع

في المصانع

في المحاجر

في المزارع

في نوادينا !


سننصب من محاجرنا

مراصد ، تكشف الأبعد والأعمق والأروعْ

فلا نقشعْ

سوى الفجرِ

ولا نسمع

سوى النصرِ

فكل تمرد في الأرضْ

يزلزلنا

وكل جميلة في الأرض

تقبِّلُنا

وكل حديقة في الأرض

نأكل حبة منها

وكل قصيدة في الأرض

إذا رقصت نخاصرها

وكل يتيمة في الأرض

إذا نادت نناصرها


سنخرج من معسكرنا

ومنفانا

سنخرج من مخابينا

ويشتمنا أعادينا :

(( هلا .. همج همُ .. عرب ))

نعم ! عربُ

ولا نخجل

ونعرف كيف نمسك قبضة المنجل

وكيف يقاوم الأعزل

ونعرف كيف نبني المصنع العصريَّ

والمنزل ..

ومستشفى

ومدرسة

وقنبلة

وصاروخاً

وموسيقى

ونكتب أجمل الأشعار ..


صوت :

وماذا بعد ؟

سمعنا صوتك المدهون بالفسفور

سمعناه .. سمعناهُ

فكيف ستجعل الكلماتُ

أكواخ الدجى .. بلَّور !

ودربك كله ديجور

وشعبك ..

دمعة تبكي زمان النور

وأرضك ..

نقش سجاده

على الطرقات مرميَّه

وأنت ... بدون زوّاده

وماذا بعد ؟ ماذا بعد ؟

جميل صوتك المحمول بالريح الشماليَّه

ولكن سئمناهُ !


جواب :

ذليلٌ أنت كالإسفلتْ

ذليل أنت

يا من يحتمي بستارة الضجرِ

غبيُّ أنت .. كالقمرِ

ومصلوب على حجرِ

فدعني أكمل الإنشاد

دعني أحمل الريح الشماليَّه

ودعني أحبس الأعصار في كمي

ودعني أخزن الديناميت في دمي

ذليل أنت كالإسفلتْ

وكالقمرِ ..

غبيٌّ أنت !


نشيد بنات طرواده


وداعا يا ليالي الطهر

يا أسوار طرواده

خرجنا من مخابينا

إلى أعراس غازينا

لنرقص فوق موت رجال طرواده


سبايا نحن ، نعطيهم بكارتنا

وما شاؤُوا

لأنهمُ أشداء

ونرقد في مضاجع قاتلي أبطال طرواده


وداعا يا ليالي الطهر والأحلام

يا ذكرى أحبتنا

سبايا نحن منذ اليوم


من آثار طرواده !


تعليق على النشيد

بلى . أصغيتُ للنغمِ

فلا تُخضع لجناز الردى

قيثارك المشدود ..

من قاع المحيط لجبهة القممِ !

لئلا تجهض الأزهار والكبريت

فوق فمِ

سيزهر مرة طلعاً وقنديلاً

وشعراً يصهر الفولاذ ..

يرصف شارع النغمِ

لئلاّ تحقن الأجساد

أفيوناً من الألم

نعم . أصغيتُ للنغمِ

ولكني، تحرَّيت السنا في الدمع

لا ديمومة الظلمِ

لنحرق ريشة الماضي

ونعزف لحننا الرائد !

فمن عزمي

ومن عزمك

ومن لحمي

ومن لحمك

نعبِّد شارع المستقبل الصاعد


صوت :

وماذا بعد ؟ ماذا بعدْ !

وشعبك ..

دمعة ترثي زمان المجد

ولحن القيد

يجنِّزنا

ويحفر للذين يقاومون اللحد !


جواب :

ذليل أنت كالإسفلتْ

وكالقمر ..

غبي أنت !

إلى الماضي قليلاً يا حزين الصوت

يا من يمتطي جملاً من الصحراء

وغيرك يركب الصاروخ

إلى الماضي قليلا يا حزين الصوت


إلى التاريخ


مع المسيح

- ألو ..

- أريد يسوع

- نعم ! من أنت ؟

- أنا أحكي من ((إسرائيل))

وفي قدمي مسامير .. وإكليل

من الأشواك أحمله

فأي سبيل

أختار يا بن الله .. أي سبيل ؟

أأكفر بالخلاص الحلو

أم أمشي ؟

ولو أمشي وأحتضرُ ؟

- أقول لكم : أماماً أيها البشرُ !



مع محمد

- ألو ..

- أريد محمد العربِ

- نعم ! من أنت ؟

- سجين في بلادي

بلا أرض

بلا علم

بلا بيتِ

رموا أهلي إلى المنفى

وجاؤوا يشترون النار من صوتي

لأخرج من ظلام السجن ..

ما أفعلْ ؟

- تحدَّ السجن والسجّان

فإن حلاوة الإيمان

تذيب مرارة الحنظلْ !


مع حبقوق

- ألو .. هالو !

أموجود هنا حبقوق ؟

- نعم من أنت ؟

- أنا يا سيدي عربي

وكانت لي يدٌ تزرع

تراباً سمَّدته يدا وعين أبي

وكانت لي خطى وعباءة ..

وعمامة ودفوف

وكانت لي ..

- كفى يا ابني !

على قلبي حكايتكم

على قلبي سكاكينُ


بقية النشيد

دعوني أُكمل الإنشاد

فإن هدية الأجداد للأحفاد :

(( زرعنا .. فاحصدوا ! ))

والصوت يأتينا سماداً

يغرق الصحراء بالمطرِ

ويُخصب عاقر الشجرِ !

دعوني أُكمل الإنشاد



صلاة أخيرة




يخيل لي أن عمري قصير

وأني على الأرض سائح

وأن صديقة قلبي السكير

تخون إذا غبتُ عنها

وتشرب خمرا

وتكتب شعرا

لغيري،

لأني على الأرض سائح !


يخيل لي أن خنجر غدرِ

سيحفر ظهري

فتكتب إحدى الجرائد :

(( كان يجاهد ))

ويحزن أهلي وجيراننا

ويفرح أعداؤنا

وبعد شهور قليله

يقولون : كان !


يخيل لي أن شِعري الحزينْ

وهذي المراثي، ستصبح ذكرى

وأن أغاني الفرح

وقوس قزح

سينشدها آخرون

وأن فمي سوف يبقى مدمَّى

على الرملِ والعوسجِ

فشكراً لمن يحملون

توابيت أمواتهم !

وعفواً من المبصرين

أماميَ لافتة النجم

في ليله المدلجِ !


يخيل لي يا صليب بلادي

ستحرق يوماً

وتصبح ذكرى ووشماً

وحين سينزل عنك رمادي

ستضحك عين ُ القدر

وتغمز : ماتا معاً

لو أني ، لو أني

أقبِّل حتى الحجر

وأهتف : لم تبق إلاّ بلادي !


بلاديَ ! يا طفلة أمَةً

تموت القيود على قدميها

لتأتي قيود جديده

متى نشرب الكأس نخبك

حتى ولو في قصيده ؟

ففرعون مات

ونيرون مات

وكل السبايا ببابلَ

عادت إليها الحياة !

متى نشرب الكأس نخبك

حتى ولو في الأغاني


أيا مهرة يمتطيها طغاة الزمان

وتفلت منا

من الزمن الأولِ

- لجامك هذا .. دمي !

- وسرجك هذا .. دمي

إلى أين أنت إذن رائحه

أنا قد وصلت إلى حفره

وأنت أماماً .. أماماً

إلى أين ؟

يا مهرتي الجامحه ؟

يخيل لي أن بحر الرماد

سينبتُ بعدي

نبيذاً وقمحـاً

وإني لن أطعمه

لأني بظلمة لحدي

وحيد مع الجمجمه

وفي شفتي بسمة منعمه

لأني صنعت مع الآخرين

خميرة أيامنا القادمه

وأخشاب مركبنا في بحار الرماد

يخيل لي أن عمري قصير

وأني على الأرض سائح

ولو بقيت في دمي

نبضة واحدهْ

تعيد الحياة إليَّ

لو أني

أفارق شوك مسالكنا الصاعده

لقلت : ادفنوني حالاً

أنا توأم القمة المارده ! !



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالإثنين نوفمبر 16, 2009 12:48 am




ثالثا : آخر الليل


1967



**تحت الشبابيك العتيقة**



"إلى مدينة القدس وأخواتها"




أولا- الجرح القديم




واقف تحت الشبابيك،

على الشارع واقفْ

درجات السلّم المهجور لا تعرف خطوي

لا ولا الشبّاك عارف.

من يد النخلة أصطادُ سحابه

عندما تسقط في حلقي ذبابه

وعلى أنقاض إنسانيتي

تعبرُ الشمسُ وأقدامُ العواصفْ


واقفٌ تحت الشبابيك العتيقه

من يدي يهرب دوريٌّ وأزهار حديقه

اسأليني : كم من العمر مضى حتى تلاقى

كـلُّ هذا اللون والموت، تلاقى بدقيقه ؟

وأنا أجتازُ سرداباً من البخور،

والفلفل، والصوت النحاسي

من يدي يهرب دوريٌّ ..

وفي عيني ينوب الصمت عن قول الحقيقه !


عندما تنفجر الريح بجلدي

وتكفُّ الشمسُ عن طهو النعاسْ

وأُسمّي كل شيء باسمه،

عندها أبتاع مفتاحاً وشباكاً جديداً

بأناشيد الحماس !


- أيها القلبُ الذي يُحرمُ من شمس النهار

ومن الأزهار والعيد، كفانا !

علمونا أن نصون الحب بالكره !

وأن نكسو ندى الورد .. غبار !


- أيّها الصوتُ الذي رفرف في لحمي

عصافير لهبْ،

علّمونا أن نُغني، ونحب

كلَّ ما يطلعه الحقلُ من العشب،

من النمل، وما يتركه الصيفُ على أطلال دار

علّمونا أن نغني، ونداري

حبَّنا الوحشيَّ، كي لا

يصبح الترنيم بالحب مملاًّ !

عندما تنفجر الريحُ بجلدي

سأسمي كلَّ شيء باسمه

وأدق الحزن والليل بقيدي

يا شبابيكي القديمه .. !



ثانيا- أغنية حب على الصليب




مدينة كل الجروح الصغيره

ألا تخمدين يديَّ ؟

ألا تبعثين غزالاً إليَّ ؟

وعن جبهتي تنفضين الدخان .. وعن رئتيَّ ؟ !


حنيني إليك .. اغتراب

ولقياك .. منفى !

أدقُّ على كل باب ..

أنادي، وأسأل، كيف

تصير النجومُ تراب ؟

أحبكِ، كوني صليبي

وكوني، كما شئت، برج حمامْ

إذا ذوبتني يداك

ملأت الصحارى غمام


لحبك يا كلَّ حبي، مذاق الزبيب

وطعم الدمِ

على جبهتي قمر لا يغيب

ونارٌ وقيثارة في فمي !


إذا متُّ حبًّا فلا تدفنيني

وخلي ضريحي رموش الرياح

لأزرع صوتك في كل طين

وأشهر سيفك في كل ساح

أحبك، كوني صليبي

وما شئت كوني

وكالشمس ذوبي

بقلبي .. ولا ترحميني ..



ثالثا- خارج من الأسطورة



إنني أنهضُ من قاع الأساطير

وأصطاد على كل السطوح النائمه

خطوات الأهل والأحباب .. أصطاد نجومي القاتمه

إنني أمشي على مهلي، وقلبي مثل نصف البرتقالهْ

وأنا أعجب للقلب الذي يحمل حاره

وجبالاً، كيف لا يسأم حاله !

وأنا أمشي على مهلي .. وعيني تقرأ الأسماء

والغيم على كل الحجاره

وعلى جيدك يا ذات العيون السود

يا سيفي المذهَّبْ

ها أنا أنهض من قاع الأساطير .. وألعب

مثل دوريٍّ على الأرض .. وأشرب

من سحاب عالق في ذيل زيتون ونخلِ

ها أنا أشتمُّ أحبابي وأهلي

فيك، يا ذات العيون السود .. يا ثوبي المقصَّب

لم تزل كفّاك تليّن من الخضرة، والقمح المذهَّب

وعلى عينيك ما زال بساط الصحو

بالوشم الحريري .. مكوكب !

إنني أقرأ في عينيك ميلاد النهارْ

إنني أقرأ أسرار العواصف

لم تشيخي .. لم تخوني .. لم تموتي

إنما غيَّرتِ ألوان المعاطف

عندما انهار الأحبّاء الكبار

وامتشقنا، لملاقاة البنادق

باقة من أغنيات وزنابق !

آه .. يا ذات العيون السود، والوجه المعفَّرْ

يشرب الشارعُ والملحُ دمي

كلما مرت على باليَ أقمارُ الطفوله

خلف أسوارك يا سجن المواويل الطويلهْ

خلف أسوارك، ربَّيت عصافيري

ونحلي ، ونبيذي ، وخميله


رابعا- إعتذار



حلمتُ بعرس الطفولهْ

بعينين واسعتين حلمت

حلمتُ بذات الجديلهْ

حلمتُ بزيتونةٍ لا تُباع

ببعض قروشٍ قليلهْ

حلمتُ بأسوار تاريخِك المستحيله

حلمتُ برائحة اللوز

تشعل حزن الليالي الطويلهْ

بأهلي حلمت ..

بساعد أختي

سيلتفُّ حولي وشاحَ بطولهْ

حلمت بليلة صيف

بسلّة تين

حلمتُ كثيراً

كثيراً حلمتُ ..

إذن سامحيني !! .


خامسا- المستحيل



أموت اشتياقاً

أموت احتراقاً

وشنقاً أموت

وذبحاً أموت

ولكنني لا أقول :

مضى حبنا، وانقضى

حبنا لا يموت



سادسا-الورد والقاموس



وليكن .

لا بد لي ..

لا بد للشاعر من نخب جديدْ

وأناشيد جديده

إنني أحمل مفتاح الأساطير وآثار العبيد

وأنا أجتاز سردابا من البخُور

والفلفل، والصيف القديم

وأرى التاريخ في هيئة شيخ،

يلعب النرد ويمتصُّ النجوم


وليكن

لا بدَّ لي أن أرفض الموت،

وإن كانت أساطيري تموت

إنني أبحث في الأنقاض عن ضوء، وعن شعر جديد

آه .. هل أدركت قبل اليوم

أن الحرف في القاموس، يا حبي، بليد

كيف تحيا كلُّ هذي الكلمات !

كيف تنمو ؟ .. كيف تكبر ؟

نحن ما زلنا نغذيها دموع الذكريات

واستعارات .. وسكَّر !


وليكن ..

لا بد لي أن أرفض الورد الذي

يأتي من القاموس، أو ديوان شعر

ينبت الورد على ساعد فلاّح، وفي قبضة عامل

ينبت الورد على جرح مقاتل

وعلى جبهة صخر ..



سابعا- وعود من العاصفة





وليكن ...

لا بدَّ لي أن أرفض الموت

وأن أحرق دمع الأغنيات الراعفه

وأعرّي شجر الزيتون من كل الغصون الزائفه

فإذا كنت أغني للفرحْ

خلف أجفان العيون الخائفهْ

فلأنَّ العاصفه

وعدتني بنبيذ .. وبأنخاب جديده

وبأقواس قزح

ولأن العاصفه

كَنست صوت العصافير البليده

والغصون المستعاره

عن جذوع الشجرات الواقفهْ.

وليكن ..

لا بدَّ لي أن أتباهى، بك، يا جرح المدينه

أنت يا لوحة برق في ليالينا الحزينه

يعبس الشارع في وجهي

فتحميني من الظل ونظرات الضغينه

سأغني للفرح

خلف أجفان العيون الخائفه

منذ هبت، في بلادي، العاصفهْ

وعدتني بنبيذ، وبأقواس قزح



موال






خسرتُ حلماً جميلاً -------- خسرت لسع الزنابقْ

وكان ليلي طويـــــلاً -------- على سياج الحدائقْ

وما خسرت السبيلا

***

لقد لقد تعوَّد كفّي -------- على جراح الأمانــي

هزي يديَّ بعنــــف -------- ينساب نهر الأغاني

يا أم مهري وسيفي !

***

(( يمّا .. مويل الهوى

(( يمّا .. مويليّا

(( ضرب الخناجر .. ولا

(( حكم النذل فيّا

***

يداك فوق جبينـــي ------- تاجان من كبريـــــــاء

إذا انحنيت، انحنى -------- تلٌّ، وضاعت سمـــاء

ولا أعــود جديـــــرا -------- بقبـلــــة أو دعـــــــاء

والبابُ يوصَدُ دوني

***

كوني على شفتيّا ------- اسماً لكل الفصول

لم يأخذوا من يديّا ------- إلاّ مناخ الحقـــــول

وأنت عندي دنيا !

***

(( يمّا .. مويل الهوى

(( يمّا .. مويليّا

(( ضرب الخناجر .. ولا

(( حكم النذل فيّا

***

الريـــح تنعس عندي ------ على جبين ابتسامه

والقيد خاتمُ مجـــــد ------ وشـــامةٌ للكرامـــــه

وساعدي .. للتحدي

***

على يديّــــــك تصلــي ------ طفــولةُ المستقبـــلْ

وخلف جفنيـك، طفلي ------- يقول : يوميَ أجمـلْ

وأنت شمسي وظلي

***

(( يمّا .. مويل الهوى

(( يمّا .. مويليّا

(( ضرب الخناجر .. ولا

(( حكم النذل فيّا

***

الأرض، أم أنـت عـــندي ------ أم أنتما توأمـــــــان

من مدَّ للشمس زندي؟ ------ الأرضُ، أم مقــلتان

سيان سيان ... عندي

***

إذا خسرت الصديقــــه ------ فقدتُ طعم السنـابــلْ

وإن فقدت الحديقـــــه ------ ضيَّعت عطر الجدائــــلْ

وضاع حلم الحقيقه

***

عـــن الورود أُدافـــعْ ------ شوقاً إلى شفتــــيــكِ

وعن تراب الشـوارع ------ خوفــاً على قدميــــــكِ

وعن دفاعي أُدافع

***

(( يمّا .. مويل الهوى

(( يمّا .. مويليّا

(( ضرب الخناجر .. ولا

(( حكم النذل فيّا


لا تنامي .. حبيبتي





عندمــــا يسقـــط القمــــــر

كالمرايـــــــــا المحطمـــــــه

يكــــبر الظـــــــــــلُّ بينـــــنا

والأساطــــــــير تحتــــــــضر

لا تنامــي .. حبيبتـــــــــــي

جرحنــــــــا صـــــار أوسمـه

صار وردا على قمر ...!


خلـــف شباكـــــــنا نهـــــارْ

وذراع مــــــــن الرضــــــــــا

عنــــدما لفــنـي وطـــــــــار

خلــــت أنـــــي فراشـــــــةٌ

فــي قناديـــــــل جلنـــــــار

وشفـــــاه مــــــن الــــندى

حــــاورتنــــي بلا حـــــــوار !

لا تنامــي .. حبيبتـــــــــــي

خلـــــف شـــــباكنا نهـــــار !


سقـــــط الــــــورد من يـدي

لا عـبيــــــــر، ولا خَـــــــــدَر

لا تنامــي .. حبيبتـــــــــــي

العصافــــيـــــر تنـــتحـــــــــر

ورموشــــي سنابــــــــلْ

تشـــــــرب اللـــيل والـــقـــدر

صوتـــــــــك الحلــــــــو قبلــــةٌ

وجنـــــــــــــــاح علـى وتـــــرْ

غصــــــن زيتونـــــــة بكــــــى

فــــي المنافـــي على حجـر

باحــــثاً عــــن أصولــــــــــــه

وعـن الشـــمس والمطـــــر

لا تنامــي .. حبيبتـــــــــــي

العصافــــــــــــــير تنتحــــــر


***


عندمــــــا يسقـــط القمــــــــر

كالمــــــــرايا المحطمـــــــــــه

يشـــــرب الظل عــــــــــــارنا

ونـــــــــداري فـــــــــــــــرارنا

عندمــــا يسقط القمــــــــــر

يصـبـــح الحـب ملحمـــــــــه

لا تنامــي .. حبيبتـــــــــــي

جرحـــــــنا صـــــار أوسمــه

ويــــــدانا على الدجـــــــى

عندلـــــيب على وتــــــــــرْ



كبر الأسير



تتموَّج الذكرى، وبياراتُ أهلي

خلف نافذة القطارْ

وتغوص، تحت الرمل والبارود، دار

كل النوافذ أُشرعت في ذات يوم

للعيون السود، واحترق النهار

وَلَعاً بساحتك الصغيره

وأنا كبرتُ .. كبرتُ ..

حطمت المرايا كُلها،

ونفضت أجنحة الغبار

عن جنَّة نبتت بصوره

ورأيت وجهك في السنابلِ

وهي تبحر في سماء الضوء

في فرح الضفيره

يا حبي الباقي على لحمي هلالاً في إطار !

أترى إلى كل الجبال، وكل بيارات أهلي

كيف صارت كلّها .. صارت أسيره ؟

وأنا كبرتُ، كبرتُ يا حبي القديم مع الجدار

كبر الأسير، وأنت توقدُ

في ليالي التيه أغنيةً ونار

وتموت، وحدك، دون دار


ريتا والبندقية



بين ريتا وعيوني .. بندقيَّهْ

والذي يعرف ريتا، ينحني

ويصلي

لإلهٍ في العيون العسلية !

وأنا قبَّلت ريتا

عندما كانت صغيره

وأنا أذكر كيف التصقت

بي، وغطت ساعدي أحلى ضفيره

وأنا أذكر ريتا

مثلما يذكر عصفور غديره

آه .. ريتا

بيننا مليون عصفور وصوره

ومواعيد كثيره

أطلقت ناراً عليها .. بندقيه


إسمُ ريتا كان عيداً في فمي

جسم ريتا كان عرساً في دمي

وأنا أضعت بريتا .. سنتَينِ.

وهي نامت فوق زندي سنتين

وتعاهدنا على أجمل كأس، واحترقنا

في نبيذ الشفتين

وولدنا مرتين !

آه .. ريتا

أي شيء ردَّ عن عينيك عينيَّ

سوى إغفاءتين

وغيوم عسليه

قبل هذي البندقيه!


كان يا ما كان

يا صمت العشيَهْ

قمري هاجَر في الصبح بعيداً

في العيون العسليهْ

والمدينة

كنست كل المغنين، وريتا

بين ريتا وعيوني .. بندقيّهْ



جندي يحلم بالزنابق البيضاء



يحلُم بالزنابق البيضاء

بغصن زيتونِ ..

بصدرها المورق في المساء

يحلــمُ - قال لي - بطائر

بزهر ليمونِ

ولم يفلسف حلمه، لم يفهم الأشياء

إلاّ كما يحسها .. يشمها

يفهم - قال لي - أنَّ الوطنْ

أن أحتسي قهوة أمي

أن أعود في المساء ..

سألته : والأرض ؟

قال : لا أعرفها

ولا أحس أنها جلدي ونبضي

مثلما يُقال في القصائدْ

وفجأة، رأيتها

كما أرى الحانوت .. والشارع .. والجرائد

سألته : تحبُّها

أجاب : حبي نزهة قصيرةَ

أو كأس خمر .. أو مغامرة

- من أجلها تموت ؟

- كلاّ !

وكل ما يربطني بالأرض من أواصرِ

مقالة نارية .. محاضرهْ !

قد عَلّموني أن أحب حُبَّها

ولم أحس أن قلبها قلبي ،

ولم أشم العشب، والجذور، والغصون ..

- وكيف كان حبّها

يلسع كالشموس .. كالحنين ؟

أجابني مواجهاً :

- وسيلتي للحب بندقيه

وعودةُ الأعياد من خرائب قديمه

وصمت تمثال قديم

ضائع الزمان والهويهْ !

***

حدَّثني عن لحظة الوداع

وكيف كانت أُمُّهُ

تبكي بصمت عندما ساقوه

إلى مكان ما من الجبههْ ..

وكان صوت أمه الملتاع

يحفر تحت جلده أمنية جديده :

لو يكبر الحمام في وزارة الدفاعْ

لو يكبر الحمام ! ..

***

.. دخّن، ثم قال لي

كأنه يهرب من مستنقع الدماء :

حلمت بالزنابق البيضاء

بغصن زيتون ..

بطائر يعانق الصباح

فوق غصن ليمون ..

- وما رأيت ؟

- رأيتُ ما صنعت

عوسجة حمراء

فجَّرتها في الرمل .. في الصدور .. في البطون ..

- وكم قتلتْ ؟

يصعب أن أعدهم ..

لكنني نلت وساماً واحداً

سألته، معذباً نفسي، إذن

صف لي قتيلاً واحداً .


أصلح من جلسته، وداعب الجريده المطويّهْ

وقال لي كأنه يُسمعني أُغنيهْ :

كخيمة هوى على الحصى

وعانق الكواكب المحطمهْ

كان على جبينه الواسع تاجٌ من دم

وصدره بدون أوسمه

لأنه لم يُحسن القتال

يبدو أنه مزارع أو عامل أو بائع جوال

كخيمة هوى على الحصى .. ومات ..

كانت ذراعاهُ

ممدودتين مثل جدولين يابسين

وعندما فتشت في جيوبه

عن اسمه، وجدتُ صورتين

واحدةً .. لزوجته

واحدةً .. لطفلته ..


سألته : حزنت ؟

أجابني مقاطعا : يا صاحبي محمود

الحزن طير أبيض

لا يقرب الميدان .. والجنود

يرتكبون الإثم حين يحزنون

كنت هناك آلة تنفث ناراً وردى

وتجعل الفضاء طيرا أسودا

***

حدثني عن حبه الأول،

فيما بعد

عن شوارع بعيده،

وعن ردود الفعل بعد الحرب

عن بطولة المذياع والجريده

وعندما خبأ في منديله سعلته

سألته : أنلتقي ؟

أجاب : في مدينة بعيده


حين ملأت كأسه الرابع

قلت مازحاً : ترحل ... والوطن ؟

أجاب : دعني ..

إنني أحلم بالزنابق البيضاء

بشارع مغرد ومنزل مضاء

أريد قلباً طيباً ، لا حشو بندقيه

أريد يوماً مشمساً، لا لحظة انتصار

مجنونةً .. فاشيَّه

أريد طفلا باسماً يضحك للنهار،

لا قطعةً في الآلة الحربيه

جئت لأحيا مطلع الشموس

لا مغربها.

***

ودعني، لأنه .. يبحث عن زنابق بيضاء

عن طائر يستقبل الصباح

فوق غصن زيتون

لأنه لا يفهم الأشياء

إلا كما يحسها .. يشمها

يفهم -قال لي- ان الوطن

أن أحتسي قهوة أمي ..

أن أعود، آمنا، مع المساء


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مختارحسنى
عضو



عدد المساهمات : 90
نقاط : 15913
تاريخ التسجيل : 19/11/2009
العمر : 39
الموقع : جمهورية زفتى الغرباوية المصرية (مصنع الرجالة)

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 21, 2009 9:37 pm

أستاذة / سلمى
أولا أود أن أبعث أعظم كلمة شكر لكى من أجل هذا المجهود الضخم والشكر لكى أيضا لآنكى عرفتينا على هذا الشاعر العظيم
فعجبنى جدا جدا ... مــــــوال....
مشكورة ياسيدتى على هذا العطاء الذى ليس له حدود
وانة لمن دواعى سرورى اننى أول من كتب وشارك فى موضوعك الشيق الرقيق
تقبلى تحياتى ياسلمى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 24, 2009 2:33 am

مختارحسنى كتب:
أستاذة / سلمى
أولا أود أن أبعث أعظم كلمة شكر لكى من أجل هذا المجهود الضخم والشكر لكى أيضا لآنكى عرفتينا على هذا الشاعر العظيم
فعجبنى جدا جدا ... مــــــوال....
مشكورة ياسيدتى على هذا العطاء الذى ليس له حدود
وانة لمن دواعى سرورى اننى أول من كتب وشارك فى موضوعك الشيق الرقيق
تقبلى تحياتى ياسلمى


أشكرك أستاذ مختار حسني على مرورك الكريم

وإن هذا العمل نتيجة لمجهود جماعي فصاحب الفكرة

الدكتور بسام، والنبذة التاريخية عن حياة الشاعر أعدها kakashi

والقصائد لمحمود درويش

موسوعة الشاعر محمود درويش Get-3-2009-al7nan.comepk612ok


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 02, 2009 12:47 am





أغنية ساذجة عن الصليب الأحمر



هل لكل الناس، في كل مكان

أذرع تطلع خبزا وأماني

ونشيدا وطنيا ؟

فلماذا يا أبي نأكل غصن السنديان

ونغني، خلسة، شعرا شجيا ؟

يا أبي ! نحن بخير وأمان

بين أحضان الصليب الأحمر !

****

عندما تفرغ أكياس الطحين

يصبح البدر رغيفا في عيوني

فلماذا يا أبي، بعت زغاريدي وديني

بفتات وبجبن أصفر

في حوانيت الصليب الأحمر ؟

يا أبي ! هل غابة الزيتون تحمينا إذا جاء المطر ؟

وهل الأشجار تغنينا عن النار، وهل ضوء القمر

سيذيب الثلج، أو يحرق أشباح الليالي

إنني أسأل مليون سؤال

وبعينيك أرى صمت الحجر

فأجبني ، يا أبي ، أنت أبي

أم تراني صرت إبنا للصليب الأحمر ؟!

****

يا أبي ! هل تنبت الأزهار في ظل الصليب ؟

هل يغني عندليب ؟

فلماذا نسفوا بيتي الصغيرا

ولماذا ، يا أبي تحلم بالشمس إذا جاء المغيب ؟

وتناديني، تناديني كثيرا

وأنا أحلم بالحلوى وحبات الزبيب

في دكاكين الصليب الأحمر

****

حرموني من أراجيح النهار

عجنوا بالوحل خبزي .. ورموشي بالغبار

أخذوا مني حصاني الخشبي

جعلوني أحمل الأثقال عن ظهر أبي

جعلوني أحمل الليلة عام

آه من فجّرني في لحظة جدول نار ؟

آه، من يسلبني طبع الحمام

تحت أعلام الصليب الأحمر !


ملاحظة على الأغنية


أخذوا منك الحصان الخشبي

أخذوا، لا بأس، ظلّ الكوكب

يا صبي !

يا زهرة البركان، يا نبض يدي

إنني أبصر في عينيك ميلاد الغد

وجوادا غاص في لحم أبي

نحن أدرى بالشياطين التي تجعل من طفل نبيّا

قل مع القائل : .. لم أسألك عبئا هينا

يا إلهي ! أعطني ظهرا قويا .. !

أخذوا بابا .. ليعطوك رياح

فتحوا جرحا ليعطوك صباح

هدموا بيتا لكي تبني وطن

حسن هذا .. حسن

نحن أدرى بالشياطين التي تجعل من طفل نبيّا

فل مع القائل .. لم أسألك عبئا هينا

يا إلهي ! أعطني ظهرا قويا ..!


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 02, 2009 12:56 am

1-أزهار الدم



- 1-مغني الدم



لمغنيك، على الزيتون، خمسون وتر

ومغنيك أسيرا كان للريح، وعبدا للمطر

ومغنيك الذي تاب عن النوم تسلّى بالسهر

سيسمّي طلعة الورد، كما شئت، شرر

سيسمّي غابة الزيتون في عينيك، ميلاد سحر

وسيبكي، هكذا اعتاد،

إذا مرّ نسيم فوق خمسين وتر

آه يا خمسين لحنا دمويا

كيف صارت بركة الدم نجوما وشجر ؟

الذي مات هو القاتل يا قيثارتي

ومغنيك انتصر !

إفتحي الأبواب يا قريتنا

إفتحيها للرياح الأربع

ودعي خمسين جرحا يتوهّج

كُفر قاسم ..

قرية تحلم بالقمح ، وأزهار البنفسج

وبأعراس الحمائم

.. .. ..

- أحصدوهم دفعة واحدة

أحصدوهم

.. .. ..

.. .. حصدوهم ..

.. .. ..

آه يا سنبلة القمح على صدر الحقول

ومغنيك يقول :

ليتني أعرف سرّ الشجرة

ليتني أدفن كل الكلمات الميته

ليت لي قوة صمت المقبره

يا يدا تعزف، يا للعار ! خمسين وتر

ليتني أكتب بالمنجل تاريخي

وبالفأس حياتي ،

وجناح القبره

.....................

كَفر قاسم

إنني عدت من الموت لأحيا، لأغني

فدعيني أستعر صوتي من جرح توهّج

وأعينيني على الحقد الذي يزرع في قلبي عوسج

إنني مندوب، جرح لا يساوم

علمتني ضربة الجلاّد أن أمشي على جرحي

وأمشي ..

ثم أمشي ..

وأقاوم !



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 02, 2009 1:16 am




2- حوار في تشرين



أحاور ورقة توت :

-ومن سوء حظ العواصف أن المطر

يعيدك حيّه،

وأن ضحيتها لا تموت

وان الأيادي القويّه

تكبلها بالوتر !

سأدفع مهر العواصف

مزيدا من الحب للوردة الثاكله

وأبقى على قمّة التل واقف

لأفضح سرّ الزوابع .. للقافله

أحاور هبّة ريح :

إذا هاجر الزارع الأول

وعاث بحنطته القاتل

وإن قتلوه كما قتلوني

فلن تحملي الأرض يوما

ولن تنزعي جلدها عن جفوني

****

سأدفع مهر العواصف

مزيدا من الحب للوردة الثاكله

وأبقى على قمة التل واقف

لأفضح سر العواصف .. للقافله !

****

أحاور روح الضحيّه :

ومن سوء حظ العواصف أن المطر

يعيدك حيّه ..

ومن حسن حظك أنك أنت الضحيه

هلا .. يا هلا .. بالمطر !



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 02, 2009 1:23 am




3-الموت مجانا



كان الخريف يمرّ في لحمي جنازة برتقال ..

قمرا نحاسيا تفتته الحجارة والرمال

وتساقط الأطفال في قلبي على مهج الرجال

كل الوجوم نصيب عيني .. كل شيء لا يقال ..

ومن الدم المسفوك أذرعة تناديني : تعال !

****

فلترفعي جيدا إلى شمس تحنّت بالدماء

لا تدفني موتاك ! .. خليهم كأعمدة الضياء

خلي دمي المسفوك .. لافتة الطغاة إلى المساء

خليه ندّا للجبال الخضر في صدر الفضاء !

****

لا تسألي الشعراء أن يرثوا زغاليل الخميله

شرف الطفولة أنها

خطر على أمن القبيله

إني أباركهم بمجد يرضع الدم والرذيله

وأهنّىء الجلاد منتصرا على عين كحيله

كي يستعير كساءه الشتوي من شعر الجديله

مرحى لفاتح قرية ! .. مرحى لسفاح الطفولة ! ..

****

يا كفر قاسم ! .. إن أنصاب القبور يد تشدّ

وتشد للأعماق أغراسي .. وأغراس اليتامى إذ تمد

باقون .. يا يدك النبيلة ، علمينا كيف نشدو

باقون مثل الضوء، والكلمات، لا يلويهما ألم وقيد

يا كفر قاسم !

ان أنصاب القبور يد تشد ..!


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 03, 2009 1:31 am




القتيل رقم 18



غابة الزيتون كانت مرة خضراء

كانت ..و السماء

غابة زرقاء.. كانت حبيبي

ما الذي غيرّها هذا المساء؟

.. .. ..

أوقفوا سيارة العمال في منعطف الدرب

و كانوا هادئين

و أدارونا إلى الشرق .. و كانوا هادئين

.. .. ..

كان قلبي مرة عصفور زرقاء .. يا عش حبيبي

و مناديلك عندي، كلها بيضاء، كانت يا حبيبي

ما الذي لطّخها هذا المساء؟

أنا لا أفهم شيئا يا حبيبي!

.. .. ..

أوقفوا سيارة العمال في منتصف الدرب

و كانوا هادئين

و أدارونا إلى الشرق.. و كانوا هادئين

.. .. ..

لك مني كلّ شيء

لك ظل لك ضوء

خاتم العرس، و ما شئت

و حاكورة زيتون و تين

و سآتيك كما في كل ليلة

أدخل الشبّاك، في الحلم، و أرمي لك فله

لا تلمني إن تأخرت قليلا

إنهم قد أوقفوني


غابة الزيتون كانت دائما خضراء

كانت يا حبيبي

إن خمسين ضحيّة

جعلتها في الغروب ..

بركة حمراء.. خمسين ضحيّة

يا حبيبي .. لا تلمني ..

قتلوني .. قتلوني ..

قتلوني..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 03, 2009 1:37 am



05- القتيل رقم 48



وجدوا في صدره قنديل ورد .. و قمر

وهو ملقى، ميتا، فوق حجّر

وجدوا في جيبه بعض قروش

وجدوا علبة كبريت، و تصريح سفر ..

و على ساعده الغض نقوش.


***

قبلته أمّه ..

و بكت عاما عليه

بعد عام، نبت العوسج في عينيه

و اشتدّ الظلام


***

عندما شبّ أخوه

و مضى يبحث عن شغل بأسواق المدينة

حبسوه ..

لم يكن يحمل تصريح سفر

إنه يحمل في الشارع صندوق عفونه

و صناديق أخر


***

آه؛ أطفال بلادي

هكذا مات القمر !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 03, 2009 1:58 am



06- عيون الموتى على الأبواب




مروا على صحراء قلبي، حاملين ذراع نخله

مروا على زهر القرنفل، تاركين أزيز نحله

وعلى شبابيك القرى رسموا، بأعينهم، أهلّه

وتبادلوا بعض الكلام

عن المحبة والمذلهْ

ماذا حملتَ لعشر شمعات أضاءت كفر قاسم

غير المزيد، من النشيد، عن الحمائم..

والجماجم..؟

هي لا تريد... ولا تعيد

رثاءنا.. هي لا تساوم

فوصية الدم تستغيث بأن تقاوم


***

في الليل دقوا كل باب..

كل باب.. كل باب

وتوسلوا ألاّ نهيل على الدم الغالي التراب

قالت عيونهم التي انطفأت لتشعلنا عتاب

لا تدفنونا بالنشيد، وخلدونا بالصمود

إننا نسمّد ليلكم لبراعم الضوء الجديد


***

يا كفر قاسم !

من توابيت الضحايا، سوف يعلو

علم يقول: قفوا ! قفوا ! ..

واستوقفوا !

لا .. لا .. تذلوا !

دين العواصف أنت قد سدّدته.

وانهار ظلّ

يا كفر قاسم ! لن ننام .. وفيك مقبرة وليل

ووصية الدم لا تساوم

ووصية الدم تستغيث بأن نقاوم

أن نقاوم ..


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 03, 2009 2:04 am




السجين والقمر



في آخر الليل التقينا تحت قنطرة الجبال

منذ اعتقلت، و أنت أدرى بالسبب

الآنّ أغنية تدافع عن عبير البرتقال

و عن التحدي و الغضب ؟

دفنوا قرنفلة المغني بالرمال؟


***

علمان نحن، على تماثيل الغيوم الفستقية

بالحب محكومان، باللون المغني ؟

كلّ الليالي السود تسقط في أغانينا ضحية

و الضوء يشرب ليل أحزاني و سجني

فتعال، ما زالت لقصتنا بقية!


***

سأحدث السّجان، حين يراك ،

عن حب قديم

قلربما وصل الحديث بنا إلى ثمن الأغاني

هذا أنا في القيد أمتشق النجوم

و هو الذي يقتات، حرا من دخاني

و من السلاسل و الوجوم !

كانت هويتنا ملايينا من الأزهار،

كنا في الشوارع مهرجان

الريح منزلنا،

وصوت حبيبتي قُبل.

و كنت الموعدا

لكنهم جاؤوا من المدن القديمة

من أقاليم الدخان

كي يسحبوها من شراييني،

فعانقت المدى.

و الموت و الميلاد في وطني المؤلّه توأمان!


***

ستموت يوما حين تغنينا الرسوم عن الشجر

و تباع في الأسواق أجنحة البلابل

و أنا سأغرق في الزحام غدا، و أحلم بالمطر

و أحدث السمراء عن طعم السلاسل

و أقول موعدنا القمر !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 03, 2009 2:29 am



يوم




منذ الظهيرة، كان وجه الأفق

مثل جبينك الوهميّ ،يغطس في الضباب

و الظلّ يجمد في الشوارع

مثل وقفتك الأخيرة عند بابي

و خطاك تعبر، في مكان ما، كهمس في اغترابي !

يا أيّها اليوم المسافر في الرمال

أتكن لي بعض المودّة ؟!


***

الظل يسند جبهتي

و الأفق يشرب من نبيذ الشمس

ما شربت يدي،

في ذات يوم،

من ضفائر شعرك المشدود في جرح الغد

و الظل يشربني كما شربت عيونك

ضوء آخر موعد


يا أول الليل الذي اشتعلت يداه برتقال

أتكنّ لي بعض المودّة ؟!


***

الباب يغلق مرة أخرى، ووجهك ليس يأتي

وأنا وأنت مسافران .. و لاجئان، أنا وأنت

ماذا تسر لك الكواكب ؟ .. إنها من دون بيت ؟

لا تسمعيها !

كان فحم الليل يرسمها على تمثال صمت

وأنا وأنت ، أنا وأنت

شفتا حنين كان ملح الانتظار طعامنا

و صداك صوتي

و الباب يغلق مرة أخرى، ووجهك ليس يأتي

يا ليل ! يا فرس الظلال ..

أتكن لي بعض المودّة ؟!


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 12, 2009 10:07 pm




لا تتركيني




وطني جبينك، فاسمعيني

لا تتركيني

خلف السياج

كعشبة برية ،

كيمامة مهجورة

لا تتركيني

قمرا تعيسا

كوكبا متسولا بين الغصون

لا تتركيني

حرا بحزني

و احبسيني

بيد تصبّ الشمس

فوق كوى سجوني ،

وتعوّدي أن تحرقيني،

إن كنت لي

شغفا بأحجاري بزيتوني

بشبّاكي .. بطيني !

وطني جبينك، فاسمعيني

لا تتركيني !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 12, 2009 10:23 pm




إلى ضائعة




إذا مرت على وجهي

أنامل شعرك المبتل بالرمل

سأنهي لعبتي.. أنهي

و أمضي نحو منزلنا القديم

على خطى أهلي

و أهتف يا حجارة بيتنا ! صلّي !

***

إذا سقطت على عيني

سحابة دمعة كانت تلف عيونك السوداء

سأحمل كل ما في الأرض من حزن

صليبا يكبر الشهداء

عليه و تصغر الدنيا

و يسقي دمع عينيك

رمال قصائد الأطفال و الشعراء!


***

إذا دقّت على بابي

يد الذكرى

سأحلم ليلة أخرى

بشاعرنا القديم و عودة الأسرى

و أشرب مرة أخرى

بقايا ظلك الممتد في بدني

و أومن أن شباكا

صغيرا كان في وطني

يناديني و يعرفني

و يحميني من الأمطار و الزمن



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 12, 2009 10:43 pm


أغنيات إلى الوطن



01- جبين وغضب



وطني ! يا أيها النسر الذي يغمد منقار اللهب

في عيوني ،

أين تاريخ العرب ؟

كل ما أملكه في حضرة الموت :

جبين وغضب.

وأنا أوصيت أن يزرع قلبي شجره

وجبيني منزلا للقبّرة.


وطني، إنّا ولدنا وكبرنا بجراحك

وأكلنا شجر البلّوط ..

كي نشهد ميلاد صباحك

أيها النسر الذي يرسف في الأغلال من دون سبب

أيها الموت الخرافي الذي كان يحب

لم يزل منقارك الأحمر في عينيّ

سيفا من لهب ..

وأنا لست جديرا بجناحك

كل ما أملكه في حضرة الموت :

جبين .. وغضب !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 12, 2009 11:01 pm



02- وطن





علّقوني على جدائل نخله

واشنقوني .. فلن أخون النخله !


هذه الأرض لي.. و كنت قديماً

أحلب النوق راضيا و مولَّه


وطني ليس حزمة من حكايا

ليس ذكرى، و ليس حقل أهلّه


وطني ليس قصّة أو نشيداً

ليس ضوءا على سوالف فلّه


وطني غضبة الغريب على الحزن

وطفل يريد عيدا و قبله


ورياح ضاقت بحجرة سجن

و عجوز يبكي بنيه.. و حقله


هذه الأرض جلد عظمي

و قلبي..

فوق أعشابها يطير كنحلة


علِّقوني على جدائل نخلة

و اشنقوني فلن أخون النخله !



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 12, 2009 11:09 pm




03- لا مفر





مطر على أشجاره ويـــــــدي على

أحجاره, والملح فــوق شفاهــــــي


من لي بشبّاك يقي جمـــر الهوى

من نسمة فوق الرصــيف اللاهي؟


وطني ! عيونـــك أم غيوم ذوّبـــت

أوتار قلبي في جـــــراح إلــــــــــه ِ!


هل تأخذنّ يدي ؟ فسبحان الذي

يحمـــــــي غريبا من مذلــــــّة آهِ


ظــــلّ الغريب على الغريب عباءة

تحمـيه من لسع الأســى التيّاهِ


هـــــل تلقينَّ على عراء تسولي

أســـــتار قـــبر صار بعض ملاهي


لأشـــــمَّ رائـــــحة الذين تنفَّسوا

مهدي... وعطر البرتقال الساهي


وطني ! أفتِّش عنك فيك فلا أرى

إلاّ شقـــــــوق يديك فـــوق جباهِ


وطنــــي أتفتح في الخرائب كوة ؟

فالملح ذاب على يدي وشفاهي


مطر على الإسفلت, يجرفني الى

ميـــــــناء موتانا .. وجرحـــــــك ناهِ




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلمى
عضو مميز
سلمى


عدد المساهمات : 502
نقاط : 16380
تاريخ التسجيل : 13/11/2009
الموقع : الجزائر

موسوعة الشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة الشاعر محمود درويش   موسوعة الشاعر محمود درويش I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 12, 2009 11:23 pm



4- رد الفعل





وطني ! يعلمني حديــــد سلاسلـــــــــي

عنــــف النســــــور ، ورقــــة المتفائــــــل


مـــا كـــــنت أعـــــرف أن تحت جلـــــودنا

مــيلاد عاصـفــة ..وعـــــــرس جـــــــداول


ســـــدوا علي الـــنــــــور فـي زنزانــــــة

فتوهجت في القلب .. شمس مشاعـل



كتبوا على الجـــــدران رقم بطاقـــــتي

فنما على الجدران .. مرج سنابــــــــل


رسموا على الجدران صــورة قاتلــــي

فمحت ملامحـــــــها ظلال جدائــــــــل


وحفرت بالاســــنان رسمك دامــــــياً

وكتبت أغنــــــــية العذاب الراحــــــــل


أغمدت في لحم الظلام هزيمتـــــي

وغرزت في شعر الشموس أناملـــي


والفاتحون علـــى سطوح منازلــــــي

لم يفتـــحوا إلا وعـــــــود زلازلــــــي!


لن يبــــصـــــروا إلا توهــج جبهتـــي

لن يسمعــــوا إلا صرير سلاسلــــي


فإذا احترقت على صليب عبادتـــي

أصبحت قديــسا.. بزي مقاتـــــــل



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
موسوعة الشاعر محمود درويش
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 11انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3 ... 9, 10, 11  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» موسوعة الشاعر/أحمد بلحاج آية وارهام
» موسوعة الشاعر بشارة الخوري **الاخطل الصغير**
» موسوعة الشاعر / خليل مطران
» موسوعة الشاعر نزار قباني
» موسوعة الشاعرة نازك الملائكة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الكلمـــــة الحـــــرّة :: منتدى الكتب و المخطوطات-
انتقل الى: